لاشك ان ثمة إجماع اليوم على ان كلفة الكهرباء اليوم في لبنان هي الاعلى في العالم لادنى مستوى ونوعية خدمة مقدمة . والانتاج هواحد المصا در الرئيسية لارتفاع هذه الكلفة في مقابل هدر فني وغير فني على الشبكة حيث تقدرنسبة الخسارة بـ 40% بينها 15% خسارة تقنية، 20% خسارة غير تقنية، و5% فواتير غير مُحصّلة.

تملك مؤسسة كهرباء لبنان حصرية الانتاج من 7 معامل حرارية تعمل على الفيول والديزل والغاز، في الذوق والجية وصور وبعلبك والزهراني ودير عمار والحريشة، الطاقة الانتاجية المفترضة لهذه المعامل هي 2038 ميغاوات، ولكن فعلياً تنتج 1685 ميغاوات كحدٍ اقصى..

كما تملك المؤسسة 3 معامل انتاج على الطاقة المائية. وهي معامل الليطاني، ومعامل شركة نهر البارد، ومعامل نبع الصفا. والقدرة الانتاجية لهذه المعامل بحدود 220 ميغاوات ، ولكن الانتاج ليس بهذا المستوى.

مؤخرا اقر مجلس الوزراء مشروع انتاج الطاقة من الرياح في اطار الخطة المعدة لقطاع الكهرباء . ما هي الكمية المرتقب انتاجها؟ ما هي ألالية التي ستعتمد والمراحل ما قبل الانتاج كم ستستغرق ؟ وما هي الكلفة المقدرة الكلفة ؟

اسئلة كثيرة لا بد من طرحها حول هذا المشروع فيما ان ملف الكهرباء دخل مرحلة النقاش الطويل والاخذ والرد مع قضية مناقصة استقدام البواخر لانتاج الطاقة هذا الصيف .

عجاقة

الخبير الإقتصادي والإستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة يعتبر ان هذا الموضوع ليس بجديد . وقد أظهر المسح الذي تمّ القيام به في الماضي إلى إعتبار عكّار منطقة ملائمة من ناحية قوة الرياح. والحديث اليوم عن هذا الأمر يأتي في ظل إستكمال خطّة الوزير باسيل.

لكن المُلفت في الأمر هو السرعة التي تمّ فيها إقرار المشروع وهذا يطرح السؤال عن أسباب هذه السرعة. على كل الأحوال الكمية المُرتقبة من هذا المشروع لا تتعدّى مئات الميغاواتات من الكهرباء، وذلك عن طريق مناقصة كلّف مجلس الوزراء وزير الطاقة والمياه القيام بها. وهذا الأمر سيمتد على أشهر قبل البدء بالمنُاقصة ،مما يعني أن المشروع قد يمتدّ على سنتين أو أكثر إبتداءً من فض العروض. أمّا في ما يخص الكلفة، فالمعروف أن الكلفة لا تتجاوز الـ 60 ألف يورو للميغاوات الواحد (كلفة ثابتة بحسب 2009Boccard ، أما الكلفة بحسب الإنتاج فهي صفر).

وعن الكلفة وهل هي فعليا اقل من كلفة الانتاج الحالي بواسطة الفيول والغاز ؟

يقول عجاقة "للاقتصاد": بالطبع الكلفة أقل إذ أن كلفة ا لإنتاج لا تتعلّق بحكم الإنتاج على عكس الإنتاج بواسطة الفيول والغاز الذين يُكلفان بحدود الـ 255 ليرة للكيلوات ساعة بحسب وزارة الطاقة والمياه. وهنا يكمن كل الفرق. أضف إلى ذلك أن الإنتاج بواسطة الرياح ليس له تداعيات بيئية من ناحية التلوث ، وبالتالي فإنه أفضل بكثير من الإنتاج بواسطة الفيول والغاز.

لكن هناك مُشكلة واحدة وهي مرتبطة بالضجيج الناتج عن عمل المراوح الا انه يُمكن تخطّيها من خلال إبعاد المراوح مسافة 10 كلم عن المناطق السكنية.

اين لبنان من دول العالم في هذا المجال حيث هناك فائض في الطاقة المنتجة ؟اي دول تعتمد على هذا النوع من الانتاج ؟

يشير عجاقة الى انه تقريبًا كل الدول الغربية تعتمد على هذا النوع من الإنتاج حيث قد تصل إلى 49% في بعض المناطق مثل جنوب إستراليا.

وأهم هذه البلدان هي: الصين (145،362ميغاوات)، الولايات المُتحدة الأميركية (74،471)، ألمانيا (44،947)، الهند (25،088)، إسبانيا (23،025)، بريطانيا (13،603)، كندا (11،205)، فرنسا (10،358)...

لكن للأسف تبقى النسبة الإجمالية من إنتاج الكهرباء من الرياح في العالم ضئيلة ولا تتعدّى الـ 2،5% فقط!

وهل هو انتاج مستدام اي فيه استمرارية؟

بحكم أن هذه الطاقة تأتي من الرياح ولا تتطلّب أي عامل مواد أوّلية أخرى فهي في طبيعتها طاقة مُتجدّدة وبالتالي إنتاجها مُستدام وإستمراريته لا محدودة هذا ما يؤكده عجاقة .

لكن هناك بعض التفاصيل التقنية التي قد تؤدّي إلى وقف الإنتاج مثل سرعة الرياح والتي من المفروض أن تكون بين الـ 15 كلم في الساعة والـ 90 كلم في الساعة. وخارج هذا النطاقة من الصعوبة على المراوح أن تعمل بشكل جدّي.

مصادر اخرى للانتاج

ما هي مصادر الانتاج الاخرى الممكن اعتمادها في لبنان ( طاقة شمسية، طاقة مائية ، من النفايات ، او من مصادر اخرى....)؟

يقول: من المنطقي القول أن إنتاج الكهرباء من الطاقة الأحفورية تبقى الأكثر رواجًا نظرًا لفعّاليتها الإقتصادية. إلا أن هذا الأمر محصور بشكل دقيق بإنتاج الكهرباء من الغاز وليس كما يجري في لبنان حيث يتمّ الإعتماد على الفيول مع كلفته العالية والتلوّث البيئي الذي يُخلّفه.

وفي ظل الإستراتيجية الحرارية، يُمكن للبنان الإعتماد بشكل جدّي على الكهرباء المُنتجة من الرياح ومن الطاقة الشمسية. والأهم في الأمر في الطاقة الشمسية أن يتمّ إستخدامها على صعيد فردي نظرًا الى أن المنازل تُشكّل المراكز الأكثر إستهلاكًا للكهرباء! وهذا الأمر يفرض سياسة واضحة من قبل الدولة تجاه إستهلاك الكهرباء في المنازل.

ولكن الكلفة الاقل اين ؟

في المُطلق تأتي الرياح والطاقة الشمسية في الدرجة الأولى مع صفر كلفة إنتاج. وبعدها تأتي الطاقة النووية مع 7 يورو للميغاوات ساعة ومن ثم الكهرباء المُولّدة من الفحم مع 20 يورو للميغاوات ساعة. وأخيرًا الطاقة الأحفورية مع 45 يورو للميغاوات ساعة.

لكن الكلفة ليست المعيار الوحيد، إذ أن الفعّالية الإنتاجية تبقى عنصر أساسي .من هنا ، نشأ ما يُسمّى بالإستراتيجية الحرارية (Energy Mix) والتي تفرض التنويع في مصادر إنتاج الكهرباء.

وعن سرعة التنفيذ يقول :ما من شك الطاقة بواسطة الرياح تبقى الأسرع في التفيذ إذ أن تركيب مزرعة صغيرة من المراوح بقدرة 100 ميغاوات على الأرض (وليس في البحر) تتطلّب فترة شهرين فقط. وبالتالي، فإن مشروع عكّار إذ ما تمّ القيام به بشكل جدّي لا يتطلب أكثر من 4 أشهر مع المناقصة والمُعاملات الإدارية، إلا أننا تجربة لبنان في هذا الأمر تقول أن فترة سنتين هي فترة واقعية.

في ضوء هذه المعطيات العلمية، يبدو مصدر الطاقة من الرياح ضروري وذات جدوى اقتصادية في حال سلك الشفافية في التلزيم وسرعة الرياح رغم ان وزارة الطاقة قد اعدت الملفات الخاصة .