عقد "إتحاد المصارف العربية" صباح اليوم مؤتمرا صحافيا في فندق الفينيسيا للإعلان عن مؤتمره السنوي المشترك مع البنك الفدرالي الاحتياطي الأميركي بدورته الثامنة، في 16 تشرين الاول المقبل، وذلك في مقر البنك الفدرالي الاحتياطي الأميركي في نيويورك، حيث يتزامن انعقاد هذا المؤتمر مع إجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين (IMF/ World Bank Meetings) التي ستعقد قبل انعقاد مؤتمر الاتحاد.

وتحدث في هذا المؤتمر رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية في إتحاد المصارف العربية د. جوزف طربيه ونائب حاكم مصرف لبنان ورئيس مبادرة الحوار المصرفي العربي د. محمد العاصيري وبحضور الأمين العام لاتحاد المصارف العربية والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب وسام فتوح.ا

والقى رئيس اللجنة التنفيذية في إتحاد المصارف العربية د. جوزف طربيه حيث قال فيها: "بالرغم من إعتماد المصارف أفضل الممارسات الدولية في حقل الإمتثال، تواجه بعض المصارف العربية صعوبات في علاقاتها مع المصارف المراسلة الأميركية، وتشهد تراجعاً تدريجياً في عملياتها المصرفية، وفي بعض الأحيان إنهاء العلاقات مع المصارف المراسلة، وذلك بسبب المخاطر العالية في بعض الدول ولاسيما أيضاً كلفة متطلبات الإمتثال المتزايدة مما يؤدي بالطبع إلى إنهاء خدمات المراسلة لبعض المصارف الصغيرة والمتوسطة، ويخرجها بالتالي من السوق المصرفية، وينهي دورها في تقديم خدمات حيوية لمجتمعاتها في ظل ظروف سياسية وأمنية خطيرة تلقي بثقلها على اقتصاداتنا العربية، وظهور معالم «تصدّع سياسي» بدأت بوادره في النزاعات والتحولات التي شهدتها بعض دولنا العربية، والتي أسست لموجات من الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي، أدّت إلى زيادة القلق والخوف من قبل المجتمع المصرفي الدولي، ولا سيما أيضاً ما آلت إليه الأوضاع في اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي، بما عرف بالأزمة القطرية، هذا الاتحاد الذي طالما اعتبرناه نموذجاً لمستقبل وحدة العرب وتعاونهم وتعاضدهم في مواجهة ما يحيط بهم من مؤامرات لشق الصف وزرع الفتن وتفريق الصفوف".

وأضاف "إننا في اتحاد المصارف العربية ننتظر ونأمل تبديد هذه الغيمة السوداء، وتحكيم العقل في معالجة قضايانا بالاحتكام إلى التواصل والحوار والتفاهم، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وأن يستمر اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي في مسيرته الداعمة للاقتصادات العربية، ومواجهة الأزمات الانسانية والاجتماعية على ساحة الوطن العربي".

وتابع: "ومن هذا المنطلق وإستشعاراً من إتحاد المصارف العربية المبكّر لأية مخاطر أو إنعكاسات سلبية على قطاعنا المصرفي العربي، أطلق إتحاد المصارف العربية في العام 2006 مبادرة الحوار المصرفي العربي – الأميركي وتكرّر عقده عدّة مرات لإدراكه ضرورة تفعيل هذه المبادرة، ليس في الولايات المتحدة الأميركية فحسب، بل أيضاً في أوروبا حيث توجه في الإطار نفسه إلى عقد الحوار المصرفي العربي – الأوروبي، الذي عقد العام الماضي في مقر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في باريس، بمشاركة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة، والمدير التنفيذي لمؤسسة العمل المالي (FATF) وعدد كبير من الشخصيات المصرفية والمالية وأصحاب القرار المالي والدولي في أوروبا والولايات المتحدة الأميركة والعالم العربي، الذين يمثلون مؤسسات القطاعين الخاص والعام والسلطات التشريعية الرقابية".

واردف: "من أجل الإستمرار في هذا الدور الجامع وأمام هذا الواقع، يسعى اتحاد المصارف العربية كما في السنوات السابقة إلى جعل هذا الحوار المصرفي العربي – الأميركي في دورته الثامنة، منصة حوار مباشر بين المصارف العربية والبنوك المركزية العربية وبين المصارف الأميركية والسلطات الرقابية، سيشارك فيها مسؤولون من البنك الفدرالي الأميركي في نيويورك، ومن مجلس الاحتياط الفدرالي في واشنطن، ووزارة الخزانة الأميركية، وصندوق النقد والبنك الدوليين، وخبراء من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، وخبراء من هيئات مالية ورقابية دولية، وقيادات مصرفية عربية وأوروبية، ومؤسسات مالية ومصارف أعضاء في أسرة الاتحاد، لمناقشة مكافحة الإرهاب وتمكين العلاقات مع المصارف المراسلة، ولبحث القضايا الراهنة حول التطورات الرقابية في ما يتعلق بالعقوبات وعلاقة البنوك المراسلة، ومسألة مكافحة الفساد والرشاوى، وكلها مواضيع هامة وأساسية للدفع بإتجاه العمل المؤسساتي المصرفي العربي والدولي السليم، وذلك استناداً إلى التطورات والتعديلات الطارئة على المشهد الرقابي والتنظيمي، وتحديداً في ما يتعلق بالمتطلبات الأكثر صرامة التي دفعت ببعض المصارف الأميركية إلى إقفال حسابات بنوك تطبيقاً لقوانين وتشريعات صادرة في هذا المجال.

ولفت الى ان "هذا المؤتمر سيناقش الاتفاقية الأخيرة لمكافحة الإرهاب، التي وقّعت مؤخراً خلال أعمال القمة العربية الإسلامية – الأميركية، إضافة إلى عوامل قانونية تتعلق بالمعلومات القائمة أمام تبادل المعلومات والحاجة إلى التخفيف من حدة المخاطر والتصدّي للتهديد الصادر عن تمويل الإرهاب، الأمر الذي يشكِّل الكثير من الضغوط على مصارفنا العربية".

واشار الى ان اتحاد المصارف العربية، منذ إطلاق مبادرة الحوار المصرفي العربي – الأميركي في دورته الأولى عام 2006، وحتى دورته الحالية التي ستعقد هذا العام، شكّل جسر تواصل بين وزارة الخزانة الأميركي والاحتياطي الفدرالي والقطاع المصرفي الأميركي، وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية من جهة، والقطاع المصرفي العربي من جهة ثانية، عمل خلالها على تحييد القطاع المصرفي العربي عما يجري حوله من أحداث، وأصبح تقليداً سنوياً لاستمرار التواصل والتنسيق بين القطاع المصرفي العربي ونظيره الأميركي حول مسائل باتت تقلق مصارفنا العربية، ومن بينها مكافحة تبييض الأموال والإرهاب ومتابعة المستجدات في هذا الصدد، وتأكيد التزام المصارف العربية تطبيق التوصيات الصادرة عن المنظمات والهيئات الرقابية الدولية".

وختم: "إننا في إتحاد المصارف العربية نسعى دائماً إلى أن نكون دائماً معبراً للمصارف العربية إلى قواعد العمل المصرفي الدولي بما يسهل ويعزّز إندماجها في الصناعة المصرفية العالمية، وعاملاً آساسياً في حماية مصالحها والدفاع عنها، خصوصاً في هذه الظروف حيث أصبحت العقوبات المالية أداة سياسية، وقد شهدنا مؤخراً سلسلة عقوبات على عدّة دول أو تشديد عقوبات قديمة، بما يثبت أن السياسة العالمية تعتمد على العقوبات لفرض بعض الامور، وأودّ أن أشير هنا إلى ان العقوبات تبقى أقلّ أذى من الحروب، علماً أنها على المدى الطويل تسبب إضراراً كبيرة ومؤذية مثل الحروب".

وبدوره، وجّه رئيس مبادرة الحوار المصرفي العربي د. محمد العاصيري في كلمة وجه تحية والشكر إلى كل من رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية، والأمين العام للإتحاد، قائلاً: "إن المبادرة نشأت منذ عام 2006 من إتحاد المصارف العربية برئاسة د. جوزف طربيه، في حينه، بغية خلق حوار بناء وناجع بين الجانبين المصرفي العربي والأميركي، كذلك بين القطاعين العام والخاص، من أجل مناقشة المشكلات المصرفية وتطبيقاتها، والتي تُخاطب الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية في آن واحد".

ولفت بعاصيري إلى "أهمية ما يعنينا في الجانب العربي، حيال العلاقات المصرفية العربية مع المصارف المراسلة، وخصوصاً حيال التراجع في هذا التعامل من الجانب الأميركي الذي حصل مؤخراً، مما ينعكس سلباً على صورة القطاع المصرفي العربي أمام المحافل الدولية. وأتشرف برآسة هذه المبادرة منذ إنطلاقتها".

وتمنى على "المصارف العربية (وحدة تبييض الأموال) أن تركز في نشاطاتها المصرفية على الحضور العربي دولياً. علماً أنه لا مشكلة لدينا كمصارف عربية مع الجانب المصرفي الأميركي، إنما من الضروري أن يكون للحضور المصرفي العربي وجود فاعل أمام المحافل الدولية، ولا سيما القطاع المصرفي اللبناني، ونحن في هذا السياق نعول على جهود رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه الذي له باع طويل في هذا الشأن حيال المفاوضات المصرفية العربية – الأميركية".

وخلص إلى أهمية "نسج العلاقات المصرفية العربية – الاميركية لما لها فائدة على الجانبين ولا سيما على صعيد تسهيل العمل المصرفي بين المصارف العربية عموماً والمصارف المراسلة".