أقر مجلس النواب اللبناني الشهر الماضي من خلال السلة الضريبية الأخيرة، غرامات نسبية على الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية، ليعود هذا الملف الشائك والمعقد، والذي بدأ مع بداية الحرب اللبنانية، إلى الواجهة من جديد.

فبعد تفاقم مديونية الدولة اللبنانية وعجزها التام عن إيجاد حلول لمشاكل لبنان الاقتصادية، وانكفاء الطبقة السياسية عن طرح مشاريع جدية، توجهت الدولة اللبنانية إلى فرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة جديدة، تحت مسمى تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وحصل قطاع الأملاك البحرية على حصة من هذه الضرائب كإجراء إعتبرته الدولة حقاً من حقوقها في ظل تخلّف هؤلاء عن دفع أي رسوم او ضرائب للدولة منذ سنوات عديدة ... ولكن هذا القرار على الرغم من أحقيته، إلا أنه يعد حلاً آنياً وليس حلاً جذريا لمشكلة إمتدت وتفاقمت على مدى سنوات، فالحكومة اللبنانية لم تلتفت للاصوات المطالبة بإقرار مشروع قانون ينظم التعديات على الاملاك البحرية ويعاقب المخالفين، لا سيما انّ من شأن هكذا قانون ان يدرّ أموالا على خزينة الدولة ، كما أنها لم تأخذ بعين الإعتبار الضرر الذي قد يضرب هذا القطاع والذي قد يؤثر على لقمة عيش آلاف العمال اللبنانيين وعائلاتهم.

فما الحل الأنسب لقطاع المؤسسات البحرية في لبنان؟ وكيف الحركة مع بداية موسم الصيف الحالي؟ كيف سيكون تأثير الغرامات النسبية على الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية؟ وهل سيكون مدخل لإصلاح هذا القطاع وتنظيمه؟ ... أسئلة كثيرة أجاب عنها نقيب أصحاب المؤسسات السياحية البحرية في لبنان ​جان بيروتي​ في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

- بداية كيف تقيّم الحركة في المؤسسات البحرية خلال الصيف الحالي مقارنة مع العام الماضي؟

الحركة في المؤسسات البحرية هذا الصيف تراجعت بنسبة 18% مقارنة مع صيف العام الماضي، وذلك على الرغم من تحسن الأوضاع الأمنية والإزدياد في أعداد السياح ... وسبب هذا التراجع في الحقيقة هو إنخفاض المستوى المعيشي للبنانيين المقيمين في لبنان، حيث أن الطبقة الوسطى إختفت بمعظمها في السنوات الأخيرة، وتحولت إلى طبقة فقيرة.

- نشهد من وقت إلى آخر إنتقادات للأسعار داخل بعض المنتجعات البحرية مع إنتشار بعض الصور لفواتير صادرة عن منتجعات سياحية على مواقع التواصل الإجتماعي .. ما تعليقك على هذه الإنتقادات؟

في هذا الموضوع أودّ التأكيد بداية بأن كافة الأسعار التي يتم إعتمادها في المنتجعات والمؤسسات السياحية البحرية في لبنان، هي أسعار مصدّقة من قبل وزارة السياحة اللبنانية، ولم يتم رفع الأسعار في هذه المؤسسات منذ سنوات.

ولكن اللبناني بطبيعته دائما يبحث عن الأفضل، فيختار أفضل المنتجعات السياحية والبحرية، ومن يختار الذهاب إلى هذه الأماكن لا يمكنه إنتقاد الأسعار خاصة وأنه على إطلاع على اللائحة الخاصة بالأسعار قبل الدخول، وهو حر الإختيار وغير مُلزم على الذهاب إلى هذه الأماكن ... فنحن اليوم لا نعيش في بلد شيوعي، بل في بلد رأسمالي فيه تنافس كبير على جودة العمل، ومعظم المؤسسات البحرية تحاول تأمين أفضل الخدمات الممكنة، وهناك عدد كبير من المنتجعات والأماكن التي تتناسب مع كافة الإمكانيات المادية للمواطن اللبناني، فتجد مؤسسات رسم دخولها لا يتجاوز الـ 5000 ليرة لبنانية، ومؤسسات أخرى يصل رسم الدخول إلى أكثر من 50000 ليرة ... وبالتالي المواطن أمامه العديد من الخيارات التي تتناسب مع إمكانياته.

لذلك أنا أعتبر أن هذه الإنتقادات ليست موضوعية، خاصة ان المؤسسات التي يتم توجيه الإنتاقادات إليها ممتلئة بالزوار والزبائن، وهذا يؤكد على جودة الخدمات التي يتم تقديمها في هذه المنتجعات.

- فرضت الدولة من خلال السلة الضريبية الأخيرة غرامات نسبية على الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية ... هل سيساهم هذا الإجراء برأيك في معالجة وإصلاح هذا القطاع؟

لا شك ان للدولة حق على المؤسسات البحرية يجب أن يتم تسديده، ولكن اليوم تم إصدار قانون يلزم هذه المؤسسات على دفع متأخرات 23 سنة، وعلى الرغم من حق الدولة في هذا الأمر، إلا أن الموضوع بحاجة إلى معالجة بطريقة مختلفة، لأن هذه المعالجة التي سارت بها الدولة، قاسية جدا على المؤسسات البحرية خاصة أنها لا تضمن لصاحب المؤسسة أي شيء، وتصبح الدولة قادرة على إسترداد الأملاك دون دفع أي تعويض لصاجب المؤسسة .. مع العلم أن معظم المؤسسات البحرية مبنية على أملاك خاصة وليس على أملاك عامة، ولكن ملحقات هذه المؤسسات (حدائق وشاطىء وغيرها) هي في الأملاك العامة.

لذلك نحن لا نتهرب من دفع البدلات والمستحقات للدولة اللبنانية، ولكن المطلوب اليوم هو أكبر بكثير من إمكانية المؤسسات في ظل الركود الإقتصادي الذي نعيشه .. وعلى الدولة معالجة هذا الملف بنوع من الحكمة إذا صح التعبير والحصول على حقوقها دون ضرب هذا القطاع والتأثير على آلاف العائلات التي تعمل وتعتاش من خلاله.

- مع إرتفاع عدد السياح .. كيف تقيّم الموسم السياحي بشكل عام ؟ وهل أنت متفائل؟

لا شك أن عدد السياح في لبنان إرتفع مقارنة مع العام الماضي، ولكن فيما يخص قطاع المؤسسات البحرية، فهو يعتمد بنسبة 70% على المقيمين في الداخل، وبنسبة 30% فقط على السياح .. والمجتمع اللبناني يشهد اليوم على أزمة تتعرض لها الطبقة الوسطى، وهذه الأزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، مما أثر سلبا على الحركة في المؤسسات البحرية.

لذلك، نحن ندعو إلى تضافر الجهود لوضع خطط وسياسات إقتصادية واضحة وشاملة، والى التوافق بين جميع الأفرقاء على الملفات الإقتصادية والمعيشية، إسوة بالتوافق الحاصل على الإستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان مقارنة مع دول المنطقة.