ربيع دمج

بعد مرور 8 أشهر على توقيف شبكة مؤلفة من 7 أفراد تورطوا في أعمال سرقة وإختلاس وتزوير داخل "الضمان الإجتماعي"، أصدر قاضي التحقيق الأول في جنايات بيروت، غسان عويدات، قراره الظنّي بحق الموقوفين، فطلب إتهام الـ7 بينهم 5 موظفين في الصندوق، بجنايات التزوير في المستندات الرسمية واستعمالها والاختلاس بواسطة التزوير وقبول الرشوة للقيام باعمال منافية للوظيفة والرشوة طالبا لهم عقوبة السجن 15 عاما أشغالا شاقة حدا اقصى.

و قد تحرّكت يومها النيابة العامة المالية على إثر الشكاوى المقدمة من "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" ومن أصحاب شركات ومؤسسات ومصرف بينهم مؤسسة "أ بي سي" ، وقد بوشرت التحقيقات في هذا الملف التي اوقف على اثرها المدعى عليهم لتتكشف عمليات الاختلاس التي كانوا يقومون بها وتزوير المستندات.

وظنّ عويدات بالمتهمة وديعة توما (وهي متعاقدة وسكرتيرة رئيس اللجنة الفنية) بجرم صرف النفوذ طالبا لها عقوبة السجن حتى سنة، فيما منع المحاكمة عن أربعة اشخاص بينهم رئيس اللجنة الفنية في الصندوق، سمير مارون عون، وأمين صندوق قسم السندات نديم فيصل لعدم كفاية الدليل بحقهم.

في المقابل أبقى عويدات على المدعى عليهم امين الصندوق منذر عربيد، والموظف في قسم تسجيل المؤسسات ابراهيم بيضون، ورئيس دائرة مصلحة الإشتراكات بالتكليف علي العطار، ورئيس دائرة الاحصاء وتنظيم اساليب العمل علي عياش ورئيس مصلحة براءة الذمة علي شقير وسكرتيرة رئيس اللجنة الفنية وديعة توما، وهم جميعاً موقوفين منذ تشرين الثاني العام 2016.

فيما يبقى رزق ش. ملاحقاً غيابياً وهو الرأس المدبر أصلاً في اللعبة وقد فرّ من لبنان لحظة وقوع الشبكة ومعه المبالغ الكبيرة المسروقة ، ويعمل كسمسار عقارات وهو صاحب مؤسسة لتخليص المعاملات الجمركية.

تجدر الإشارة إلى انه خلال التحقيقات معه كان جورج بعينو الوحيد الذي إعترف بما نُسب إليه وهوإبن المدّعى عليه منير بعينو الذي منع القرار المحاكمة عنه، تختصر دور كل من المدعى عليهم الذين كانوا يتقاضون شهريا مبالغ مالية طائلة منه و«هدايا». ويفيد جورج بعينو انه كان يعمل في مؤسسة والده ويقوم بتخليص معاملات الشركات في الضمان الاجتماعي وفي وزارة العمل.ثم راح يعقّب المعاملات الى ان تسلم ادارة المؤسسة وكان على عاتقه حوالي 160 شركة زاد عليها عدة شركات بفضل عمله.

كيف حصلت السرقات ؟

لفترة طويلة، لم تكن هناك شكاوى معلنة من الزبائن، وبينهم شركات وجمعيات مشهورة، إلى أن اكتشفت إيصالات دفع مزوّرة وبراءات ذمّة غير صحيحة، حصل عليها الزبائن عبر شركة "المضمون".

وضع القضاء يده على القضية فتدحرجت كرة الثلج، ليتبين وجود اختلاسات ضخمّة، قدّرت حتى الآن بأكثر من 10 مليارات ليرة، وشكاوى من 13 زبونا يتهمون جورج بعينو باختلاس أموالهم، فضلا عن ادعاء شخصي تقدّم به والد جورج ضدّه.

حاول المتهم الهروب إلى خارج لبنان، إلا أنه عاد وسلّم نفسه الى القضاء وعمد في التحقيقات الجارية معه إلى «توريط» ثمانية من العاملين في الصندوق بالاشتراك في عمليات الاختلاس، وأبرزهم رئيس اللجنة الفنية (الجهة الرقابية في الصندوق) سمير عون.

سمعة شركة «المضمون» لم تكن سيئة أيام كان يديرها والده، ولم يشتك منها الزبائن، كما لم ترد أي شكوى خلال السنوات الأولى على تولّي الإبن إدارتها، بل كانت أعمالها تزدهر، وكان من بين زبائنها: جمعية مصارف لبنان، شركات الوزير ميشال فرعون، سيدروس بنك، مطعم السلطان ابراهيم، الهبر للرخام، ABC، سبينس، سي تي ديجيتال، شركة أبنية وسواها من الشركات المعروفة، التي نقلت وكالاتها من الأب إلى الإبن لمتابعة معاملاتها لدى الضمان الاجتماعي.

من أبرز المعاملات التي كان ينفذها لحسابها، تسديد الاشتراكات المستحقة عليها عن موظفيها، الاستحصال على براءات ذمّة من الصندوق، تسجيل الموظفين الجدد، تسجيل ترك العمل للموظفين المصروفين أو المستقيلين.

أدوار المتورطين في الفضيحة :

في العام 2009 تعرف "بعينو" على شخص يقوم بمشاريع خارج البلاد عرض عليه مشاركته بمشروع في تركيا كلفته 600 ألف دولار، وان يؤمّن له القيمة للمشاركة فقام بكفالته بمبلغ 300 ألف دولار، وبعدما سافر ذلك الشخص الى تركيا لم يعد يعرف عنه شيئا واخذ الدائنون يطالبونه هو بالمال.

لجأ الى صديقه المدعى عليه منذر عربيد امين الصندوق ليستدين منه المال، فعرض عليه ان يعطيه الشيكات التي يقبضها من الشركات والمنظمة لصالح الضمان فيقوم هو بتجزئتها على جداول نقدية او تسويات نهاية خدمة او دفعات اولى تقسيط اشتراكات لشركات مختلفة عن الشركة مصدّرة الشيك مقابل اعطائه شهريا مبلغ 6 آلاف دولار وحصّة له.

وبالفعل قبض منه منذر في مكتبه ما مجموعه 450 ألف دولار خلال ست سنوات. اما المدعى عليه ابراهيم بيضون الموظف في الضمان فكان يقوم بختم طلبات براءة الذمة على انها شركات غير مسجلة خلافا للواقع، كما قام بتسريع معاملة تسجيل الشركات وفي توقف ارقام السيارات العمومية لقاء مبالغ مالية. وقد حصل من جورج على ما مجموعه 50 ألف دولار في الفترة التي تعامل فيها معه.

كما ان المدعى عليه علي عياش كان يقوم بتسيير الجداول وتأخير الانذارات مقابل هدايا يأخذها من جورج بصورة متواصلة ولقاء مبالغ مالية وصلت الى الـ200 ألف دولار في الفترة التي تعامل فيها معه، فيما المدعى عليه نديم ف. الذي منعت عنه المحاكمة، لم يكن يقبض المال من جورج ولكن عندما تزوج اهداه جهاز تلفزيون ومكيف هواء وان لا دخل للعمل بهذه الهدية.

وكان المدعى عليه علي علي عطار يقوم باستلام معاملات الاستخدام وترك العمل من جورج مباشرة في المركز الرئيسي دون المرور بمركز التبعية، كما كان يقوم باستلام معاملات كتاب استمرارية العمل مباشرة فينجزه دون المرور بالتفتيش وذلك لقاء 50 دولارا عن كل معاملة استخدام او ترك و200 دولار عن كل كتاب استمرارية وألف دولار عن كل تسجيل مؤسسة و3 آلاف عن كل كتاب تصحيح في الشركات، اي ما مجموعه 300 ألف دولار لفترة الاربع سنوات التي تعامل فيها جورج معه.

اما المدعى عليه علي شقير فكان يقوم باستلام طلبات براءة الذمة التي فيها معضلة، فيساوم على الحل وعلى المبلغ المطلوب وذلك لقاء مبلغ 1500 دولار اسبوعيا فضلا عن تكاليف سفراته الى المانيا بمعدل سفرتين في السنة، اي ما مجموعه حوالي النصف مليون دولار خلال ست سنوات.

وكانت المدعى عليها وديعة توما تقوم بدعم جورج في الصندوق لقاء مبلغ خمسة آلاف دولار شهريا دفعها في الفترة الممتدة من كانون الثاني 2016 الى آب من العام نفسه، كما دفع لها مبلغ 4 ملايين ليرة عن معاملة جمعية مصارف لبنان واحدى الشركات كما اهداها ساعة روليكس وطلبت منه ان يهدي المدعى عليه سمير عون سيارة من نوع رانج روفر "لانه هو من يحميك ويغطيك ويكبرك"، بحسب قولها له.

ويضيف جورج بانه عندما بدأت الشركات بمطالبته بدفعات مستحقة لها ومدفوعة للضمان فاتح منذ بالامر فاقترح عليه ان يجمع الشركات التي تريد منه ايصالات بالمبالغ المالية بشيك بقيمة كبيرة عائد لشركة ABC مثلاً المتعاقدة معه كونها تدفع مبالغ كبيرة للضمان. وان منذر قام بتجزئة الشيك المدفوع من الشركة المذكورة حتى دفع قيمته 200 مليون ليرة لشركات اخرى استحصل لها على براءات ذمة ولم يسدد عن الشركة اي مبلغ للصندوق.