هو رجل لبناني، أبى أن يستلم شركة العائلة فوراً، فسعى إلى اكتساب خبرات مختلفة في شركات متعددة في لبنان والخارج.

شغوف هو لعالم الأعمال الذي يعيش يومياً غماره.. وكان يدّرسه في الجامعة.

العراقيل لا تحده، فهوايته إيجاد منافذ جديدة لها تساعده على تطوير مهاراته..

يجد نفسه في تطوير طاقات الآخرين وتحفيزهافحاز على شهادة في البرمجة اللغوية العصبية "NLP" وبات اليوم Master practitioner فيها.

لا مجال يجدّ طموحه .. فتراه يعمل في مجال الشحن، السفريات، العقارات، تخليص المعاملات الجمركية، وإنجاز ملفات الحصول على جنسيات أخرى عن طريق الإستثمار.

لكي نتعرف أكثر إلى هذه الشخصية اللبنانية النموذجية كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع المدير التنفيذي لشركتي "Kabbani Logistics Services " بفروعها و "GBB Travel" .. وائل قباني.

-من أين كانت البداية؟

تخصصت في مجال إدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية الاميركية "LAU" ، وتخرجت حاملاً معي شهادة في الماجستير من الجامعة نفسها، التي درّست فيها لاحقاً حتى العام 2006.

في العام 1995 عملت في القسم التجاري في شركة "ساركو" للمقاولات التابعة لشركة "بيمكو" السعودية، وكنت حينها أتابع رسالة الماجستير، ولكن ولسوء الحظ لم تحظى الشركة خلال هذه الفترة بعدد جيد من العروض، لذا عزمت علىالإنتقال إلى مكان آخر أتمكن من خلاله توسيع شبكة علاقاتي وتطوير خبراتي المهنية.

من بعدها عملت في شركة "ليبانون إنفست" وهي مؤسسة مالية، وكان تركيزها في العام 1998 على السوق اللبناني، ولكن في أواخر العام نفسه تراجعت أحوال السوق المحلية ولم تنوي الإدارة عندها أن تتوسع خارج البلاد، لذا قررت أن لا أسمح للأوضاع المتقلبة أن تُشكّل عائقاً في مسيرتي المهنية.

وهنا قررت أن أعود إلى شركة العائلة، والتي كنت سأعود للعمل فيها لا محالة، إلا أنني كنت أتطلع لاكتساب خبرات من قطاعات عدة وطبيعة شركات وإدارات مختلفة.

-هل لك أن تخبرنا أكثر عن شركة العائلة وكيف أسهمت في تطويرها؟

وتُعنى شركتنا "KabbaniLogistics Services" بقطاع الشحن، تخليص المعاملات الجمركية، والسفريات.وتأسست الشركة منذ ثمانين عاماً يبنما يبلغ عُمر شركة السفريات خمسة وعشرين عاماً.

في طبيعة عملنا زبائننا هم التجار الذين يسافرون كثيراً، لذا قررنا أن نحول شركتنا إلى محطة تشمل كل الإحتياجات التي يبحث عنها التجار من إمكانية الشحن، تأمين البضائع السفر، حجز الفندق، تخليص المعاملات الجمركية.

بدأنا في تخليص المعاملات الجمركية وفي الثمانينات بدأنا نعمل في الشحن والتأمين، وفي بداية التسعينات أسسنا شركة السفريات.

ومنذ سنوات عدة بدأنا في قطاع النقل، كنا بعد أن نشحن البضائع ونؤمنها، وننجز معاملتها وتصل إلى لبنان نحتاج إلى أن نطلب شركة مختصة بنقل البضائع للزبون، لذا قررنا أن ندخل أيضاً في خدمة توصيل البضائع/ الشُحنات للزبون.

-ما هي أبرز العراقيل التي اعترضت مسيرتك المهنية؟ وكيف واجهتها؟

كما ذكرت سابقاً، دائماً ما نسعى في الشركة إلى تطوير خدماتنا بغية تحقيق حالة من الرضا الكُلي للزبون، ولكن في العام 2006 إثر اندلاع الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقبلها بعام حادثة إغتيال الشهيد رفيق الحريري، واجه البلد ظروفاً قاسية وهذه الحالات تحدّ من قدرة المدراء على التخطيط على المدى البعيد. وبرأيي المطلوب من المدير في هذا الوضع أن يكون خلاقاً في الحلول المرنة وسريعاً في تطبيقها. 

في مطلع العام 2007 انتقلت إلى السعودية، وعملت كمدير عام في شركة "أجيلتي" في الرياض، وأصبحت في مرحلة لاحقة المدير التنفيذي للشركة في المملكة العربية السعودية.

وفي السعودية كنت قد أسست مشروعاً خاصاً بي.

في العام 2013 قررت أن أعود إلى لبنان، لأكون إلى جانب أهلي وأتابع نشاط شركة العائلة وكانت حينها أصداء الوضع اللبناني إيجابية.

وعندما عدت إلى لبنان ركزت على تطوير عملنا، وعندها بدأنا في مجال النقل، ولكن عندما تراجعت الأحوال في السعودية قررت أن أنهي مشروعي الخاص هنالك بغية التركيز على مهمتي الأولية وهي "إستلام شركة العائلة وتطويرها".

وحينها أيضاً دخلنا إلى مجال التطوير العقاري.

-في وضع غير مستقر كحال بلدنا ألم تشعر أن لهذه الخطوة نسبة خطورة أعلى من غيرها خاصة في حقبة "الركود العقاري"؟

لا يوجد أي عمل "مُطهّر" من الخواطر، لأنَّ اعتمادنا على المشروع يكون على عدة منها: موقعه، حجمه، الأسعار وغيرها.. بحيث تتناسب كل هذه العناصر مع متطلبات السوق، لذا نحن درسنا حاجة السوق وإتجهنا نحو المناطق التي عليها طلب أكثر من غيرها وبالطبع ركزّنا على الشقق الصغيرة والمتوسطة الحجم في بيروت.

إلا أن الوضع متراجع للأسف، ولكن العقار يبقى عقاراً، أنا أؤمن بهذا المجال ، فبيروت صغيرة والطلب عليها لا ينعدم أبداً فقد مرَّينا بحروب كثيرة تهبط فيها المدينة بأسرها ولكنها تعود قوامها بسرعة وفي وضع أحسن مما كانت عليه سابقاً.

-برأيك لتأسيس مشروع ما أيهما يأتي أولاً: رأس المال المادي أم الموارد البشرية؟

برأيي إنها عملية متكاملة لا يمكن استثناء أي عنصر منها، فلتأسيس مشروع ما علينا من دون شك تأمين رأس المال، وبهدف التوظيف أيضاً نحتاج إلى الموارد المادية التي نستثمرها في تدريب فريق العمل وتطويره.

ومن إيجابيات قطاع الخدمات أن رأس المال لا يكون مرتفعاً جداً، ما يساعد الفرد على البدء مباشرة في عمله، وهذا يصب أيضاً نفسه في خانة السلبيات إذ يعتبر أي شخص أنه بإمكانه إاتحام السوق لو مهما كانت خلفيته العلمية أم المهنية.

-هل لك أن تخبرنا عن تأسيسك لشركتك الأخيرة "GBB"؟

أسست بالشراكة مع صديقي شركة "GBB" خلال شهر آب الماضي، وهي مكونة من شقيّن، الأول متعلق بالسياحة والسفر، والتي يتضمن السياحة الطبية، سفاري، المغامرات وغيرها. أما الثاني فهو مختص بـ"citizenship by investment" أي بمعنى آخر الحصول على الجنسية من خلال الإستثمار ، وأنا أستلم هذا القسم.

رأينا أننا نعاني من أزمة لأن جوازات السفر في الشرق الأوسط للأسف غير مرحب بها بالمستوى المطلوب، ما خلق حاجة عند اللبنانيين وغيرهم للحصول على جنسيات أخرى وجوازات سفر إضافية يتحقق من خلالها مبدأ "المواطنة العالمية" Global Citizenship .

وبما أن بعض الدول تُعاني بسبب الأزمات الإقتصادية وباتت بحاجة إلى السيولة مثل مالطا، قبرص وغيرهما، عزمت هذه الدول الأوروبية وغيرها على تقديم عروض مسهّلة يتمكن الراغبين من خلالها من الحصول على جنسيتها والإستفادة من كونها بلد أوروبي مثلاً شرط أن يستثمر فيها. وتختلف آلية كل بلد أو جزيرة للحصول على الجنسية عن غيرها.

فعلى سبيل المثال سمحت قبرص للراغبين في الحصول على جنسيتها في بضعة أشهر فقط من خلال الإستثمار بقيمة تقارب الـ 2.5 مليون دولار.أما البرتغال فقامت بأسلوب آخر فقد يشتري الفرد مثلاً منزلاً بقيمة خمس مئة ألف يورو وهناك العديد من الخيارات الآخرى. وفي منطقة الجزر الكريبي (التي تتضمن خمس دول) النظام مختلف قد يقوم الفرد بالتبرع للحكومة.

-عادة ما تسعى إدارات الشركات الخاصة في الشرق الأوسط بالتحديد إلى وضع الرؤية والأهداف المستقبلية للشركة، وعلى الفريق أن يكون على قدر تطلاعاتهم، إلا أن شركتكم تؤمن بالعمل الجماعي وبدور فريق العمل، لماذا؟ وكيف تعتبرون أنفسكم مميزين عن غيركم في السوق؟

نؤمن أن الموظف هو شريك لنا في السراء والضراء، لذا يجب أن نخلق جواً مريحاً له وأن يشعر بأن مصالح الشركة تتوازى مع مصالحه الخاصة.

وهنا تكمن أهمية الإخلاص، لذا فإن فريق العمل بالنسبة لنا هو في غاية الأهمية، ونحن مقتنعون بضرورة شعور الموظف بالرضا إذا كانت الشركة في حالة جيدة، فإذا مرّينا بظروف صعبة يشعر معنا الموظف لأنه رافقنا في نجاحنا.

المدير وحده لا يكفي، فريق العمل أهم من المدير، خاصة أن ردود الفعل من الزبائن لا يتلقاها المدير بل الموظف، وتجربة الزبون مع الشركة يبنيها مع الموظف لذا فإنّه من واجبنا أن نعطي الموظفين الدوافع والحوافز المطلوبة في بعض الأحيان.

-عادة ما يتكون فريق العمل من شخصيات مختلفة وطاقات متفاوتة، كيف تتعامل مع هذا الأمر بغية توحيد الرؤى لتحقيق أهداف الشركة؟

بطبيعتي أحب تطوير الطاقات، فقد حزت على إجازة من الـ"NLP" Neuro-linguistic programming وأصبحت الآن Master practitioner فيها. وهي البرمجة اللغوية العصبية وتساعد هذه المهارة على الصعيد الشخصي من جهة،ومن جهة أخرى على كيفية التعامل مع الأشخاص، لأنها تسمح للفرد بالتحكّم بمشاعره على حسب الخبرات التي يقوم بها، ولهذه المهارة تأثير استثنائي على الأفراد.

كما أن هذه المهارة تساعد في التعامل مع الموظفين، والزبائن، وغيرهم الكثير.

وعندما أشعر أن أحد الموظفين يرغب في تطوير ذاته، أكون الأول لأدعمه، لأني شغوفٍ بتطوير الطاقات والمهارات.

-كيف تتعامل مع الموظفين غير المندفعين؟

لكل شخص منا محفزات خاصة، وإذا تمكنا من اكتشاف الأمور التي تحفّزهم على العمل نكون قد توصلّنا إلى الحلّ، لا شك ان هناك شخصيات مختلفة ولكن هناك أشخاص بطبيعتهم غير مندفعين للعمل أيضاً، وهناك من يخشى مرحلة التطّور، وهنا علينا أن نبيّن لهم أن لديهم فرصة للتطور، وهنا تكمن أهمية التدريب لتوجيه الفرد نحو الطريق الذي يعتبره الأنسب له.

ويشعر المدير بالفخر إذا أحد موظفيه سعى جاهداً للتطوير قدراته وتبوأ مناصب عُليا.

والمدير الذكي يعلم حينها أنه كان مدرباً ناجحاً ولا يغار من موظفه الناجح؛ بل يفتخر به، وهذا ما حصل معي في الرياض عندما ترقى ثلاثة موظفين من الفرع الذي كنت مسؤولاً عنه، قد يعتبر البعض هذا الأمر "مخيفاً" او "خطراً على منصب المدير إلا أنني أراه عنصر قوة.

-من خلال مسيرتك المهنية ما هي رسالتك للشباب؟

نصيحتي للشباب اللبناني الذين يشاهدون قصص نجاح يومياً على مواقع التواصل الإجتماعي، عن شبان وفتيات بدأو من الصفر، وأصبحوا اليوم من أصحاب الملايين، أقول لهم إن هذه نسبة ضئيلة جداً، فمؤسس الـ"فيسبوك" الشاب مارك زوكربرغ هو مارك واحد ولدينا "فيسبوك" واحد فقط، لذا إمكانية أن يبدأ الجميع من مرآب بيتهم كمارك ويستفيقوا على الملايين نسبة ضئيلة، .. وهذا لا يعني ألا يجرّب الإنسان كل فكرة تراوده، ولكن عليه أن يعي أنه لن يبدأ اليوم ويعدّ ملايينه صباح الغد.

نصيحتي للشاب، إعمل ثم اعمل ثم اعمل، ولو ضحيت بأيام العطل طوّر نفسك قدر المستطاع ولا تنظر في الأعوام العشرة الأولى إلى كمية الأموال المجمعة، بل راقب مهاراتك وإسعى إلى تطويرها يومياً، وسّع شبكة علاقاتك، فكما يُقال "Your net worth is you network " لذا إبنِ مروحة واسعة من العلاقات العامة ، وإصبر لكي تصل إلى هدفك رويداً رويداً.