يعود ​مجلس الوزراء​ في جلسته المقبلة يوم الأربعاء 4 تموز الى مناقشة وضع ​الكهرباء​ والمشاريع المقررة او المعتمدة لتطويره ، ومن ضمنها مشروع مقدمي الخدمات في قطاع توزيع الكهرباء الذي أرجا من الجلسة السابقة قبل عيد الفطر.

المعروف ان هذا المشروع انطلق قبل اربع سنوات وتتولاه ثلاث شركات خاصة هي BUS ,KVA ,Neuc، وقد انتهت مدته مع نهاية العام 2016 من دون التمكن من انجاز كل اهدافه الواردة في العقد مع مؤسسة كهرباء لبنان، وخصوصا بند تركيب العدادات الذكية ، ولكنه حقق الكثير من الانجازات في ما خص تحسين الجباية، الحد من الهدر، تطوير وتسريع الصيانة ، وتنفيذ برامج استثمارية عديدة لتأهيل وتحديث الشبكة.

والمعروف ايضا ان المشروع تعرض لعراقيل عديدة ، ابرزها اضرابات المياومين ، ووقف التمويل في مراحل معينة لاسباب سياسية، حالت دون تنفيذ كل اهدافه ، ما حدا بمؤسسة كهرباء لبنان الى تمديد مدة العقد مع الشركات الثلاث لاربع سنوات اضافية ، من اجل استكمال هذه الاهداف واهمها الشبكة الذكية .

هذا التمديد اعترضت عليه وزراة المال باعتبار انه يحتاج الى اعتمادات اضافية ، فقررت وزارة الوصاية على الكهرباء، اي وزراة الطاقة رفع الامر الى مجلس الوزراء ، وبانتظار بته تستمر الشركات في تأمين استمرارية المرفق العام .

في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء قبل عيد الفطر ادرج الموضوع كبند ثان بعد بند استئجار البواخر ، ولم يسمح الوقت بمناقشته ، فجرى تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري لدراسته ، وعقدت اللجنة اجتماعا اوليا ، ومن غير المعروف اذا كانت ستعقد اجتماعا ثانيا قبيل جلسة مجلس الوزراء الاربعاء المقبل ، الا ان الاكيد ان الحكومة ستتخذ قرارا بهذا الشأن في الجلسة المقبلة .

وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان متمسكتان بالتمديد للشركات لان الاسباب التي حالت دون تنفيذ كامل المشروع خارجة عن ارادتها ، والتأخير في مسار العدادات الذكية يعود لظروف البلد القاهرة ككل ،اذ من غير الممكن الشروع في تركيب العدادات الذكية في مناطق وترك مناطق أخرى ، يحتاج فيها العمل الى ترتيبات معينة تتعلق بوضعها الامني خصوصا. فالمشروع كل متكامل يهدف الى استبدال العدادات الميكانيكية القديمة بعدادات ديجيتال الكترونية موصولة الى شبكة ذكية ومرتبطة بمركز تحكم واحد لكل لبنان في مؤسسة الكهرباء ، بحيث يتم تنظيم وفوترة الاستهلاك لكل مشترك ، والتحكم بالطاقة الموزعة على المناطق ، ومنع التلاعب بالعداد بهدف السرقة (لان التيار ينقطع عنه فورا ) ، واخيرا تنفيذ جباية صحيحة ودقيقة.

مؤسسة كهرباء لبنان انه لا يوجد حاليا بديل للشركات المتعهدة ، لان الاعمال التي تتولاها تتطلب جهازا بشريا وامكانيات مادية غير متوفرة في المؤسسة ، اما الحديث عن ان المياومين السابقين ، وهم اليوم موظفون في الشركات الثلاث ، يستطيعون تامين الاستمرارية فهو كلام غير صحيح اطلاقا ، لان الشركات استثمرت ماديا وبشريا ، وانشأت آليات عمل حديثة وكبيرة تتجاوز بكثير امكانات المتعهدين السابقين الذين كانوا يستعينون بالمياومين . كما ان العودة الى الوضع السابق الى ما قبل مقدمي الخدمات سيعني اعادة هؤلاءالمياومين الى وضع اللاستقرار الوظيفي والمالي والاجتماعي .

الشركات الثلاث تنتظر قرار مجلس الوزراء وهي تؤمن استمرارية المرفق العام ، وترفض الخوض في احتمالات عدم الموافقة على التمديد ، لان المسألة واضحة وضوح الشمس ، فتوقف المشروع سيعني تراجعا حادا في الجباية ، وتدهورا كبيرا في عمليات الصيانة ، وتجميدا كليا لبرامج تحديث الشبكة (زرع اعمدة ، تركيب محطات ، ومد كابلات جوفية وهوائية ).

كما ان عدم التمديد يعني فسخا للعقد الذي ينص على تنفيذ كل البنود ، وليس جزءا منها ، وبما ان بنودا عدة لم تنفذ فالعقد يعتبر ساريا ، وفسخة يرتب مسؤوليات قانونية .

الذريعة الاساسية لمناهضي ومعرقلي مشروع الخدمات هي ان كلفته عالية تصل الى 800 مليون دولار ، ولكن ما ينساه او يتناساه كل من يقارب هذا الموضوع ، ان تمويل هذا المشروع ينبغي ان يكون ذاتيا ، اي ان بنود تنفيذ اشغال معينة تكلف مئات ملايين الدولارات على اربع سنوات ، يجب ان يترافق مع تخفيض الهدر الفني وغير الفني للتيار الكهربائي ، وتحسين وزيادة الجباية ، بما يؤمن مئات الملايين سنويا . فتقبض الدولة بيد وتدفع بالاخرى ، وتكون قد انجزت كل اشغال تأهيل وتحديث الشبكة وتطوير البنية التحتية للكهرباء وهي املاك عامة، من دون ان تدفع قرشا واحدا من خزينتها.

في مقابلة تلفزيونية اوضح وزير الطاقة سيزار ابي خليل هذه المسألة ، وعرض مثالا لاحدى الشركات الثلاث التي تتولى المنطقة الاولى (جبل لبنان الشمالي ومحافظة الشمال ) ، فقد أمنت الشركة مدخولا اضافيا لمؤسسة كهرباء لبنان قيمته 197 مليون دولار ، وحصلت هي على 210 مليون دولار ، مقابل اعمال الجباية والصيانة وتحديث الشبكة ، صرف منها 147 مليون دولار على مشاريع تأهيل وتطوير الشبكة، ستبقى اصولا ثابتا مملوكة من الدولة .