شهد لبنان في الأسبوع الماضي حدثين مهمين على صعيد القطاع المصرفي والمالي .. حيث حصل لبنان على تقييم "Largely Compliant" بعد اجتماعات باناما لـلمنتدى العالمي للشفافية الضريبية "Global Forum" الذي عقد بتاريخ 12 و 13 حزيران 2017.

وبالتالي اصبح لبنان خارج نطاق اللائحة السوداء الخاصة بالشفافية وسهولة تبادل المعلومات لغايات ضريبية، والتي ستصدر في تموز 2017 من قبل مجموعة دول "G20" ، مع الاشارة الى أن لبنان سيخضع للمرحلة الثانية من التقييم للاطار العملي لتبادل المعلومات بناء لطلب بصورة مفصلة ومعمقة على أساس المعايير الموضوعة من المنتدى في العام 2016 وذلك اعتبارا من العام 2018.

وسيباشر لبنان بالتبادل التلقائي للمعلومات في أيلول 2018 على أن يخضع للتقييم تبعا لذلك في مرحلة لاحقة.

أما الحدث الثاني فتمثل بفوز لائحة القرار المصرفي برئاسة جوزيف طربيه في انتخابات جمعية المصارف مع خرق وحيد لسليم صفير من "لائحة التغيير" المقابلة، وبذلك بقي مجلس إدارة الجمعية على حاله تقريباً، مما يزيد الثقة بالقطاع المصرفي خاصة وأن هذا المجلس قد إكتسب خبرات كبيرة في السنوات الماضية على صعيد التعامل مع التحديات المحلية والخارجية.

فما هي أهمية تفادي لبنان لإدراجه ضمن اللائحة السوداء ضمن الدول غير المتعاونة في موضوع الشفافية وسهولة تبادل المعلومات ؟ وكيف سيساهم ذلك في تخفيف العبء عن القطاع المصرفي والمالي؟ ما أهمية فوز لائحة القرار المصرفي برئاسة جوزيف طربيه في انتخابات جمعية المصارف؟ وما المطلوب من القطاع المصرفي في المرحلة الحالية؟ .. أسئلة كثيرة أجاب عنها الخبير الإقتصادي د. كامل وزنة في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

بداية، هل سيساهم إبتعاد لبنان عن اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة في موضوع الشفافية وتبادل المعلومات لغايات ضريبية في تخفيف العبء عن القطاع المصرفي والمالي اللبناني، خاصة بعد مروره بمرحلة دقيقة وصعبة في السنوات الماضية؟

لا شك أن هذه خطوة في المكان الصحيح، بإعتبار أنها تثبت بأن لبنان يلتزم بالمعايير الدولية وبالشفافية، وبمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتقطع الطريق أمام أي حجج أو محاولات لإتهام لبنان بأنه لا يلتزم بالمعايير الدولية.

كما أن هذا الأمر يعطي حصانة للقطاع المصرفي والمالي ويرسل رسالة للعالم بأن لبنان إلتزم بالقوانين والمعايير الدولية من تلقاء نفسه، وهو شفاف في هذا الموضوع ولا يريد ان يكون إلا ضمن القوانين والمعايير المعمول بها دوليا، خاصة وأن التعامل مع الإقتصاد العالمي في هذا الوقت يستلزم الإلتزام بهذه القوانين والمعايير، ونحن اليوم أمام تحدي كبير، إذ ننتظر قرارا مرتقباً من الإدارة الأميركية حول عقوبات جديدة يتم تحضيرها لتطال بعض الأطراف اللبنانيين.

من جهة أخرى، فإن إلتزام الشفافية يحمي لبنان أيضاً، خاصة وأننا ضمن منطقة مشتعلة تعاني من الإرهاب، وبالتالي فإن هذا الإلتزام يجنب لبنان الكثير من المشاكل ويساهم في محاربة الإرهاب وقطع سبل تمويله.

ما أهمية فوز لائحة "القرار المصرفي" برئاسة جوزيف طربيه في انتخابات جمعية المصارف؟ خاصة أننا نمرّ في وضع حساس على مستوى القطاع المصرفي وهناك عقوبات جديدة مرتقبة تحضرها الإدارة الأميركية؟

نتيجة إنتخابات جمعية المصارف تتعلق بوضعية البنوك وأحجامها، فهناك مصارف ذات أحجام كبيرة، وهناك بعض البنوك الأخرى ذات الأحجام الصغيرة .. ولكن في النهاية شكل مجلس إدارة جمعية المصارف لا يقدّم ولا يؤخر، خاصة وأن كل المصارف - مهما إختلف حجمها – تعمل لمصلحة الإقتصاد اللبناني، وتتعاون فيما بينها لإبقاء القطاع المصرفي اللبناني على قائمة أفضل القطاعات المصرفية على المستوى العالمي.

نتيجة الإنتخابات جاءت منطقية، وجرى تمثيل كافة المصارف بطريقة ديمقراطية .. والمصارف التي لم تحصل على مقاعد في مجلس الإدارة تبقى ضمن منظومة العمل الهادف إلى دعم الإقتصاد الوطني.

ما المطلوب اليوم من القطاع المصرفي وجمعية المصارف للإستمرار في دعم القطاعات الإقتصادية الأخرى؟

القطاع المصرفي اليوم يقوم بواجبه على أكمل وجه، ولكن ما ينقصنا هو تعاون الدولة اللبنانية في أماكن عديدة من أجل إقرار العديد من المشاريع المهمة للإقتصاد الوطني، وعلى رأسها مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى ملف الأسواق المالية الذي يحتاج إلى تشريعات، من أجل تحويله إلى سوق أسهم متطوّر يعتمد على الـ "IPO" أي (الطرح العام الأولي Initial public offering)، حيث تصبح الشركات قادرة على إشراك الناس بتمويل المشاريع المختلفة من خلال الإكتتاب بالأسهم.

هذا الملف يحتاج لتشريع من مجلس النواب اللبناني، ولكن حتى الأن للأسف لم يتم تمرير هذا المشروع إلى مجلس النواب، ولا يتم تسليط الضوء عليه كما يجب.

ما هي توقعاتك للنصف الثاني من العام؟ وماذا عن نسب النمو؟

لا شك ان العام 2017 سيشهد نمو إيجابي ضمن الوتيرة المقبولة مقارنة مع ما تشهده المنطقة من أحداث، ونتمنى أن تعود السياحة إلى ما كانت عليه في السابق، ولكن هناك عوائق عديدة تحول دون ذلك، ومنها تراجع إقتصادات دول الخليج بسبب إنخفاض أسعار النفط، إضافة إلى الظروف الأقليمية غير المناسبة.

ولكن يبقى الإعتماد على المغتربين اللبنانيين، الذين لن يتأخروا برأيي عن دعم الإقتصاد الوطني، وسيكونون عماد السياحة في المرحلة الراهنة، مما سيساهم في تحسن الحركة السياحة وإن بشكل بطيء.

أما بالنسبة لنسب النمو، فقد تتراوح بين 1.5 و 2%، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .. وهي نسب مقبولة إذا أخذنا بعين الإعتبار أوضاع المنطقة والأوضاع الداخلية.