أشار البيان الختامي للقاء التشاوري بين الكتل النيابية في قصر بعبدا اليوم إلى أن "الخطة الاقتصادية في البلاد ترتكز على الاستفادة من ثروة لبنان وهي اللبناني وهي علامة لبنان الفارقة في محيطه لذا يجب احياء المركز الثقافي والاجتماعي للحوار بين القطاعات الاقتصادية".

وشدد البيان على أن "الحكومة مدعوة لمواكبة الخطة عبر لجنة وزارية وضمن جدول زمني محدد تؤدي إلى تأمين الكهرباء 24/24 عبر تنفيذ الخطة الحكومية وازالة اي عجز للدولة وتخفيض الكلفة عن المواطن والحفاظ على المياه كثروة استراتيجية للبنان وتنفيذ برنامج السدود وحمايتها واستثمار الثروة البترولية البحرية حسب البرنامج الموضوع لها والاسراع على انشاء خط الغاز الساحلي وتكثيف الاستثمار المجدي، تأمين كل انواع المواصلات ووضع خطط للنقل المشترك وتنفيذ سكة الحديد والمرفأ السياحي والمعابر البرية الحديثة وتأمين الاعتمادات اللازمة لملف المهجرين".

ويأتي ذلك بعد أسبوع من التوافق على قانون انتخابي جديد، ما يشير الى بداية حقيقية وخطوات تطبيقية للتغيير. وللإطلاع أكثر على كافة التأثيرات كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير المصرفي ​عادل حمدان​:

كيف تقيّم الآداء الإقتصادي في لبنان خلال النصف الأول من العام 2017 ؟

على الرغم من الدعم المقدّم من مصرف لبنان خلال ما يزيد عن السنوات العشر الماضية، لتشجيع القطاعات المنتجة في لبنان، عن طريق منح القروض المدعومة بفائدة تناقصية لا تتجاوز الـ3% سنوياً (حالياً 2.34%) مرتبطة بفائدة سندات الخزينة اللبنانية، معفاة من العمولة المصرفية التي تُطبّق على أنواع القروض الأخرى، كذلك الأمر بالنسبة الى القروض متوسّطة الأجل المكفولة من شركة كفالات بنسبة 75% ولغاية 300 مليون ليرة لبنانية كحدّ أقصى للقرض بفائدة 0.64% حالياً، يُضاف اليها عمولة شركة كفالات بمعدل 2.50% سنوياً تُحتسب على المبالغ المستعملة من هذه القروض، لا يزال الأداء الإقتصادي اللبناني رغم الإستعدادات القائمة لدى الجهات المعنيّة في القطاعات الإقتصادية المختلفة ، هو غير كافٍ ولا يزال يعتمد الى حدٍ كبير على الإقتصاد الريعي غير المنتج ، وبالتالي ينعكس ذلك على الأداء المطلوب في القطاعات المنتجة كالقطاع الصناعي أو السياحي أو الزراعي أو غيرهم، ما أدّى الى الإستمرار في الركود الإقتصادي خلال السنوات الماضية ولا يزال خلال النصف الأول من هذا العام نظراً، على سبيل المثال لا الحصر، للأسباب التالية:

التراجع الكبير في النشاط الصناعي، وضعف حركة التصدير الى البلدان المجاورة بنسب كبيرة، نظراً للأوضاع السياسية والأمنية القائمة في هذه الدول؛

عدم الإستقرار السياسي في لبنان خلال السنوات الماضية، إن على صعيد الحكومة أو المجلس النيابي، أو الفراغ الرئاسي قبيل انتخاب رئيس للجمهورية مؤخّراً؛

التراجع في حركة النقل البرّي من والى دول الخليج العربي، والعراق والأردن، عن طريق سوريا المنفذ البرّي الوحيد الى هذه الدول؛

ازدهار القطاعات الصناعية والسياحية في دول الخليج العربي لا سيّما دبي، إضافة الى استخدامها لأحدث الوسائل التكنولوجية، ما يجعل لهذه الدول القدرة التنافسية الكبيرة لا يستطيع لبنان، على الأقل في الوقت الحاضر، أن يكون عنصراً فاعلاً وقادراً على مواجهة هذه المنافسة؛

الزيادة الهائلة في حركة الإستيراد من الخارج، وبخاصة من الصين وتركيا وإيران بأسعار تنافسية حادّة، أثّرت الى حدٍّ كبير على الإنتاج المحلّي، وعلى القدرة على الإنتاج، وتسويقه بأسعار تتناسب مع أسعار السوق القائمة من خلال عمليّات الإستيراد من ناحية، وعلى الكلفة المرتفعة للإنتاج المحلّي قياساً بكلفة الإستيراد من ناحية أخرى.

كيف سينعكس إقرار القانون الجديد للإنتخاب على الوضع الإقتصادي بشكل عام؟ وماذا عن موسم الصيف؟

لا أرى علاقة مباشرة بين إقرار القانون الجديد للإنتخاب والوضع الإقتصادي بشكل عام، قد يخلق ذلك بعض الإرتياح لدى الأوساط الإجتماعية أو الإقتصادية، لكن يبقى ذلك مؤقتاً ومرهوناً بالتطوّرات التي قد تحصل إن على الصعيد السياسي أو الأمني أو الإجتماعي حيث المعاناة في حدودها القصوى ونسبة البطالة تتزايد باضطراد وتهدّد بعدم استقرار إجتماعي والى زيادة الهجرة.

على سبيل المثال، هناك حوالي 35 ألف طالب جامعي متخرّج سنوياً وهذا العدد إلى ازدياد، في حين أنه كان فقط 3500 فرصة عمل في العام الماضي، والى تراجع ربّما.

هل القانون الجديد للإنتخاب سوف يخلق البيئة الحاضنة للإقتصاد أو لزيادة نسبة النموّ في الإقتصاد؟ لا أعتقد ذلك، لأن للإقتصاد معايير أخرى ومكوّنات تستلزم الإستقرار شبه الدائم على الأقل، والتحفيزات والتطمينات التي على الدولة تقديمها الى المستثمرين.

أمّا، بالنسبة الى موسم الصيف، فهناك ما يُبشّر بقدوم العديد من المغتربين لقضاء فترة إجازاتهم في لبنان، أما على الصعيد الخليجي فالأمور ليست واضحة لتاريخه، ولا من توقّعات مؤكّدة، إيجابية كانت أم سلبية بالنسبة لعدد السائحين الخليجيين المتوقّع قدومهم الى لبنان في هذا الموسم، لكن مع نهاية شهر رمضان الكريم وقرب الأعياد، قد يزيد ذلك من التفاؤل بقدوم أعداد إضافية من الخليج العربي يأتون لتمضية الأعياد في لبنان، نأمل أن ينعكس ذلك خيراً على الدورة الإقتصادية.

ما هي أبرز الملفّات التي يمكن للحكومة العمل عليها خلال فترة ما قبل الإنتخابات؟

الملفّات عديدة، أبرزها ملفّ النفط حيث الآمال المعقودة على استخراجه والبدء في إطفاء الدين العام، كما وملفّ الكهرباء الذي تجاوز كلّ الحدود غير المفهومة أو الواضحة لتاريخه، وقد سمعنا في إحدى وسائل الإعلام أمس بأن العجز المتراكم في الكهرباء بلغ 32 مليار دولار أميركي منذ العام 1990 أي بمتوسّط سنوي بلغ 1,23 مليار دولار إذا ما اعتبرنا ذلك لغاية آخر العام 2016. في هذا الإطار، بدر إلى ذهني زيارتي الى الولايات المتحدة في العام الماضي حيث أبلغني أحد الأصدقاء المسؤولين في إحدى الشركات العائدة للولاية State Power لدى مرورنا جانب إحدى محطّات توليد الكهرباء، وقال قمنا بإنشاء هذه المحطة مؤخّراً 500 megawatt بلغت تكلفتها 500 مليون دولار أي بمعدل مليون دولار للـmega في حين أن العجز في الكهرباء في لبنان حالياً وكما علمنا من خلال الإعلام قد تجاوز مبلغ 2 مليار دولار في السنة الماضية. نفهم من ذلك أن إنشاء محطتين بسعة 1000 megawatt بكلفة 1 مليار دولار هو يوازي قيمة العجز في الكهرباء لمدة نصف سنة. فهل استقدام بواخر التوليد هو أقل كلفة؟ السؤال يُطرح على الجهات المعنية.

ملف المياه، فهو ملفّ في غاية الأهمية ، ولا حلّ لمشكلة المياه سوى بإقامة السدود في كافة المناطق اللبنانية ولو تدريجياً، فلا يعقل بأن نرى الحاجة لدى المواطن الى شراء المياه في حين نرى الأنهار والينابيع تتدفّق بغزارة وتُهدر في كل مكان وتُلوّث، ومن ثمّ الى البحر. كما وملفّ البيئة و ملف النفايات كلها ملفّات ملحّة ينبغي المباشرة بإيجاد حلول لها.

هل تعتقد أن السماح للمغتربين بالمشاركة في الإنتخابات النيابية، سيعيد ثقتهم بوطنهم الأم ويجذب استثماراتهم؟

قد يُساعد ذلك جزئياً في حال مشاركة المغتربين في الإنتخابات النيابية، أما على صعيد الإستثمارات فلا أعتقد بأن مشاركتهم سيكون لها أثرها المباشر على المجيء باستثماراتهم، أو بجزءٍ منها إلى لبنان. قد تزيد ربّما من رغبتهم في القدوم الى لبنان ومن حبّهم لوطنهم الأم، لكن دون الدخول معمّقاً أو الإنغماس في القضايا الإقتصادية.

قد نرى بعض المبادرات الفردية لكن على مستوى محدود جداً كما أعتقد لبعض المغتربين الراغبين في العمل السياسي أو الإقتصادي في لبنان، لأن للإستثمارات شروطها المختلفة وظروفها ومعاييرها ولا أرى بإمكانية ربطها بالمشاركة الإنتخابية إلا على الصعيد الفردي كما سبق وأشرت.