يعود ​شهر رمضان​ المبارك كل عام بروحانيته وعبقه الذي يترقبه فيه جميع المسلمين، وهم على دراية بما ينتظرهم في المقلب الاَخر من ارتفاعٍ في ​الأسعار​ وضائقةٍ ماديةٍ، وكأنهم غير مكتفين بما يحملونه طوال أشهر السنة من عثرات وديون لسداد الفواتير المتوجبة عليهم من جهة، ولتأمين قوت يومهم من جهة أخرى. 

يقوم الكثير من الناس بتحضير مونة هذا الشهر الفضيل قبل مدة من الزمن من خلال تخصيص ميزانية كافية لإشباع العائلة رغماً عن طمع التجار، فيما يتابع اَخرون عناءهم بالإكتفاء بما يستطيعون توفيره من مواد غذائية بسيطة، وذلك عدا عمّن لا يجد ما يقتات به بعد صيام يوم طويل وشاق.

هل ستتم السيطرة على أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان 2017؟  

وللإطلاع على أوضاع الطبقة المتوسطة من الشعب اللبناني مِمَّن يصوم هذا الشهر الفضيل؛ قام موقع "الإقتصاد" باستطلاع المواطنين ضمن محافظة بيروت في منطقتي الشياح وطريق الجديدة، والحال واحدة! زيادةٌ في الأسعار تتفاوت من محل لبيع المواد الغذائية إلى اَخر.

"نظراً لزيادة الطلب على الخضار فمن الطبيعي أن يزيد سعرها" هذا ما قاله حسين صاحب محل البقالة في الشياح، وعلقت أمل أنهم كمستهلكين فقد توقعوا هذه الزيادات في الأسعار كما العادة خلال شهر رمضان رغم أنه شهر الفقراء ولكن التجار غير ملتفتين إلى ذلك.

أما أسعار المعلبات والمواد التموينية فقد لفتنا وجود عروضات في أحد المحال التجارية الصغيرة، ولكن صاحب محل اَخر أشار إلى أنهم يهمّون إلى زيادة أسعار بعض المعلبات والمواد، وعند سؤالنا عن السبب قال: "إنها العادة في كل سنة عندما يعود شهر رمضان نرفع الأسعار لعلنا نستفيد قليلاً". وقد أضاف محمود وهو أحد المارة، أن أسعار اللحوم ثابتة لكن الصراع العائلي سيكون نتيجة ارتفاع أسعار الخضار والتي هي مكون أساسي في السفرة الرمضانية ولصيام صحي.

بدورها المواطنة مهى التي تعيش في طريق الجديدة قالت: "إن زيادة الأسعار باتت أمراً محتوماً، ولكن الفرق يكمن بين محل واَخر لربما هناك تفاوت في أسعار المواد الغذائية فهي تبحث عمّا يناسب دخلها لتشتري حاجاتها". وقالت جارتها سميرة أنهم يترقبون هذه الزيادة في الأيام الأولى من شهر رمضان ولكنهم مجبرون على شراء حاجاتهم وإن كان السعر مرتفعاً. وأيضاً سيرين كان لها رأي مماثل، وأضافت أن العام الماضي شهد ارتفاعاً جنونياً في لأسعار وتتمنى أن يكون هناك مراقبة وردع للتجار هذا العام.

أما صاحب محل اللحوم خالد أكد أنهم سيلتزمون بالتسعيرة الفعلية ولن يقوموا بزيادة الأسعار، أما صاحب محل البقالة المقابل له فقد أكد أن ما يبيعه من خضار وفاكهه ستكون أسعاره مضاعفه وأكثر، وأوضح أن الأمور ليست بيده لأنه سيشتريها بسعر أغلى وبالتالي عليه أن يحقق بعض الأرباح ليطعم عائلته.

فيما أكد سابقاً وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري أنه "سيكون لمراقبي وزارة الاقتصاد جولات عدة على المحال التي تبيع مواد غذائية خلال شهر رمضان المبارك، لضبط عدم التلاعب بالأسعار".

وقد كان لـ"الإقتصاد" حديث مع مسؤولة قسم مراقبة سلامة الغذاء في "جمعية حماية المستهلك" المهندسة ندى نعمة التي أكدت أن "الجمعية تقوم برصد السوق خلال الفترة الأخيرة ولم يكن هناك زيادة ملحوظة في الأسعار حالياً، علماً أننا نركز على السلع الغذائية الأساسية من لحوم وخضار وبقوليات، وهي التي يكون الإقبال عليها كثيفاً في شهر رمضان، فهي مبدئياً محافظة على سعرها الحالي. ولكن في الأسبوع الأول من شهر رمضان وفي كل عام نشهد ارتفاعاً في أسعار هذه المواد نظراً للطلب الكبير عليها، وكما نعرف أنه عندما يزيد الطلب على سلعة ما، يزيد سعرها وتكون فرصة للتجار للإستفادة من الوضع، وهذا ما يحدث فعلياً خلال الشهر الفضيل، ونحن نراقب السوق يومياً وسنتابع ذلك".

وأضافت نعمة أنه "تم تحذير التجار من رفع الأسعار، وقالت: إنه ستتم محاسبتهم في حال تلاعبهم بالأسعار، ودعت وزارة الإقتصاد لمتابعة الأمر عن كثب لحفظ حق المستهلكين ووضع حد لهوامش الأرباح"، وتمنت أن يتم التعاطي مع الموضوع بجدية.

وكجمعية لديها سلطة رقابية ستقوم حماية المستهلك بالإعلان عن أي إرتفاع في الأسعار، وتحذير المواطنين عبر وسائل الإعلام، بحسب نعمة التي توجهت بدورها للمستهلك داعية إياه لتخفيف الضغط عن الأسواق، خاصة في الأسبوع الأول من شهر رمضان وأن يقسّموا شراء حاجاتهم على ثلاثة أسابيع.

وأشارت نعمة إلى أن الجمعية على أهبة الإستعداد لتلقى أي شكوى من المواطنين على الخط الساخن في حال ملاحظة أي زيادة في الأسعار، كما يمكنهم التواصل مع الوزارة على 1739 أو على رقم جمعية حماية المستهلك 01750650 للإبلاغ عن أي إرتفاعات في الأسعار غير مبررة في أي مؤسسة مع ضرورة تأمين إثباتات بالفواتير.

إذاً هذا هو شهر الرحمة يعود من جديد ليبشر المواطنين أن زيادة الأسعار قادمة لامحالة.. وبين تعطش التجار الرمضاني إلى زيادة الغلّة وتحذيرات وزارة الإقتصاد والتجارة بالإضافة إلى جمعية حماية المستهلك يدفع المواطن ثمن صيامه غالياً ولا يبقى في حسابه للشهر الفضيل سوى ثواب الاَخره.