استحقاقات كبيرة مرتقبة في المنطقة وخارجها وطريق الحرير احداها، وبيروت يجب أن يكون لها دور كبير في هذا المجال ان كان على صعيد سكك الحديد أو المرفأ، والاتجاه في نقل البضائع سيكون على الشكل التالي من الصين مرورا بإيران والعراق وسوريا وصولا الى لبنان، ثم تنتقل من لبنان الى دول الشرق الاوسط، اختصارا للمسافة التي كانت تستعمل سابقا في البحر.

كما ان العيون شاخصة الى مسألة إعادة إعمار سوريا ، سيما وان اجواء التفاهمات بين القوى السياسية بدأت ترسل إشارات الى ان الحرب في نهايتها، وبالتالي فان لبنان موعود بلعب الدور الاكبر في كل المشاريع وبجعله نقطة انطلاق.

بعد طول انتظار استمر أكثر من 3 سنوات ونصف السنة، تم تكليف شركة استشارية لإعداد المخطط التوجيهي عن دور ​مرفأ بيروت​ وكيفية تطويره وتوسيعه في الاعوام الـ20 المقبلة. وكان مرفأ بيروت قد شهد آخر عملية تطوير وتوسيع في شهر تشرين الاول (اوكتوبر) من العام 2013، حيث جرى تطويل رصيف الحاويات في محطة الحاويات من جهة الشمال حتى مجرى نهر بيروت. وجدد رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور ترحيب قطاع النقل البحري اللبناني بالمباشرة في إعداد هذا المخطط التوجيهي خصوصاً ان مرفأ بيروت ما يزال يسير عكس التيار ويغرد خارج السرب وفق ما يراه.فرغم الركود الاقتصادي الذي يشكو منه معظم القطاعات الاقتصادية في البلد والحرب المستعرة في سوريا منذ سنوات عدة، فإن مرفأ بيروت ما يزال يحقق نتائج جيدة بحركته الاجمالية وايراداته المرفئية، موضحا أن ادارة المرفأ أكدت مرارا أن حركة الحاويات التي يتعامل معها المرفأ حاليا تغطي ما نسبته 85 بالمئة من الطاقة الاستيعابية لمحطة الحاويات، وأن استمرار الزيادة بوتيرتها الحالية سيؤدي الى عودة أزمة الازدحام الى المرفأ عاجلا أم آجلا في حال لم يشهد هذا المرفأ عملية توسيع وتطوير جديدة في المستقبل القريب.

تكليف "خطيب وعلمي"

وقال زخور" للاقتصاد":أن ادارة واستثمار مرفأ بيروت وبالتنسيق مع وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس كلفت شركة الاتحاد الهندسي "خطيب وعلمي" لإعداد المخطط التوجيهي لمستقبل مرفأ بيروت وحاجاته لمشاريع التوسيع والتطوير خلال السنوات العشرين المقبلة، لكي يتمكن من استيعاب الارتفاع الكبير والمرتقب في حركته الاجمالية والناتجة عن اعادة إعمار سوريا بعد اعادة الامن والاستقرار اليها من جهة، والزيادة المتواصلة بالحركة المستوردة برسم الاستهلاك المحلي والبضائع اللبنانية المصدرة بحرا وتلك برسم المسافنة من جهة أخرى.

وأوضح زخور أن توقف مشاريع التوسيع والتطوير في مرفأ بيروت والمستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة مع مواصلة الحركة نموها بوتيرة تصاعدية، سيؤدي الى عودة أزمة الازدحام الى مرفأ بيروت عاجلا أو آجلا، ما يؤثر سلبا على خدماته ويعرقل عمليات تفريغ وشحن البواخر ويؤخر معاملات التجار والمستوردين والمصدرين.

وتابع "أن آخر مشروع تطوير شهده مرفأ بيروت كان في شهر تشرين الاول من العام 2013، حيث تم تطويل الرصيف المركزي في محطة الحاويات رقم 16 من جهة الشمال حتى مجرى نهر بيروت، فأصبح طول هذا الرصيف 1100 متر بدلا من 600 مترا مجهزا بـ12 رافعة جسرية للتعامل مع بواخر الحاويات بدلا من 6 روافع، وارتفعت القدرة الاستيعابية لمحطة الحاويات الى نحو 1.4 مليون حاوية نمطية، مشيرا الى أن محطة الحاويات ما تزال قادرة حتى تاريخه على استيعاب الحركة التي تبلغ حوالي 1.2 مليون حاوية نمطية سنويا".

استمرار ارتفاع الحركة الإجمالية

ويلفت زخور الى انه استناداً الى احصاءات المرفأ خلال الاشهر الخمسة الاولى من العام الحالي، فإنها تؤكد الارتفاع المتواصل بحركة المرفأ، لا سيما على صعيد حركة المسافنة التي ارتفعت بنسبة 17 بالمئة عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي، وحركة الحاويات المستوردة برسم الاستهلاك المحلي بنسبة 4 بالمئة، والمصدرة ملأى ببضائع لبنانية بنسبة 13 بالمئة وحركة السيارات بنسبة 13 بالمئة. أما الوزن الاجمالي للبضائع المستوردة والمصدرة بحرا فسجلت تراجعا صغيرا بلغت نسبته 2 بالمئة. إن هذه الارقام تثبت أن مرفأ بيروت ما يزال المرفق البحري الخدماتي الاول في لبنان حيث يستحوذ على ما نسبته 70 بالمئة من تجارة لبنان مع العالم الخارجي، كما أنه اصبح مركزا محوريا لحركة المسافنة نحو مرافئ البلدان المجاورة".

إعادة إعمار سوريا

وقال زخور "أن كلفة اعادة إعمار سوريا قد تبلغ عدة مئات من المليارات من الدولار الاميركي، مما يعني أنها بحاجة الى استيراد مئات ملايين الاطنان من البضائع التي لن يكون المرفآن السوريان (اللاذقية وطرطوس) قادرين على استيعابها، بالتالي يصبح من الضرورة الاستعانة بمرافئ البلدان المجاورة لاستيرادها. إن مرفأي طرابلس وبيروت مرشحان ليكونا المرفأين المركزيين لعملية الاستيراد في حال عودة الامن والاستقرار الى سوريا،خصوصا مع عودة العلاقات بين لبنان وسوريا الى مجراها الطبيعي. لذلك نأمل أن ينجز المخطط التوجيهي لمرفأ بيروت في أقرب فرصة للمباشرة في تنفيذه على الارض لتجنب تجدد أزمة الازدحام وليتمكن المرفأ من استيعاب الزيادة المرتقبة بحركته الاجمالية ومن رفع مستوى خدماته والاستمرار في تفعيل الدور المحوري الذي أصبح يلعبه في المنطقة.

محطة الحاويات أنقذت القطاعين الصناعي والزراعي

وعن اهمية محطة الحاويات يعتبر زخور أن استحداثها ساهم في إنقاذ القطاعين الصناعي والزراعي من كارثة محتمة بعد إقفال المعابر البرية عبر الاراضي السورية الى الاردن والعراق والخليج العربي. فوجود تلك المحطة المتطورة استقطب أهم شركات الملاحة العالمية التي تتعامل مع المرافئ العربية، ما سمح للصناعيين والمزارعين اللبنانيين من تصدير منتجاتهم بحرا بواسطة بواخر الحاويات التابعة لتلك الشركات الى تلك المرافئ.

الاجراءات الجمركية الجديدة

وحول الاجراءات الجمركية الجديدة التي اتخذت بعد التعيينات الاخيرة التي شهدها المجلس الاعلى للجمارك والمديرية العامة للجمارك، نوه زخور بتلك الاجراءات التي ساهمت في تسهيل المعاملات وتبسيطها وتوفير الوقت والجهد والمال من جهة، وتحسين الأداء الجمركي من جهة أخرى.

وأضاف "ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بعضا من تلك الاجراءات التي تم تطبيقها فعليا حيث انعكست ايجابا على نشاط وعمل الوكالات البحرية:

إلغاء وجوب قيام موظفي الجمارك بتوقيع وختم كافة صفحات المانيفست الاصلي الموجود على متن الباخرة، والاكتفاء فقط بتوقيع وختم اللائحة (الموحدة) بكامل حمولة الباخرة. والمعلوم أن توقيع وختم بعض المانيفستات كان يتطلب أحيانا كثيرة أكثر من 40 دقيقة نظرا للعدد الكبير للصفحات التي يتألف منها المانيفست.

تم إلغاء تقديم المانيفست الازرق الى ادارة الجمارك والاكتفاء باستلام المفرزة الجمركية للمانيفست الاصلي الموجود على متن الباخرة، علما أن الوكالات البحرية كانت تطبع هذا المانيفست الذي كان يستغرق إعداده احيانا ساعات عدة.

الاكتفاء فقط بالافادة الخطية التي يقدمها الوكيل البحري والصادرة عن مكتب مقاطعة اسرائيل في وزارة الاقتصاد والتجارة الى ادارة الجمارك، للتأكد من عدم تعامل الباخرة مع المرافئ الاسرائيلية.

حظر قبول الاكراميات والهدايا من قبل موظفي الجمارك تحت طائلة إنزال أشد العقوبات بحق المخالفين.

إن هذه الجراءات لقيت ترحيبا من كافة المتعاملين مع ادارة الجمارك لأنها ساهمت في تبسيط المعاملات وإزالة المعوقات وتسهيل عمل الوكالات البحرية والاسراع في تفريغ وشحن البواخر، بالاضافة الى تعزيز دور ادارة الجمارك وتفعيله.

انجازات ونشاطات

من ناحية أخرى، أشار زخور اخيرا الى أن أعضاء الغرفة الدولية للملاحة في بيروت عقدوا الاجتماع السنوي للجمعية العمومية العادية بتاريخ 25 تموز (يوليو) الجاري، حيث تلي التقرير الاداري الذي تضمن أهم الانجازات والنشاطات التي قامت بها الهيئة الادارية خلال ولايتها الممتدة من 19/7/2016 الى 25/7/2017، على الصعيدين الداخلي والخارجي، لا سيما على تحسين الخدمات في مرفأ بيروت وتسهيل المعاملات مع ادارة الجمارك. كما وجهوا تحية تقدير لكافة المسؤولين من وزراء ومعاونيهم ومدراء في الجمارك والمرفأ ومحطتي الحاويات وإرشاد السفن والاجهزة الامنية والعسكرية والنقابات العمالية والزميلة المتواجدة في بيروت، منوهين بالعلاقات الجيدة والاحترام المتبادل والحرص على التعاون والتنسيق في إطار الاسرة الملاحية، لما فيه خير المصلحة العامة.

اخيراً، لاشك ان مرفأ بيروت هو بوابة لبنان الصغير الى العالم الواسع، ويستحق كل اهتمام جدي ليستمر في حركة استيراد وتصدير ناشطة تسرّع العجلة الاقتصادية وفي حركة مسافنة لاكبر السفن العابرة للقارات .