"كأَنما وطنٌ خياليٌّ هو، مُعلَّقٌ بين أَرضٍ وسماء، جُذورُهُ من فَجر العصور، مَوقعُهُ جاذبُ حضارات، وآثارُه شواهدُ منذ الفينيقيين آباءِ الأَبجدية. وهو، رُغم مساحته الضئيلة، يتميّز بِتَنَوُّعِه وفَرادته: مناخاً متعادلاً، ثقافةً متعدِّدةً، ماضياً عريقاً، وطبيعةً فريدة. عبثاً وَصفُه. هو لا يوصف بل يُعاش. وأَبلغُ كلامٍ عليه أَن يَجوبَهُ السائحُ من مَدينةٍ إِلى ضَيعة، من مَعْلَمٍ إلى مَشهد، ومن عَصرٍ إِلى آخَرَ في صفحاتٍ طبيعيةٍ من كتابِ التاريخ. هذا هو... ​لبنان​" بهذه الكلمات للشاعر اللبناني هنري زغيب يستقبلك الموقع الإلكتروني لوزارة ​السياحة​، بالإضافة طبعاً إلى صور من المحطات السياحية الجميلة على هذه البقعة الجغرافية الجميلة "لبنان"، ليس فقط بشهادة أبنائه بل بشهادة الجميع.

لا يخفى على أحد أن قطاع السياحة هو الداعم الأكبر للإقتصاد اللبناني، والإقتصاد ينمو مع نشاط هذا القطاع ويتراجع مع تراجعه. خير مثال على تراجع هذا القطاع كانت الأعوام الستة الماضية التي تلت الحرب السورية وذلك لما كان له من آثار أمنية على المنطقة بالإضافة طبعاً إلى المشاحنات السياسية بين بعض الأطراف اللبنانية وبلدان الخليج العربي، ما دفع الأخيرة إلى فرض حظر على سفر مواطنيها إلى لبنان. وإثر مقاطعة دول الخليج، شهدت السياحة اللبنانية أسوأ أعوامها ليس لأننا فقدنا مقوماتنا، فموقوماتنا ليست من النوع الذي يزول، إنما بسبب الأوضاع السياسية التي شهدناها من تفجيرات إلى فراغ رئاسي إلى اصطفافات سياسية مع دول خارجية، ما طغى على عوامل الجذب التي نملكها.

أما اليوم، فإن الجميع يراهن على التطورات السياسية التي شهدها "سويسرا الشرق" مؤخراً من انتخاب رئيس للجمهورية إلى تشكيل حكومة جديدة، والإتفاق على قانون انتخاب، والأهم، التشديد على سياسة النأي بالنفس في مواقف عدّة شهدتها المنطقة العربية.

وبالأرقام، فإن المجلس العالمي للسفر والسياحة قدّرالمساهمة المباشرة لقطاع السياحة والسفر في الاقتصاد اللبناني أن تصل إلى 3.4 مليارات دولار في سنة 2017، ما يوازي 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن التوظيف المباشر في القطاع سيبلغ 123,800، ما يمثل 6.9% من مجموع العمالة في لبنان لهذه السنة. وتوقّع أن ترتفع الحصة المباشرة لهذا القطاع في الإقتصاد بنسبة حقيقية قدرها 2.9% في 2017، وأن ترتفع إسهاماته المباشرة في التوظيف بنسبة 0.1% هذه السنة. وأضاف أنه كون قطاع السياحة والسفر متعلّقاً بكل القطاعات الإقتصادية، فإن مفاعيله الفعلية المباشرة وغير المباشرة تكون أكبر، ولذلك يتوقّع أن يسهم القطاع ككل بقيمة 9.4 مليارات دولار أميركي، أو 19.5% من النشاط الإقتصادي اللبناني لسنة 2017، متضمناً 338,200 وظيفة ما يمثُل 18,9% من مجموع التوظيف في 2017. وتوقّع أن ترتفع مساهمة قطاع السياحة والسفر الأوسع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة حقيقية قدرها 2.8% هذه السنة، وأن تنخفض حصة القطاع الأوسع في التوظيف بنسبة 0.1% في 2017.

بالإضافة إلى ذلك، توقّع المجلس أن تنمو الوظائف في قطاع السياحة والسفر المباشر بنسبة حقيقية سنوية قدرها 1.7% إلى 146,600 وظيفة أو 9.1% من مجموع اليد العاملة في لبنان لسنة 2027، فيما أن ينمو التوظيف في إقتصاد السياحة والسفر الأوسع بنسبة حقيقية سنوية قدرها 1.5% إلى 392 ألف وظيفة ككل، ما يوازي 24,4% من مجموع اليد العاملة في 2027. في المقابل، توقّع أن ينمو التوظيف المباشر لقطاع السياحة والسفر في الشرق الأوسط بنسبة 2.2% بين العامين 2017 و2027، وأن يشكل 3.1% من مجموع التوظيف، بينما توقّع أن ينمو إقتصاد السياحة والسفر الأوسع بنسبة 2.4% وأن يشكل 7.7% من مجموع التوظيف في المنطقة.

وفي الأرقام الحقيقية التي تشهدها أرض الواقع، أشار نقيب المؤسسات البحرية السياحية، جان بيروتي، إلى توقعاته بحركة زاهرة هذا العام "فحجوزات الفنادق في بيروت وضواحيها وصلت الى 80% ومع فترة العيد سينطلق موسم الإصطياف".

وأضاف: "غداً سنطلق مع وزير السياحة أواديس كيدانيان من مجمع البيلازور "موسم الصيف 2017" ، لنطرح رؤية مستقبلية لقطاع السياحة في لبنان الذي يشكل 28% من الدخل القومي"، متمنياً ان يكون لدينا سياسة حكومية تعمل على دعم هذا القطاع الذي بإمكانه النهوض بهذا البلد وتطويره، خاصةً في هذه المرحلة التي نشهد فيها طرح الأمور كافة بنيّة حلّها". 

وعن الجنسيات التي تقبل على الحجز في المؤسسات السياحية اللبنانية، أشار بيروتي إلى أن "المغتربين اللبنانيين يشكلون النسبة الأكبر بالإضافة إلى العراقيين والمصريين وعدد قليل من الإخوة الخليجيين".

 

ومن جهته الأمين العام لنقابة أصحاب الفنادق وديع كنعان، فكشف عن إطلاق نقابته مبادرة "تنصيّف سوا" من خلال تقديم الفنادق مجموعة عروضات وحسومات لتحفيز اللبنانيين اكثر فأكثر على السياحة الداخلية، التي ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الثلاث الأخيرة.

وأكد كنعان أن "كل شيء بات جاهزاً لإنجاح موسم السياحة في لبنان، مشيراً إلى أن "عطلة عيد الفطر ستشهد تحسناً في نسبة الإشغال الفندقي خصوصا بين 26 حزيران الجاري و31 منه، إذ تراوحت الحجوزات حتى الآن بين 90 و100% في فنادق بيروت ذات الخمس والأربع نجوم. أما خارج العاصمة، فتتراوح نسبة الحجوزات من 50 الى 70%".

وتوقع ارتفاع نسبة الإشغال خارج العاصمة في ضوءوصول معدل الإشغال في فنادق العاصمة إلى 100%، ما يؤدي إلى رفد الفنادق العاملة خارج العاصمة، بالزائرين بعد أن تمتلئ فنادق بيروت.

واعتبر كنعان أن "ما يميّز صيف هذا العام وجود عدد كبير من اللبنانيين المنتشرين الذين سيأتون إلى لبنان لبضعة أيام، أو لقضاء عطلة الصيف بين أهاليهم وأصحابهم، ما يعني أن لبنان بات يعتمد بشكل أساسي على مغتربيه لدعم قطاعه السياحي".

أما رئيس نقابة تأجير السيارات محمد دقدوق، فأكد أن " نسبة الإقبال على استئجار السيارات الكبيرة والمتوسطة وصلت إلى 95% بينما وصلت نسبة استئجار السيارات الكبيرة إلى 80%، وهي نسب مرتفعة مقارنةً بالأعوام الماضية وخاصة مع وجود أعداد من الخليجيين"، مشيراً إلى أن"وجودهم خجول ولكنهم موجودون، إلا أن هذه النسب تقتصر على أسبوع عيد الفطر"، موضحاً ان "75% من نسبة الإقبال على استئجار السيارات هي من المغتربين اللبنانيين وهناك نسبة 5-7% من الخليجيين".

وتابع دقدوق: "من جهة موسم الإصطياف فإننا نتوقع موسماً جيداً وخاصة أن هناك حالة من الإرتياح الأمني والسياسي".

مع هذه التوقعات الإيجابية والأرقام التي نتمنى أن تستمر بسماعها حتى نهاية العام، لا يمكننا إلا الإنتظار لرؤية النتائج والعمل للمحافظة على مقوماتنا التي لا تفنى، فوقوفنا لنرقص بعد كل أزمة لن يبطل، ملاقاتنا الرحبة لضيوفنا في أسوأ الأزمات الإقتصادية لا تتغير مع الريح والشعب الذي خلقت فيه الرغبة ليعيش تفاصيل يومه كافة بشغف لن يموت.