ربيع دمج

هي قصة معقّدة بكامل عناصرها، بدأت بمأساة وإنتهت بمأساة أكبر والنتيجة أن المدّعي عليه خرج بمبلغ قيمته 35 ألف دولار أميركي عداً ونقداً بعدما خطط لهذا الشيء بدقة وعناية ولفترة طويلة.

الضحية هي "سينتيا.ح" تلك الشابة الثلاثينية المتزوجة من رجل ميسور نوعاً ما ويعمل في التجارة، كما أنها كانت تعمل في شركة سياحية ولديها مركزها وراتبها الجيّد، ولكنها كانت تعاني من مشاكل نفسية تطوّرت مع الزمن ودخلت مرحلة الإكتئاب.

في العام 2014 ساءت حالة "سينتيا" ودخلت في مرحلة نفسية شديدة الخطورة تمثلت بالبكاء الشديد والمتواصل مع تزايد رغبتها في الإنتحار. والأسباب كما ذكرت في دعوتها التي قدمتها أمام النيابة العامة في جبل لبنان أنها "غير مستقرة في علاقتها الزوجية وحتى المهنية".

بدأت "سينيتا" تتلقى علاجاً نفسياً لدى طبيب مختص، فحرصت على زيارته أسبوعياً ولعدم قدرتها النفسية على القيادة كانت تستأجر سيارة "تاكسي"، وكان صاحب السيارة قد إتفق معها لاحقاً على توصيلها من وإلى منزلها حين تريد زيارة الطبيب.

"نزيه.ض" هو السائق الذي إعتادت عليه "سينتيا" وإرتاحت له ففتحت قلبها وأخبرته بما تعاني منه، وتطور الحديث مع الوقت لتخبره عن عدم إستقرارها العائلي ومحاولتها قتل نفسها عدة مرات.

كان السائق الوسيم يستمع بشغف إليها ولفته أنها من عائلة ميسورة، فتقرب منها وأقنعها بأنها ليست "مريضة" وبعد أكثر من خمسة مشاوير إستطاع أن يسيطر على عقلها وإقناعها بتوقيف العلاج لدى الطبيب المختص وأنه هو سيهتم بها ويساعدها.

هذا التقرّب منها أجج عواطفها فوقعت بغرامه تلقائياً نتيجة حرصه على الإهتمام بها، وبعد تمكّنه منها عرض عليها عدم زيارة الطبيب ورمي أدويتها وانه سيأخذها إلى شيخ روحاني يستطيع مساعدتها ويخرج منها "القرينة" مقابل مبلغ زهيد نسبة إلى أجرة الطبيب.

وافقت السيّدة على عرضه لم تخبر زوجها ولا أي أحد من أفراد عائلتها بالأمر، وذهبت معه عند الشيخ المزعوم في منطقة "شاتيلا" وطلب منها مبلغ 500 دولار أميركي كي يشتري لها البخور ولزوم إخراج "القرينة" فدفعت له ما أراد ( وقد تبيين لاحقاً أن الشيخ متواطئ مع التاكسي وأنها عملية نصب تمت بنجاح).

بعد ذلك قرر "نزيه" الوصول إلى هدفه المنشود وهو الإستحصال على المزيد من الاموال لا سيما ان وضع "سينتيا" جيد، وفي كل مرة كانت الضحية تتعلق به عاطفياً وتصدق كل ما يقول لها.

أقنع "نزيه" السيدة بإرتداء الحجاب والإبتعاد عن زوجها وأولادها كونهم يسببون لها الإزعاج والقلق، فتركت منزلها في برج حمود وإنتقلت لتعيش مع عائلته في "شاتيلا".

بحسب إفادتها لدى قاضي التحقيق في جبل لبنان، قالت "سينتيا" أن "ذهابها معه كان بهدف تهدأة نفسها وقد أقنعها بأنه سيضعها عند والدته كي تساعدها في بعض الروحانيات لكنها تفاجأت أنه تزوجها حين كان يقرأ بعض الآيات القرآنية وهي كانت تظن انه يرقيها".

وتابعت " بعد يومين تفاجأت بأن نزيه تزوجني شفوياً وأخرج ورقة زواج لي وله".

وبعد ذلك إستولى على أموالها البالغة 34 ألف دولار أميركي وهو مبلغ كان في حاسبها بالبنك لكنها سحبته بطلب منه، وأنه أقنعها بعدم وضعه في أي مصرف لأن الفائدة حرام، وانه سيقوم بتوظيف أموالها بدلاً من فائدة المصارف. إقتنعت ووافقت.

وكي ينجز المهمة بشكل تام أقنعها بشراء سيارة ولوحة حمراء للإستفادة منها ثم طلب منها بتسجيلها بإسمه وحصل ما أراد.

إشترى سياراتان بمبلغ 12 ألف دولار أميركي، وسجلهما بإسمه أما باقي الـ34 ألف دولار فقد سدد به بعض الديون، ووضع جزءاً منه في حسابه، وحين إنكشف أمره أمامها أخبرها بأنه لا يستطيع البقاء معها وعليها العودة إلى زوجها.

كان بديهياً أن ترفض عرضه لها لا سيما أنها تركت عائلتها وذهبت معه، فقام بنقلها إلى إحدى القرى الجردية في البقاع وأبقاها في غرفة بمفردها ما زاد من معانتها النفسية وهربت بواسطة أحدهم بعد عدة محاولات، وفور وصولها إلى بيروت قامت بالتوجه إلى النيابة العامة في بعبدا وقدمت بلاغا ضد نزيه الذي توارى عن الأنظار ولا يزال حتى الساعة.

وقد أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان مذكرة توقيف غيابية بحقه حتى يتم القبض عليه ومتابعة التحقيق معه.