حرص رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ في كلمته في افتتاح اللقاء الحواري الإقتصادي للبحث في الخلاف حول قانوني ​سلسلة الرتب والرواتب​ و​الضرائب​ على التأكيد أن "هناك معالجة محقّة سوف تُحترم، وما نسعى إليه هو تعديل لبعض الأخطاء التي وقعت"، جازماً أن "الإمكانات محدودة والوضع الإقتصادي دقيق مع وجود عجز في الميزان التجاري، لذلك لا بدّ من معالجة مسؤولة وشاملة"، مؤكداً "أننا جاهزون لنستمع إليكم بانفتاح ونقيم حواراً حقيقياً يُبرز القواسم المشتركة بين الأفرقاء المعنيين".

أما رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، فشدّد على أن "الوضع الاقتصادي حساس وعلينا درس الوسائل لتحريك الاقتصاد"، لافتاً إلى أنه "صحيح أن هناك انقسام حيال السلسلة لكنها المرة الأولى التي تصدر فيها سلسلة مع إصلاحات وعدد من ​الضرائب​"، مؤكدا "أننا ملتزمون كحكومة بالسلسلة ونحاول إيجاد وسائل لإعادة ​النمو الإقتصادي​".

وهنا تكثر الأسئلة، هل سيتم إقرار السلسلة تحت ضغط التحركات والإعتصامات التي ينظمها الأساتذة ومتقاعدو القوى المسلحة وموظفو الإدارات العامة وغيرهم؟ ما هي التعديلات التي قد يتم اتخاذها؟ هل ستستسلم الحكومة لضغط المصارف والهيئات الإقتصادية؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع وزير المالية الأسبق ​جورج قرم​:

بداية، ذكرت بعض التقارير الصحفية أن رئيس الجمهورية يميل إلى إقرار سلسلة الرتب والرواتب، ما هي توقعات على هذا الصعيد؟

هذا أمرٌ طبيعي وذلك لأن رئيس الجمهورية متعاطف مع الفئات الشعبية التي تستفيد من السلسلة، لكن المشكلة كانت بحزمة الضرائب المقرر فرضها لتمويل السلسلة، وخاصةً أننا لانزال نجهل إن كانت الأرقام التي سيتم تحصيلها من الضرائب ستغطي بالفعل السلسلة لا سيما بعدما أن وصلت إلى رواتب التقاعد.

ما هي التعديلات التي ترى أنه من الضروري إجرائها على الضرائب؟

منذ أن كنت وزيراً للمالية، طالبت بإعادة صياغة النظام الضريبي الذي وضع وبنسبة 80% منه ضرائب ورسوم غير مباشرة تطال الفئات الشعبية أكثر مما تطال الفئات الثرية. نحتاج إلى إصلاح ضريبي، يؤدي إلى أخذ الأثرياء حصة عادلة من العبء الضريبي.

هناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها وأولها الضريبة الموحّدة على الدخل المقسمة إلى فئات مختلفة بحسب نوعية الدخل وهذا مشروع قديم كنت قد بدأت به ولكن الوزراء المتعاقبين بعد ذلك لم يعيروا الأمر أي اهتمام.

ومن بعض التعديلات على الضرائب، أرى أنه بدلاً من زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1%، كان يمكن فرض ضريبة 15% على الكماليات، لكن المشكلة هي عدم دراسة الأمور قبل اتخاذ القرارات.

-إذا قبل اتخاذ هذه الإجراءات، كيف يمكن إقرار السلسلة؟

من دون شك أن السلسلة أتت دون دراسات كافية، وفي كل مرّة نرى قانوناً معقّداً أكثر من الذي قبله. السلسلة أتت مع اثنين وعشرين جدولاً ملحقاً، وهذا أمرٌ ليس بطبيعي.

وأود الإشارة إلى موضوع الإدارات العامة، حيث أن الجسم الوظيفي ومنذ العام 1959 لم يطرأ عليه أي تعديل، نحن اليوم نحتاج الى مقاربة حديثة لوضع الموظفين في الدولة. هذا "التفنن" في أنواع الوظائف العامة من مياوم إلى متعاقد الى "UNDP" لم يعد مقبولاً.

كل القرارات تتخذ عشوائياً، وللأسف لا زلنا نعيش على المراسيم الإشتراعية الممتازة التي وضعها الرئيس فؤاد شهاب عام 1959. نحتاج إلى تحديث المراسيم والجسم الإداري بطرق منطقية وليس بـ"الترقيع".

منذ العام 1992 والدولة ليس لديها وحدة اقتصادية تقوم بالدراسات المعمّقة قبل اتخاذ الإجراءات القانونية.

ما هي توقعاتك للفترة القادمة من العام على الصعيد الإقتصادي في حال إقرار السلسلة؟

السلسلة سيتم إقرارها لا محالة. رئيس الجمهورية لن يقبل بعدم إقرارها. ومن جهة النمو فإن أداء الإقتصاد هذا العام ليس بسيء خاصةً مع المبالغ المالية الطائلة (مليار ونصف دولار) التي سيتم ضخّها بعد إقرار السلسلة.

أرى أن أرقام النشاط الإقتصادي إلى الآن جيدة. البلد سيتعرض إلى صدمتين الأولى هي زيادة الرواتب، والتي تعدّ "كبيرة"، والثانية صدمة الضرائب العشوائية، هنا سيتحول الوضع الى "ليس بسيء".

هناك معلومات عن أن مجلس الوزراء قرر الغاء كل مفاعيل مناقصة بواخر الطاقة وطلب إعداد دفتر شروط جديد لمناقصة جديدة، هل ترى أن هكذا خطوات تؤثر إيجاباً على ثقة المواطنين بالأداء الحكومي؟

مع الأسف جمهوريتنا وبسبب نظام المحاصصة الذي نعيش فيه منذ العام 1992، تحتاج إلى إصلاح شامل. مع كل خطوة إيجابية باتجاه الإصلاح تظهر عشر فضائح، تصوّري فقط أننا دولة ليس لديها جهاز للدراسات الإقتصادية والمالية بل لدينا قوى ضغط كالمصارف وجمعية الصناعيين وغرفة التجارة تملك أجهزتها الخاصة.

بغياب التشريعات الجديدة على أرضية واضحة وشفافة لن ننجح من الإصلاح. ليس هناك عقل إقتصادي في البلد.