الطموح لا حدود له، ولا بد أن نتمسّك به مهما اشتدّت الصعاب وعاكستنا الظروف. واللبنانية مايا التلّ لم تستسلم أمام بداياتها الصعبة أبداً، بل ثابرت دائماً من أجل تحقيق أهدافها والوصول الى المكان الذي تحلم به.

فلنتعرّف معاً في هذه المقابلة الخاصة لـ"الإقتصاد"، إلى مسيرة خبيرة الصورة مايا التلّ الغنية بالأحداث والمواقف، والتي تخطى اسمها حدود الوطن:

- أين كانت البداية؟ وما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟

والدي هو مدير بنك، وبالتالي أجبرنا جميعا في المنزل، على التخصص في إدارة الأعمال (business management). لكن فور دخولي إلى الجامعة، لم أكن مقتنعة أنني أستطيع العمل في مجال الأعمال، لأنني اهتماماتي تنصبّ على الموضة والأزياء والفنون.

عندما سافرت إلى كندا، أردت تقديم شيئاً جديداً، وبالصدفة وجدت عبر الأنترنت دورة دراسية تحت اسم "image consultancy" أي "الإستشارات حول الصورة". وبالتالي تابعت الدارسة لمدة سنة واحدة في "International Image Institute of Toronto" في الإستشارات وفي تفاصيل الأزياء والتسويق (fashion detailing and merchandising). ومن ثم بدأت بالعمل مع الحكومة الكندية؛ وكانت وظيفتي تقتصر على تنسيق الملابس  للمهاجرين بحسب الوصف الوظيفي، لكي يكونوا جاهزين للمقابلة، ويظهروا بشكل جميل من أجل إقناع المقابِل.

فور عودتي إلى لبنان، تواصلت مع قناة الـ"LBC" لكي أعمل في تنسيق ملابس المذيعات، لكنهم كانوا بحاجة إلى شخص يتحدث عن "الإستشارات حول الصورة" (image consultancy)، ويقدّم نصائح الموضة عبر برنامج "حلوة ومرة". وبالتالي استمريت بالظهور عبر البرنامج كل يوم أربعاء، ولمدة أربع سنوات، لإعطاء النصائح للرجال وللنساء. وكنت أقدّم خدماتي بشكل مجاني، لأن هذا المجال كان جديداً للغاية في لبنان، ولا أحد يعي أهمية الصورة، أو يقدّر الأشخاص العاملين في الـ"image consultancy" والذين يجنون لقمة العيش من العمل فيه فقط.

استمريت بتقديم خدماتي لمدة خمس سنوات دون الحصول على أي مردود مادي، مع العلم أن العمل في الـ"LBC" ساعدني كثيراً على نشر اسمي بين الناس. لكنني عانيت من بعض حالات الإكتئاب بسبب غياب المدخول، لأن هذا الأمر يعطي دفعاً للإستمرار في العمل، ولكن لم أستسلم أبداً، بل شعرت أن الإنطلاقة الصعبة مفروضة علي، ويجب على كل شخص أن يتعذّب ويعاني في مكان ما لكي يوسّع اسمه.

بعد ذلك، تعرّفت إلى شركة إنتاج أتعاون معها منذ عشر سنوات، وحصلت على أول مشروع مدفوع، وكان عملي يقتصر على تنسيق ملابس المذيعات لبرنامج يبثّ عبر قناة "المستقبل".

وبعدها انطلقت مسيرتي المهنية، وبدأت بالعمل في جلسات التصوير، والفيديو كليب، والبرامج، كما أصبح لدي زبائني الخاصين. فمن الصعب أن تفتح الأبواب بوجه الإنسان بهذه السهولة لكنني أشكر الله على ما وصلت اليه، علماً أن الأمر تطلب الكثير من الوقت والجهد؛ ولكن اسم "Maya Eltal" (www.mayaeltal.com) بات اليوم مصدر ثقة في السوق.

- هل أن خدماتك متوفّرة للميزانيات كافة أم مقتصرة على فئة معينة من الأشخاص فقط؟

خدماتي ليست زهيدة الثمن، وفي البداية كنت أقدمها بشكل مجاني، ولكن في هذا المجال، كلما كان الشخص يتمتع بخبرة أكبر، كلما ارتفع ثمن خدماته.

لكنني أتعاطف مع الزبائن من ناحية الأسعار، ولا أقف عند هذا الحاجز؛ فحسب ميزانية كل شخص، نستطيع تنسيق الملابس من المتاجر الموجودة في الأسواق.

- كيف تواجهين المنافسة الموجودة في هذا المجال؟

لا أجد أن المنافسة كبيرة في السوق، لأن معظم الذين يسمون أنفسهم "image consultant" ليسوا متخصصين في هذا المجال، بل يعملون بشكل تجاري، ويتمتعون فقط بذوق جميل، كما لديهم عدد كبير من المعارف.

بينما في الواقع، هناك أشخاص "معدودين" تخصصوا في هذا المجال وتعمقوا فيه.

- كيف تصفين نفسك اليوم كسيدة عاملة؟

أنا امرأة مثابرة، وإذا وضعت هدفاً ما في رأسي، سأسعى بكل ما فيّ من جهد للوصول إليه. فعندما يحب الإنسان ما يقوم به، ولا يمارس عمله كوظيفة بل كهواية سينجح حتماً.

وأنا أعتبر كل دقيقة في عملي بمثابة متعة بالنسبة لي، وكل برنامج هو تحد جديد. وبالتالي لا أعمل لكي أحصل على المدخول، لأن النتائج المحققة والأصداء الإيجابية هي أفضل من أي مدخول أو أي راتب.

كما أن كل مشروع أستلمه هو بمثابة طفل صغير: أفرح فيه، وأستمتع بتفاصيله كافة، وأقدم له وقتي وخبرتي من كل قلبي؛ وهذا ما يميزني عن غيري. فكل زبائني يقولون أنني متفانية لكل مشروع أستلمه.

ولا بد من القول إن عمري يساعدني العمل كثيراً، فالمشاهير لا يهتمون بالعمل مع شخص صغير في السن، بل يسعون للتعامل مع شخص ناضج لكي ينصحهم. وأنا فخورة جداً بأن نضجي العملي يتيح لي الحصول على ثقة المشاهير بسهولة.

- ما هي خطواتك المستقبلية؟

آخر فيديو كليب استملته كان للفنانة إليسا، حيث جسّدت شخصية الراقصة الشرقية اللبنانية الراحلة داني بسترس. من ناحية أخرى، أنا أعمل حالياً في برنامج "Take 2" عبر قناة "Dubai TV".

ولا أعلم ماذا ينتظرني في المستقبل، ومن الممكن أن أفتتح شركتي الخاصة. لكن في الوقت الحاضر، أنا أعمل بشكل مستقل وحرّ، ولا أفكّر أبداً بوظيفة في مكتب مع دوام محدّد.

- هل يساعدك عملك الحرّ على تحقيق التوازن بين حياتك الخاصة وعملك؟ 

لقد حققت التوازن الكامل بين حياتي الخاصة وعملي، لأن أولادي كبروا، وابني تخرج من الجامعة مؤخراً، كما أن ابنتي تعمل منذ سنتين. وهذا ما يتيح لي من الوقت الكافي لعملي الخاص أيضاً.

ولا بد من الإشارة إلى أن التوازن موجود مع العلم أن في بعض الأحيان، يكون عملي متعباً للغاية، ويتطلب مني السفر والسهر لساعات طويلة.

- كيف تقيمين حالة المرأة في لبنان اليوم؟

المرأة في لبنان باتت موجودة بشكل كبير في مجال العمل، وتمكنت من الوصول إلى أهدافها، ومن إثبات قوتها وتحقيق النجاحات الرائعة.

وبالتالي شهدنا تقدم كبير في هذا المجال، فالمرأة اللبنانية تسعى إلى تحقيق النجاح، وإلى أن تكون مساهمة أساسية في المجتمع.

- نصيحة إلى المرأة.

"عندما يبدأ الانسان بمشروع ما، عليه أن ينهيه مهما كلّف الأمر". وأنا أقول دائماً أن الشخص الذي يحبّ عمله، ويمارسه بشغف، سيكون النجاح حليفه.