"ما هي هوايتك؟ المطالعة". هذه الاجابة تكاد تكون موحدة بين غالبية اللبنانيين لحظة يبادرهم احد بهذا السؤال. ولكن المؤسف ان البعض يدرج المطالعة ضمن هواياته فقط للإيحاء بأنه من خيرة المثقفين، واذا توغلنا في تفاصيل حياته اليومية نجد ان آخر كتاب قرأه كان على مقاعد الدراسة.

وعلى الرغم من ان قسماً من اللبنانيين، ولو كان ضئيلاً، لا يزال يعيش لذة القراءة، اشارت الدراسات الاخيرة، وبحسب وزارة الثقافة، الى ان نسبة المطالعة تعتبر من الأدنى على مستوى العالم.

ولا شك أن الجيل الجديد اليوم إبتعد كثيرا عن الكتب والمطالعة بسبب إنتشار وسائل التواصل الإجتماعي، ووسائل الترفيه والتسلية، كما أن النظام التعليمي والمناهج الدراسية وطريقة التعليم المتبعة في المدارس اللبنانية، مازالت رجعية وغير مناسبة، وتساهم في نفور الطلاب من مصادر المعلومات والمعرفة.

إزاء هذا الواقع، أطلقت اللبنانية رانيا زغير مبادرة "لبنان يقرأBooks For Lebanon - "، التي تهدف إلى توزيع أكثر من 1،500،000 كتاب للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 14 سنة، مجاناً، حيث يتم إختيار هذه الكتب بعناية وذوق، وبشكل يتناسب مع أعمار الأطفال وإهتماماتهم.

وفي حديث خاص لـ"الإقتصاد" قالت صاحبة الفكرة أن "لبنان يقرأBooks For Lebanon - " هي "جزء من المبادرة العالمية "Books International"، المدعومة والمرخصة من منظمة الـ"يونيسكو"، وهناك مبادرات مشابهة في العديد من الدول كـسوريا، تركيا، كوريا ... وغيرها".

وأضافت "Books For Lebanon إنطلقت العام الماضي بعدما وقّعتُ مذكرة تفاهم مع Books International لتنفيذ هذه المبادرة في لبنان، ونهدف من خلالها إلى توزيع كتب بشكل مجاني على أكثر من 1000000 طفل موجود على الأراضي اللبنانية".

وتابعت "الفكرة بدأت من شغفي الخاص بالكتابة في مجال آداب الأطفال وإمتلاكي لدار نشر، حيث وجدت بأن حصول الطفل على كتاب مناسب لعمره وبشكل مجاني، يعتبر حق من حقوقه .. فتغيير صورة المجتمع اللبناني تبدأ من توفير الفرصة لهؤلاء القراء الصغار لكي يقرأوا، فالشعوب التي تقرا تختلف كثيرا عن الشعوب البعيدة عن القراءة، لذلك أطلقت هذه المبادرة علّنا نساهم في تأمين كتاب لكل طفل من خلال مدرسته وبشكل مجاني على مدى 4 سنوات".

وكشفت زغير ، أنه تم توزيع 150000 كتاب بين مدارس رسمية وخاصة في السنة الأولى من المبادرة، حيث إستهدفت الحملة بيروت الكبرى، وهذه السنة سيتم توزيع الكتب في أقضية جبل لبنان، وسوف تستمر الحملة حتى الوصول إلى الهدف النشود، وهو إعطاء كتاب مجاني لكل طفل في لبنان.

وحول الصعوبات التي تواجههم خلال العمل قالت زغير أنهم "يواجهون بعض الصعوبات مع المدارس، حيث أن الأساتذة والإدارة ليس لديهم الوقت الكافي، ويعانون من ضغوط العام الدراسي، ولكن هذه الصعوبات عادة ما يتم تخطيها وإتمام المهمة بنجاح ... أما الصعوبات الأخرى فتكمن بإقناع الأسخاص المتمولين بالإستثمار في الإبداع، ففكرة الإستثمار بالإقتصاد الإبداعي مازالت غير رائجة في لبنان".

أما فيما يتعلق بتأمين التمويل اللازم لشراء الكتب وغيرها من الحاجات الأخرى قالت صاحبة الفكرة أن "جزءاً من التمويل يأتي من Books International، والجزء الأخر يأتي من تبرعات ومساهمات تقدمها مؤسسات وأشخاص. أما الكتب فيتم شرائها من دور النشر اللبنانية مما يساعد على تحريك العجلة الإقتصادية لهذا القطاع الذي يعاني من مشاكل كثيرة ايضاً".

ورداً على سؤالنا عن تأثير الـ "Social Media" وإنتشار الإنترنت على القراءة والقراء في لبنان، قالت زغير أن "وسائل التواصل الإجتماعي والتطور التكنولوجي ليس له علاقة بالإبتعاد عن القراءة، والدليل على ذلك هو الدول الإسكندنافية، فبلد مثل السويد يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا من اجل الوصول إلى المعلومات والمعرفة، وبنفس الوقت لديهم أكبر نسبة من القراء في العالم .. لذلك لا يمكن ربط هذين الأمرين مع بعضهم البعض، والمشكلة في لبنان مختلفة برأيي، فنحن شعب كسول، ولدينا علاقة سيئة مع الكتاب العربي، كما أن الطرق التي نعلّم فيها الأطفال مازالت رجعية وتدفع الطلاب إلى النفور من مصادر المعلومات والمعرفة".

وتابعت "التكنولوجيا يمكن أن تلعب دوراً كبيرا في تطوير المعرفة، ووسائل التواصل الإجتماعي تساعد كثيرا على التسويق للكتب وللقراءة، ولكن ما يدفعنا للنفور من مصادر المعرفة في المجتمع اللبناني هي طريقة التعليم الغير صحيحة، والمنهج الدراسي الذي يتراجع عاماً بعد عام للأسف".