أقرّت أخيرا سلسلة الرتب والرواتب التي طال انتظارها من قبل عدد كبير من اللبنانيين، فبعد المطالبة بها لسنوات عدة والنزول الى الشوارع للتظاهر والإضراب، عاد يوم الأربعاء 19 تموز 2017، الحق الى أصحابه.

لكن هذه النهاية السعيدة لأحد الملفات الأكثر تعقيدا في البلاد، حملت معها إجراءات ضريبية جديدة تستهدف المصارف والشركات المالية والعقارية، وتهدف الى تمويل هذه النفقات المستحدثة. وبالتالي ولّد الحل والانفراج أزمة جديدة تلقي بظلالها على البلاد، وذلك من خلال الضرائب العشوائية التي من شأنها زيادة معاناة المواطنين، ورفع حدة الأزمات والخلافات والتجاذبات التي يقع الاقتصاد الوطني ضحية لها.

ومن القطاعات التي طالتها الضرائب، القطاع العقاري الذي يعاني بالأصل من الجمود منذ فترة لا بأس بها، حيث انخفض عدد المعاملات العقاريّة بنسبة 1.41% إلى 5802 معاملة خلال شهر أيّار 2017، من 5885 معاملة في الشهر الذي سبقه، كما تراجع متوسّط قيمة المعاملة العقاريّة الواحدة 2.85% سنويّاً إلى 132757 دولاراً حتّى أيّار 2017، مقارنةً بـ136648 دولاراً في الفترة ذاتها من العام السابق.

وللإطلاع أكثر على أوضاع هذا القطاع، والتداعيات التي سيعاني منها جراء فرض رسم على عقود البيع العقاري بنسبة 2%، كان لـ"الإقتصاد" هذه المقابلة الخاصة مع الخبير العقاري شوقي فرحات:

طالت الضرائب المتعلقة بتمويل سلسلة الرتب والرواتب القطاع العقاري اللبناني الذي يعاني بالأساس من الركود منذ بعض الوقت. الى أي مدى سيتأثر هذا القطاع بالضريبة الجديدة؟ وما هي التداعيات التي سوف تنتج عنها؟

من المفترض أن يتم فرض الضرائب أو الرسوم الاضافية على القطاعات التي تشهد على نمو وازدهار، وبذلك تحصل خزينة الدولة على الأموال من الأرباح المحققة. لكن لا يمكن أن نفهم كيف تفرض ضريبة على قطاع "مضروب" أو جامد أو سلبي؛ فكل ضريبة من هذا النوع، يتم فرضها على قطاع يسجل مؤشرات سلبية، ستضر البلاد بدلا من أن تفيدها، وبالتالي لن تأتي بأي نتائج ايجابية، وسنشهد على تراجع الحركة، وانخفاض المداخيل أيضا، على كل من الأفراد والتجار من جهة، وعلى الدولة من جهة أخرى.

ولا بد من الاشارة الى أن فرض ضريبة جديدة على العقارات، يمكن تسميتها بغرامة أو عقوبة، لأن القطاع العقاري هو في الواقع متعثر، ويعاني من الجمود في الفترة الأخيرة. وفي حال شهدنا على تحسن في حركته ونشاطه، نستطيع حينها فرض المزيد من الرسوم، تضاف على تلك الموجودة بالأساس.

فتنشيط قطاع ما لا يجب أن يكون على حساب هدم قطاع آخر، بل يجب أن تكون الرسوم أو الضرائب محفزة للاقتصاد وللقطاعات المختلفة الموجودة في البلاد، وهدفها تنشيط تلك القطاعات، وتحسين المؤشرات الاقتصادية في البلاد.

ما هو مصير القطاع العقاري في حال تم اقرار الضريبة الجديدة؟ وماذا سيحلّ بأسعار العقارات؟ هل سنشهد على انخفاض أو ارتفاع؟

أسعار العقارات تعاني بالأصل من الجمود، وهي تتعلق بالعرض والطلب. أما أسعار الكلفة فسوف تتأثر حتما، وبالتالي سترتفع تكلفة البناء، لكن أسعار البيع لن تتحسن بل ستبقى جامدة، وقد تتراجع أيضا، وسيتحمل التاجر هذه الخسارة الاضافية.

كيف تقيم أداء القطاع العقاري خلال النصف الأول من العام 2017 بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي؟

حالة القطاع ليست جيدة، وسوق العقارات لا يزال جامدا الى حد ما، ويتجه إلى المزيد من التراجع. وذلك مع العلم أن الأمل بالتحسن كان موجودا، وقد سمعنا منذ فترة بعض التوقعات بأن نشهد على تحسن أو انفراج بسيط. لكن الجمود لا يزال سيد الموقف في الوقت الحاضر، خاصة وأن عامل الثقة لا زال مفقودا، فالراغب بالشراء اليوم يفكر كثيرا قبل الاقدام على هذه الخطوة، ومن ليس مضطرا لا يشتري.

وماذا عن حصة الأجانب من عمليات المبيع العقارية؟

من هذه الناحية يمكن القول أن القطاع يعاني من أكثر من الجمود، فحتى الأجانب الذين يمتلكون العقارات في لبنان يحاولون بيعها. لذلك فإن الوضع اليوم ليس مطمئنا ومتفائلا، كما أن الحالة السياسية في البلاد لا تسمح للأخبار الجيدة بأن تدوم، وتؤثر على السوق كما يجب، لكي تعود الثقة الى النفوس.

ما هي واجبات الدولة اليوم؟ وما هي التدابير التي يجب اتخاذها في المرحلة الراهنة من أجل إعادة تنشيط القطاع العقاري في لبنان؟

المطلوب على الأقل تخفيض الرسوم، ومراعاة الوضع العام الصعب الذي نعيش في ظله، وتسهيل تمويل القروض المدعومة. فهناك مشاريع تحتوي على حوافز معينة سوف تؤدي حتما الى تنشيط القطاع العقاري الى حد ما، ولن تخنقه أكثر من ما هو مخنوق في الوقت الحاضر.