أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري يوم أمس عن تمرير مجلس الوزراء قانون الإنتخابات، بعد انتظار طويل، مشيراً إلى أن "تم التمديد لمجلس النواب مدة أحد عشر شهراً لأسباب تقنية لأن الإنتخابات ستكون ضمن البطاقة الممغنطة" وأنه "لسوء الحظ موضوع الكوتا النسائية لم نستطع تمريره". كما اعتبر الحريري أن قانون الإنتخابات هذا هو انجاز تاريخي (ولا بد هنا من الإشارة إلى أن هذه الإنتخابات كان من المفترض أن تجري في العام 2013).

ومن جهته وزير الصناعةحسين الحاج حسن، رأى أن حجّة السياسيين لأولوية إقرار قانون الإنتخاب قد انتهت "وبالتالي فعلى الحكومة اللبنانية أن تبادر من الآن وحتى الموعد الذي ستجري فيه الإنتخابات النيابية في العام 2018، إلى التصدي بشكل حازم للأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة في لبنان، لا سيما وأن نسبة البطالة قد ارتفعت اليوم بشكل كبير خاصة بين الشباب، وأن هناك أوضاعاً إقتصادية صعبة تضرب كل القطاعات، سواء أكانت الصناعة أو التجارة أو السياحة أو الزراعة، وأن هناك تراجعاً في مداخيل الناس وازدياداً في حاجاتهم، وأن هناك أزمة حقيقية في البلد".

وللإطلاع أكثر على تداعيات الإعلان عن هذا الإتفاق إقتصادياً، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع كبير الإقتصاديين، ورئيس مديرية البحوث والتحاليل الإقتصادية في مجموعة "بنك بيبلوس" ​نسيب غبريل​:

ما هي إيجابيات الإتفاق على قانون إنتخابي جديد؟ وكيف سينعكس ذلك على الوضع الإقتصادي؟

في البداية، إذا اطلعنا على التأثير المباشر للإعلان عن القانون الإنتخابي الجديد يوم أمس على بورصة بيروت، بالرغم من حركتها الضئيلة وقلة سيولتها، فإننا نرى أنه لم يكن لها أثر، بل على العكس فإن حجم التداول قد انخفض.

برأيي الشخصي، إن التداعيات الإقتصادية للقانون الإنتخابي مبالغ فيها. نسمع المسؤولين وهم يتحدثون عن انشغالهم بقانون الإنتخابات وأنهم الآن بات بإمكانهم الإنشغال بهموم المواطنين، هذه المقاربة أثرت بشكل كبير على الوضع الإقتصادي.

المواطن اللبناني كان ينتظر تحسناً في قطاع الكهرباء من حيث ساعات التغذية، وانخفاض الفاتورة، وتخفيض فاتورة الإتصالات وتحسين نوعيتها، وإعادة تأهيل الطرقات، وإيجاد حل لأزمة السير الخانقة يومياً، وتجنب انقطاع المياه أو أزمة نفايات أخرى، وتغطية الفاتورة الصحية. هذه هموم المواطن اللبناني الحقيقية، إلا أن السياسيين مشغولون في القانون الإنتخابي.

لا أتوقع تداعيات إيجابية لقانون الإنتخاب، لأن الناس ملّوا الحديث عن هذه الإنتخابات التي كان يجب أن تحصل في العام 2013 وليس 2018. القانون الإنتخابي لن يجد حلولاً للمشاكل الإقتصادية والبيئية والإجتماعية والصحية والبنى التحتية. حل هذه المشاكل يبدأ بإرادة سياسية جامعة لاتخاذ المبادرات وبدء تنفيذ الإصلاحات وتخفيف الأعباء التشغيلية.

هل ترى أن الحركة الإقتصادية أتت على قدر التوقعات مع العهد الجديد والأجواء الإيجابية التي كانت سائدة في البلد؟

بعد الفراغ الرئاسي الذي استمر لفترةٍ طويلة، أدى الإنفراج السياسي من انتخاب لرئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2016 ارتفعت ثقة المستهلك بشكل ملحوظ، بحسب مؤشر بنك بيبلوس. وبما أن ثقة المستهلك تتأثر بالظروف الأمنية والسياسية إن كانت ايجابية أو سلبية، فإن ثقة العائلات اللبنانية للإستهلاك كانت مقترنة بشروط، وهي ترجمة الخطوات السياسية إلى خطوات تؤدي لتحسن ظروف معيشتها.

رغم الحل السياسي الذي حصل، فإننا لم نشهد بعد انطلاقة إقتصادية كافية وصحيحة، وذلك بسبب عوائق الأعباء التشغيلية على المؤسسات والشركات والقطاع الخاص بشكل عام، واهتراء البنى التحتية.

خلال الفترة التي تميزت بالإيجابية في نهاية العام الماضي، باشرت الحكومة بالحديث عن إقرار موازنة، وهو أمرٌ مطلوب بالتأكيد بعد فترة غياب دامت اثني عشر عاماً، ولكن الأمر الطاغي كان رفع الضرائب على الإستهلاك والمداخيل والأرباح، ما أدى إلى تراجع ثقة المستهلك من جديد، والسبب هو أن "هموم المواطن بميل وهموم السياسي بميل آخر".

هل ترى ان السماح للمغتربين بالإقتراع سيعيد إليهم الثقة ببلدهم الأم ويشجعهم على الإستثمار؟

ثقة المغتربين تماماً كثقة المقيمين، رغبتهم بالإستثمار تزداد مع ارتفاع نسبة الشفافية بالإقتصاد اللبناني وعندما تتحسن بيئة الأعمال ويرتفع مستوى التنافسية.

ما رأيك بتوقعات البنك الدولي حول تسجيل معدل نمو الناتج المحليالإجمالي في لبنان 2.5% في 2017؟

المؤشرات لغاية شهر نيسان أو حتى أيار تُظهر أن النمو أقل من هذا الرقم بكثير (1%)، لكننا نعوّل على موسم اصطياف ناجح يعتمد على المغتربين وليس الخليجيين، بالإضافةإلى موسم الأعياد في نهاية العام. نجاح هذين الموسمين، كما تبيّن كافة المؤشرات، يمكن أن يؤدي إلى تحسن نسبة النمو لكنها طبعاً دون المستوى المطلوب او الذي يتوافق مع الإمكانيات الحقيقية للبنان بعد الإصلاح بعمق.