أكد رئيس الجمهورية ميشال عون إهتمامه بـ"الملاحظات التي برزت بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب والأحكام الضريبية"، لافتاً إلى "الإرث الكبير الذي نتج عن مرور سنوات من الأداء المالي والإقتصادي المتعثر، وعدم الإهتمام بقطاعات الإنتاج".

وفي تصريح له خلال لقائه وفد نقباء المهن الحرة في بيروت والشمال، شدد عون على أن "الوضع بات يحتاج إلى معالجة جذرية من خلال خطة إقتصادية متكاملة يجري العمل على وضعها حاليا"، معتبراً أن "مكافحة الفساد والمفسدين من أبرز الخطوات التي ستعتمد في سياق معالجة الأوضاع الإقتصادية والمالية الراهنة".

وفي تصريح آخر، رأى رئيس الجمهورية أن "إقرار مجلس النواب الموازنة خطوة ضرورية لانتظام الوضع المالي وتحديد واردات الدولة وما يترتب عليها من نفقات"، لافتاً إلى أن "ملاحظات القطاعات المختلفة على سلسلة الرتب والرواتب والضرائب يجب أن تُدرس برويّة ومسؤولية بعيداً من المزايدات السياسية والإعلامية".

الا أن بعض "مصادر" كشفت أن الرئيس عون لن يوقع على الضرائب التي تم إقرارها في المجلس النيابي ما يشير إلى الإتجاه لتعديلها. ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذه المواضيع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس دائرة الأبحاث في بنك لبنان والمهجر ​مروان مخايل​:

برأيك ما هي أسباب تراجع الحركة الإقتصادية في النصف الأول من العام 2017؟

من وجهة نظري، إن تراجع الحركة الإقتصادية في النصف الأول من العام هو نتيجة انخفاض الإستثمار الأجنبي في لبنان، وذلك لأن الجميع يمر بمرحلة الترقب وانتظار الوضع العام على الصعيدين السياسي والأمني. الجميع ينتظر إنجازات الحكومة في المجال الإقتصادي، فهناك الكثير من التحديات التي لم تتمكن من حلّها الحكومات السابقة، ما دفع بالمستثمر إلى الإنتظار والمراقبة قبل الإستثمار. وهذه التحديات تبدأ بالبنى التحتية للإستثمار من الكهرباء والمياه وشبكة الطرقات بالإضافة إلى استخراج الغاز وضبط الإنفاق العام وضبط الدين العام.

ولا يجب أن ننسى أن تراجع الإستثمار الأجنبي يعود أيضاً إلى وضع المنطقة ككل، وليس الوضع في لبنان. الوضع الإقتصادي في المنطقة ليس جيداً أيضاً.

في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، ما رأيك بالضرائب المتوقع إقرارها؟

صراحةً، أرى أن الأمور تتم بطريقة عشوائية من دون دراسة وتخطيط، كما ولو أنهم يقولون "هناك سلسلة يجب أن نموّلها فلنرى أسهل طريقة للقيام بذلك"، وذلك دون أن يقرروا النظام الضريبي للبنان. ماذا يريدون للبنان؟ بلد سياحي؟ بلد صناعي؟ بلد يشجع الزراعة؟ كيف سنوجّه الإقتصاد؟ الحكومة بضرائبها يجب أن تستهدف تحسين قطاعات وتراجع قطاعات. الأمر يجب أن يكون مدروساً، ونحن نحتاج إلى رؤية واضحة لعشر سنوات ولم نرَ هذه الرؤية في الإجراءات التي اتخذت لتمويل السلسلة.

المشكلة الأكبر في موضوع السلسلة، هي أنه إذا تبيّن أن محصّلات الضرائب ليست كافية لتمويل السلسلة ما سيؤدي إلى ارتفاع العجز بالموازنة. موضوع السلسلة لم يتم إنجازه بالإعتماد على أرقام دقيقة.

وفقاً للسلسلة، إذا بات راتب موظف القطاع العام أعلى من موظف القطاع الخاص سنقع بمشكلة موجودة في دول الخليج وهي اتجاه معظم المواطنين للعمل بالقطاع العام، إلا أن لبنان ليس كدول الخليج.

القطاع العام في لبنان لا يمكنه استيعاب أعداد كبيرة، بل على العكس يجب علينا تخفيض حجم هذا القطاع الذي أثبت فشله بسبب الفساد والهدر والمحسوبيات، وحجم الدين العام المرتفع ما سيؤدي إلى عرقلة إضافية للإقتصاد. يجب أن نسمح للقطاع الخاص بتولي العمل وليتولى القطاع العام التنظيم، من تحديد الوجهات، وكيفية سير العمل لمنع حصول حالات احتكار أو حالات منافية للمنافسة وإلى ما هنالك...

وهناك بعض المشاكل أيضاً في الضرائب، مثلاً لا يمكننا فرض ضرائب على البضائع المستوردة فقط وذلك لأن هناك إتفاقيات متعلقة بهذه المواضيع مع بعض الدول كالإتحاد الأوروبي مثلاً.

ما هي توقعاتك للنصف الثاني من العام؟

أتوقع أن يكون النصف الثاني أفضل من الأول (طبعاً إذا لم تحدث أي توترات) وخاصةً أن موسم الصيف يبدو جيداً على الصعيد السياحي، ما يعطي دفعاً إيجابياً للإقتصاد.

ومن المفترض أن تبدأ الحكومة بالإهتمام بالأمور الإقتصادية أكثر، وأن تضع رؤية واضحة للبلد، كما يجب اتخاذ بعض الخطوات التي تشجّع المستثمرين سواءٌ أكان على صعيد الكهرباء أم على صعيد الطرقات، فنحن نحتاج إلى إنجاز حكومي معيّن يثبت أنها "حكومة استعادة الثقة".