بقي الملف السياسي متقدما على الملف الاقتصادي في نهاية الاسبوع الثاني من شهر ايار 2017. وعليه، بقي الاقتصاد في مربع المراوحة والتردد بانتظار حسم الملفات السياسية العالقة لاسيما منها قانون الانتخاب وموازنة العام 2017. كما ينتظر الاقتصاد انطلاق ورشة الاصلاحات لوضع حد للهدر والفساد المستشريين على مستوى غالبية المؤسسات والادارات العامة خصوصاً مع استمرار تغييب ادارة المناقصات لمصلحة الاتفاقات بالتراضي.

في هذا الوقت تبقى الانظار شاخصة الولايات المتحدة الاميركية التي تزورها خلال هذا الشهر وفود نيابية ومصرفية ونقدية لمواجهة ملف العقوبات المالية الاميركية الجديد ضد حزب الله وبعض الجهات المتعاطفة معه.

وفي غضون ذلك، أعلنت هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان في تقريرها السنوي أن عدد حالات تبييض الاموال المشتبه بها في لبنان قد وصل الى 470 حالة خلال العام الماضي، منها 77.23% صادرة من جهات محلية و22.77% من جهات أجنبية. في هذا السياق، قامت الهيئة بالتحقيق في 399 حالة فيما أبقت 71 حالة أخرى قيد الدراسة. تبعاً لذلك، أمرت السلطات القضائية في لبنان برفع السرية المصرفية عن 42 حالة، 37 منها هي ذات مصدر محلي و5 حالات منها ذات مصدر أجنبي.

إلى ذلك، أصدر برنامج الأمم المتحدة الانمائي تقريره المعنون "أهداف التنمية المستدامة 2017: تقرير لبنان" الذي يهدف الى تناول وتغطية أبرز أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر المعنية في معالجة قضايا التنمية الرئيسية في لبنان، منها الفقر والصحة والتعليم وحقوق المرأة والنمو والمساواة وحماية البيئة والحوكمة. في التفاصيل، سلّط التقرير الضوء على أهمية العنصر البشري كأهم الموارد للبنان وعلى أن انخفاض مستويات الفقر من شأنه أن يعزّز انتاجيّة البلاد وأن يولّد النمو الاقتصادي من خلال الاستفادة من رأس المال البشري. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي فان 27% من اللبنانيين يصنفون دون خط الفقر ويعتاشون على أقل من 270 دولار في الشهر، في حين أن 70% من اللاجئين السوريين في لبنان أنفقوا أقل من 120 دولار شهرياً خلال العام 2015، كما وأن 65% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أنفقوا أقل من 210 دولار شهرياً.

ومن جهة أخرى، تظهر إحصاءات النشرة الشهرية لجمعية المصارف زيادة طفيفة بلغت نسبتها 0.71% (2.177 مليار ليرة) في الميزانية المجمّعة للمصارف التجارية العاملة في لبنان إلى 310.176 مليار ليرة (205.56 مليار دولار) كما في نهاية شهر آذار 2017 مقابل 307.999 مليار ليرة (304.31 مليار دولار) في نهاية العام 2016. أما على صعيد سنوي فارتفعت موجودات القطاع المصرفي بنسبة 9.64% مقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه في آذار 2016. وبحسب إحصاءات جمعية المصارف أيضاً، ارتفع الدين العام الاجمالي بحوالي 1.02 مليار دولار خلال شهر آذار 2017 إلى 77.17 مليار دولار من 76.13 مليار دولار في شهر شباط في ظل إصدار اليوروبوند الأخير. أما على صعيد سنوي فقد ارتفع الدين العام الاجمالي بـ6.12 مليار دولار مقارنةً بالمستوى الذي كان عليه في آذار 2016 والبالغ حينها 71.05 مليار دولار.

وفي المحصّلة، يمضي الاقتصاد منفرداً ووحيداً في مواجهة الضغوط السياسية التي يستولدها أركان الحكم وأصحاب الشأن على خلفية إما مصالح حزبية أو مصالح شخصية آنية وذلك على حساب الاقتصاد ولقمة عيش المواطن، وعليه لا يعوّل كثيراً على حركة اقتصادية ملفتة أو مؤثرة في القريب العاجل طالما أن أهل الحكم لم يصلوا بعد إلى قناعة بوجود إقتصاد ينهار ولقمة عيش تنتزع من أفواه الناس.