يعاني التاجر اللبناني بشكل عام من حالة الركود التي خيّمت على الأسواق مع استمرار الضائقة المادية القائمة في البلاد وبالتالي ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، بالاضافة الى تزايد المشاكل وغياب الشعور بالأمان الذي يؤدي حتما الى تراجع ثقة المستهلك، وتدهور الوضع الاقتصادي لغالبية التجار بشكل تدريجي.

وكانت الأسواق التجارية في السابق، تعجّ بالمتسوقين والأولاد، الذين يتحضرون لاستقبال عيد الفطر بوجوههم المشرقة وملابسهم الجديدة، وموائدهم الغنية. لكن المواطن اللبناني بات اليوم يعتمد السياسة الشرائية التقشفية، وبالتالي يضطر للاكتفاء بالضروريات، التي قد تكون أحيانا غير متوفرة أيضا.

فاللبناني يتحسّر من جهة على أجره الذي يتبخّر على المدفوعات الشهرية واحتياجات العيش الكريم، و"يغصّ" من عدم قدرته أحيانا على تأمين جميع متطلبات العيد لأولاده وعائلته. في حين أن التاجر يتحسّر على الوضع الذي آل اليه السوق، وتراجع نسبة الشراء.

فكيف هو الواقع على الأرض اليوم؟ هل انتعشت الأسواق بسبب التحضيرات لعيد الفطر؟ وهل عاد السائح العربي والخليجي؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها نائب رئيس جمعية تجار بيروت ​جهاد التنير​، في حديث خاص مع "الاقتصاد":

-كيف تقيم حركة الأسواق خلال فترة ما قبل عيد الفطر؟ وهل تحسنت بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي؟

الحركة خجولة للغاية، ولبنان يعاني من الجمود، لأن التأثيرات الايجابية لاقرار قانون الانتخاب، لم تظهر حتى الآن. فالبلد كان جامدا من قبل، بسبب حالة الترقب التي كانت قائمة، وكان من المفترض أن تتحرك الأسواق التجارية بعد اتفاق الأفرقاء السياسيين كافة على القانون، لكن المدة بين اقرار القانون وحلول عيد الفطر، لم تكن كافية لكي تظهر تأثيرات هذا القرار.

ولكن لا شك في أن عيد الفطر أسهم في تنشيط حركة الأسواق بشكل أو بآخر، إلا أن النسبة المسجلة لا ترضي التاجر الذي ينتظر ويتأمل، خاصة بعد التوقعات بقدوم عدد كبير من السياح الخليجيين.

ولا بد من الاشارة الى أن كل عام يسجل نسبا أسوأ من الأعوام السابقة، والتجار يعولون على كل موسم، لكنه في نهاية المطاف يكون أسوأ من سابقه. وذلك مع العلم أن التوقعات كانت ايجابية بسبب الأحاديث حول قدوم السياح العرب والخليجيين. لكن تلك التوقعات كانت بعيدة الى حد ما عن الواقع على الأرض، لأن الموسم قد بدأ بالفعل، في حين أننا نرى عددا قليلا من إخواننا من الخليج العربي الذين يزورون لبنان.

-برأيك، هل بدأ السائح الخليجي بالعودة بشكل تدريجي الى لبنان؟

بعض السياح الخليجيين قدموا بالفعل الى لبنان، لكن النسبة ليست كما كانت عليه من قبل. فحركة قدومهم ليست أفضل من الأعوام القليلة الماضية، وذلك على الصعيد العام. وبالتالي فإن لبنان لم يستعد النسب التي سجلها خلال الأعوام 2011، 2012 و2013.

ولكن من المفترض أن يعود السائح الخليجي تدريجيا، وليس علينا سوى الانتظار، والتعويل على الاستقرار والتفاهم في البلد وفي المنطقة. فالوضع الأمني يشغل بال الناس، خاصة مع انتشار ظاهرة القتل العشوائي والسلاح المتفلّت. وبالتالي نخرج من مشكلة ما لندخل في مشكلة جديدة. فشعور بالأمان غائب في لبنان، وهناك فرق كبير بين الأمن والأمان، فالأمن موجود ولكن الأمان غائب، والمواطن اللبناني غير مطمئن من الحالة القائمة.

-بالنسبة الى موضوع المغتربين، هل قدم المغترب اللبناني الى بلده الأم من أجل الاحتفال بعيد الفطر؟

بالنسبة الى المغتربين اللبنانيين العاملين في دول الخليج العربي، شهدنا على الحركة العادية التي اعتدنا عليها دائما خلال العطل الصيفية والعطل المدرسية.

أما بالنسبة الى المغتربين القادمين من أوروبا واستراليا والولايات المتحدة، فلا تزال النسب قليلة والأصداء خجولة، ولا يوجد اقبال واسع. كما أن الطلب على لبنان من قبل هؤلاء المغتربين، ليس ملحوظا.

-هل أن المحلات التجارية الموجودة في منطقة بيروت قادرة على الصمود في ظل الأوضاع الصعبة القائمة؟

لا نريد أن نتشاءم كثيرا، ولكن يجدر القول أن الوضع التجاري في البلد بأكمله موجود في الوقت الحاضر، في غرفة العناية الفائقة المشددة. كما أن الحلول لا يجب أن تكون سياسية فحسب، بل جذرية أيضا. فالشركات اللبنانية باتت اليوم بحاجة الى حلول جذرية وبنيوية، لأن لبنان يواجه مشاكل بنيوية بالنسبة الى مالية الشركات، وبالتالي هي بحاجة فعلا الى تدخل المصارف، لكي تتمكن من ضخ أموال جديدة في القطاع التجاري من أجل انعاش السوق بشكل أكبر.

-هل أنت متفائل من موسم اصطياف 2017؟

أنا متفائل حتما بالموسم، ولكن لا يمكنني القول أنه سيكون فصلا واعدا 100%. فموسم الاصطياف والسياحة في العام 2017، ليس فقط في بيروت بل في مختلف المناطق اللبنانية. لذلك نتمنى أن تكون المناطق الساحلية والجبلية مستعدة تماما له.

لكن نرى أنه يتم التركيز والعمل بشكل أكبر على الحركة الداخلية للمواطنين اللبنانيين، بدلا من الحركة الخارجية. في حين أن الاستهلاك في لبنان بشكل عام، غير واعد في الوقت الحاضر؛ وذلك مع العلم أن الاستهلاك للمنتوجات الصناعية المحلية أم الاستهلاك للمنتوجات التجارية المستوردة هو العامود الفقري للاقتصاد الوطني. لكن الحركة ضعيفة لأن اللبناني بمختصر الأمر، يواجه ضائقة مادية كبيرة، كما أن التدفق المالي للشركات غير موجود، وعدد العاطلين عن العمل يتزايد يوما بعد يوم، والنسبة باتت خيالية اليوم، وبلغت حدود الـ35%، أي ثلث الشعب اللبناني وثلث الشباب المتخرجين من الجامعات.

فاليد العاملة اللبنانية غير مرتاحة حاليا من أجل الشراء والاستهلاك، وبالتالي تؤثر كل تلك الأمور على الحالة العامة في البلاد.