عقد المجلس النيابي هذا الأسبوع ثلاث جلسات امتدت على يومين متتاليين، بت فيهما أمر السلسلة التي ستبلغ تكلفتها حوالي 1200 مليار ليرة لبنانية (800 مليون دولار أميركي) وتمويلها.

في الجلستين الأولى والثانية أقرّ المجلس عشرين بنداً من بنود السلسلة منها استفادة معلمي القطاع الخاص من الزيادة المقرة لمعلمي القطاع الرسمي، وإعطاء المتقاعدين حقوقهم مع التجزئة على ثلاث سنوات، لتبقى البنود المتعلقة بالإصلاحات، التي تم إقرارها في الجلسة الثالثة يوم أمس الأربعاء.

وفي الجلسة التشريعية الثالثة والأخيرة المتعلقة بالسلسلة وتمويلها، أقرّ المجلس تسع مواد تتعلّق بضرائب أبرزها على الأملاك العمومية البحرية، عقود البيع العقاري وشركات الأموال.

والجدير ذكره أن مجلس النواب كان قد أقرّ بداية العام الحالي ثماني مواد لتأمين الإيرادات الخاصة بالسلسلة ومن ضمنها رفع معدل الضريبية على القيمة المضافة من 10% الى 11% لتأمين ما يقارب 300 مليار ليرة، إضافة إلى رفع عدد من الرسوم على الطوابع المالية وعلى الإسمنت وكتاب العدل وغيرها.

ولمعرفة المزيد عن هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي والمالي ​كمال حمدان​:

- ما هو رأيك بالمواد الضريبية التي تمّ إقرارها يوم أمس؟ وما هي تأثيراتها على السوق وعلى المواطن؟

لا أزال أعتقد أن تأثير إقرار السلسلة له سلبياته وإيجابياته، إلا أن العطاءات كانت صيغتها أفضل نسبياً من الصيغة الأخيرة التي رأيناها بعد الإطاحة بالسيادة السابقة لهيئة التنسيق النقابية.

المخاطر كبيرة جداً، وخاصة على المدى المتوسط بعد تحقيق مطالب المتقاعدين والبنود الأخرى. شخصياً، من جهة أقرّ بحق موظفي وأجراء القطاع العام بتصحيح الأجور وإقرار سلسلة جديدة من الرتب والرواتب وذلك بسبب خسارة عانوا منها سابقاً، ومن جهة ثانية أتخوف من أن يكون موضوع التمويل قد تم بتّه على عجل بالرغم من أنه قد كرّس من الناحية المبدئية بعض البنود التي تطال قطاعي العقارات والمصارف، خاصةّ أن الأخير كان عائقاً أساسياً في موضوع السلسلة.

أتخوّف من أن لا يتطابق التمويل المرتقب مع الإجراءات التي تم اتخاذها في ظل غياب القواعد الإحصائية الرسمية الشفافة والدقيقة. من وجهة نظر علمية، لنقول أن هناك مئات البنود الضريبية، كنا نتمنى أن يكون لدينا إدارة عامة واحدة لديها القدرة على تحليل وضعية هذه البنود بنداً تلو الآخر ودراسة مرونة تطورها في حال حصل ارتفاع أو انخفاض بمعدل الضريبة على كل من هذه البنود. من المفترض أن هذه البيانات موجودة، ولكن إلى أي مدى سمحت الطبقة السياسية والإدارة المالية العامة القيام بهذه الخطوة الإحصائية "الواجبة" مسبقاً وبدقة.

- طالب وزير الدولة لمكافحة الفساد نقولا تويني بإنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد التي لديها صلاحية الملاحقة، هل ترى ضرورة لاتخاذ هذه الخطوة أم أن نية محاربة الفساد هي الأهم؟

برأيي ان كل إقتراح لإنشاء إطار مؤسساتي شفاف ولديه الإمكانيات المطلوبة، مرحّب به وهو أمرٌ إيجابي، ولكن "لنضرب ضربتنا مكان الوجع". يجري الحديث عن المرافئ ومئات الملايين كي لا أقول المليارات، كما يجري الحديث عن الأملاك البحرية وضرورة إعادة هندسة النظام الضريبي المتعلق بقطاع المصارف وشركات الأموال، نسمع عن حالات كثيرة ممن لا زالوا يتقاضون راتباً تقاعدياً من دون وجه حق، بالإضافة الى موضوع تقاعد النواب أيضاً والذي يسستمر لأولاده وأحفاده وأحفاد أولاده...كل هذه الملفات الساخنة آن الأوان للبت بأمرها وخاصةً في عهد الإصلاح والتغيير الذي عليه أن يكون مثالاً يقتدى به.

محاربة الفساد تبدأ بفتح هذه الملفات بشكل جدّي حتى تصل الإشارة إلى الجميع بأن الأمور لم تعد كما في الماضي. للأسف إن الطبقة السياسية التي جفّت مواردها المالية من الخارج، قضت فترة الخمس سنوات الماضية تتخبط مع الناتج المحلي الذي لا ينمو إلا بمعدلات طفيفة في الوقت الذي يحتاج فيه البلد إلى إعادة تجهيز وبناء كافة مرافقه العامة "ومافي ولا قرش بالبلد".

- كيف ترى الوضع الإقتصادي للنصف الثاني من العام، وخاصةً أن موسم الإصطياف هذا العام يشهد عودة وإن كانت خجولة للخليجيين؟

من الجيد طبعاً عودة عدد من الخليجيين لقضاء الإجازة الصيفية في لبنان ولكن هذا ليس حلاّ، هل من الطبيعي أن نتفاءل اقتصادياً بقدوم سياح جدد في فصل الصيف؟ نريد قطاعات مضمونة للأجيال القادمة وإلى المتخرجين الجدد من الجامعات.

لبنان بحاجة إلى إصلاحات حقيقية تعيد هيكلة الإقتصاد وتعيد الريع إلى حجمه الطبيعي، إنعاش الصناعة، الإنفتاح على الأمور الإيجابية للعولمة والتطور التكنولوجي. نريد رؤية جديدة لدمج الشباب وإعطائهم الضمانات الإجتماعية التي تنقذهم من حالة عدم اليقين التي يعيشون فيها، بالإضافة إلى العمل على خلق أجور من نوع جديد.