أسس مركزاً تدريبياً تقنياً مجازاً من "مايكروسوفت" بعد أعوام من المحاولة للحصول على هذه العلاقة المباشرة.

ساهم في النهضة التعليمية التكنولوجية منذ صغره، فأوّل درسي تقني أعطاه كان في الصف العاشر!

ومنذ دراسته الجامعية وهو يجمع بين حلمه في التعليم وشغفه لعالم الكمبيوتر.

كان أوّل من أدخل الألواح التفاعلية "Active Boards" للصفوف الدراسية في لبنان.

ولأن طموحه لا يُحدّ، حصل على براءة إختراع في مشروع "Tablet to Table" ونال جوائز عالمية في مختلف الأصعدة....

كما إنتُخب رئيسا لجمعية المعلوماتيين المحترفين في لبنان بالإضافة عضويته في الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث وعضويته ايضاً في مجلس إدارة نقابة تجار المعلوماتية في لبنان والهيئة الوطنية للملكية الفكرية ونقابة خبراء المعلوماتيين المحلفين .

كذلك عمل لمكتب اليونسكو كمستشار لتطوير تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، وإذا بدأنا بعدّ مهامه وإنجازاته قد يسهو عن ذكرنا بعضها من كِثرها..

لذا كان لـ"الإقتصاد" لقاء حصري مع هذا الرجل اللبناني النموذجي ... ربيع بعلبكي الذي شاركنا أبرز محطات حياته المهنية وزوّد الشباب اللبناني بوصفة النجاح الذهبية..

-ما هي الأُسس التي ُبنيت عليها مسيرتك المهنية؟

أنا اعتبر ان الحياة مبنية على حلقة من التجارب لا تتوقف، يتعلّم منها الإنسان دروساًً ومفاهيم لا تعد ولا تُحصى. ولكن من أبرز القواعد التي إكتسبتها خلال رحلتي في هذه الحياة هي أن أكون منتجاً يومياً وان لا أسمح لنفسي لو مهما ضاقت بي الظروف ان أتحول الى مستهلك فحسب.

وإنطلاقاً من إيماني بعبرة " من تساوى يوماه فهو مغبون" بنيت مسيرتي على إرادة واضحة بأنه من غير المسموح ان يتساوى يومي هذا مع الذي سبقه، وأن لا أقبل ابداً بأن أكون مستهلكاً عادياً بل عليّ يومياً ان أحفز نفسي على تحقيق مستوى إنتاجي "أعلى من أعلى مستوى حققته سابقاً."

-من اين نبع حبّك للعالم التقني وكيف جمعت بينه وبين التعليم؟

تكوّن شغفي للعالم الرقمي منذ صغري، فبعد أن نجحت في الصف التاسع قدّم لي والدي حاسوباً هدية، نظراً لدرايته بعشقي لهذا المجال.

ولم يكن أحد حينها يدرك كيفية إستخدام الكمبيوتر، وكنا نقطن في قريتنا في الجنوب، لذا إضطررت الى التوجه الى مكتبة في قرية قريبة منا، وطلبت من صاحبها ان يطلب لي المجلة الوحيدة المختصة في الحاسوب وقتها وكان إسمها "الكمبيوتر والإلكترونيات" الصادرة عن "دار الصياد" في الحازمية، وطبعاً في ظل الحرب كان من المستحيل ان نحصل على هذه المجلة قبل 40 يوماً.

وبدأت أثقف نفسي من خلال هذه المجلة، وكوني رئيساً للجنة الطلاب في المدرسة إقترحت ان أدرس زملائي في الصفوف (التاسع ، العاشر والحادي عشر) مادة الكمبيوتر.

-هل لك ان تخبرنا اكثر عن مسيرتك الأكاديمية "المتنوعة" و"الشيّقة"؟

بعد ان تمكنت من تدريب زملائي في المدرسة على إستخدام الحاسوب، قررت ان أتخذ "عالم الكمبيوتر" مساراً لي في مسيرتي المهنية، ولكني للأسف لم أتمكن من الإنتساب الى "الجامعة الاميركية في بيروت" لأتخصص في هذا المجال.وإنتسبت الى كلية العلوم في الجامعة اللبنانية وكانت الظروف قاسية هنالك لعدم توفر مقاعد دراسية كافية، كما ان الصفوف كانت تُعطي باللغة الفرنسية فقط وكانت ثقافتي إنكليزية.

لذا إنتسبت الى كلية الأداب، وحينها أسست بالتعاون مع أستاذي في المدرسة برنامج التأهيل التربوي، بعد حصولنا على إذن من وزارة التربية بإستخدام المدارس خارج الدوام تحت إشراف المدير، لإعطاء دروس تقوية للطلاب شبه مجانية ، وكنت أدرّس مادة الكمبيوتر، وفي مرحلة لاحقة فإستلمت إدارة فرعين من الفروع التي إفتُتحت في المدارس.

-كيف تصف تجربتك مع الوظيفة الثابتة؟

عملت في مجال التسويق الذي احبه، ولكني لا أحب الوظائف التي تقتضي مكتباً ودواماً محدداً لانني أعتبرها وسيلة لتحجيم الطاقات.

وفي وقت لاحق في مسيرتي، بعد تأسيسنا للمعهد، طُلب مني أن أستلم إدارة شركة تقنية كان قد أسسها دكتور جامعي بالتعاون مع طلابه وإنشغلوا عنها وبدأت بالتراجع.

إستلمت إداراتها لمدة عام ونصف تقريباً، ومن بعدها إنفصلت عن الشركة لأن كان تطلعي منصب بشكل رئيس على الشق التعليمي أكثر مما هو على عالم البرمجة.

وهنا عدت من أول السطر لأرسم لي مساراً لطالما حلمت به، وكنت أملك حينها 1450 دولار فقط ورغم ذلك أسست مركز تقنيات المعلوماتية المتطورة.

-كيف تمكنت من الوصول الى شركة "مايكروسوف" العملاقة؟

قناعتي تقول ان اساس النجاح هو ان يتجه الإنسان للمصدر، ولكي أُعلّم الكمبيوتر بشكل صحيح كان علي ان أتجه لمن صنع هذه التقنية.

وكان هدفي هنا : كيف يمكنني ان أصل الى شركة "مايكروسوفت" التي كان لها مركزاً في دبي، وصرت حينها إتجه الى دبي بين الحين والآخر وزرت معرض "جايتكس" الضخم الذي ساعدني على التعرف الى الاشخاص العاملين في "مايكروسوفت" وإكتشفت عندها انه سيتم إفتتاح مكتب للشركة العملاقة في بيروت.

ومنذ إفتتاح مكتب "مايكروسوفت" التمثيلي في وسط بيروت، كنت أتطلع ان يكون مركز التعليم الخاص بي مجازاً من "مايكروسوفت" مباشرة، ولكني لأتمكن من ذلك كان على مركزي "ACT College" Advanced Computer Technology Center ، ان يكون "فرنشايز" وهذا يعني ان التكلفة ستكون مرتفعة ، خاصة ان الدورات التي كنت اقدمها كانت شبه مجانية.

وبعد 3 أعوام تمكنت من الحصول على موافقة رسمية من "مايكروسوفت" بعد ان تمكن طلابنا من الحصول على علامات متفوقة جداً صدمت الشركة.

وكان مركزنا في البداية عبارة عن 3 صفوف فقط، ومن بعدها وسعناه ليصل الى 18 صفاً.

في العام 2001 استطاعنا تحقيق المرتبة 34 على افضل 1000 مركز شريك تعليمي لـ"مايكروسوفت" في العالم و حصلنا على شهادة جدارة من مكتب "مايكروسوفت" لبنان للانجازات التي تم تحقيقها في فترة قياسية.

وكان عدد خريجي مركزنا في العام الواحد لا يتخطى الـ200 شخص وأصبحوا قبل حرب تموز 2800 خريج في العام الواحد.

-ماذا بعد "مايكروسوفت"؟

بعد "مايكروسوفت" أصبحنا نَحضر مؤتمرات دولية، وشهدنا نتائج ممتازة بتبوء طلابنا أحسن المراكز.

في عام 2002 حصلنا على أول اعتماد مركز تدريب مجاز من "أدوبي" لمنطقة الشرق الأوسط حيث وضعنا خبراتنا في تطوير التدريب وتصميم مسارات الشهادات العالمية لـ "أدوبي" (طباعة، الويب والفيديو ومتخصّص ابداعي) المعتمدة في جميع أنحاء العالم حتى الآن.

وفي عام 2003 أنشأت فرع "غراف ايست لبنان" لـ"غراف ايست" دبي، الرائدة بحلول الوسائط الإعلانية والمزودة لموارد الصور، وبرامج "أدوبي" الشرق الأوسط وغيرها من صناعة برامج الإعلان وحلول البرمجيات، وتصاميم الخطوط العربية والفنون الرقمية الغرافيكية.

وفي عام 2008 أصبحت ممثلاً من شركة "برومثيان" البريطانية لتجهيز الصفوف التكنولوجية و لدمج المحتوى التفاعلي في المناهج التعليمية عبر الـ"Active Boards"، وتمكنا من وضع هذه التقنية في اكثر من 1700 مدرسة في لبنان.

وبعدها بعامين وقعنا مذكرة تفاهم لتطوير اللغة العربية التفاعلية والمحتوى الإلكتروني للمناهج الجديدة مع وزارة التربية و التعليم العالي و المركز التربوي للبحوث.

كما أسست شركة "العالمية للتكنلوجيا والتعليم" في العام 2014 في لبنان والمملكة المتحدة لدمج التكنولوجيا في التعليم وخصوصا تعزيز المحتوى الإلكتروني الإفتراضي للكتب الرقمية.

وفي عام 2016 حصلنا على توكيل من إيرلندا لصناعة البرمجيات من خلال التكنولوجيا الانغماسية في التعليم و التدريب و التي تستخدم المحاكاة الافتراضية التفاعلية الرباعية الابعاد .

-ما هي أبرز العراقيل التي واجهت مسيرتك المهنية وكيف تخطيتموها؟

حزب تموز من العام 2006 كانت مرحلة مفصلية بالنسبة لنا، إذ كان لدينا ما يُقارب الـ50 موظفاً، كان الوضع مأساوياً بالنسبة لنا خاصة ان مركزنا يعتبر من الكماليات، ففي ظل الحرب من منا متفرغ ليأخذ دورات في علوم التكنولوجيا وأن يطوّر ذاته!؟

لذا إضطررت الى ان أستلم مشروع مع "مايكروسوفت" في أفغانستان، وقمنا بدراسة لمشروع ضخم، إلا انه فشل لسبب بسيط، ومن بعدها إتجهت لتنفيذ نفس المشروع في البصرة، وكانت حينها تشهد العراق حرباً ضارية آنذاك، ونجح المشروع هناك، إلا ان أحتدت الحرب لتصل الى مكان مشروعنا لذا قررت ان أعود إلى بيروت التي كانت تشهد تراجعاً إقتصادياً ملحوظاً.

حاولت حينها ان أخلق أفاقاً جديدة لمجال عملنا، وهنا بدأنا بالتعامل مع شركة " برومثيان" البريطانية.

-هل لك ان تخبرنا عن حبك للإختراع؟ وما هي أبرز إنجازاتك؟

حبي للإختراع بدأ منذ طفولتي فكنت أقوم بالعديد من التجارب في القرية.

ومن أحد الإختراعات التي أبصرت النور هي "Tablet to Table" وحصلنا على براءة إختراع فيها وبدأنا بالتطوير، وأسست مباشرة شركة دولية "GET" وإنطلقنا الى لندن وخصوصاً الى "BETT" المعرض البريطاني الذي يمكننا الوصول الى العالم كله من خلاله.

-ما هو مشروع "كتابي" وماذا يعني لشركتكم؟

فزنا بمناقصة مشروع "كتابي" الممول من الوكالة الأميركية للتنمية "USAID" و"WL World Learning" وباشرنا بالتنفيذ في 300 مدرسة ابتدائية رسمية و تفعيل اداء 1200 معلم ليستفيد من المشروع 60000 تلميذ.

هدف المشروع الأساسي هو وتأمين محتوى داخل الصفوف الذكية، مما نعتبره خطوة إيجابية نحو التطور خاصة في المدارس الرسمية.

-كيف تُرتب أولوياتك لتأسيس مشروع ناجح؟

أنا اعتبر أن المهارات التي يكتسبها الإنسان من خلال خبرته المهنية تؤدي الى تأسيس جسور متينة من العلاقات.

ويؤسفني ان الشهادات الجامعية والتي يجب ان تكون معياراً أساسياً للنجاح، لم تراعي موجة التطورات التكنولوجية التي عصفت بالعالم، مما أدى الى تأسيسنا لمركز تعليمي. كما ان على الإنسان ان يتعلم من تجاربه السابقة خاصة تلك التي لم تنجح .

-حصلتم على جوائز عدة خلال مسيرتكم، هل لك ان تخبرنا أكثر عنها؟

حصلنا على 4 جوائز عالمية، اولها جائزة أفضل شركة نشر الكتب الى رقمية تفاعلية في تركيا، جائزة اسرع شركة غير مسبوقة في النمو و التطوير من إيطاليا، أما في البحرين فحزنا على جائزة أفضل شركة في تطوير المعلم الفعال (15000)،وفي بريطانيا حصلنا على جائزة أفضل حلول للتعليم العسكري عن مشروع مدرسة مخابرات الجيش اللبناني.

ومن فترة قصيرة نالت شركتنا " iET" (Interactive Education Technology - جائزة إمتياز لأفضل الإنجازات غير المسبوقة في مجال التكنولوجيا والتعليم خلال حفل تكريم أقامته جمعية المعلوماتية المهنية "PCA" برعاية وزير الإقتصاد رائد خوري، وراعي جائزة الإبداع التكنولوجي مدير عام هيئة "أوجيرو" عماد كريدية. وكانت اول جائزة في الـ "Educational Technology" تُقام في لبنان.

-ما هي مشاريعكم الحالية؟

نقوم الان في تنتفيذ مشروع "دراستي ورلد ليرننغ" الممول من وكالة التنمية الأميركية للمدارس الابتدائية في لبنان.

-من خلال خبرتك الطويلة ما هي نصيحتك للشباب؟

أدعو الشباب للإلتزام بالمصداقية والأخلاق فكل ما يرتبط بالقيم هو حصانة للشخص نفسه ودافع للإستمرار وملاحقة النجاح، لم يكن يوماً "المردود المادي" هو الدافع الوحيد للإنسان، فقد ينام المرء غنياً ويُصبح فقيراً.

وأكرر على الشاب ان يكون منتجاً (ولو بفارق بسيط) وليس مستهلكاً، أما اذا اضطر ان يكون مستهلكاً عند أهله مثلاً ،وهذا امر طبيعي، عليه ان يدرك انه عندما يطمح الى تعويض هذا الإستهلالك ستكون "العزيمة" سلاحه.

وهنا أستعين بالحكمة التالية:"إذا هبت أمرا فقع فيه، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه." فمواجهة الامر الذي نخاف منه،في قعره، أنبل مئة مرة من مراقبة أحلامنا عن بُعد.

تحكّم في الامور التي يمكنك ان تسيطر عليها كنجاحك، عِلمك ومهاراتك ، وإتركِ لأقدار لكاتبها.