إلى اي مدى مازالت تصّح مقولة انه "ما دام قطاع البناء بخير يكون كل شيء بخير" !.

لان الاول ليس بخير كما هو بات معلوماً ، و حتى تاريخه ،مامن إشارة على الانفراج القريب ، لا بل ان ثمة تخوّفا من تفاقم الامور والوقوع في المحظور خصوصاً مع انحدار ثقة المستهلك، تراجع القوة الشرائية، تردد المغتربين والمستثمرين من ضخ الاموال ، في ضوء الغموض وعدم الاستقرار الذي يسود المنطقة .

البعض بدأ يتخوف من وقوع الكارثة في القطاع العقاري في الوقت الذي يعاني من ركود قاتل مع سيف مسلّط بإقرار ضرائب جديدة مدرجة في موازنة 2017 .ووفق المراقبين لاوضاع السوق فان بعض المستثمرين الصغار عمدوا الى بيع عقاراتهم خوفاً من الضرائب الجديدة التي ستفرض على الشقق الفارغة بأسعار قاربت الكلفة، فيما ان البعض الآخر يسلك طريق التفاوض حول الاسعار.

وجاء تحرّك جمعية منشئي وتجار الأبنية استباقي لأي إقرار لضرائب جديدة بكتاب اعتراض وجهته الى وزارة المال وفصّلت فيه ملاحظاتها على الضرائب المستحدثة في موازنة 2017.

وتؤكد الجمعية ان القطاع العقاري يدفع ضرائب أكثر من غيره من القطاعات إذ تصل الى 38.1%، وهو قادر على المساهمة في تأمين واردات اضافية للمال العام، ولكن يجب دعمه بحوافز تعيد له عافيته بالغاء المواد الضريبية، قبل ان نطلب منه المزيد وهذا ما اشارت اليه دراسة "لديلويت اند تاتش".

اذاً في القطاع العقاري العرض يفوق الطلب مما يطرح علامات استفهام عن المستقبل رغم القروض الميّسرة التي تقدمها المصارف بتشجيع لافت من حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة.

وتشكّل القروض السكنية 63% من اجمالي القروض المصرفية . واللافت ، ان هذه الخطوة ساهمت بأكثر من 50% من نسب النمو السنوي الذي حققها لبنان منذ العام 2013.

فدعم القطاع العقاري من قبل "المركزي " يسمح بتفادي المخاطر النظامية (Systemic) الناتجة من التعرّض الكبير للقطاع المصرفي، وذلك بفوائد مقبولة عن طريق إ عفاء المصارف من الاحتياطي الالزامي وتوفير قرو ض لها بفوائد متدنّية.

كيف هي السوق اليوم على ابواب موسم الصيف ؟

صوما

يصف رئيس جمعية تجار ومنشئي الابنية ​ايلي صوما​ الوضع الحالي لقطاع البناء والعقارات في لبنان بالهادئ آملاً ان ينعكس التوافق السياسي الذي شهدناه خلال الفترة الاخيرة بين المسؤولين انفراجاً حقيقياً على كل القطاعات ومنها قطاع العقارات .

ويقول صوما : منذ 5سنوات والقطاع العقاري يعاني بحيث كان العرض لما يناهز 30 الف شقة سنوياً في مختلف المناطق اللبنانية.

والاسباب الحقيقية لهذا الهدوءغير مرتبطة بالطبع بفشل تاجر البناء والعقار في سوق البيع او تقديم العرض ولكن الامر منوط بالاستقرار السياسي الذي كان مهدداً باي تطورات جديدة في الداخل كما في المنطقة المحيطة بلبنان ، ومما يرسم علامة استفهام حول مستقبل هذا البلد.

اما اليوم ، فقد حصر التجار مشاريعهم ب16 الف شقة معروضة للبيع سنوياً.

ولا بد من الاشارة الى انه مع اندلاع الازمة المالية العالمية التي عصفت في كل من الولايات المتحدة الاميركية واوروبا استطاع لبنان ان يقتنص هذه الفرصة ، خصوصاً القطاع العقاري فيه الذي عرف نهضة كبيرة بفعل الاسثمارات الخارجية الذي ضخت فيه من قبل المغتربين والخليجيين باعتباره كان الملاذ الآمن .

ويضيف صوما: " منذ 7سنوات، كان في السوق حوالي 150 الف شقة معروضة للبيع و تراجع العدد اليوم الى 20 الف شقة . ولاشك ان الذي ساعد في إنعاش قطاع البناء هي مجموعة القرارات والرزم التحفيزية التي اطلقها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر دعم الفوائد على قطاعات السكن".

ويؤكد صوما ان التوجه السائد اليوم هو حصر البناء بـ15 او 16 الف شقة سنوياً بينها 8الآف شقة تكون حصة بيعها بواسطة اما مصرف الاسكان، واما المؤسسة العامة للاسكان، واما الصناديق العسكرية الاسكانية على مختلف انواعها . وهي جميعها مدعومة من الاحتياطي الالزامي للمصارف . مما يعني ان هناك 8 آلاف شقة معروضة للبيع وبانتظار الانفراج او اول متنّفس ايجابي يساعد على تحريك السوق .

في السابق، كانت هذه الشقق تنتظر الاستثمارات القادمة من افريقيا والخليج وبعض الدول المنتجة للنفط .

ويقول صوما:" لولا حسن الدراية واليقظة التي اعتمدناها لكان السوق يغرق اليوم ب 100 الف شقة معروضة للبيع".

ويعتبر ان ما يقوله بعض الخبراء الاقتصاديين ان هناك تراجعا كبيرا في الطلب على السوق العقاري والتجار يعتمدون على التفاوض حول الاسعار المعروضة بهدف التخلص من الشقق وتحريك الطلب هو في غير محله .

وحول التحرّك الحالي للجمعيةمن اجل انقاذ القطاع ووضع حد لتدهوره، ذكر صوما ان الجمعية ستزور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لنقل هواجسها سيما في ظل تنامي قيام شركات مالية عقارية بهدف تخفيف التشنّج القائم في السوق.

ويلفت الى ان هذه الشركات مملوكة من مجموعة مصارف كبيرة في المبدأ ممنوع عليها التعاطي في قطاع البناء بموجب تعميم واضح وصريح صادر عن مصرف لبنان ،الا ان انشاءها سمح لها بالدخول لإنقاذ بعض التجار في قطاع البناء من الافلاس بعد اضطراره الى بيعها عقارته بسعر الكلفة.

ولم ينف صوما وجود دخلاء على السوق العقاري قاموا بتشييد الابنية بطريقة عشوائية وغير علمية وبدون التعرف على حاجة السوق الفعلية.

وعن انعكاس الوجود السوري على حركة الطلب العقاري يعتبرصوما ان السوري المقتدر يأتي الى لبنان ليستأجر المنزل وليس بهدف الشراء. وهذا لانه يكون في حالة انتظار الحصول على تأشيرة هجرة الى الخارج سواء الى المانيا او كندا او اميركا او غير ذلك. وهذا بالطبع لتحسّسه بان وضع المنطقة باكمله هو غير مستقر. وفي غضون ذلك، فان النسبة التي تستثمر هي قليلة جداً.

ويؤكد صوما مجددا ان العرض يفوق الطلب بنسب قليلة، سيما وان البعض ما زال مقتنعا ً ان انه في الاستثمار في العقار جدوى اقتصادية للمستقبل.. واذا كان من تفاوض حاصل على الاسعار المعروضة فان ذلك يتم بشكل بسيط .

وناشد صوما حاكم مصرف لبنان اعطاء تجار البناء فترة سماح سنتين لتسديد القروض المّوظفة في العقارات على ان يتم تسديد الفوائد في مرحلة لاحقة .

كما يشير الى انه على طول الخط البحري الساحلي هناك ما يناهز ال 1300 شقة برسم البيع اليوم.

اما في باقي المناطق، فان البعض يبيع بسعر الكلفة دون ان يربح نسبة ال 30% خصوصاً بعد تراكم فوائد القروض للمصارف مع المخاطر المحفوفة بها عملية الدين والاقتراض.

اما بعد فوفق الخبراء في اوضاع السوق ، فإن الترّقب هو سّيد الموقف اليوم في مرفق البناء وسط إما هواجس من حدوث تراجع للأسعار لكسب الطلب وإما الأمل بالمجيء بالمستثمرين وهو الحل المنشود. الا انه حتى تاريخه، ما من شيء محسوم ويخشى ان يطول الانتظار في هذا القطاع.