عاد التفاؤل "النسبي" إذا صح التعبير إلى الأجواء في لبنان من جديد، وذلك بعد التفاهم الذي أُرسي الأسبوع الماضي، خلال الإفطار الذي أقامه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، والاتفاق شبه النهائي حول اعتماد القانون النسبي على أساس 15 دائرة انتخابية.

وأكد غالبية الفرقاء أن الاتفاق بات محسوماً بين مختلف الكتل السياسية، إلّا أن التفاؤل مازال حذراً، في ظلّ وجود نقاشات حول نقاط لم تحسم بعد في القانون، خاصة ان العدّ العكسي لنهاية ولاية المجلس النيابي قد بدأ.

ولا شك ان إقرار قانون إنتخابي عصري جديد يؤمن تمثيلا صحيحاً في المجلس النيابي، أمر سينعكس إيجاباً على الثقة بلبنان وبقيادته السياسية من جهة، وثقة بإقتصادنا الوطني وقدرته على النهوض والتحسن من جهة أخرى .. فإجراء الإنتخابات النيابية، سيؤمّن عودة سير المؤسسات بالشكل الطبيعي، وسيحد من الخلافات السياسية والتجاذبات التي تنعكس سلبا على الأجواء عامة دون إستثناء.

فما هي إيجابيات هذا الإتفاق المنتظر؟ وكيف سينعكس ذلك على الوضع الإقتصادي بشكل عام وعلى الإستثمارات بشكل خاص؟ ماذا عن موسم الصيف القادم ؟ وما هي الإجراءات المطلوبة للنهوض بالإقتصاد بعد إجراء الإنتخابات النيابية؟

هذه الأسئلة وغيرها، أجاب عنها الخبير الإقتصاد د. غازي وزني في مقابلة خاصة مع "الإقتصاد".

بداية، ما هي إيجابيات الإتفاق المنتظر على قانون إنتخابي جديد؟ وكيف سينعكس ذلك على الوضع الإقتصادي؟

لا شك ان الإتفاق على قانون إنتخابي جديد يرسي شيء من الطمأنينة السياسية والأمنية في البلاد، كما أن التفاهمات السياسية تنعكس إيجاباً على فعالية الحكومة، وفعالية السلطات التشريعية.

كل هذه الأمور تخلق أجواء إيجابية على كافة المستويات، خاصة وأن لبنان على أبواب موسم السياحة الصيفية التي تشكل حوالي 40% من إجمالي الحركة السياحية على مدار السنة، واللبنانيون اليوم يراهنون كثيرا على موسم الصيف الحالي، وهم بأمسّ الحاجة لتحسن الحركة.

من جهة اخرى يعطي هذا الإتفاق السياسي جرعة تشجيعية للمستثمرين ورجال الأعمال، مما يساهم في تحريك كافة القطاعات الإقتصادية، فالصورة المستقبلية المستقرة والإيجابية التي يمكن ان تترسّخ في ظل التفاهمات السياسية، تبعث نوعاً من الأمل بأن الأعوام القادمة ستكون جيدة وخاصة عام 2018.

وإذا تم إعلان الإتفاق خلال أسبوع من الأن، فإن موسم الصيف سيكون إيجابي، والحركة الإستثمارية والتجارية ستتحسن، إضافة إلى ان التوقعات للحركة الإستثمارية المستقبلية ستتحول إلى إيجابية.

ماذا بعد الإنتخابات النيابية ؟ وما هي الإجراءات المطلوب تنفيذها سريعا لتحسين الوضع الإقتصادي ؟

لا شك ان تحسن أداء الإقتصاد اللبناني يحتاج لإجراءات كثيرة، ولا يمكن الإعتماد فقط على الإتفاق والتوافق السياسي .. فعلى الرغم من أن الإستقرار السياسي والأمني مهم جداً للإقتصاد اللبناني الذي يعد إقتصاداً خدماتيا، إلا أن المطلوب أيضا هو أن نكون واقعيين، وأن نعترف بأن مشروع موازنة 2017 قد سقط، ويجب البدء بالعمل على مشروع موازنة 2018.

فالمهل الدستورية لإنجاز موازنة 2018 قد بدأت هذا الشهر، كما أن إقرار مشروع موازنة 2017 يحتاج إلى قطع حساب العام 2015 وهو امر غير متوفر، أضف إلى ذلك انه مربوط أيضا بمشروع سلسلة الرتب والرواتب، لذلك علينا الإعتراف بأن إقرار مشروع موازنة العام 2017 قد سقط، ويجب البدء بإعداد مشروع موازنة للعام 2018، يكون ذات رؤية إقتصادية وإجتماعية واضحة ومتكاملة.

النقطة الثانية التي علينا العمل عليها هي قطاع الطاقة والكهرباء، حيث يجب العمل على تطبيق الخطة التي تم إقرارها في مجلس الوزراء، بطريقة واضحة وشفافة .. كما يجب أن يبدأ العمل على بناء معامل الطاقة بالتزامن مع إستقدام بواخر إنتاج الكهرباء - التي لا يجب أن تستمر بدورها لأكثر من 3 سنوات -، بالإضافة إلى زيادة التعرفة.

أما النقطة الثالثة التي يمكننا العمل عليها في الأشهر الخمسة الأولى بعد إجراء الإنتخابات النيابية، هي ملف النفط والغاز، إذ علينا العمل سريعا العمل على إعطاء التراخيص للشركات المؤهلة قبل نهاية العام.

إذا إستطعنا إنجاز هذه النقاط الثلاث، فإن الوضع الإقتصادي سيتحسن بشكل كبير، والنظرة المستقبلية ستكون إيجابية جداً.

هل توافق على توقعات "البنك الدولي" بأن النمو الإجمالي للعام 2017 سيكون 2.5%؟

التوقعات التي وضعها "البنك الدولي" كانت في بداية العام عندما كانت الأجواء إيجابية، وقبل أن ندخل بمرحلة الخلاف السياسي حول قانون الإنتخابات.

ولكن الأمر الأن يعتمد على النصف الثاني من العام 2017، فإذا إستمرت الاجواء إيجابية، سينعكس ذلك على موسم السياحة الصيفي، وبالتالي سيتمكن لبنان من تحقيق نسب نمو إيجابية.

هل تعتقد ان الخلاف الكبير وقطع العلاقات بين الدول الخليجية وقطر سيؤثر على اللبنانيين العاملين هناك؟

لا أعتقد انه سيكون هناك تأثير مباشر على اللبنانيين العاملين في قطر، خاصة وان المجالات التي يعمل فيها اللبنانيين هناك بعيدة عن القطاع التجاري ... من هنا ارى بأن التأثير سيكون محدوداً جداً على العاملين والمقيمين في دولة قطر.