ربيع دمج

قد يبدو نص هذا التقرير متشابهاً تماماً مع سيناريو فيلم "بوليسي" أو "كوميدي" نظراً لما يتضمنه من وسائل إحتيالية نشاهدها عادة في تلك النوعية من الأفلام.

بطلا سلسلة السرقات التي وقعت منذ العام 2016 في عدد من البلدات في قضاء كسروان قبل أن يقعا في كمين لقوى الأمن، هما السوريان "بشير.د" و "هاني.م" اللذان لم يتركا أية وسيلة إلا وأقدما عليها لسرقة الناس، فكانت حصيلة غلتهما أكثر من سبعة وثلاثين ألف دولار أميركي عداً ونقداً.

من بلدة عشقوت إلى عجلتون، ومن ثم بلونة في كسروان. كانا ينتقلان بشخصيات جديدة، فتارة يدّعيان أنهما يعملان في البلدية وقد كلفهما رئيس البلدية بجلب النفايات من منازل السكان في عشقوت، فيدخلا إلى كل منزل ويكشفان عليه بداية قبل أن يختارا المنزل الأنسب لسرقته في وقت محدد.

في بلدة "بلونة" إنتحلا شخصية عاملين في توصيل الإنترنت ومرة أخرى أنهما موفدان من صاحب محل إشتراك "الستالايت".

وفي بلدة "عجلتون" كانت شخصيتهما بائعَيْ مياه، دورهما توصيل عبوات المياه إلى السكان وبهذه الطريقة يسلبان ما خف حمله حتى لو كان هاتفاً صغيراً.

واللافت أن الشابين كانا يختاران المنازل التي يقطنها كبار في السن، أو إمراة مع أطفالها الصغار في أغلب الأحيان، إذ قليلاً ما تلتفت تلك الفئة من الناس إلى يدور حولها.

كانت السرقات في تلك الفترة مقتصرة على بعض النقود والحقائب الصغيرة، وأحيانا الهواتف، وأقصاها مبلغ لا يتعدى المئة ألف ليرة لبنانية من كل منزل، لتكون حصيلة النهار لا تقل عن مليونين أو مليون ونصف مليون ليرة لبنانية.

في المرة الأخيرة كانت السرقة الكبيرة في بلدة "بلونة" حين قررا بعد مراقبة دامت أكثر من شهر، منزل إمرأة مسنة أولادها يعيشون في الخارج فيما هي تعيش بمفردها مع خادمتها.

كان أبناء تلك السيدة يرسلون لها أموالاً ولكنها لم تكن تضعها في البنك كونها كبيرة ولا حيلة لها بالذهاب كل فترة للإيداع أو السحب، ناهيك عن أن لديها محلاً وشقتين تؤجرهما مقابل مردود شهري حوالى 2500 دولار أميركي.

قبل دخول منزل السيدة "أنطوانيت. ن" قرر "بشير.د" و"هاني.م" أن يدخلا منازل أخرى لمراقبة الوضع فانتحلا صفة عاملَيْ تنظيفات، ولكن صدفة علما أن للسيدة عاملاً هندياً يقوم بحراسة حديقتها ورزاعتها.

هنا لم يبق أمامهما خيار سوى إغراء العامل الهندي كي يسمح لهما بالدخول بهدوء، اتفقا مع الهندي "جو غندر سينغ" على سرقة منزل الأخير بعد أن أخبرهما سينغ عن غياب صاحبة البيت.

دخل اللصان وفي الخارج كان العامل الهندي يؤمن لهما الحماية، ولكن القدر كان بالمرصاد لهما إذ لم ينتبه الهندي أن شقيقة صاحبة المنزل موجودة في الداخل ولم تذهب معها وحين دخلا صدما بها فسارع "بشير.د" بالتحجج لها أنهما جاءا لإصلاح ومعالجة النش بالتنسيق مع الخادم، ومن ثمّ قام الثلاثة بالدخول إلى غرفة النوم وخلعوا الخزنة وسرقوا من داخلها سبعة وثلاثين ألف دولار أميركي وتقاسموا المبلغ فيما بينهم.

وبعد تقسيم المبلغ لاحظت السيدة عند عودتها أن هنالك كارثة في غرفة نومها فاخبرتها شقيقتها بما حصل وأن عاملين دخلا لتصليح النش برفقة الحارس الهندي.

هنا اتصلت السيدة بالشرطة التي حضرت وحققت مع العامل الهندي الذي اعترف بكل شيء وأقر بفعلته. فتم توقيفه، ومن ثم ملاحقة اللصين وضبطا بالجرم المشهود والمبلغ بحوزتهما.

وفي خلال التحقيقات معهما تبين أنهما منذ سنتين وهما يقومان بتلك السرقات لكن كانت غلتهما الأسبوعية لا تتعدى المليون ونصف مليون ليرة لبنانية، لكنها لا تقل عن ثلاثة ملايين أو أربعة ملايين شهرياً وهو مدخول يتجاوز راتب ثلاثة عمال في مطعم، بحسب إعترافتهما.

محكمة الجنايات في جبل لبنان، وبعد التحقيقات التي أجراها القاضي في محكمة بعبدا حكمت على العاملين الإثنين بالسجن ست سنوات وعلى الهندي مدة ثلاث سنوات على أن يتم إخراجه من البلاد فور تنفيذ العقوبة.