لفت القطاع المصرفي اللبناني الاهتمام الدولي لقدرته على العمل في بيئة سياسية غير مستقرة نسبياً، والتكيّف مع بيئة غير مؤاتية.

والقطاع المصرفي اللبناني مستقرّ ومتين مالياً. وهو يلعب دوراً أساسياً في الإقتصاد الوطني حيث لا تزال المصارف مهيمنة على النظام المالي للبلاد، بإعتبارها المموّل الأكبر للأفراد والمؤسسات وللدولة .كما يخضع النشاط المصرفي بمجمله لقانون التجارة الصادر عام 1942 ولقانون النقد والتسليف الصادر عام 1963.

ورغم الركود الاقتصادي السائد في كل القطاعات ما تزال التسليفات المصرفية الرافد شبه الوحيد للمشاريع الاستثمارية سواء للأفراد، او القطاع الخاص او حتى القطاع العام.

في نهاية نيسان، بلغت التسليفات للقطاع الخاص 57مليارا و600مليون دولار وبنسبة تراجع0،7% عن سنة 2016 وزيادة 4.3% عن نيسان 2016.

وتقسم هذه التسليفات للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم.

في نھاية نيسان 2017 ،وصلت التسليفات الممنوحة من المصارف التجارية للقطاع الخاص المقيمما يوازي 77687 مليار ليرة أو ما يعادل 51534 مليوندولارمقابل 51198 مليون دولارفي نھاية الشهرالذي سبقه و51040 مليون دولار في نھاية العام 2016 و48723 مليون دولار في نھاية نيسان 2016 . وازدادت هذهالتسليفات بنسبة بسيطة بلغت 0.1% في الثلث الاول من العام 2017 ،مقابل ارتفاعھا بنسبة 4,1 %في الفترة ذاتھا من العام 2016.

وهي إشارة واضحة الى انخفاض واضح في الـ4 اشهر من السنة للتسليفات الممنوحة للقطاع الخاص خصوصاً المقيم بحدود 194 مليون دولار.

وبناء على ما تقدم، تعتبر مقولة ان القطاع المصرفي يحصر وجهة تسليفاته بالقطاع العام غير صحيحة.

وبالنسبة لكبير الاقتصاديين ومديرقسم الابحاث والدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل حجم التسليفات للقطاع الخاص هذا العام هو رقم متواضع .وهو يعكس حالة الجمود الاقتصادي المستمر وبالتالي تراجع ثقة المستهلك رغم الانفراج السياسي الذي عرفه لبنان في تشرين الفائت بعدما تم انتخاب رئيس للجمهورية وما تبعه من تشكيل حكومة. فرغم التفاهمات على المستوى السياسي ، لم يعطى القطاع الخاص الاولية اللازمة من قبل المسؤولين ما يساعده في تحسين المناخ الاستثماري المطلوب بعد تخفيف الاعباء التشغيلية ، اصلاح البنى التحتية، وتطبيق الاصلاحات اللازمة في الادارات العامة التي لم يتحقق منها اي شيء.

ولكن في المقابل، نرى ان الحكومة انصرفت في معظم اعمالها الى موازنة عامة تتضمن ضرائب جديدة تضرب القطاع الخاص المحرّك الاساسي للعجلة الاقتصادية والمصدر الوحيد للنمو بعد تأمين فرص العمل، الى جانب انشغالها بقانون انتخاب فتح سجالاً عقيماً، وطبعاً كل ذلك على حساب القطاع الخاص.

التسليفات للقطاع العام

اما بالنسبة للقطاع العام فقد بلغت التسليفات 37ملياراً و400مليون دولار في آخر نيسان .وارتفعت بنسبة 7،7% عن عن آخر 2016. اي ما يعادل بالليرة 56372 مليار ليرة، مقابل56902مليار ليرة في نھاية الشھر الذي سبقه و52344 مليارر ليرة في نھاية العام 2016.و57662 مليار ليرة في نھاية نيسان 2016.

وازدادت ھذه التسليفات بنسبة 7،7 %في الثلث الاولمن العام 2017 ،مقابل ارتفاعھا بنسبة 2،1 %في ّ الفترة ذاتھا من العام 2016 متأثرة جزئيا باكتتاب المصارف بسندات اليوروبوندز التي أصدرتھا وزارة المالية في آذار 2017 .وفي التفصيل، ارتفعت التسليفات المصرفية للقطاع العام بالليرة بمقدار 2490 مليار ليرة في الثلث الاولمن العام 2017 لتبلغ 31644 مليار ليرة في نھاية نيسان 2017 ،كما ازدادت التسليفات للقطاع العام بالعملات الاجنبية بقيمة توازي 1538 مليار ليرة لتصل إلى ما يعادل 24729 مليار ليرة.

وهذا بالطبع ، يعكس استمرار حاجة الدولة الى الاقتراض والاستدانة من المصارف ، بسبب عجز الموازنة وارتفاع حجم النفقات، مقابل غياب الواردات الضرورية التي من شأنها تحقيق التوازن.

وفي المقابل، فان ودائع المصارف التجارية في ​مصرف لبنان​ بلغت ما يناهز 85ملياراً و84 مليون دولار في نيسان. وقد تراجعت بنسبة 4،4% عن 2016. ومن المؤكد ان هذه الودائع تساعد في تأمين ثبات سعر صرف الليرة وتعزز الثقة والاستقرار النقدي والاجتماعي والمالي في لبنان وفق غبريل .

وبالتالي، فإن تسليف القطاع المصرفي للقطاع الخاص يحمي الاقتصاد ويشجّع الاستثمارات الاجنبية ويزيد الطلب على القروض التشغيلية. كما يساهم في تحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص .

ويلفت غبريل الى التعميم رقم 331 الصادر عن مصرف لبنان الذي أعطى الحوافز المالية للمصارف لتشجيع استثمارها في الشركات التي تعنى بالاقتصاد المعرفي وصناديق الاستثمار، وذلك ايمانا منه بالدور الذي تلعبه هذه الشركات في زيادة فرص العمل.

ويقول غبريل : باختصار القطاع المصرفي الممول الاكبر للدولة يريد ها ان تخفض حجم الاستدانة من خلال تخفيض نفقاتها غير المجدية، لانه بدون ذلك لايمكن تكبير حجم الاقتصاد.

معايير قوية في الإقراض

في اكثر من مناسبة، يعرب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الثقة في استقرار القطاع المصرفي في البلاد، مشيراً إلى أن هذا القطاع قد طوّر "مناعة" في وجه القضايا السياسية والاقتصادية.

ويؤكد أن "القطاع المصرفي في لبنان قوي جداً مقارنة بغيره في الدول المجاورة والمنطقة ككل حتى عندما يعمل في بيئة غير مؤاتية للنمو والربحية".

وفقاً لصندوق النقد الدولي، يتمتع القطاع المصرفي في لبنان بالسيولة وحضور الأصول والإشراف الجيد. وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن لدى النظام المصرفي اللبناني نموذج عمل محافظاً نسبياً، مراقباً بشكل جيد، ويتمتع بقاعدة تمويل مستقرة نسبياً مع حوالات كبيرة.

بشكل عام، مع وجود معظم التحديات المحيطة بالاقتصاد اللبناني وخصوصاً المصارف، لا يزال القطاع المصرفي اللبناني قادراً على التحسن والاستقرار بشكل جيد نتيجة معايير عدة تتعلق بعدة امور اهمها:

نشاط الإقراض إذ يتم تشجيع المصارف دائماً من البنك المركزي لتمويل القطاعات الإنتاجية والإسكان بالإضافة إلى قطاعات أخرى، الى جودة القروضحيث تتمتع المصارف اللبنانية بنوعية أصول جيدة.