أعلن سفير الصين الشعبية وانغ كيجيان، أن لبنان بدأ إجراءات الإنضمام إلى البنك الآسيوي للإستثمار في البنية التحتية (AIIB)، وقال إن هناك إمكانية كبيرة وآفاقا واسعة للتعاون الصيني - اللبناني في إطار طريق الحرير.

وفي سياق متصل، أكّدت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لها أنّ لبنان يأمل في أن تجذب ورشة إعادة الإعمار في سوريا الإستثمارات الصينية لما لذلك من تأثير كبير على الدور الذي سيؤديه في هذا المجال، وتحديداً عبر مرفأ طرابلس، وعلى الفوائد التي سيجنيها اقتصاده في ظل المعاناة التي تفاقمت بعد استضافته ما يقارب المليون ونصف نازح سوري.

وانطلقت الصحيفة في تقريرها من الوفود الصينية الأربعة التي زارت لبنان السنة الفائتة، رابطة بين الزيارة التي نظمها مصرف "فرنسبنك" في أيار الفائت ومبادرة "حزام واحد وطريق واحد" التي تهدف إلى تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات إقتصادية بين آسيا وأوروبا.

ونقلت عن مسؤول أممي اعتباره مرفأ طرابلس "مرفأ لسوريا" من الناحية الإقتصادية، فقال: "لا يمكن إعادة بناء سوريا من دون طرابلس"، كاشفاً أنّ استفادة لبنان من إعادة إعمار سوريا بعد معاناته جراء اندلاعها جزء من التفاهم الدولي التي تم حول هذه الحرب.

ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي ومستشار رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي د. ​سمير الضاهر​:

- بدأ لبنان إجراءات الإنضمام إلى البنك الآسيوي للإستثمار في البنية التحتية (AIIB)، ما أهمية انضمام لبنان إلى هكذا مؤسسات وخاصةً على صعيد البنى التحتية؟

هذا المصرف يشكل مصدر تمويل إضافي للبنان إلى جانب مؤسسات التنمية الأخرى من "البنك الدولي" إلى "البنك الإسلامي" و"البنك الأوروبي للإنماء والتعمير". وكما نعلم أنه بالنسبة للبنان، العائق الأساسي أمام جذب المزيد من الإستثمارات وتحقيق النمو هو تهالك البنى التحتية التي لم يتم تجديدها منذ الحرب اللبنانية، هنا يأتي البنك الآسيوي ليكون مصدراً مستحبّاً. ثانياً، أن البنك الآسيوي يزيد من المنافسة بين مؤسسات التمويل الدولية، ما يسمح للبنان بالحصول على التمويل بكلفةٍ أقل.

هناك من يقول أن نسبة الدين العام لدينا مرتفعة جدًّا وأن الإنضمام لهذا البنك سيزيد من المديونية، لكن الحقيقة أن السبب وراء ارتفاع الدين هي عجز الموازنة الناتج عن النفقات الجارية التي تتكبدها الدولة اللبنانية، حيث يمكننا القول إنه منذ عشر سنوات لم يتعدّى الإنفاق الإستثماري 2% من الناتج المحلي أي 6-7% من تمويل الموازنة. لذا، أعتقد أن الإستدانة لمشاريع حيوية أفضل من الإنفاق الإعتباطي.

- في ظل اعتراض العديد من الجهات على سلسلة الرتب والرواتب ومطالبتها الرئيس عون بعدم التوقيع، ماذا سيكون مصير السلسلة؟

بداية، استمرّ التداول في أمر السلسلة لمدة خمس سنوات، لماذا تمّ إقرارها اليوم؟ كلّنا نعلم أن السبب هو الإنتخابات النيابية القادمة. أما بخصوص الطريقة التي تم إقرارها فيها فلدينا تحفّظات كثيرة. أولاً، إقرار السلسلة كان يجب أن يبدأ من إعادة هيكلة القطاع العام من الأسلاك العسكرية والأسلاك المدنية من موظفي إدارات، وموظفي وزارات، والمتعاقدين، والمياومين، وغبّ الطلب، والمستشارين والعاملين تحت مظلة الـ"UNDP"، لأنه وبالتأكيد ليس هناك معلومات واضحة عن العدد الحقيقي، وعن الطاقات والخبرات التي لدينا بالإضافة إلى الإحتياجات.

كان يجب العمل على تقوية القطاع العام لأن الهيكلة الحالية تعود لعهد الرئيس فؤاد شهاب، كما يجب أن نعرف إلى أي مدى تغير دور الدولة والقطاع العام في السياسة الإقتصادية والإجتماعية والأمنية. وقام وزير الدولة للإصلاح الإداري بالعديد من الدراسات والإقتراحات لإعادة هيكلة القطاع.

بعد إعادة الهيكلة، يمكننا المطالبة بإعطاء أعلى الرواتب والأجور. أما في الوقت الحاضر، فإن الطريقة لم تكن صحيحة أبداً. نحن لا نعلم عديد الموظفين ولم نشهد حظر للتوظيف في القطاع العام، أي أن الإمضاء على سلسلة الرتب والرواتب كالإمضاء على "شيك على بياض" بعد غياب الموازنة لمدة إحدى عشر عاماً. كما لا نعلم حتى الآن ما إن كانت الزيادة في الرواتب ستشمل موظفي البلديات ومؤسسة كهرباء لبنان أم لا.

ثانياً، إن مبدأ إقرار السلسلة قبل إقرار الموازنة أمرٌ غير منطقي والرئيس عون كان له تصريح بهذا الخصوص.

ثالثاً، أن فرض ضرائب مخصصة لتمويل مصاريف مخصصة أمرٌ مخالف لمبدأ المحاسبة العمومية. الأمر كان يجب أن يحصل وفقاً لقوانين ضرائبية تراعي الواقع الإقتصادي الإجتماعي، فعالة في دفع نمو الإستثمارلات والتصدير وإلى ما هنالك...

- ما هي الضرائب العادلة اجتماعياً وغير المؤذية اقتصادياً التي يجب فرضها لتمويل السلسلة؟

لتمويل السلسلة يجب أن تكون الضرائب "مباشرة" (أي على أرباح الأفراد والشركات)، وليست "غير مباشرة" (أي على الاستهلاك  والخدمات)، خاصة أنه في لبنان تتعدّى الضرائب غير المباشرة 70% من مجمل الاقتطاع الضريبي فيجب العمل على تخفيفها وليس زيادتها. لذا، اقتراح رفع معدّل الـTVA يعدّ عبئاً على الاستهلاك ويصيب كل شرائح المجتمع.

بالأرقام، عائدات الـTVA حالياً تناهز 2.4 مليار دولار، وزيادة الواحد بالمئة المقترحة تضيف 240 مليون دولار عائدات للخزينة، وهي أموال تُقْتطَع من الاستهلاك الخاص، فيما على العكس، يجب تشجيع وتحفيز الانفاق الخاص لدفع عجلة الاقتصاد .

ومن الضرائب المباشرة العادلة والفاعلة التي حان إقرارها هي ضريبة ارباح التحسين العقاري

- ذكر تقرير لصحيفة "الفايننشال تايمز" أن الصين تعتزم اعتماد لبنان كمركز لمشروعات إعادة إعمار سوريا إلا أنهم لم يستوعبوا نظام لبنان السياسي المعقد المبني على أسس طائفية وصدموا بالفساد المستشري، هل تعتقد أنه سيكون هناك بديلاً أفضل من لبنان ينتقلون إليه أم أن فرصنا محسومة؟

بدايةً، لست متأكداً من دقة هذا التقرير. ثانياً، بالمقارنة مع دول الجوار لا أعتقد أن نسبة الشفافية لديهم أعلى من نسبتها في لبنان. ثالثاً، قبل أن نبدأ بالتباكي على الفرص التي ستضيع فإن موقع لبنان الجغرافي يضمن له حصة في عملية إعادة إعمار سوريا، التي لن يكفيها ميناءا اللاذقية وطرطوس فسيتم استخدام ميناءي طرابلس وبيروت. ومن جهة ثانية المصارف اللبنانية لها وجودها في سوريا، والمقاولون اللبنانيون لديهم الخبرة للعمل في سوريا.

والجدير ذكره أيضاً، أننا ما زلنا لا نعلم من سيكون المموّل. في الفترات الماضية، ولنكن صريحين فإن المموّل لأي عملية إعمار في العالم العربي كان دول الخليج، ولكن إذا بقي نظام الرئيس بشار الأسد فدول الخليج لن تموّل هذه العملية.

أما الإتحاد الأوروبي فإن تركيز دوله اليوم هو على دعم النازحين ليبقوا في لبنان، وإلا فإنهم سيستقلون باخرة ويذهبوا إليهم. لذا، فلننتظر إنتهاء الحرب ولنعلم من سيكون المموّل قبل كل هذه التوقعات.