بعد خلاف امتدّ لأكثر من ست سنوات حول طبيعة وتفاصيل القانون الانتخابي، شهد لبنان خلالها تمديدين للمجلس النيابي، توافقت القوى السياسية أخيراً على قانونٍ جديد على أساس النسبية، وتم أقرار القانون الجديد في جلسة مجلس النواب الأخيرة، كما مدّد المجلس مهامه حتى أيار 2018 (موعد الانتخابات المقبلة).

وعلى الرغم من أن القانون الإنتخابي الجديد ليس مثالياً، إلا أنه حمل عدداً من الأمور الإيجابية إذا تمت مقارنته مع قانون الـ 60 القديم، حيث نص على تقسيم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، إلى جانب إقرار الصوت التفضيلي على أساس القضاء، واستخدام البطاقة الممغنطة التي تسمح للمواطنين بالإدلاء بأصواتهم في مناطق سكنهم، وليس بالضرورة في مكان الولادة كما هو معمول به حاليا.

كما تضمن القانون الجديد بنداً يتعلّق بالمغتربين اللبنانيين في الخارج، حيث سيتم تمثيلهم في المجلس بـ 6 مقاعد، ولكن هذا البند لن يتم تطبيقه في الدورة المقبلة، بل سيطبّق في الإنتخابات ما بعد القادمة.

وجاء الإتفاق السياسي على قانون إنتخابي جديد في توقيت مثالي، حيث أصبحنا على مشارف إنتهاء شهر رمضان المبارك، وإنطلاق الموسم السياحي .. فكيف ستكون الحركة السياحية في موسم الصيف المقبل ؟ وما هي الإنعكاسات الإيجابية لإقرار قانون إنتخابي جديد على الإقتصاد بشكل عام؟ ما المطلوب من الحكومة الحالية في الفترة القادمة ؟ وكم ستبلغ نسب النمو في 2017؟ .. أسئلة كثيرة أجاب عنها نائب رئيس الجامعة الأنطونية عميد كلية إدارة الأعمال البروفيسور جورج نعمة في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

- كيف سينعكس إقرار القانون الجديد على الوضع الإقتصادي بشكل عام ؟ وماذا عن موسم الصيف؟

لا شك أن إقرار قانون إنتخابي جديد هو أمر مهم حتى ولو جاء متأخراً، فهذا سيعيد الثقة بالإستهلاك والإستثمار، وسيعطي الإقتصاد جرعة إيجابية بعد أن سادت حالة من الترقب والخوف في الفترة الماضية.

فالنصف الأول من العام شهد تراجعا في المؤشرات، حيث بدأ بشكل إيجابي في الشهرين الأولين بعد إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، إلا أن هذه الأجواء الإيجابية سرعان ما تلاشت بعد الخلاف السياسي حول قانون الإنتخابات، وتأجيل إستحقاق الإنتخابات النيابية.

ويأتي هذا الإتفاق برأيي في توقيت مهم جداً، فنحن أصبحنا على مشارف موسم الصيف، مما سيعطي نوعاً من الإطمئنان للسائح والمغترب اللبناني، خاصة أننا نشهد فترة من الإستقرار الأمني أيضا .. وهذا يعطينا امل بأننا سنشهد على صيف مميز، مما سيساهم في تحريك العجلة الإقتصادية خاصة وأن الإقتصاد اللبناني يعتمد على الإستهلاك بشكل كبير، وقطاع الخدمات يشكل جزءً كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن في المقابل فإن فترة ما قبل الإنتخابات لن تشهد تغييراً جذريا في الملفات الإقتصادية التي تحتاج إلى إصلاحات جذرية وإعادة ترتيب، فالحكومات عادة لا تستطيع القيام بأي خطوات إصلاحية قبل الإنتخابات، وخاصة في لبنان حيث ستواجه الحكومة معارضة سياسية وشعبية في بعض الملفات، خصوصا تلك التي يستفيد منها عدد من المواطنين والأطراف السياسيين (كالتوظيف العشوائي في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة وغيرها من الأمور الأخرى) .. وبالتالي فإن العمل الحكومي سيكون محدوداً في المرحلة الحالية، ويقتصر على بعض الملفات والقطاعات.

- ما هي أبرز الملفات التي يمكن للحكومة العمل عليها خلال فترة ما قبل الإنتخابات؟

كما ذكرت سابقا فإنّ الخيارات أمام الحكومة الحالية محدودة، حيث يمكنها العمل على الملفات التي بدأت بها فعلاً، والتي يوجد حولها توافق سياسي، مثل ملف النفط والغاز، إضافة إلى ملف الكهرباء.

فهناك خطة للكهرباء تم إقرارها، ويمكن البدء بتنفيذها سريعاً ليشعر المواطن ببعض التغيير، كما يمكن البدء بتلزيم شركات النفط والغاز للشركات المستوفية للشروط.

اما بالنسبة للملفات الأخرى، كالفساد في الإدرات، وملف النازحين السوريين، وملف البنى التحتية وغيرها .. فإنها ستتأجل إلى ما بعد الإنتخابات النيابية المقبلة، خاصة وأن الحكومة الحالية لا تملك القدرات المالية الكافية ولا الدعم السياسي اللازم للقيام بإجراءات وتغييرات حقيقية.

هل تعتقد أن السماح للمغتربين بالمشاركة في الإنتخابات النيابية، سيعيد ثقتهم بوطنهم الأم؟

لا شك أن إدراج بند خاص بالمغتربين في القانون الجديد، وتمثيلهم بـ 6 نواب في المجلس النيابي هو تطوّر جيّد وإيجابي .. ولكن بإعتقادي أن هذا البند - في الوقت الراهن على الأقل – هو بند "شكلي"، حيث لن يتم تنفيذه في الإنتخابات المقبلة، بل سيبدأ تطبيقه في الإنتخابات ما بعد المقبلة بحسب القانون.

لذلك، لا شيء مضمون حتى الأن، خاصة وأن مجلس النواب قادر على إجراء تعديلات على القانون في أي وقت، وقد يتم تعطيل هذا البند في المستقبل .. لذلك أعتقد أننا مازلنا بعيدين عن إعطاء المغتربين اللبنانيين حقوقهم.

هل سنتمكن من تحقيق نسب النمو التي توقعتها المؤسسات الدولية (2 إلى 2.5%) خلال 2017؟

الأجواء الحالية تشير إلى أننا سنشهد موسم صيف جيّد لم نشهده منذ سنوات، وكل المؤشرات تشير إلى أن النصف الثاني سيكون الأفضل أيضا في الأعوام الأربعة الأخيرة .. وبالتالي قد نحقق نمواً يتراوح بين 2.5 و 3% في نهاية العام 2017.

ولكن هذا الأمر مشروط أيضاً بقدرة الدولة على ترسيخ الإستقرار الأمني الموجود حالياً، والإستمرار بإستبقاء اي تهديد أمني أو إي مخطط لإستهداف لبنان أمنياً.