خطفت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأضواء نهاية الأسبوع الماضي، وتصدّرت قيمة الإتفاقات الموقعة بين الطرفين عناوين الصحف العالمية، حيث تمكن ترامب من إبرام عدة غتفاقات زادت قيمتها الإجمالية عن 380 مليار دولار، ونالت منها الصناعات الدفاعية 110 مليارات في خمسة قطاعات أمنية وعسكرية وتكنولوجية، إلى جانب 3 عقود ضخمة مع كبرى الشركات الأميركية للتكنولوجيا العسكرية ومتعاقدي الصناعات الدفاعية، مثل "لوكهيد مارتن" و"راثيون".

كذلك كانت لشركة "أرامكو" التي مثّلت لسنوات خَلَت عماد الاقتصاد السعودي، حصّة وافرة من تلك الاتفاقيات، ستعتمد عليها في المستقبل القريب لتخطي عثرة سنوات النفط الرخيص.

في المقابل بقيت الصورة ضبابية على الصعيد المحلي بما يخص الإتفاق على قانون إنتخابي جديد، مما إنعكس سلبا على بورصة بيروت، كما بقي المستثمر في حالة ترقّب وإنتظار لما ستؤول إليه الأمور في الأسابيع القليلة القادمة.

فما هي تداعيات زيادرة ترامب إلى المنطقة ؟ وهل ستثمر هذه الزيارة حلولا للمشاكل على المستوى الإقليمي؟ كيف ستنعكس هذه الإتفاقات الخيالية بين الولايات المتحدة والسعودية على إقتصاد البلدين ؟ ماذا عن الوضع المحلي؟ وما هو تأثير عدم الإتفاق على قانون إنتخابي جديد على الوضع الإقتصادي بشكل عام؟

هذه الأسئلة وغيرها اجاب عنها الخبير الإقتصادي ايلي يشوعي.

- بداية كيف تقيّم زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية ؟ وماذا عن الإتفاقات الثنائية التي تخطت قيمتها الت 380 مليار دولار؟

لا شك ان زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية حدث مهم، خاصة وأن ترامب اليوم يسعى لتأمين مصدر للمواد الأولية وأهمها النفط، فالنفط لا يتخطى سعره الـ 50 دولار للبرميل في الوقت الراهن، وهذا السعر يناسب أميركا ويجعلها تستغني عن إنتاج النفط الصخري المكلف نسبياً.

ولكن فيما يتعلق بالمنطقة والحروب الدائرة فيها، فلا أعتقد ان الزيارة ستغيّر شيء من الوضع الراهن.

إذاً أميركا تريد تأمين فرق النفط الذي تحتاجه لصناعاتها دون ان تضطر لرفع إنتاج النفط الصخري، والسعر الحالي للنفط يناسبها، خاصة أنه أقل كلفة من إنتاج النفط الصخري. اما بالنسبة للإتفاقات الموقعة بين الطرفين فهي بمعظمها تصب في مصلحة الولايات المتحدة والشركات الأميركية، إذ ستستفيد أميركا بأكثر من 75% من هذه الإتفاقات في حين ستأتي إستفادة المملكة من إرتفاع الطلب على نفطها، وبعض الإستثمارات في السوق الأميركي.

- برأيك، كم ستساهم هذه الإتفاقات في تأمين وظائف إضافية للأميركين وتحقيق سياسة ترامب من جهة ؟ والمساهمة في تحقيق "رؤية المملكة 2030" من جهة أخرى؟

أعتقد ان الولايات المتحدة اليوم تمكنت من الخروج من تداعيات الأزمة المالية، وبدأ إقتصادهم بالتحسن تدريجيا، ولا شك ان أي رئيس جديد سيسعى لخفض نسب البطالة، وإبقاء نسب التضخم عند معدلات مقبولة، وتحقيق نسب نمو إيجابية، لأن هذه الامور تعتبر أساس لإستقرار أي إقتصاد.

والرئيس الأميركي الجديد لديه نزعة اميركية وطنية اكثر من سابقيه، فهو يهتم بالداخل الأميركي أكثر من أي شيء أخر، ويولي أهمية كبيرة لخلق فرص عمل جديدة، حتى وإن كان ذلك على حساب إرتفاع الكلفة لدى الشركات الأميركية .. ولا شك ان هذه الإتفاقات التي تمت قد تساعد ترامب على تأمين بعض الوظائف الإضافية للأميركيين، وتساهم في تحسن الوضع الإقتصادي.

أما بالنسبة للسعودية، فهي ستستفيد من الطلب الإضافي على النفط، وربما يساهم هذا الطلب في رفع أسعار النفط عالميا وإن بشكل طفيف، ولكن يبقى الإقتصاد السعودي في الوقت الراهن مأزوماً، حيث إستهلكت المملكة الكثير من إحتياطاتها النقدية بسبب إنخفاض أسعار النفط، وإرتفاع إنفاقها جرّاء حربي اليمن وسوريا، كما شهد السوق السعودي تسريحاً لعدد كبير من العمالة الآسيوية، وهذا الأمر يضع الخزانة السعودية في وضع سيء.

ولكن فيما يتعلق بـ "رؤية المملكة 2030" لا أعتقد ان الإتفاقات ستفيد السعودية، لان تنويع الإقتصاد والتحول إلى إقتصاد منتج، يحتاج للعمل على النظام التربوي والنظام الضريبي في البلاد. فالنظام التربوي في السعودية اليوم لا يخرّج أجيالا قادرة على العمل في القطاعات الإنتاجية، كما ان النظام الضريبي الموجود لا يسمح للسعودية بالإستفادة كثيرا من الضرائب على الأرباح، فالإعتماد مازال على النفط بشكل كبير جدا.

عدم الإتفاق على قانون إنتخاب له نتائج سلبية .. والإقتصاد اللبناني يختنق

- بالإنتقال إلى الوضع المحلي، ما هو تأثير عدم الإتفاق على قانون إنتخابي جديد حتى الأن على الوضع الإقتصادي بشكل عام؟

من الواضح انه حتى الأن لا يوجد أتفاق على قانون إنتخابي جديد، والقوانين المطروحة على الطاولة لم تؤدي إلى إجماع بين الأطراف السياسيين، والأمر المستغرب بالنسبة لي أن الحكومة الحالية التي تعتبر حكومة إنتخابات، لم تقدّم حتى اليوم أي قانون إنتخابي .. وهذا الأمر ينعكس سلبا على الوضع الإقتصادي العام، فالإقتصاد في الوقت الراهن في حالة إختناق، وهناك تسريح كبير للعمال، وعمليات تصغير لأحجام بعض الشركات وإقفال لبعضها الأخر، ولا يوجد سيولة كافية في الإقتصاد.

لذلك نعقد يوم الأربعاء القادم مؤتمراً صحافيا في مقر نقابة الصحافة تحت عنوان "وسائل إخراج الإقتصاد اللبناني من الركود والإختناق"، وذلك بهدف تقديم رؤية متكاملة من اجل إخراج الإقتصاد من الوضع الراهن.