ربيع دمج

أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول في المحكمة العسكرية في بيروت، رياض أبو غيدا، قراره الظنّي في ملف تحويل أموال من لبنان إلى سوريا وتركيا ودبي بطريقة غير شرعية من قبل جهات تدعم تنظيم "داعش" والتهمة "تمويل جهات إرهابية".

وجاء في قرار القاضي أبو غيدا إدانة 27 موقوفاً من الجنسية السورية والفلسطينية واللبنانية كانت تتخذ من محلات صيرفة وتحويل أموال تقع في شارع "الحمراء" في العاصمة بيروت ( وهو من أرقى شوارع العاصمة اللبنانية) إضافة إلى مناطق أخرى تتواجد فيها مراكزاً لتمويل الإرهاب بطرق سرّية.

وبحسب قرار أبو غيدا فإن مئات آلاف الدولارات كان يتم تداولها نقداً خارج النظام المصرفي اللبناني وخلافاً لقوانينه المعمول بها، و كانت تتنقل بين تجار وشركات صيرفة في لبنان وسوريا وتركيا ودبي دون أي قيود أو إيصالات بالإستلام بين الذين يتداولونها وإنما بموجب "كلمة سرّ" معروفة بينهم جميعاً، وهذه الكلمة تكون عادة رقم هاتف أحدهم وأحياناً لقب ما.

وخلال التحقيق معهم من قبل القاضي أبو غيدا سأل الموقوفين عن كيفية نقلهم أموالاً نقدية بمبالغ طائلة تراوحت من المائة ألف دولار إلى المليون دولار أميركي كانت تُنقل بواسطة أكياس من "النايلون" من مؤسسة إلى أخرى دون وجود وصل رسمي سوى قصاصة ورق صغيرة تثبت عملية التسلم والتسليم فكانت إجابة جميع الموقوفين بأنهم "إعتمدوا على الثقة".

ولكن بعد التحقيقات الموسّعة من قبل القاضي أبو غيدا أورد في تقريره بأن هؤلاء كانوا فعلياً يتّخذون من محلات ألبسة ومحلات بيع مواد غذائية في العاصمة بيروت مكاتباً لشركات عالمية لتحويل الأموال وهي شركة "omt" وكل ذلك حصل دون أي رخص قانونية.

وبحسب القرار الظنّي للقاضي فأنّ هذا التداول إتّخذ وجهان هما :

الوجه الأول : نُقلت الأموال المتداولة إلى المنظمات الإرهابية من قبل بعض المدّعى عليهم دون وجود أي علاقة لمؤسسات الصيرفة في لبنان، وهو موضوع هذه الدعوى.

الوجه الثاني: لا علاقة له (أي الوجه الثاني) بتمويل الإرهاب ووقائعه تتطلب تحقيقات تقنية تخرج عن إختصاص القضاء العسكري.

وأرفق أبو غيدا إشارة في قراره بأن المديرية العامة للآمن العام اللبناني هي التي كشفت جرائم موضوع الدعوى الحاضرة، بحيث تبيّن للأمن العام بأن المدّعى عليه أحمد رومي (سوري الجنسية مقيم في لبنان بطريقة غير شرعية) هو من عناصر "داعش" ويقوم بتحويل الأموال نقداً إلى هذا التنظيم الإرهابي بالتعاون مع أمير قطاع القلمون ( جنوبي غرب سوريا) المدعو "ابو بلقيس" العراقي" والسوري عبد القادر سويد المُلقب بـ"شيخ أبو الحسن" الذي يدير جمعية خيرية في منطقة عرسال ( شرقي لبنان على الحدود السورية).

ومن خلال مراقبة الرومي تبيّن أنه يقوم بتجارة مريبة من خلال إمتلاكه محلات ألبسة واحداً في العاصمة السورية دمشق وآخر في بيروت وتحديداً في شارع "الحمراء" (وهو مقفل حالياً بالشمع الأحمر وكان موقع الإقتصاد قد أورد خبراً خاصاً عنه). وإنطلاقاً من هذين الفرعين بدأ نشاط "التمويل الإرهابي" وإمتد إلى كل من دبي وتركيا.

ومن أبرز ما جاء في إعترافات الموقوفين، بينهم السوري أحمد الرومي صاحب النشاط الإقتصادي الأكبر في هذه الشبكة، إذ كانت تحضر إلى محل الثياب الذي يمتلكه في بيروت داخل سنتر "سويدان" إمرأتين منقبتين إحداهما زوجة الموقوف الإرهابي علاء الناصر ليسلمها الرومي مبلغ وقدره 145 ألف دولار أميركي تم إرساله بواسطتها إلى عرسال.

وكشف الرومي أنه كيف كان يتلقى هذه المبالغ من رفاقه في تركيا عبر إرسال الأموال بواسطة مكتب "omt" ومن ثم يرسل الموظفين لديه ( وهم موقوفين حالياً) في محل

الألبسة إلى فرع المكتب (omt) في منطقة بئر حسن لإستلام المبالغ مقابل إعطاء كلمة السرّ لموظف المحل.

كذلك أرسل الرومي بدوره الأموال من لبنان إلى التنظيمات الإرهابية في جورجيا عبر هذا المكتب المذكور وهي أموال لنساء جورجيات يعملن في دمشق ببيع الثياب على البسطات.

كذلك حوّل الرومي إلى تركيا مبالغ كبيرة بينها 45 ألف دولار أميركي إلى أشخاص سوريين كانوا يعتزمون السفر إلى المانيا بهدف القيام بأعمال إرهابية.

أما المتهم خليل عودة ( سوري الجنسية) فكانت مهمته نقل الأموال من وإلى عرسال، وكان يتسلم منه المبالغ الذاهبة من بيروت إلى عرسال أو سوريا علاء الناصر.

وخلص قرار القاضي رياض أبو غيدا بتحويل المتهمين إلى المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت لمحاكماتهم وتخلية سبيل ثلاثة موقوفين فقط من أصل 26 لعدم كفاية الأدلة ضدهم.