تخصص بمادة التاريخ في الجامعة اللبنانية، ولكنه توجّه إلى مجال البناء والعقارات وساعد والده في عمله. رغم كل الظروف التي مر بها لبنان استطاع أن يحافظ على عمله واسمه في السوق العقاري وواجه صعوبات استطاع أن يتغلّب عليها.

وللإضاءة على تجربته، كان لموقع "الإقتصاد" لقاء مع أحد أصحاب مؤسسة "بو شعيا إخوان" ميشال بو شعيا.

- ما هي أبرز المحطات التي مررت بها في حياتك المهنية والأكاديمية؟

تخصصت في مجال التاريخ حيث حصلت على إجازة في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، ومارست مهنة التدريس في مدرسة العناية بمنطقة الدورة لمدة ثلاث سنوات خلال فترة دراستي الجامعية، إلا أنني وصلت إلى خيارين: إما ان أكمل في مهنة التعليم، وإما أن أنتقل إلى مجال آخر، خاصة أن التعليم لا يؤمّن لك حياة كريمة خاصة في الأوضاع التي نعيشها، والمعلمون اليوم لايزالون يطالبون بسلسلة الرتب والرواتب، وكان لابد من الإنتقال إلى مجال آخر، فكان القرار الإنتقال إلى مجال البناء والعقارات، خاصة أن والدي كان متعهّداً للبناء، وشقيقاي الأكبر مني سناً كانا يعملان معه.

وبعدما بدأت العمل معهم، أدخلنا مجال التجارة إلى مهنتنا بعد فترة طويلة من العمل في تعهّدات البناء، وقمنا بشراء أإرض وبدأنا بالعمل، فالخميرة انتقلت من الأهل وقمنا بتطويرها. وفي ثمانينيات القرن الماضي، بدأنا بمشروع عقاري صغير وبعناه، ومن ثم قمنا بشراء مشروع آخر وخطوة خطوة استطعنا أن نصل إلى مرحلة، خلال فترة التسعينيات، نأخذ فيها مشاريع عقارية أكثر ونبيعها من خلال الإمكانيات المتوافرة، وعملنا مع المصارف اللبنانية وحافظنا على اسمنا وعملنا في السوق. التجارة هي بالنتجية ثقة بين الطرفين حيث كنا نشتري من تجّار لا يعرفوننا ولكن طريقة تعاملنا معهم كانت مبنية على المصداقية، فإذا أرسل لنا تاجر ما فاتورة للدفع، يكون المبلغ مجهزاً له في اليوم نفسه، وكنا نراعي الزبون كثيراً.

- ما هي الصعوبات التي واجهتك خلال مسيرتك المهنية؟

عانينا، خلال فترة الثمانينات، من مشكلة ارتفاع الدولار في لبنان أمام الليرة، وبعد أن كنا قد بعنا مشروعنا العقاري بالليرة وكان سعر الشقة يبلغ 200 ألف ليرة في وقتها فاصبحت بعد هذه الازمة لا تساوي شيئاً وعندها أصبحنا نسرع في تنفيذ الأعمال لتقليل الخسائر بأكبر قدر ممكن ولكسب الوقت ولم ندخل في مشاكل مع الزبائن، خاصة أن هناك قضايا في المحاكم بين مكاتب عقارية وزبائنها منذ ذلك الوقت وحتى اليوم جراء هذه الأزمة ولكننا ومن خلال مصداقيتنا استطعنا أن نحافظ على اسمنا وسمعتنا في هذه المرحلة. وفي التسعينيات استطعنا أن ننطلق بطريقة طبيعية، وخاصة عندما كانت أسعار الشقق مقبولة، إذ كان يصل سعر الشقة إلى أربعين او خمسين ألف دولار، والمصارف لم تكن تعطي قروضاً بطريقة كبيرة كما هو اليوم والزبون كان يستطيع أن يدفع أول دفعة ثم يكمل الباقي بالتقسيط ومثالا على ذلك الزبائن من الجنوب الذين كانوا يبيعون منتوجهم الزراعي من التبغ ومن ثم يستطيعون أن يسددوا أقساطهم المستحقة.

- ما هي المواصفات التي تتمتع بها شخصيتك وساعدتك على تخطي هذه الصعوبات؟

المصداقية التي تمتعنا بها وعملنا الدؤوب ونتيجته إذ إن هناك زبائن اشتروا شققهم من عندنا لأن أهلهم قاموا في السابق بشراء شققهم أيضاً من شركتنا. وهذا ما يفسر بأن الزبون كان ولايزال مرتاحاً معنا، كما أن تعاملنا وتسهيلاتنا للزبائن يسهل لنا الأمور، فإذا لم يكن الزبون قادراً على تسديد سنده خلال هذا الشهر يمكن أن يسدده في الشهر التالي، وليس كل شيء مبني على المال والتجارة رغم أننا نتعاطى التجارة، وحتى أن هناك أشخاصاً يلوموننا كيف أنها انسانية وتجارة، والمهم أن الإنسانية هي منذ البداية أهم من الماديات في شركتنا، ولا أحد أتى إلى هذه الدنيا، وفي فمه ملعقة من الذهب.

- هل تعتبر أنك حققت ذاتك؟

هناك خطوات أفكر فيها غير مجال البناء من الممكن أن تغير منهج الحياة بشكل كامل، واستطعت أن أحقق ذاتي من الناحية المادية، رغم أن كل إنسان يطمح لزيادة رأسماله، ولكن بالنهاية عليك أن تكتفي بالذي تقوم به. وأنا أتعاطى مع الشخص على الصعيد الإنساني، وهناك من يطلق عليي لقب "أب الفقراء" في الدكوانة، فإذا كان الشخص لا يملك المال الكافي فيمكن أن يدفع بالتقسيط، وهدفنا مساعدة الشباب اللبناني كي يستطيع أن يتملك شقق في لبنان.

- ما هي نصيحتك للشباب اللبناني وخاصة في ظل الظروف التي نعيشها في هذا البلد؟

أنصح الشباب اللبناني بالتروّي لأن لبنان رائع رغم أنني لا أملك خبرة السفر والعيش في الخارج، وعشت حياتي هنا ولكنني أعرف وأسمع من الأصدقاء بأنه لا يمكن أن تجد بلداً آخر مثل لبنان وعلى أمل أن يصبح لنا دولة مع الأيام والعهود الجديدة، وأن تستطيع أن تفهم متطلّبات الشباب اللبناني؛ خاصة أن هناك مشاكل وآفات غير طبيعية تواجه الشباب في الجامعات والمدارس. وفي بداياتنا، كانت هناك حركات حزبية وسياسية، ولكن اليوم يواجه اليوم الشباب والصبايا مشاكل كبيرة من المخدرات والضياع، كما أن هناك غياب شبه تام للأهل عن أولادهم، وينوب عنهم الخدم في المنازل لناحية تربية الأطفال. نظام السهر في لبنان غريب، ففي أيامنا كنا نسهر ونعود إلى البيت عند الواحدة ليلاً، أما اليوم فيسهر الشباب منذ الساعة الثاية عشرة ليلاً ويعودون إلى منازلهم عند الساعة الخامسة صباحاً وينامون كل النهار وهم لا يملكون الطموح والجدية في حياتهم ويقتلون الوقت.

- هل يؤثر عملك على الصعيد العائلي؟

وضعت توازناً في تنظيم وقتي ما بين عملي وعائلتي، وهناك موظفون موجودون على الأرض يهتمون بأمور العمل، وأنا أتابعهم إن كان من خلال الإتصالات الهاتفية أو من خلال الزيارات السريعة. أمضي في الصباح وعند الغداء مع عائلتي وفي الليل أيضاً، رغم أنني قد أتأخر قليلاً في المكتب. ولكنني بشكل عام نظمت علاقتي بين عملي وعائلتي.