بحث برنامج "​الإقتصاد في أسبوع​" عبر أثير "إذاعة لبنان" في حلقته هذا الأسبوع من إعداد وتقديم كوثر حنبوري، "هل صحيح أن موازنة العام 2017 أفضل الممكن؟ وهل تتحقق الوعود بموازنة العام 2018؟"، وذلك مع نائب رئيس الجامعة الأنطونية عميد كلية إدارة الأعمال البروفيسور جورج نعمة، الذي أشار إلى أن تقديم مشروع الموازنة للعام 2017 كان متأخراً بظل الظروف الصعبة التي عاشها لبنان، إلا انه "نعم كان انجازاً، نظراً للفترة الزمنية القصيرة التي أنجزته فيها الحكومة، كما لوحظ في بنود الموازنة تخصيص مبلغ لتمويل سلسلة الرتب والرواتب كاعتمادات"، مضيفاً: "إلا أن المشروع العام لهذه الموازنة لم يتضمّن أي منحى اصلاحي نسبةً للمشاريع السابقة".

وقال نعمة: "لازلنا في مكاننا، عجز كبير، جباية الإيرادات منخفضة، تهرّب ضريبي كبير...لم نرَ أي هندسة اصلاحية أو بوادر لأي خطوات إصلاحية للناحية المالية أو الإدارية، لذلك العام 2017 لم يقدم أي شيء أبداً. رئيس الجمهورية والحكومة يقولون ان عامل الوقت ضيق جداً وطلبوا ان يتم إقرار هذا المشروع بالتي هي أحسن، على أن يتضمن مشروع موازتة العام 2018 رؤية اقتصادية وإصلاحات مالية وإدارية. هذا الكلام من المفترض أن يكون قد بدأ العمل عليه لأن وزارة المالية يجب ان تقدم موازنة العام المقبل في أيلول. إذا كان الأمر متروك فسيأتي مشروع موازنة العام المقبل أيضاً متأخر. نتمنى أن يكون قد بدأ العمل الدقيق ولكن إذا نظرنا الى ظروف البلد والى كافة الكباشات السياسية المتعلقة بقانون الإنتخاب والتي استنزفت البلد خلال النصف الأول من العام أعتقد أنه من الصعب ان تكون الحكومة قد بدأت فعلياً بإرساء تخطيط للإصلاح الإداري والمالي ومكافحة الفساد جدياً داخل الإدارات الرسمية، ولكن ليس أمامنا سوى الإنتظار لنرى".

وأضاف: "هناك عامل مهم يجب ان نلتفت اليه أيضاً وهو: العام 2018 سيكون عام يتضمن انتخابات نيابية، وعادةً في علم الإقتصاد وفي الواقع الإقتصادي الذي تمر فيه كل دول العالم عندما مرحلة الإنتخابات النيابية، فإن السلطة التنفيذية لا تذهب بإطار إصلاحات جذرية، لأن الإصلاح الجذري ستتم مواجهته في الشارع من قبل فئات اجتماعية كبيرة ستتضرر"، موضحاً أن "الخطوات الإصلاحية الجريئة التي تتضمن نوعاً من الوجع الإجتماعي يجب ان يتم اتخاذها بعد أن تكون السلطة السياسية قد انتهت من مرحلة انتخابية وبدأت بعهدها الجديد".

وتابع: "السلطة السياسية تعرف مصلحتها تماماً فمثلاً سلسلة الرتب والرواتب كان أمرها عالقاً منذ 6 سنوات، أما اليوم فسيتم إقرارها هذا الأسبوع، لماذا سيتم إقرارها في هذا التوقيت؟ السبب هو الإنتخابات النيابية المقبلة التي تتطلب من السلطات السياسية قرارات سلسة ترضي فئات اجتماعية مهمشة ولديها كتلة ناخبة واسعة جداً، وإذا كان لديها النية حقّاً في الإصلاح، علينا أن نرى ذلك في اليوم الأول ما بعد صدور نتائج الإنتخابات".

وفي سؤال لحنبوري عن الحيّز الكبير الذي تأخذه السياسة في كافة الملفات الإقتصادية وعن امكانية تحقيق الوعود بموازنة اصلاحية للعام المقبل، قال نعمة أن "الملفات التي يتم العمل عليها في هذا الوقت هي الملفات التوافقية كموضوع سلسلة الرتب والرواتب الذي سيريح كافة الأطراف السياسية وسيؤمن الرضى لشوارعها. أما السجالات التي قد تحصل بخصوص بعض الملفات فإنها طبيعية وخاصةً في بلد مثل لبنان ولكن سعياً لأن تشكل موازنة العام 2018 خرقاً إيجابياً لا يكفي فقط وضع خطة لبنان والرؤية الإقتصاية في فزلكة الموازنة (التي هي المقدمة في بداية مشروع القانون تتألف من عدد قليل من الصفحات التي تشرح السياسة المالية للدولة ووزارة المال وعادةً ما تكون تقليدية تشبه بعضها بعضاً مع الإختلاف في الأرقام فقط) لأن العبرة تبقى في التنفيذ الذي يمكّن الدولة من تحقيق أهدافها لهذه الرؤية بشكل سنوي لنكمل في العام التالي".

وأشار الى أننا "إذا اعتزمنا البدء بهذه الإصلاحات التي يجري الحديث عنها في العام 2018، فمن المفترض ان يأتي مشروع قانون موازنة العام 2018 مغايراً لكل مشاريع قوانين الموازنات السابقة".

وعن تمويل ملف السلسلة، رأى نعمة أن "هذا الملف طال كثيراً ويجب أن نطويه، ولكن بأي ظروف؟ طبعاً اليوم هناك توافق سياسي لإقرار السلسلة ولكن ليس بأي طريقة. القرار خضع لعملية دراسة بالمجلس النيابي بعدما أحيل في العام 2012 من قبل حكومة الرئيس ميقاتي من خلال مرسومين كمشروع قانون واللجان الكثيرة التي درست هذا القانون وغيرت فيه كما حصل الكثير من التجاذبات، ولكن بنهاية المطاف وصلوا الى نوعٍ ما "تنحيف" هذه السلسة التي كانت بـ4500 مليار بالعام 2014، وفي الأشهر الأخيرة رأينا أن الأرقام التي طرحت لا تتخطى الـ2000 مليار. هذا التنحيف أتى على حساب أي فئة من الفئات المستفيدة من السلسلة؟"

وتابع: "اليوم ستبقى الحكومة أمام كباش أساسي وهو أن المتقاعدين في لبنان يشكلون فئة اجتماعية ليست بقليلة ونحن في توقيت -ما قبل الإنتخابات النيابية- حيث ستسعى الحكومة لإرضاء أكبر شريحة ممكنة في المجتمع."

وعن التمويل أشار إلى ان الدولة التي تتخبّط بحساباتها المالية "استعانت بالقطاع المصرفي بناءً على عمليات تبديل السندات التي حصلت في منتصف العام 2016 ووافقت جمعية المصارف ان تدفع بشكل استثنائي ضريبة على ارباح استثنائية نتيجة هذه التبديلات بحوالي 900 مليار من أصل 1200، وهنا الخطر. في العام 2018 ، 2019 و2020 ماذا سنفعل؟ كيف سيتم تأمين أموال السلسلة؟ وهنا نرى أن كل هذا نتيجة غياب التخطيط والرؤية الإقتصادية والإصلاحات الجذرية".