انطلقت صباح اليوم من فندق "كورال بيتش" بيروت، فعاليات "الملتقى السنوي لادارة المخاطر في المصارف العربية في دورته السابعة" والذي ينظمه "اتحاد المصارف العربية" بالتعاون مع "لجنة الرقابة على المصارف في لبنان"، شارك في حفل إفتتاح فعاليات الملتقى الذي سيعقد يومي 18 و19 ايار الحالي، رئيس اتحاد المصارف العربية محمد الجرّاح الصبّاح، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف في لبنان سمير حمود، والأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتّوح ونائب محافظ البنك المركزي المصري جمال نجم اضافة الى كبار مسؤولي المخاطر في المصارف العربية.

وقال الامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح في مستهل حفل افتتاح الفعاليات الملتقى: "لقد أصبح هذا الملتقى غنيّ عن التعريف، حيث أثبت على مرّ دوراته السابقة قدرته على حشد نخبة من الخبراء والمتابعين لمسألة إدارة المخاطر في المصارف على الصعيدين العربي والعالمي، الأمر الذي يجعل منه منصّة رئيسية لتلاقي المعنيين كافة في هذا المجال للتباحث حول الأولويات الحالية لإدارة مصارفنا العربية والتعديلات الهادفة إلى تقوية المعايير المصرفية الدولية والتي تقلل من إحتمالات تعثّر المصارف، وتخفّف من تأثير حالات الفشل أو التعثّر على النظام المالي وعلى الإقتصاد بشكل عام".

واضاف فتوح: "إن محاور هذا الملتقى وعناوينه الرئيسية تهدف إلى الإضاءة على مبادئ وأسباب المراجعة الشاملة للموجودات المثقلة بالمخاطر، وشرح الإصلاحات الجديدة للجنة بازل الهادفة إلى تعديل المقاربة المعيارية لمخاطر الإئتمان، والأسباب الكامنة وراء هذه المقترحات. إضافة إلى شرح التحديات الأساسية التي تواجه مصارفنا العربية في تطبيق المعيار الدولي IFRS9، ومناقشة التغييرات الجديدة في المقاربة المعيارية لمخاطر السوق، والمقترحات الجديدة لمنهجية المقاربة المعيارية لمخاطر التشغيل... وغيرها من الموضوعات التي نتمنى أن نخلص جميعاً بمناقشاتكم وخبراتكم إلى توصيات تفيد مصارفنا العربية وتعزّز مسارها وتحسّن أداءها في مواجهة تحديّات إدارة المخاطر".

وبدوره قال تحدث رئيس اتحاد المصارف العربية الجراح: "شهدت الصناعة المصرفية خلال العقدين الماضيين الكثير من التطوّرات والتغيّرات نتيجة التقدّم التكنولوجي المتسارع، وبرز العديد من المنتجات المالية الجديدة التي تقدّمها البنوك، مما وضع الصناعة المصرفية أمام تحديّات كثيرة تستوجب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية لتعظيم الفائدة من هذه التطوّرات والحدّ أو التقليل من المخاطر الناجمة عنها".

وتابع: "إنّ مصارفنا العربية تحرص كل الحرص على تطبيق التشريعات الدولية مثل توصيات بازل، وتوصيات مجموعة العمل المالي (FATF)، وتوصيات مجلس الإستقرار المالي (FSB) وغيرها من التوصيات والتشريعات، وهذا التشدّد من قبل مصارفنا العربية في الإمتثال لهذه التشريعات ناجم عن وعيها وقناعتها بها، وإدراكها بخطورتها على أعمالها داخل بلدانها وخارجها، وأود أن أشير هنا، إلى أن أحد العناصر المساعدة للهيئات الرقابية في تنفيذ مهامها هو تطبيق حوكمة رشيدة في المؤسسات المصرفية، وبرأينا فإن تطبيق مبادئ الحوكمة بشكل جيّد يؤدي دون شكّ إلى تسهيل مهمة الهيئات الرقابية، وخصوصاً المبادئ المتعلقة بالممارسات الصحيحة لمجالس الإدارة والإدارة العليا، وممارسات شفّافة في التعويض والمكافآت".

وأضاف: "وكما تعلمون، فقد توسّع أخيراً إنتشار ظاهرة تجنّب المخاطر De-Risking لإرتباط هذه الظاهرة بإحتمال عدم تمكّن المصارف أحياناً من الإلتزام بمتطلبات الحيطة والحذر والعناية الواجبة Enhanced Due-Diligence التي تفرضها السلطات الرقابية والبنوك المراسلة، مثل التشدّد بالحصول على المعلومات الواجبة عن الزبائن (KYC) وغيرها من إجراءات التحقّق عن الزبائن أو العملاء أو القطاعات. وقد يُفضّل عدم التعامل مع هذه الأنواع من الزبائن والعمليات، وهذا ما يُعرف بظاهرة De-Risking"،

وختم: "وهنا تكمن إشكالية المعالجة، ففي حال إعتمد المصرف خيار التخلّي عن بعض العمليات أو العملاء، يكون قد خسر بعض الزبائن من باب الشك، وساهم في الوقت نفسه في تنامي ظاهرة صيرفة الظل (Shadow Banking)، حيث تبرز مشكلة جديدة وهي إمكانية ظهور قنوات مالية غير خاضعة لأي نوع من أنواع الرقابة، والحل الموضوعي في هذا المجال يتطلّب تشدداً أكثر في الرقابة الداخلية والتوسّع في المعلومات والمعطيات الهادفة إلى تطبيق أشمل لقاعدة إعرف عميلك، وتوسيع آليات التنسيق والتعاون ما بين القطاع المصرفي والسلطات الرقابية والقضائية والأمنية".

ثم اكد نائب محافظ البنك المركزي المصري جمال نجم على ان "المنطقة العربية في معظمها قد واجهت خلال الفترة الاخيرة تحديات كبيرة على عدة مستويات وقد اثبتت التجربة العملية ان دعم وتقوية القطاع المصرفي كان له اكبر الاثر في صموده اثناء الازمات بل وقيامه بمساندة باقي قطاعات الدولة ومساعدتها على تخطي تلك الازمات ومواصلة النمو والاستقرار بمفهومه الشامل اقتصاديا وامنيا واجتماعيا. ومن هذه النقطة يجيء دور السلطات الرقابيه والبنوك المركزية بصفتها راعية ومرشدة للبنوك العاملة بالدولة للحفاظ على اموال المودعين كهدف اول وايضا لتحقيق مصالح كافة الاطراف من مساهمين في البنوك او مستثمرين في قطاعات الاعمال المختلفة او عملاء مقترضين وكافة مستهلكي الخدمات المصرفية".

وبعد ان تناول نجم للمعايير التي اوجدتها مقررات بازل لتعزيز ملاءة البنوك وقدرتها على مواجهة المخاطر قال: "من المؤكد ان حرص السلطات الرقابية على الاستفادة من كل جديد في مجال الرقابة المصرفية يعود بأفضل النتائج على القطاع المصرفي بالدولة، ولقد حرص البنك المركزي المصري على اتباع هذا النهج، بما يتناسب مع واقع وخصوصية القطاع المصرفي المصري وبعد التشاور مع البنوك ذاتها، حيث اصبح ذلك تقليدا في العلاقة بين البنوك والبنك المركزي المصري ويدعم ذلك كفاءة القائمين على العمل في كلا الجانبين".

وتابع: "وفضلا عن ما تقدم فمن الاهمية وجود نظام للتنبؤ والانذار المبكر وخطط فاعلة لادارة الازمات على كافة المستويات مثل خطط استمرارية الاعمال وخطة طوارئ السيولة واهمية اجراء اختبارات الضغط وفقا لسيناريوهات متعددة سواء على مستوى المحفظة الائتمانية او قطاعات النشاط الاقتصادي او العميل الواحد واطرافه المرتبطة او تلك المتعلقة بمستويات السيولة على المستوى الكلي والجزئي وضرورة وجود حدود وسياسات واضحة وعملية للتعامل مع المواقف المختلفة والمشاكل الطارئة".

وكانت كلمة الختام لرئيس لجنة الرقابة على المصارف في لبنان سمير حمود اشار فيها الى ان "معايشة المصارف للمخاطر امر طبيعي اذ ان تقييم المخاطر هو من صلب العمل المصرفي ومحاولة ازالة المخاطر هو السير في طريق الاقفال. لكن العالم ومنذ مدة غير قصيرة يعيش مرحلة يتجاوز وصفها بالمخاطر بل بالاضطراب وحالات الضغط الشديد بحيث اصبحت الرؤية المستقبلية الضبابية وهذه حالة تؤدي الى مناخ غير ملائم للاستثمارات والتوظيفات متوسطة وطويلة الاجل".

وقال: "تعرض لبنان خلال فترة تزيد عن 40 عاما الى شتى انواع الضغوطات نتيجة الاضطراب الامني والسياسي الامر الذي ادى من ناحية الى خلل في البنية الاقتصادية ومن ناحية ثانية الى مناعة ومرونة جعلته قادرا على التحديات والصدمات غير العادية. ومع تعدد انواع المخاطر، كانت للجنة الرقابة دور واضح في تعزيز قدرة المصارف على المواجهة".

فقد صدر عن مصرف لبنان تعاميم جديدة وعن لجنة الرقابة تعاميم تطبيقية تناولت المواضيع التالية:

زيادة معدل كفاية رئس المال من 12% الى 14% في نهاية عام 2016 و15% في نهاية عام 2018.

وضع حد لتوظيفات وتسليفات الفروع والمصارف التابعة في الخارج بالعملة الاجنبية للبلد المضيف بحيث لا تتجاوز التسليفات إضافة الى التوظيفات بالسندات السيادية بالعملة الاجنبية ال60% من الودائع وإقتطاع التجاوز عن هذا الحد من السيولة بالعملة الاجنبية للمصرف الام في لبنان.

تكوين مؤونات عامة لمواجهة متطلبات معايير المحاسبة الدولية IFRS9 بنسبة 2% من محفظة التسليف والقروض المرجحة بأوزان المخاطر وذلك بصورة مؤقتة ربما يتم تحديد حجم المؤونات المطلوبة وفقا للمعايير عينها وذلك نهاية العام الحالي.

حث المصارف على مواجهة التراجع في تصنيف الحسابات المدينة واعتما سياسة تعويم المؤسسات الاقتصادية المنتجة من خلال جدولة المديونية بفوائد منخفضة. على ان يلتزم مصرف لبنان بتمويل اعادة الجدولة بنسبة 50% وبالفوائد التي تراعي وتتناسب مع اوضاع المدين.

متابعة اوضاع المصارف مع المراسلين والاهتمام بالاسباب الكائنة وراء توقف علاقة المصرف مع المراسل لمعرفة الاسباب وتفادي تفاقم سياسة الDerisking المتبعة من عدد من المصارف الدولية الكبيرة.

وتابع حمود: "إن تعدد المخاطر يستوجب الحيطة والحذر دون الخوف والإرتباك. فالمصارف المولجة في تقييم المخاطر والاسلوب الصحيح لتعزيز القدرة على المواجهة هو ان تتجه المصارف نحو رسملة قوية، حوكمة متينة، نظام معلوماتي دقيق وعناصر بشرية تتمتع بالكفائة والادبيات لان الاولوية اليوم هو التزام احكام منع تبييض الاموال ومحاربة تمويل الارهاب واي تقاعس ام عدم الجدية في هذا الالتزام يعرض المصرف المعني لخطر الاقفال والشطب".

وختم: "إننا في لبنان ملتزمون بالقواعد المصرفية السليمة ونحن على ثقة ان المصارف في لبنان واعية لمخاطر الامتثال وان المرونة التي يتمتع بها القطاع المصرفي ستمكنه من تجاوز المراحل الصعبة ويبقى دائماً الاعتماد على العنصر البشري الذي نأمل من إدارات المصارف إيلاء المزيد من الاهتمام بالتدريب والتثقيف ورفع مستوى الآداء لدى جهازها الاداري بدأ من أعضاء مجلس الإدارة ومروراً بالموظفين كافة".