خاص "الإقتصاد"

أيام قليلة جداً تفصلنا عن حلول شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الذي أصبح بديهياً مرتبطاً بإنتاج وعروض الأعمال الدرامية إلى جانب بعض البرامج المخصصة لهذا الشهر الذي يبدو أنه منذ عشرات السنوات تحوّل إلى مشروع إقتصادي مربح .

منذ خمس سنوات بدأ العد التنازلي لشركات الإنتاج التي كانت تنتج أضخم الأعمال بميزانيات ضخمة جداً، يأتي ذلك مع حركة طلب كبيرة من قبل المحطات العربية واللبنانية للتنافس على شراء الحق الحصري للعرض أو العرض الأول له بسعر أقل.

في السنتين الأخيرتين تراجعت الميزانيات المالية لشركات الإنتاج لا سيما في سوريا ولبنان، هذا الأمر ينتج عن تراجع المحطات الكبيرة كقناة "الأم بي سي" على سبيل المثال من شراء الأعمال العربية مكتفية فقط بالدراما الخليجية لتشجيع هذه الصناعة والحدّ من دفع مبالغ طائلة لعرض عمل ما، لا سيما أن الدراما الخليجية تقدّمت وأصبح عليها الطلب والإقبال من الجمهور الخليجي برمّته حتى في بلاد المغرب العربي.

ميزانيات محدودة وتدني أجور العاملين ومحطات تتهرب :

بحسب شركات الإحصاء في لبنان، منهم "جي أف كي" فقد انحصرت سوق القنوات اللبنانية في العام 2017 بين ثلاث محطات، هي: "أل بي سي" و"أم تي في" والجديد" فيما بقيت القنوات الأخرى خارج السباق بفعل عوامل عدة أبرزها الأزمة المالية، كقناة "المستقبل" التي فضّلت إعادة بعض الأعمال الدرامية التي أنتجت في العام 2016، كذلك قناة "الاو تي في" وغيرها.

في حديث مع مدير إحدى شركات الإنتاج "السورية –اللبنانية" )وقد رفض الإفصاح عن إسمه وإسم الشركة لعدم الإحراج وكشف أسرار المهنة على حد قوله( ، وقد أوضح أنّ " المجموع العام للميزانية التي تخصصها المحطات لشراء الأعمال وصلت إلى مليوني دولار، بينما تستثمر شركات الإنتاج مبلغاً كبيراً في قطاع المسلسلات بغية جذب المشاهد".

وبحسب المدير فإن “أجور الممثلين تراجعت عن السنوات السابقة، كذلك بدل أتعاب التقنيين، وحاولنا كما غيرنا من شركات الإنتاج الحدّ من المصاريف وحصر التصوير في أيام قليلة لعدم زيادة المصاريف”.

مدير الشركة يشكو من عدم إقبال المحطات الخليجية على سوق الأعمال المصرية واللبنانية والسورية، فقد تراجعت حركة الشراء 40% عن العام الماضي، فيما خصصت هذه القنوات ميزانية أكبر للإعلانات التي تعتبر الحصان الرابح في هذا الموسم كذلك بالنسبة إلى البرامج التي تقدم الجوائز والتي تمولها عادة وترعاها شركات كبيرة يهمها إظهار إسمها في هذا الموسم".

بالنسبة إلى لبنان، يقول عضو مجلس الإدارة في شركة "جي أف كي" للإحصاء، طارق عمار، أنّ الميديا البديلة قضت على كل شيء فهي حوّلت الإعلانات من المحطات إلى مواقع التواصل الإجتماعي وبالتالي المحطة التي تعتمد على كميات الإعلانات المنهالة في هذا الموسم لم تعد كذلك وبالتالي لن تستطيع هذه المحطة شراء عمل درامي ضخم بميزانية مليون دولار أميركي كما في السابق.

بالنسبة إلى المحطات اللبنانية، فقد لجأت بمعظمها إلى شراء أعمال دراميبة لبنانية كونها الأقل تكلفة وميزانياتها غير مرتفعة كالسورية والمصرية، كما أن الدراما المحلية إستطاعت في الفترة الأخيرة من إستقطاب عدد كبير من الجمهور.

مجموع الأعمال المحلية التي أنتجت في لبنان في العام 2017، فقد وصل عددها إلى 12 عملاً لبنانياً، لكن لا يوجد رقما رسميا محددا للتكلفة الإنتاجية الخاصة بها، كون شركات الإنتاج لا تفصح بتاتا عن أرقامها، ولكن تكلفة الحلقة الواحد في العمل الدرامي اللبناني لم تتجاوز الـ4 ألاف دولار ولم تقلّ عن الـ3 ألاف دولار أميركي وفق معلومات حصل عليها موقع "الإقتصاد".

وقد حاولت شركات الإنتاج التخفيض من اجور الممثلين كي تستطيع بيع أعمالها إلى محطات محلية بعد إبتعاد السوق الخليجي عن كل الأعمال الغريبة عن بيئته ودعم دراما بلاده.

وفي هذا السياق فقد علم "الإقتصاد" من مصادر إنتاجية مطلعة أن ميزانية أضخم مسلسل رمضاني عربي بشكل عام لهذا العام كانت لـ"غرابيب سود" وهو من إنتاج شركة قنوات "أم بي سي" وميزانيته وصلت حد الـ20 مليون دولار أميركي، وهو يروي ظاهرة "داعش" في المنطقة وكيفية إستقطاب القاصرين والأطفال والنساء إلى صفوفه وهو إنتاج مشترك، وسوف تعرضه قناة "الأم بي سي" كعرض أول على أن تعود قناة "الأل بي سي" بعرضه ( وقد إشترته بسعر أقل كونه ليس حكراً لها) في أوقات لاحقة.

لبنان أنتج 4 أعمال فقط بميزانية متوسطة :

أما بالنسبة إلى عدد الأعمال الدرامية اللبنانية فقد وصل عددها نحو 6 أعمال، وهي من إنتاج لبناني بحث هذا عدا عن الأعمال اللبنانية –السورية، وفي هذا الصدد تعرض قناة "الأم تي في" مسلسل لبناني بحت هو "لآخر نفس" بميزانية متوسطة وهو من إنتاج المحطة نفسها وبحسب المطلعين من هذا العمل فإن ميزانية العمل لم تتعد أكثر من 100 ألف دولار أميركي بين أجور ممثلين وتقنيين وستعرضه حصراً هذه المحطة.

أما العمل الللبناني الثاني فهو من إنتاج محطة "الأل بي سي" وستعرضه القناة حصرياً على شاشتها وهو "ورد جوري" الذي تعتبر تكلفته أيضاً غير ضخمة كباقي الأعمال اللبنانية – السورية المشتركة نظراً إلى أنه إنتاج محطة وليس شركة إنتاج متخصصة ، وبالتالي لن يعرض أو يباع لمحطة أخرى ما معناه أن الربح سيكون محدوداً في هذه الحالة، بحسب مصادر قريبة من فريق العمل.

وقد بلغت ميزانية العمل بين الـ100 إلى 150 ألف دولار وبمعدل 5 ألاف دولار للحلقة الواحدة.