دخلت عمليات النصب في لبنان بمرحلة متطورة جداً، وصارت تتمتع بأساليب جديدة ومبتكرة، كما أن روادها يوهمون الناس بأنهم رجال وسيدات أعمال من الطراز الرفيع ومن هذا الباب يدخلون للإيقاع بضحاياهم.

لا يوجد رقم رسمي لعدد قضايا النصب والإحتيال في لبنان، ولكن بحسب مصدر قضائي فإن العدد يفوق الـ150 دعوى شهرياً، هذه الدعاوى موزعة على كافة محاكم لبنان من شماله إلى جنوبه ووسطه.

في هذا السياق برزت قضية نصب جديدة تم التحقيق فيها في محكمة جنايات بعبدا وقد وقع ضحيتها رجل أعمال لبناني معروف "ج.ط" أما المتهم بالقضية فهو رجل أعمال لبناني لكنه "مزوّر" إنتحل صفة "مدير شركة أميركيّة" ونصب من جرّاء ذلك على عدد من الممولين والمستثمرين لكن "ج.ط" كان الأكثر جرأة في الذهاب إلى القضاء ورفع دعوى يشرح فيها كيفية خداعه من قبل "رفيق.ب"، بعدما أوهمه الأخير بأنه يرغب جداً، وبعد عودته من ولاية "ميتشيغن" في أميركا، بتوسيع أعمال الشركة المتخصصة في صناعة المأكولات التي أسسها هناك ويرغب في إفتتاح فرع لها في بيروت.

إقتنع "ج.ط" بالطرح الذي قدمه رجل الأعمال الموهوم لا سيما انه لم يظهر عليه اي بوادر نصب، فقد دعاه إلى عشاء فاخر في أحد الفنادق المهمة في العاصمة، كما عرض عليه أبرز المقالات التي كتبتها إحدى الصحف عنه، وكان في سياق الحديث يخبره بأنه ظهر على بعض المحطات اللبنانية وأنه سيشارك في حلقة إقتصادية مهمة مع إعلامي لبناني معروف جداً.

وكي يكتمل مشهد النصب تماماً تظاهر وكأنه يتصل بذلك الإعلامي لتحديد موعد تصوير الحلقة، كما عرض عليه مقاطع فيديو على "اليوتيوب" يظهر فيها وكأنه في مقابلة ليتبين لاحقاً خلال التحقيقات بأن هذه المقاطع تم تحضيرها بدقة و "منتجتها" بحرفية عالية ووضع "لوغو" محطة ما توهم المشاهد كانها قناة حقيقية.

هذه العروضات والإغراءات جعلت الضحية يستسلم لحلمه بزيادة أرباحه فقام بتسليم رجل الأعمال المزوّر مبلغاً وقدره 150 ألف دولار أميركي كنوعٍ من المساهمة في المشروع الموعود والمتوقّع أنّ يدرّ أرباحاً هائلة.

المبلغ دخل في عهدة "ر.ب" لكنه لم يخرج وإختفى عن الأنظار فجأة، حتى المكتب الذي إتخذه في منطقة "الحازمية" تبين أنه ليس إلا مكتباً وهمياً أيضاً تم تأجيره لشهرين كي تتم الصفقة المزعومة، ليكتشف متأخّراً أنّه وقع في فخّ مديرٍ وهميٍّ غاب أثره ولم يعد يردّ على اتصالاته الهاتفيّة فسارع إلى تقديم شكوى بحقّه.

بحسب التحقيقات القضائيّة التي أجراها القاضي ربيع الحسامي أنّ "ج.ط" الذي يبلغ 31 عاماً تعرّف على المدّعي وأوهمه أنّه يحمل الجنسيّة الأميركيّة وهو مدير شركة أميركيّة للمواد الغذائية معروفة جداً تريد افتتاح فرع لها في بعض المناطق اللبنانية، وأنّ العديد من محطّات التلفزة اللبنايية تُجري معه المقابلات والتي يمكن مشاهدتها على "يوتيوب" هذه المقابلات تم فبركتها فعلياً بحسب الخبير التقني القضائي، وتم تنفيذها على طريقة الأفلام وكأنها واقعية.

كما أن هذا الرجل المتواري عن الأنظار حالياً، سبق ونصب على أشخاص آخرين بطرق مشابهة، وكان في كل مرة يغير مكان إقامته ومكتبه وإسمه وحتى يضيف بعض التعديلات على شكله.

قاضي التحقيق الحسامي طلب عقوبة السجن حتى 3 سنوات للمدعى عليه، بعدما ظنّ به بجرم الإستيلاءعلى مبلغ مالي بعد إيهام صاحبه بمشروعٍ وهميّ، وأحاله للمحاكمة أمام القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا. 

ربيع دمج