النجاح في العالم المالي والإقتصادي يتوقّف على المهارة والجدارة والخبرة والمعرفة والتخطيط الجيد لمواجهة التحديات والأزمات كافة. هذه الرؤية المتكاملة والمميزة، عملت بها زينة زيدان، تلك المرأة الذكية والمثابرة التي طبعت بصمتها في مجال عملها، وحققت إنجازات واسعة، أسهمت في رفع اسم لبنان عالياً، والتي تواصل اليوم نشاطها الخاص في قطاع المال والأعمال اللبناني، وفي مجال تمكين المرأة، من أجل خدمة مصلحة بلدها وأبنائه؛ فهي قمة في عطائها، وطموحاتها مستمرة دائما، ولا تتوقف.

شقّت طريقها بحزم وإصرار، فحققت أكبر النجاحات في كل عمل قامت به، وكل منصب تولّته. وفتحت بذلك المجال لغيرها من النساء لكي يسرن على السكة ذاتها، فأثبتت أنها قادرة على تحقيق النجاح والتميز إلى جانب الرجل، وأنها لا تقل كفاءة وقدرة وإمكانات عنه، كما وأكدت قدرتها على الغوص في غمار العمل في مجال كان حكراً على الرجال، لتكون بذلك قدوة لكل لبناني ولبنانية.

زينة زيدان صنعت لنفسها مكاناً في تاريخ القطاع المالي، فقد كانت أول امرأة لبنانية تتبوأ مركز رئيس مجلس الإدارة في شركة مالية رائدة. ونحن نراها باختصار مكسباً لعالم المال والأعمال في لبنان، وامرأة نفتخر بوجودها بيننا.

كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع رئيسة مجلس إدارة شركة "Royal Financials"، د. زينة زيدان، للتعرف إلى مسيرتها المهنية المحفّزة، ورؤيتها لواقع المرأة، وطرق معالجة وضعها وتمكينها.

من هي زينة زيدان؟ وكيف تبلورت مسيرتك المهنية حتى وصلت إلى ما أنتِ عليه اليوم؟

أنا زوجة وأم لابنة، حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة "Aix Marseille University- Paul Cezanne". وأثناء التحضير لنيل هذه الشهادة، تم تكليفي بمسؤولية تنسيق دورات المحاسبة والتدقيق في كلية العلوم الإدارية والتجارية في "جامعة الروح القدس – الكسليك"، "USEK".

وبعد عام، أصبحت المديرة المالية (Financial Manager)، لشركة "BestSeller" متعددة الجنسيات، والمتخصصة في البيع بالتجزئة.

وبعد حصولي على الدكتوراه، في السابعة والعشرين من العمر، تم تعييني رئيسة لقسم تدقيق الحسابات (auditing) في جامعة الـ"USEK"، كما واصلت عملي كمديرة مال في شركة "BestSelle​​r"​​​​​، وتمكنت خلال سنوات عدة، من تأسيس عشرات الشركات.

بالإضافة إلى ذلك، شاركت في وضع المعايير الدولية للتقارير المالية "International Financial Reporting Standards–IFRS"، خلال المؤتمر الدولي، وحاضرت حول هذا الموضوع في جامعات عدة.

ما الذي دفعك للتوجه إلى هذا المجال؟

منذ طفولتي، كنت موهوبة في كل ما يتعلق بالأعداد والأرقام، لذلك عملت على تحويل هذه الموهبة إلى مهنة مفيدة. ونتيجة لذلك، قررت التخصص في التدقيق بالحسابات والشؤون المالية.

فعندما يفكر الناس بالتدقيق والمحاسبة، يتخيّلون شخصاً يجلس خلف المكتب، ويمعن النظر في جداول البيانات، ويملأ الإستمارات، ويحلّل تقييمات الآخرين. ولكن في الواقع، تشمل هذه المهنة أكثر من ذلك بكثير. فالمحاسب يحصل على نظرة مباشرة على الأعمال الداخلية لمجموعة متنوعة من الشركات، وذلك من خلال توحيد البيانات المالية والسجلات، ودمجها. كما يعمل في بيئة سريعة ومتغيرة باستمرار، ويواجه تحديات مالية جديدة ومثيرة للإهتمام بشكل يومي. والأهم من ذلك، يركز العمل على التخطيط الإستراتيجي، وكيفية تطوير الإتجاه المستقبلي للشركة.

ولا بد من الإشارة إلى أن تعليمي العالي أثّر بشكل كبير على حياتي المهنية، فشهادة الدكتوراه تتطلب صبراً، والتزاماً طويل الأجل. في حين أن هناك اليوم عدد كبير من الشباب، الذين يرغبون في تحقيق أكبر النجاحات قبل الخامسة والعشرين من العمر، وهم لا يدرون أن تسلق السلم الوظيفي يحتاج إلى أكثر من عقد واحد من العمل الشاق. وبالتالي فإن النجاح مرتبط بالرضا المؤجل (delayed gratification)، ويتطلّب قضاء وقت طويل من أجل بناء مشروع ضخم ومستدام، بدلاً من أن يكون قصير الأجل؛ فالتقدم المهني بحاجة إلى القوة والقدرة على التحمل لفترة طويلة.

وهذه التجربة دعمتني إلى حد كبير عندما أصبحت رئيسة مجلس إدارة شركة "Royal Financials"​​​​​​. مع العلم أن الأشهر الأولى كانت صعبة للغاية، من حيث الوقت والمسؤوليات الجديدة. ولكن ما ساعدني حقاً خلال هذا الوقت، كان قدرتي على طرح الأسئلة، فالقيادة تتمحور حول استخدام مواهبنا الخاصة، وطرح الأسئلة، والحصول على الإجابات، ومن ثم تحويلها إلى أفكار.

ما هي "Royal Financials"؟ ماذا تفعل ؟ من هم زبائنها؟

تضم شركة "Royal Financials" أكثر من مئة موظف، غالبيتهم في لبنان. وهي منصة التداول الإلكترونية الرائدة في لبنان (ETP)، وتقدم مجموعة متنوعة من الخدمات المالية. وفي العام المقبل، سنوسع هذه الخدمات، وخاصة في مجال إدارة الأصول.

أما زبائننا الأساسيون فهم الأفراد ذوي المدخول العالي والشركات، حيث أن هدف "Royal Financials" هو تأمين منصّة إلكترونية لتعاملاتهم في السوق (Forex Trading)، بالاضافة الى مساعدة الزبائن في إدارة إصولهم (Asset Management). كما أن للمغتربين اللبنانيين وجود هام بين زبائن "Royal Financials"، لأن المغترب يدرك تماما قدرة لبنان التنافسية من حيث المواهب، والفرص الإستثمارية، وصمود القطاع المصرفي في المنطقة المضطربة. غير أن هذا المتغرب يستطيع الحصول على مجموعة واسعة من الخدمات والمنتجات المالية، تتجاوز ما تستطيع معظم المؤسسات اللبنانية تأمينه. والشيء ذاته ينطبق على المستثمر اللبناني داخل البلد. وبالتالي تمكنت بعض المؤسسات المالية فقط على توفير الخدمات والمنتجات اللازمة للمستثمرين من أجل تحقيق النجاح والفعالية في الداخل والخارج.

ما هي رؤيتك لعملك؟

أنا أعتبر منصبي كرئيسة مجلس إدارة، مكانا عظيما بالنسبة لي كشخصية في عالم الأعمال موجودة في جزء من العالم يشتهر بتمييزه ضد المرأة. فـ"Royal Financials" هي شركة مالية عالمية، لا تعتبر المرأة ضحية لظروفها. لذلك تمكنت من خلال هذه الشركة، من استخدام المنابر المحلية والدولية، كفرصة للتحدث عن تمكين المرأة.

هدفي الأساسي هو أن أصبح منارة لتمكين المرأة في عالم حرم لفترة طويلة من المساواة بين الجنسين. حيث إنه لا يجب أن تتطابق النساء مع صيغة قديمة للنجاح، تم تصميمها من الرجل وللرجل.

من يلهمك في مسيرتك المهنية؟

لقد حصلت على الإلهام من أشخاص عدة على مر السنوات. فخلال فترة الدراسة لنيل شهادة الدكتوراه، ألهمني مشرف الدكتوراه​​​​​​​ الذي كنت أطلق عليه اسم "سيد المهمة الصعبة"؛ فهو دفعني إلى الإنضباط، وتوسيع حدودي الفكرية، والتعلم قدر الإمكان. وهذه العاطفة الدراسية، شجعتني على المواظبة على الدراسة لمدى الحياة.

وفي الآونة الأخيرة، استلهمت من المساهم الرئيسي في "Royal Financials"، الذي قام بتنفيذ ثقافة إدارية حيث يتم الوثوق بالموظفين، وتكليفهم بتطبيق القيم، والرؤية، والمهمة، والإطار الاستراتيجي للشركة بهدف إنجاز وظائفهم. فهم يتغنّون بمهارة التواصل المتكرر، ويسهمون في كل جانب من جوانب العمل الذي يقومون به، كما يتم التعامل معهم باحترام كامل. وهذه العوامل تساعد على خلق بيئة محفزة لهم.

كيف تطورت مسيرتك؟ وهل أن كونك امرأة كان أحد العناصر الإيجابية أو السلبية في حياتك المهنية؟

كما أشرت في السابق، أنا أعمل في شركة متعددة الجنسيات وغير تقليدية، تقدّر مهارات النساء في قاعات الاجتماعات كما وأدائهم خلال العمل​​​​​​​.

لكنني أعتقد أن موقف الشخص هو المهم، عندما يسعى إلى أن يكون قائداً ملهماً، بغض النظر عن جنسه. فالنساء والرجال يواجهون التحديات والصعوبات ذاتها، للمضي قدماً على الصعيد المهني. ومع ذلك، تواجه النساء تحديات أكثر منهجية في عالم يهيمن عليه الرجال، وبالتالي فإن هذه العقبات وهذه السقوف الزجاجية، بحاجة إلى الكسر والاختراق.

ومن الجدير بالملاحظة، أن القطاع المالي أصبح أكثر قدرة على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، بالمقارنة مع القطاعات الأخرى. حيث إنه قطاع ذات نتائج كبيرة وموجهة نحو الأداء. فالمنافسة، مثل المال، لا تفرّق بين الجنسين.

هل كان لديك مرشداً خلال مسيرتك المهنية؟

مع تطور مسيرتي المهنية الشخصية، تساءلت كثيراً كيف وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. ولا يمكنني تحديد القرارات التي أوصلتني إلى هنا، إنما أستطيع التأكيد أنني لم أفعل ذلك بمفردي. فالأصدقاء، والعائلة، والقادة، والزملاء، شكلوا جزءاً لا يتجزأ من الخيارات التي قمت باتخاذها.

فقد علّمني مدرائي​​​​​​​، كيفية البحث عن الفرص، وشجعوني على استكشافها. أما الأصدقاء على وجه الخصوص، فشكلوا تحدياً كبيراً بالنسبة لي، وقاموا بتوجيهي نحو الأسئلة الصعبة التي كنت بحاجة إلى معالجتها. كما أنني كنت محظوظة لحصولي على مرشد في "Royal Financials"، دفعني إلى تحدي نقاط الضعف، وجعلني أدرك ما أحتاج للتركيز عليه، لكي أحقق النجاح الفعلي، بدلاً من الإستراحة على الأمجاد.

ما هي الذكرى الأهم بالنسبة لك في حياتك المهنية؟

هناك العديد من الذكريات واللحظات الجميلة في حياتي، ولكن أهمها هي ذكرى انتخابي رئيسة لمجلس الإدارة في "Royal Financials​​​​​​​". ففي تلك اللحظة، اختفى كل الأرق الذهني، وشعرت بالنشاط والحيوية. إذ إنني كنت أول رئيسة لمؤسسة مالية لبنانية، لذلك غمرني فرح عارم عندما تم الإعتراف بمهاراتي وقدراتي المهنية، بعد سنوات طويلة من التفاني والعمل الشاق.

ما هي خطواتك التالية؟

الخطوة التالية هي التركيز على نقاط القوة للشركة، وتدعيم نقاط الضعف، والاستفادة من الفرص، والتعرف على المخاطر والتهديدات. وخلاصة القول، إنه لا بد لي من الحفاظ على سير الأعمال على السكة الصحيحة، مع التركيز على المستقبل.

وفي الوقت الحاضر، نحن نتواصل مع واحدة من أفضل الجامعات في لبنان، من أجل تأسيس معهد لأغراض البحث والمبادرات المتعددة.

كيف كان شعورك لدى مشاركتك في الدورة 61 لمؤتمر اللجنة المتخصصة بأوضاع المرأة "Commission on the Status of Women-C.S.W"؟ وما هي الرسالة الرئيسية التي تسعين إلى إيصالها؟

بسبب خبرتي المهنية، دعتني رئيسة مُنظّمة السلام والتنمية المُستدامة (IFPSD) سالي شليطا قادر​​​​​​​، للمشاركة في هذا المؤتمر. وكان من الرائع أن تتاح لي الفرصة لتقديم رسالتي، فهدفي الأساس هو تعزيز الدور الريادي للنساء، بصفتي أول امرأة تشغل منصب الرئاسة في شركة مالية رائدة في لبنان.

وباختصار، الرسالة الأساسية هي ضرورة اعترافنا كنساء، بضعفنا وفشلنا من أجل الإنتقال إلى استلام الأدوار القيادية. إذ علينا أن نتشاطر الرؤية والإستراتيجية من أجل خدمة مستقبل كوكبنا.

فقد أعربت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة ونائب المدير التنفيذي، هند العويس، عن بالغ تقديرها لمشاركتنا في مؤتمر "CSW61"، ولتأكيدنا على دعمنا لحقوق المرأة ومشاركتها المتساوية في الإقتصاد. وكانت فخورة بوجود امرأة لبنانية زميلة، تمكنت من كسر السقف الزجاجي، والوصول إلى منصب القيادة في شركة مالية.

وبهذه الروح، أرادت الأمينة العامة ونائبة المدير التنفيذي، لاكشمي بوري، التعرف إليّ والإحتفال بإنجازاتي. وتم توثيق هذه اللحظة من خلال نشر صورة معا على حساب الأمم المتحدة للمرأة على "تويتر"، تؤكد أهمية تحقيق المساواة بين الجنسين.

واتفقنا على أن تكون "Royal Financials" أول شركة لبنانية توقع على مبادئ تمكين المرأة "WEPs"، لكي تشجع شركات القطاع الخاص الأخرى على أن تحذو حذوها. ويسعى برنامج "WEPs" إلى إنشاء قيادة مؤسساتية رفيعة المستوى تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، وبناء اقتصادات ومجتمعات قوية ومستقرة.

بماذا كنت تحلمين خلال أيام المراهقة؟

عرفت في سن مبكرة أنني أريد العمل مع الأرقام، لذلك فإن اختياري لاتجاهي المهني لم يكن بالأمر المفاجئ. أما بالنسبة إلى القيادة، فقد كان واضحاً منذ أيام المدرسة أنني كنت قائدة أكثر من تابعة.

ما هو موقفك حيال وضع المرأة في أيامنا هذه؟

لسوء الحظ، أنا أمثل قضية فريدة من نوعها حول تمكين المرأة في لبنان، وذلك بسبب كوني أول رئيسة لمؤسسة مالية في البلاد. ولكن لا ينبغي أن يكون هذا الأمر بمثابة استثناء، وأتمنى أن ألهم الشركات والقطاعات الأخرى من أجل تغيير عقلياتها، وجعل بيئتها التشغيلية والإدارية أكثر انفتاحا على النساء.

فكما رأينا، هناك نساء عدة في جميع أنحاء العالم تولَّيْنَ مناصب قيادية في السياسة والأعمال، سواء كان ذلك في تشيلي أو في ألمانيا أو في بريطانيا. وقد استغرق الأمر وقتا طويلاً من أجل الوصول إلى هذه النتيجة في أوروبا وأميركا الشمالية، ومع ذلك، يبقى الوضع بحاجة إلى الكثير من التحسينات؛ فالمرأة مثلا لا تزال تحصل على أجور أقل من الرجل. لذلك يجب أن نناضل من أجل تحقيق المساواة، ووصول المزيد من النساء إلى مراكز القيادة. وينبغي أن يأتي هذا الدعم من الجميع، ولا سيما من النساء، لأنني أعتقد أن المرأة لا تدرك مدى قوتها حقاً. فانظروا إلى ما حدث في إيسلندا عام 1975 - حين أعلنت الأمم المتحدة عن أنها سنة نسائية – الأمر الذي ألهم 90% من النساء الأيسلنديات اللواتي أضربن، ورفضن العمل أو الطبخ أو رعاية الأطفال لمدة يوم واحد. لكن هذا اليوم غيّر البلاد بشكل عميق، وأدى إلى وصول أول رئيسة إلى الحكم في أوروبا.

لذلك يجب أن نتساءل: ما الذي يمكن لكل واحدة منا القيام به من أجل تشكيل حافز للتغيير الإيجابي؟ هل من الصحيح أنه عندما تعمل النساء معاً، ستحققن نتائج لا مثيل لها؟ هل هناك صيغة مثالية لتمكين المرأة إقتصاديا في هذا العالم المتغير باستمرار؟

والإجابة هي أنني لا أؤمن بوجود صيغة مثالية، وبدلاً من ذلك، هناك العديد من الصيغ، وعلى كل واحدة منا العثور على الصيغة المناسبة لها ولثقافتها. وهذا الإدراك يشكّل البداية ونقطة الإنطلاق. فالتحول يحدث خطوة خطوة، ولا يقتصر على النساء والحكومات فحسب، بل هو شيء يجب أن يشارك فيه الرجال أيضا. إنما على المرأة أن تكون مركز هذا التغيير، وعنصراً فاعلا فيه، لأننا إذا لم نعمل على إحداث فرق، كيف سنستطيع إقناع الآخرين باتخاذ موقف معنا؟

نحن جميعا على دراية بالسقف الزجاجي، والفجوة في الأجور بين الجنسين، وصعوبات الحصول على الترقية، ونتذكر يوميا هذه العقبات. ولكن ما الذي نحن على استعداد للقيام به هذه السنة ليكون أكثر تأثيراً مما فعلناه في العام الماضي؟

ينسى معظمنا أن التغيير والتمكين يبدآن من المنزل أيضا، فالمرأة لديها القدرة على تربية أولادها وبناتها على فهم المساواة بين الجنسين وتقديرها. ولكن لكي يعمل هذا النظام بفعالية، يجب على الحكومات أن تنفذ الإصلاحات التعليمية التي طال انتظارها، وتطوّر الكتب والمناهج الدراسية.

المرأة بشكل عام، قادرة على أن تكون قدوة إيجابية داخل مجتمعاتنا المحلية، وهذا الواقع يستطيع أن يبدّل المفاهيم. ومن أجل الحصول على تأثير أكبر، يمكن للحكومات إدخال نظام الجوائز للمرأة المنجزة في مختلف المجالات، كما تستطيع أن تهيئ البيئة المناسبة من خلال وضع مبادرات تركز على التدريب والتمويل والمنح التي يمكن أن تسهل إمكانيات إطلاق النساء لأعمالهن الخاصة؛ ويمكن القيام بذلك بالإشتراك مع القطاع الخاص.

وإذا كنا في أعلى سلّم القطاع المؤسساتي، نستطيع توظيف النساء ذات المواهب والإمكانات الواسعة وترقيتهنّ. فنحن نشكّل نصف سكان العالم، ولا يجب أن ننسى أبدا القوة الكامنة في الأرقام.

ما هي نصيحة زينة زيدان إلى المرأة؟

أودّ أن أشارك تجربتي المهنية الشخصية لكي تتمكن المرأة من التفكير في كيفية انتزاع الفرص في حياتها الخاصة:

في وقت مبكر من حياتي المهنية، رأيت أن اختيار العمل في الشركات الذكورية والتقليدية جداً، لا يشقّ الطريق نحو النجاح. وكنت أعلم أنني بحاجة إلى العمل في شركات أكثر حداثة، توظّف الأشخاص على أساس الموهبة والجدارة، بدلاً من الجنس أو العرق - وهذا رصيد أساسي يعود إلى مساهمي شركة "Royal Financials".

وبهذه الطريقة انتهى بي المطاف في "Royal Financials"، حيث تشكل النساء نسبة 35% من القوى العاملة، وحيث هناك اعتقاد راسخ بأن المرأة تستطيع إحداث فرق؛ فهذه الشركة اتخذت خطوة جريئة واستراتيجية حين عيّنتني كرئيسة لمجلس إدارتها. وحينها أدركت أنه لا يجب أن نخاف من مواجهة التحديات، ومن تولي الأدوار ذات المسؤوليات الكبيرة، ومن تطوير أساليب القيادة الخاصة بنا.

وبصفتي الرئيسة، التزمت بإثبات أن المرأة تستطيع أن تتفوق في مناصب السلطة. وخلال فترة ستة أشهر، حققت تغييراً كاملاً في هيكل الشركة، ورؤيتها واستراتيجيتها.

وأنا أعمل بجهد وإصرار منذ وقت طويل، لأنني أعلم أن نجاحي هو إشارة قوية يمكن أن تشجع الشركات الأخرى على اتباع خطى "Royal Financials"، ما سيخلق فرصا أكبر للنساء الأخريات. فلا أحد سيعمل من أجل تمكين المرأة، إذا كانت المرأة بحد ذاتها، لا تعمل بجدّية لتمكين نفسها.

فنحن جميعا في هذا الواقع معاً، ولا نستطيع أن نستريح أبداً. لكن الموضوع لا يتمحور حولي شخصيا وحول إنجازاتي، بل يتعلق بكيفية تحقيق الإستفادة القصوى من قدرات النساء والإستثمار فيها وتعزيزها. حيث يجب خلق الفرص ليس فقط في شركتنا، ولكن في شركات أخرى، وبالتالي فتح الباب الإقتصادي للمزيد من النساء.

والأمر في أيدينا فقط... نحن النساء... نحن الأمهات والزوجات الأخوات والبنات... علينا أن نتطلع إلى الأدوار القيادية لكي نتمكن من تبادل الرؤى والتصورات والإستراتيجيات، من أجل خدمة كوكبنا وحياتنا.

ففي النهاية، الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات، والوقت قد حان للعمل!