استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقرّ الإذاعة في منطقة أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "بعد إقرار السلسلة، أي تداعيات على الإقتصاد وعلى المواطن ؟ أي تمويل وأي إصلاحات ؟"، الخبير الإقتصادي د. إيلي يشوعي، كما شارك في الندوة عبر مداخلات هاتفية كل من رئيس جمعية الإعلاميين الإقتصاديين الصحافي عدنان الحاج، ورئيسة تحرير موقع "الإقتصاد" كوثر حنبوري ... كما شارك في الجزء الثاني من الندوة الخبير الإقتصادي رازي الحاج.

بداية قال د. يشوعي أنه "مرتاح لواقع إعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم، لأن المستفيدين من هذه السلسلة يستحقون ما أعطي لهم .. اما بالنسبة للذين يتخوفون من تضخم قد يصيب الإقتصاد بسبب ضخ كم كبير من الأموال داخله، أجيبهم بالجواب التالي: في زمن الركود الإقتصادي الذي نعيشه ونسب نمو ضعيفة جدا لا تتخطى الـ 1.5%، نحن بحاجة لضخ سيولة في السوق، وأنا شخصيا كنت دائما أطالب البنك المركزي بتحرير جزء من السيولة، واليوم جاءت هذه السلسلة لتضخ هذا الكم من الأموال - مع الإشارة إلى ان ضخه لن يتم دفعة واحدة – وأجزم بأن الإقتصاد سوف يغبّ هذه الأموال دون أن يسجل إرتفاعات في الأسعار، خصوصا أن الحركة التجارية شبه مشلولة والمبيعات تتراجع يويماً .. إذا هذا المبلغ هو نوع من نفحة أوكسيجين تعطى لكافة القطاعات الإقتصادية في البلد، ولا أرى فيها اي سبب لأي تضخم محتمل".

وأضاف "المبلغ الذي ستضخه السلسلة سيساعد الإقتصاد على أن ينتعش نسبياً دون أن يسبب ذلك تضخماً حسيّاً".

وتابع يشوعي "اليوم أقرينا هذه الحقوق، ويبقى أن نمول هذه المبالغ ... وإذا إسترجعنا بنود الضرائب التي تم إقرارها وذكروا بأنها تدخل ضمن الإصلاحات، نجد ان 95% منها هي ضرائب غير مباشرة، وهذا يعني أن ما نعطيه لهؤلاء المستفيدين باليد اليمنى، سيؤخذ منهم باليد اليسرى ... التمويل يجب أن يقع فعلا ضمن الإصلاح الحقيقي، فالإصلاح لا يأتي من خلال الكلام، وإذا كانت الحكومة جدية في موضوع الإصلاحات، هناك 4 أو 5 مسائل أو ملفات يجب أن يتم العمل عليها".

وأكد ان "الضرائب التي أقرت ليست ضرائب إصلاحية، ولا يجوز الكلام عن الإصلاح مع هكذا سلة من الضرائب .. وإذا أردنا إصلاح حقيقي يجب أن نتجه إلى الضرائب الشخصية والمباشرة".

وفي سؤال للزميلة خداج عن كيفية العمل على إيجاد إيرادات من أماكن أخرى غير جيوب المواطنين قال د. يشوعي "المصارف صرحت منذ فترة وجيزة بأن الدولة لديها حق بضريبة تتراوح قيمتها بين 600 و 700 مليون دولار أميركي، على الأرباح التي تم تحقيقها جراء الهندسة المالية التاريخية العظيمة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ... وهنا يطرح السؤال: هل دفعت هذه المبالغ فعلاً؟ وهل حصلت وزارة المال على المبلغ؟ ... دفع هذا المبلغ يساعد جداً في تأمين جزء كبير من قيمة السلسلة".

وإعتبر يشوعي "أن تأخير إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص يعود إلى ان السياسيين في لبنان غير مستعدين للإستغناء والتخلي عن الخدمات، لانهم يعتبرون بأن إدارة وتمويل هذه الخدمات هو مصدر إثراء وإستفادة كبير جداً، وهذا مصدر دائم ومستمر .. فدائما يوجد مشاريع وصفقات وإستدراج عروض وغيرها من الأمور".

من جانبها قالت رئيسة تحرير موقع "الإقتصاد" كوثر حنبوري عبر مداخلة هاتفية ان "السلسلة حق لكافة الموظفين في القطاع العام، وإقرارها هو أمر جيد .. ولكن المشكلة في لبنان أن العمل دائما يتم بالعكس، فرئيس الجمهورية ميشال عون صرّح امس امام وفد الإعلاميين الإقتصاديين بأن السلسلة يجب أن تقر بعد إقرار مشروع الموازنة لعام 2017، فتحديد المداخيل وتأمينها يجب ان يحصل قبل قرار صرف الأموال".

وأضافت "في موضوع الضرائب، هناك العديد من الضرائب التي كانت مطروحة والتي كانت ستطال الطبقة الفقيرة بشكل مباشر وقد تم إلغاءها، وهناك بعض الضرائب التي أقرت والتي تعتبر عادلة كالضريبة على الأملاك البحرية وأرباح الشركات وغيرها ... ولكن المأخذ على الحكومة اليوم هو توجهها لفرض ضرائب وتأمين إيرادات آنية، بدلا من التوجه نحو التخطيط السليم ومكافحة التهرب الضريبي من أجل تأمين إيرادات مستدامة .. والسؤال اليوم، هل ستكون الإيرادات مستدامة؟ خاصة أن كلفة السلسلة سترتفع في السنوات المقبلة".

وتابعت حنبوري "السياسة الضريبة الصحيحة لا تتم إلا من خلال فرض ضريبة على الدخل وعلى الأرباح، وأن لا تكون الضرائب على الإستهلاك .. كما أننا لا نرى أي خطوات إصلاحية لا من الناحية المالية ولا الإدارية".

وإعتبر أن "موازنة العام 2017 كانت موازنة حسابية ولا تتضمن أي رؤية إقتصادية .. وعلى الرغم من الوعود التي تقدمها الحكومة اليوم بأن موازنة العام 2018 ستكون مختلفة وستتضمن رؤية إقتصادية شاملة، إلا أن هذا الأمر مستبعد ولا يمكن أخذه على محمل الجد، خاصة أن الإنتخابات النايابية ستجري في العام 2018، وسيكون من الصعب جداً إتخاذ تدابير وإصلاحات موجعة قد تقلّص من شعبية الكتل السياسية والطبقة السياسية الحاكمة".

بدوره قال رئيس جمعية الإعلاميين الإقتصاديين الصحافي عدنان الحاج في مداخلة هاتفية "أن تحسين مداخيل موظفي القطاع العام في الفترة المقبلة من خلال إقرار السلسلة قد يحرك نوعاً ما الإقتصاد، ولكن إنعكاسات هذا الأمر على المالية العامة للدولة اللبنانية كبير جدا، ولا يستطيع أحد أن يوقفها".

وأضاف "السلسلة سيكون لها تداعيات على التضخم، لأن الأسعار أساساً غير مضبوطة في البلد ولا يستطيع أحد ان يضبط الأسعار بسبب عدم وجود اجهزة رقابية، وليس هناك أي إلتزام بسقف الربح المحدد بالقوانين ... من حق الموظفين أن يحصلوا على السلسلة، ولكن التضخم الذي سيحصل في المرحلة المقبلة لا يمكن أن يتم ضبطه، وبالتالي فإن إرتفاع الأسعار سيأكل جزء كبير من الزيادة التي ستحصل على الرواتب والأجور في القطاع العام".

أما الخبير الاقتصادي رازي الحاج فقال "انه اذا كان البديل المفترض عن السلطة الحالية لا يربح الانتخابات الا بتخويف الناس وتيئيسهم فهم لا يمثلوا طموحاتنا لبناء وطن ... بل هم سيعيدوننا الى حالات ردات الفعل والسلبية. نحن نريد مشروعا واضحا نقترع له لا اناس يقترعون علينا ليصلوا، متسائلا ما هو مشروعهم لنظام ضرائبي عادل؟واين كانوا طوال السنين لا يقترحون مشاريع اقتصادية ويقدمون رؤيتهم لاقتصاد منتج ؟".