إنسان طموح وقائد ناجح في مسيرته، إستطاع أن يبني مسيرة مهنية كبيرة في حياته، تنقل خلالها بين عدد من الشركات وربح ثقة المحيطين به في كل خطوة كان يقوم بها.

وللإضاءة على هذه المسيرة كان لـ"الاقتصاد" لقاء مع المدير العام لشركة "وودن بايكري" في لبنان جيلبير حبيقة:

ما هي أبرز المحطات في مسيرتك المهنية والأكاديمية؟

تخرجت في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث حصلت على شهادة في الهندسة الميكانيكية عام 1996 والتحقت بشركة "أفيردا" التي كانت متخصصة بإدارة النفايات وتقدمت في وظيفتي بسرعة عالية جداً، فتم اختياري كقصة نجاح في الشركة حيث تدرجت في منصبين بسرعة، فبعد سنتين من التحاقي بـ"أفيردا"، أصبحت مسؤولاً عن أكبر قسم فيها وتحديداً في الصيانة، وبعد فترة أصبحت مدير العمليات في سوكلين. وفي فترة لاحقة، حصلت على MBA من الـESA في بيروت في عام 2005، ومن بعدها التحقت بشركة "إندفكو غروب" كمدير عام للمصنع الذي تملكه في مصر "يونيباك نايل" حتى العام 2013، عدت بعدها إلى لبنان وتسلمت منصب المدير العام لشركة "وودن بايكري".

ما هي أبرز الصعوبات التي واجتهك خلال مسيرتك المهنية؟

في معظم مسيرتي المهنية واجهت مشاكل على مستوى القيادة الإدارية، فالصعوبات تكمن في كيفية الإتفاق مع فرق العمل ووضع الإستراتيجيات والرؤى للعمل. ولكن التحديين الكبيرين اللذين واجهتهما في حياتي كانا: الأول في العام 2006 إبّان حرب تموز على لبنان وخاصة بعدما قامت "إسرائيل" بقصف الجسور والطرقات في لبنان عندما كنت في شركة "إندفكو" في منطقة حالات، والثانية إبان الثورة المصرية ضد حسني مبارك من خلال كيفية الإستمرار في العمل وإدارته في ظل الظروف الصعبة والمحافظة على الشركة وابقائها مربحة.

ما هي المواصفات التي تتمتع بها شخصيتك وساعدتك على تخطي هذه الصعوبات؟

على صعيد الشخصية التي أتمتع وكمدير، عليّ دائماً أن أعمل على إلهام فريق عملي على اتخاذ القرارات وكيفية تصرفه حيال الوضع القائم خاصة في ظل التحديات التي قد تواجهنا. لا يمكنني ان أحل مكان كل شخص يعمل في الفريق، ولا يمكن أن يكون لدي رقابة، حيث أقول للموظف إفعل هذا ولا تفعل ذاك، بل علي أن أقدم إستراتيجية معينة للعمل لإلهام الفريق حول كيفية تنفيذها، فمثلاً لا يمكن الطلب من الموظفين المحافظة على المصنع خلال الثورة في مصر، وأن أترك العمل وأرحل، لا بل علي أن أكون حاضراً هناك وبين الموظفين والعمال كي يستطيعوا أن يشعروا أنني قريب منهم في كل الوقت، وكيف يجب إدارة المهمة. أضف إلى ذلك، أنني أستطيع أن أتكيّف مع الثقافة والبيئة التي أعيش في ظلها وهي جزء من شخصيتي، فإذا كنت موجوداً في بيئة معينة أو بلد معين فعليك أن تتكيّف معه كي تستطيع العيش مع فريق عملك، وأن تستطيع أن تخلق معهم التغيير والتحدي. وما هو مهم هو أنه عليك أن تمتلك رؤية تفوق هذه الثقافة، وأن ترى أبعد منها وبطريقة مختلفة. يجب عليك أن تكون مؤثراً وفعّالاً، وأن تكون متقبلاً للفكرة الجديدة التي قد تظهر، وعليك أن تكون محفّزاً للموظفين لابتكار أفكارٍ جديدةٍ. وهذا ما يجعلك تقوم بالتغيير الذي تمتلكه. فإذا نظرنا اليوم إلى شركة "وودن بايكري" الأمر الذي جعلها مميزة أكثر من غيرها من الشركات؛ فهي نوعية منتجاتها، ولا يمكن أن تذهب إلى المنافسة مثل باقي الشركات، بل نعمل على تمييز نفسنا وعملنا عن الآخرين من خلال النوعية في الخدمة والنوعية في المنتجات، والتميّز يضعك في موقف بعيد من المنافسة ويجعل الناس تراك بطريقة مختلفة.

هل تعتبر أنك حققت نفسك بعد هذه الفترة الطويلة؟

لا يمكنني أن أصل إلى مكان أقول فيه بأنني حققت أهدافي، ولكن عندما تصل إلى هدف تصبو إليه تبدأ بالعمل على تحقيق هدف جديد. وفي مجمل الوضع يمكنني القول إنني نجحت وحققت نتائج جيدة، وما هو مهم بالنسبة لي هو ما أربحه كمدير، والذي يتمثل بالثقة بالسوق والثقة بالاشخاص.

ماذا تعلمت من هذه المسيرة؟

في كل هذه التجربة التي مررت بها، تعلمت أنه عندما تقوم بأمر ما عليك أن تؤدّيه لمصلحة المجتمع الذي تعيش فيه، لأن مصلحة المجتمع والأشخاص المحيطين بك سيعود عليك وعلى شركتك بالخير والربح والنتائج الجيدة. ومنذ فترة حاولنا في "وودن بايكري" أن نكون داعمين للمجتمع المدني وللجمعيات والقيام بنشاطات ضمن إطار المسؤولية المجتمعية للشركات (CSR) ومن خلالها نستطيع أن نكون حاضرين في المجتمع، والأشخاص يصبحون أوفياء لمؤسستنا، فكلما تعطي للمجتمع فسيكون هذا الاخير وفياً لك ويعطيك اكثر.

من هو مثالك الأعلى في الحياة؟

هناك الكثير من الناس الذين أتمثل بهم في كل مرحلة، ولكن البابا فرنسيس يؤثر بي كثيراً وخاصة لناحية طريقة القيادة التي يتمتع بها، وهي يجب أن تكون مثالاً لكل شخص، وبقدر ما هو إنساني ومتواضع يستطيع أن يضع حدوداً للمنصب الذي يشغله ويديره ويعمل من خلاله بمحبة وقيادة، وأعتبره علامة مميزة. وجاء كثير من البابوات في السابق وخاصة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي كان في مرحلة معينة، ولكنني أشعر في المرحلة التي نعيش فيها الآن بحاجة إلى البابا فرنسيس.

ما هي المشاريع المستقبلية؟

نقوم اليوم في "وودن بايكري" بالتوسع في كل لبنان، حيث وصلنا إلى سبعة وخمسين فرعاً للشركة، وكذلك الأمر نتوسع إلى الدول العربية حيث إن التوسع نحو قطر سيكون جاهزاً من أربعة أسهر إلى خمسة أشهر، وكما توسعنا إلى السعودية ودبي، ونحن متفائلون بالتوسع نحو شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية قريباً، والخطة التي نقوم بها هي تحويل "وودن بايكري" من شركة لبنانية رائدة إلى لاعب إقليمي مهم، ولاحقاً سنتوسع إلى العالم من خلال الولايات المتحدة الاميركية.

ما هي نصيحتك للشباب اللبناني اليوم؟

الوضع في لبنان صعب على الجيل الجديد بسبب غياب فرص التوظيف، ولكنني أقول لهم عندما تميّزون أنفسكم ستكونون مميزين في السوق. وأنصحهم بأن يقوم كل واحد منهم بالعمل على نفسه من خلال الرؤية البعيدة والطموح للمستقبل، وألا يتأثّر بالربح السريع، بل أن ينظر إلى المستقبل، ويكون أداةً للتغير وأن لا يقبل بالوضع القائم كما هو وهذا ما يجعلك متميزاً من غيرك في السوق وما يجعل الناس ينظرون إليك بطريقة مميزة ومختلفة، ويثقون بك.