شخصيتنا اليوم تتحدث عن رجل عقاري، اكتشف حبه لهذا المجال عن طريق الصدفة، وباشر من دون تردد في العمل فيه... سعى لاكتساب الخبرة ولتطوير طاقاته، إلى أن بات اليوم خبيراً عقارياً محلفاً للمصارف والمحاكم.

يرى أن الفرد أهمّ من الشركات، وأن سعادته هي سرّ إنتاجيته..

كان من أوّل من واكب نهضة القطاع العقاري في لبنان، لذا فلنتعرف سوياً إلى الخبير العقاري ومؤسس شركة "Nine Yards" العقارية أنيس كفوري الذي خصّ "الإقتصاد" بمقابلة حصرية.

من أين كانت البداية؟

تخصصت في مجال التسويق، وفي بداية مسيرتي المهنية و خلال دراستي الجامعية عملت لمدة عام ونصف في مطاعم مختلفة في منطقة وسط بيروت.

ومن بعدها قررت أن أفتح مطعماً، وكنت أبحث عن عقارٍ مناسب، إلا أنني عندها شعرت بشغف تجاه القطاع العقاري ... وبدأت مسيرتي في هذا المجال من تلك اللحظة.

سعيت حينها لأتدرب ضمن شركة عقارية، ولكن في الماضي لم يكن الحصول على الخبرة بالأمر السهل، فكان أرباب العمل يخشون من أن يتركهم الموظف بعد تدريبه ليؤسس شركته الخاصة، ولكن ومن بعد عناء عملت ضمن مكتب عقاري إلا أنه وللأسف أغلق أبوابه بعد 10 أشهر.

في العام 2005، أسست شركة "مساحات" بالتعاون مع شريك وبعد عام أغلقنا الشركة.

ومن بعدها عملت كمساعد خبير عقاري، وفي العام 2007 أسست شركة" Nine Yards" وهي عبارة عن "boutique real estate".

 من جهة أخرى أنا حالياً منتسب إلى نقابة الخبراء العقاريين بالإضافة إلى كوني خبيراً عقارياً للمحاكم والمصارف.

برأيك ما هي أبرز العوامل المطلوبة لتأسيس شركة ما؟

الشهادة الجامعية ضرورية إذا اقترنت برؤية مستقبلية، فعلى سبيل المثال قد يتخصص الطالب الجامعي في مجال التسويق، ولكن الشهادة وحدها لا تكفي إذا ما تماشت مع المعرفة الميدانية.

بالإضافة إلى ذلك، على الإنسان أن يكون خلاقاً وأن يسعى للتميّز من غيره، وإلى تحسين عمله وخبراته المهنية وتطويرها.

كما أن رأس المال يؤدّي دوراُ مهماً في هذه العملية المتكاملة، بالإضافة إلى العوامل الخارجية التي تتمثل بالوضع الأمني والإقتصادي للبلد.

أسست شركة "مساحات" في الماضي ومن بعدها أسست شركتك الحالية " Nine Yards" ، كيف تغيّرت نظرتك الإدارية للشركة في تجربتك الثانية التي أثبتت نجاحها؟

عندما أسسنا شركة "مساحات" كنت في عمر أصغر، وكانت خبرتي محدودة، وبالتالي تغيّرت رؤيتي للقطاع العقاري وللحياة بشكل عام.

واجهت مسيرتي المهنية العديد من التحديات كضرورة تكوين الخبرة اللازمة، بناء العلاقات العامة، والعمل الجاد لجني السمعة الطيبة في السوق، ونيل ثقة الأشخاص، لأن قطاعنا مبني على الثقة، فعندما كنت في سنّ الخامسة والعشرين كانت نظرتنا إلى الحياة العملية مختلفة، وكان زبائني آباء أصدقائي، أما الآن فكل شيء تغيّر.

كيف يتمكن الإنسان من تكوين الخبرة الكافية لتأسيس مشروع أو شركة؟

المال لا يصنع الخبرة، قد يُساعد الفرد على تعيين فريق عمل كفوء، ولكنه ليس المعيار الأساسي. برأيي رغبة الإنسان في التعلّم والتطوير قادرة على تكوين الخبرة يوماً بعد يوم، فالخبرة ليست كاملة ولا تُجنى بين ليلة وضحاها.

عندما يحب الإنسان ما يعمل، يُسخّر كل طاقاته من أجل تحقيق الأفضل.

حبيّ للقطاع العقاري هو الذي دفعني لإكتساب مهارات وخبرات جديدة يوماً بعد اليوم، ولحسن الحظ الحصول على "كنز" الخبرة بات اليوم أسهل من الماضي، عندها لم تكن وسائل التواصل الإجتماعي متوفرة، ولم يكن هنالك شركات مختصة في التدريب والتعليم... لا شك أن هذه الأمور باتت متوفرة بشكل أوسع إلا أنه بالمقابل إرتفعت المنافسة بين الشركات.

برأيك ما هي السمات التي تمّيّز الشخص الناجح في المجتمع عن ذويه؟

يتميّز الفرد في المجتمع عندما يُعطي لغيره، ولا تكون المساعدة فقط مادية، فالإصغاء للآخرين أسمى بكثير، وأن يحترم الأفراد مهما كانت طبقتهم الإجتماعية.

على الإنسان ان يكون صادقاً في عمله، فالشفافية هي معيار لا يُستهان به في أي مجال عمل.

تولّي أهمية كبرى للموظفين، هل لك أن تشرح لنا أكثر عن وجهة نظرك؟

كما ذكرتُ سابقاً، الشفافية تميّز الشخص الناجح عن غيره، وهذا ما نقوم به فترانا نعمل إستشاريين أكثر، لأننا نؤمن برسالة التي نقدمّها وهذا ما يميّزنا على الصعيد الشخصي، اسم الشركة لا يهم بقدر سمعة العاملين فيها.

لا قيمة للشركة من دون موظفيها الذين يشكلون إنعكاس لهوية الشركة.

من خلال خبرتك لخاصة ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب اللبناني؟

سوق عملنا صعب جداً ولكن القطاع بات أكثر تنظيماً بوجود النقابات والأدمغة المتعلّمة.

أنصح الجميع بأن يعملوا في المجال الذين يحبونه، العراقيل دائماً موجودة أنظروا إليها كتحديات، واسعوا إلى الأفضل. وفي الوقت نفسه أدعو الشباب لأن يستمتعوا بحياتهم فكما يُقال" ينتهي العمر ولا ينتهي العمل"، لذا إستمتعوا بأيامكم في هذه الحياة كلما سنحت لكم الفرصة. لأنه كلما أسهم الإنسان في تأمين الراحة النفسية لنفسه، زادت إنتاجيته.

السعادة تأتي فوق أي اعتبار، لذا لا تعملوا في أي مجال إلا إذا عشقتموه.