هو يحمل صفات متميزة، وله بصمات إبداعية عدة في مجال الأعمال الرقمية في لبنان والعالم. فقد خرج داني عبلة من دائرة التمسك بالتخصص الجامعي، واقتحم عالم التكنولوجيا من الباب العريض، متمسّكا بخبرة واسعة اكتسبها من خلال تجاربه الكثيرة والمتنوّعة.

هو يمتلك أفكاراً وحلولاً لا تقل طموحاً عن الكثير من الأشخاص، لكنه يختلف ويتميّز بروح المبادرة والإصرار والمثابرة على تحقيق الأهداف.

كان لـ"الاقتصاد" هذه المقابلة الخاصة والمحفزة مع رائد الأعمال اللبناني ومؤسس شركة "MORPHISH"، داني عبلا:

ما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟

تخصصت في الهندسة المعمارية، ومنذ اليوم الأول عرفت أن هذا المجال لا يستهويني، لكنني أكملت دراستي الجامعية رغم ذلك، وتخرجت من "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB".

بعد التخرج، لم أمارس هذه المهنة، بل توجهت إلى الجانب التجاري، وعملت في تجارة السلع. وفي الوقت ذاته،تعاونت مع وزارة البيئة في إدارة النفايات الصلبة.

بعد ذلك، توجهت إلى الولايات المتحدة حيث حصلت على ماجستير في إدارة الأعمال، وتوظفت في مجال تداول الأسهمفي سوق الأوراق المالية "Wall Street". ومن خلال العمل في الأسهم المتعلقة بمجال التكنولوجيا، تعرفت إلىهذا العالم.

لكن قبل حصولي على هذه الوظيفة، خضعت لفترة من التدريبفي شركة "bizrate.com" المتخصصة في بيع المنتجات عبر الأنترنت، والتي أسسها شخص لبناني الأصل، وبيعت بقيمة 469 مليون دولار.

في العام 2006، عدت إلى لبنان، وشاءت الظروف أن تحصل حرب تموز، وواجهنا حينها أزمة نقص في بطاقات تعبئة الهواتف المدفوعة مسبقاً، وفكرت أنه لا بد من أن تجد التكنولوجيا حلّا لهذه المشكلة. لذلك عملت على ربط الهاتف المحمول بالحساب المصرفي، لكي يتمكن كل شخص من تعبئة بطاقاته. ثم قلت لنفسي، إذا كنت أستطيع أن أقدم هذا الرابط بشكل آمن، سأتمكن من استخدامه لأكثر من ذلك أيضاً؛ مثل دفع الفواتير وتحويل الأموال. فعرضت الفكرة على "بنك عودة"، وأحبوها، وتم الإستثمار في شركة جديدة تدعى "PinPay". وبالتالي أطلقت الشركة، وقمت ببيعها للبنك في العام 2013.

وخلال تلك المرحلة، تعلمت الكثير حول كيفية إدارة الأعمال التجارية، وإطلاق المشاريع الرقمية، وتنمية الأفكار. ومنذ بداية مسيرتي المهنية في العام 2000، وحتى اليوم، تأكدت أكثر فأكثر أن الشخص الذي يرغب فيالنجاح في مجال الشركات الرقميةالناشئة، عليه إيجاد الحلول للمشاكل التي نعاني منها بشكل يومي؛ وبالتالي عليه البحث عن مشكلة كبيرة، ومن ثم العمل على حلها.

ما هي الخطوات التي تلت بيع شركة "PinPay"؟

بعد أن قمت ببيع "PinPay"، أسست شركة ثانية في نيويورك، وبالتالي كنت أقضي عشرة أيام في لبنان وعشرةأيام في نيويورك، حتى قالت لي إبنتي البالغة من العمر أربع سنوات، أنها ملّت من التحدث معي عبر تطبيق "سكايب".

لذا كان علي إيجاد مخرج لإغلاق العمل، فقمت ببيع المنصة، وأطلقت خدمة "Uber"في السعودية لمدة ستة أشهر.

ثم أدركت أن هناك مشكلة يعاني منها كل شخص يسعى إلى إطلاق شركة، وتكمن في بناء المنتجوايجاد الأموال لإطلاقه. لذلك خلقت شركة "MORPHISH"، التي تهتم بمساعدة الشركات الناشئة على بناء منتجاتها، وتحسين مكانتها أمام المستثمرين.

ما هي مشاريعك وطموحاتك المستقبلية؟

أسعى حالياً إلى إطلاق صندوق مالي يحتوي على مبلغ خمسين مليون دولار، ويهدف الى مساعدة مئةشركةناشئة على الانطلاق؛ فكل شركة تحصل على مئة ألف دولار من أجل بناء منتجها، ومن أصل مئة شركة سوف نستثمر مليون دولار فيعشرين شركة، ومنها سوف نختار عدداً من الشركات لنستثمر فيها حوالخمسة ملايين دولار.

والهدف من هذا المشروع، هو الحصول على ما يسمى بـ"unicorn" لبناني، أي شركة رائدة تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار.

برأيك، ما هي مقومات النجاح في مجال عملك؟

أعتقد أن العامل الأهم هو التعاطف مع المستخدمين المحتملين وتطوير العلاقة معهم، فخلال حياتي اليومية، ألتمس جميع المشاكل الموجودة من حولي، وأسعى إلى حلها. لذلك أعمد دائما إلى فهم أحلام المستخدموطموحاته ومخاوفهواستيعابها.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه عائلتك وحياتك الخاصة بسبب انشغالك بالعمل؟

نعم بالطبع، فإبنتي البالغة من العمر أربع سنوات، رفضت التحدث معي عبر "سكايب"، وقالت لي إنه إذا أردت التحدث معها، عليّ القدوم إلى المنزل؛ وكان هذا الأمر بمثابة جرس إنذار.

من ناحية أخرى، يحتوي عالم الشركات الناشئة على العديد من المطبات، لذلك أسعى قدر الإمكان إلى إبعاد كل تلك المشاكل والضغوط عن منزلي وعائلتي، مع العلم أن هذا الأمر صعب للغاية مع وجود الهواتف،والرسائل،والبريد الإلكتروني.

لكنني أساعد حالياً أصحاب الشركات الناشئة، وأوجههم نحو الطريق المختصر، لأنني مررت بهذه التجربة من قبل، لكن البعض منهم يتمسكون بعنادهم ولا يستمعون إلى النصائح ويفشلون؛ لكن الفشل إيجابي لأنه يعلّم.

هل من الممكن أن تعود يوما ما للاستقرار بشكل رسمي في لبنان؟

إذا تمكنت من جمع المال لمشروعي في لبنان،فسأقوم بهذه الخطوة. لكن العمل في لبنان صعب للغاية لأن البلد يعاني من مشكلة ثقافية. لذلك نحن بحاجة للعمل على الإنسان بحد ذاته، قبل الإنتقال إلى الحديث عن الدولة.

فنحن كأشخاص نولّد المشاكل التي نواجهها، وطريقة تعاملنا مع بعضنا البعض، تستند إلى مبادئ قديمة الطراز. فالعالم تطور إلى حد كبير، ولكي نلحق به؛ علينا أن نركض ماراثوناً طويلاً جداً، لم نبدأ به بعد.

ما هو الإنجاز الأكبرالذي حققته في حياتك إلى حد اليوم؟

رغم انشغالي بالأعمال، أنا أعتبر نفسي أبا رائعاً وناجحاً لابنتاي الصغيرتين؛ وهذا الأمر هو بمثابة فخر بالنسبة لي.

ما هي النصيحة التي تقدمها إلى جيل الشباب اللبناني بشكل خاص؟

نحن كشعب نتكلم كثيراًعلىأنفسنا، مع العلم أن نجاحاتنا لا تتكلم عنا إلى هذا الحد. لذلك نحن بحاجة للعمل على مهاراتنا، للوصول إلى مرحلة النجاح والتميز.

فغالبية اللبنانيين يفكرون أن لبنان هو نصف العالم،في حين أن هذا الأمر خاطئ وغير واقعي. لذلك من يرغب في النجاح في العالم الرقمي، عليه أن يتوسع إلى الأسواق الكبيرة مثل الصين، والولايات المتحدة،وأميريكا اللاتينية، وأوروبا.

يجب أن يفكر رائد الأعمار خارج الصندوق، سواء كان ذلك من ناحية الحلول التي يقدمها، أم من ناحية السوق المستهدفة. كما عليه أن ينفتح بشكل أكبر، ويسعى إلى الشعور بالمشكلة لكي يتمكن من تصميم المنتج الذي من شأنه حلها.