هو ابن عائلة متواضعة ولد في لبنان وتنقل بين بلدان عدة وأسس شركة رائدة في عالم الإستشارات في تطوير أنظمة الإدارة للشركات حول العالم. عمل بجد طيلة حياته فكان ذلك الشاب الذي ساعد والده في صنع الموبيليا ودرس في أرقى المدارس رغم الظروف الصعبة التي مرت بها عائلته، وكافح واجتهد حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم.

أنشأ علاقات واسعة في لبنان ودول العالم، وأسّس فروعاً لشركته في كل من أرمينيا وقبرص وفرنسا والجزائر.

وللإضاءة على تجربته الأكاديمية والمهنية والحياتية كان للإقتصاد لقاء مع الرئيس التنفيذي لشركة "Management Mix" رافي سمرجيان:

ما هي أبرز المحطات في حياتك الأكاديمية والمهنية؟

درست في مدرسة المخيتاريست في الحازمية، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة سيدة الجمهور حيث تخرّجت فيها في العام 1979. وفي الفترة اللاحقة، تخصصت بمجال إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف لمدة ثلاث سنوات، ومن ثم حصلت على الماجيستير من "HEC" في سنة 1985. وفي الوقت عينه، كنت أعمل وأنا في سن التاسعة عشرة من عمري. وفي سنة 1989،في خضم الحرب اللبنانية التي أصابتنا في الصميم، سافرت إلى فرنسا وتسجلت في جامعة السوربون باريس الأولى حيث حصلت على شهادة الدراسات المعمّقة، وبعدها تسجلت لمناقشة رسالة الدكتوراة. ومن ثم سافرت إلى كندا وبعدها عدت إلى لبنان في العام 1992 وتزوجت وأسست عائلة. أما على الصعيد المهني، فبدأتالعمل في عمر مبكّر لأنها كانت حاجة عملية ومادية لي لأنني أنتمي إلى عائلة متواضعة، وبدأت العمل في شركة "أروب للتأمين" التابعة لـ"بنك لبنان والمهجر" لمدة سنة في سنة 1979 وذلك في أولى أيام الجامعة، كما كنت أساعد والدي في عمله في صناعة الموبيليا. ومع مرور الوقت، وجدت أن شخصيتي لا تتطابق مع شخصية الموظف الملتزم بدوام كامل، فتحوّلت عندها إلى التجارة الحرة في مجال الألبسة، حيث كنت أبيع بضاعة من صديق لي كان يملك مصنعاً في منطقة عين الرمانة، ومن ثم حوّلت هذه التجارة إلى صناعة صغيرة بعمر الثالثة والعشرين، وكان يعمل معي ستة أشخاص، ومن ثم قمت بتوسيع هذه الصناعة حتى سنة 1989 إلى حين موعد سفري إلى فرنسا. وبعد سفري، وإلى جانب دراستي في جامعة السوربون باريس الأولى، بدأت العمل في شركة فرنسية مشابهة للشركة التي أملكهااليوم، حيث نقوم بتطوير استراتيجيات الشركات وأنظمة الإدارة للشركات. وبعد سفري إلى كندا عملت في شركة لإدارة الفنادق وإدارة التسويق في الفنادق وهي نوع من الإستشارات. وفي العام 1992، عدت في زيارة عائلية إلى لبنان وعرضت عليي جامعة القديس يوسف أن أعلّم فيها فوافقت على ذلك لأنه كان لدي رغبة بالعودة إلى الوطن، وكانت الأجواء إيجابية في تلك المرحلة، خاصة وأن لبنان كان خارجاً من الحرب، وكان الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد وضع رؤية إقتصادية للبنان تحت عنوان "رؤية 2002" لمدة عشر سنوات من خلال إعادة الإعمار. وفي وقت لاحق، وجدت أن التعليم في الجامعة هو محدود بالنسبة للعمل الذي كنت قد بدأته في شركة "CSP" الفرنسية وفكرت بإنشاء هذه الشركة في لبنان. ومساعدة الشركات اللبنانية التي كانت جديدة على أنظمة الإدارة بحسب ISO 9000 و ISO 14000 وغيرها. وبدأت بشركة دراسات إستراتيجية منها دراسة أوتوستراد بيروت العربي وغيرها من الاستثمارات في لبنان. وفي عام 1997، أسست شركة "Management Mix" وكان اسمها في ذلك الوقت "CSP" مع شريك فرنسي وعملنا معه لمدة عشر سنوات. وعملت الشركة مع شركات كبيرة في لبنان ومصارف وشركات اتصالات وغيرها. وما بين عامي 1999 و2000، افتتحت فروعاً للشركة في الإمارات وفي أرمينيا وفي الجزائر، وكما أسست مكاتب في دبي وكنت أركز عملي بشكل أكبر على صعيد دولي ولم أكن قد استثمرت في لبنان بعد حتى العام 2004. وتنقلنا بين مناطق الحازمية والدورة ووسط بيروت، وقد انتقلنا إلى مقر شركتنا الحالي في 14 شباط 2005 يوم اغتيال الرئيس الحريري وكنت يومها في شركة "موبينيل" المصرية، وهي من أهم الشركات التي عملنا معها، اذ يصل عدد مشتركيها إلى عشرين مليون شخص في مصر، وخاصة أننا قد وضعنا الكثير من المال على تجهيز هذا المكتب وحصل ما حصل. وقد حوّلنا هذا المكتب إلى مكتب أساسي لأننا نؤمن ببيروت وبوسطها لأنها أم الشرائع. واليوم أصبح لدينا ثلاثة مراكز أساسية وهي في بيروت حيث يتركز الرؤوس المدبرة، بالاضافة إلى أرمينيا وقبرص وفرنسا وأنا أعمل بين بيروت ويريفان. وفي العام 2003، اجتمعت مع عدد من الأصدقاء لديهم توجه نحو إدارة الجودة، وأسسنا أول جمعية لبنانية للجودة، وكان معنا من المؤسسين محمد فواز، رائد شرف الدين و غيرهما، وقد ترأست هذه الجمعية واليوم يترأسها محمد فواز وأنا الرئيس الفخري لها. وفي آذار 2006، أصحبنا عضواً مؤسساً في جمعية الشرق الأوسط للجودة ووضعنا لبنان على خريطة الجودة في الشرق الأوسط وكان هناك عشرة بلدان عربية مشتركة فيها، ورئيسها الفخري حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

ما هي الصعوبات التي مررت بها خلال مسيرتك المهنية؟

واجهت صعوبات كثيرة مثل باقي اللبنانيين كصغر السوق المحلي ووضع غير مستقر ولكن همتنا والتزامنا من خلال فريق العمل إستطعنا أن نتجاوزها. ومن خلال عملي مع زوجتي وهي أستاذة محاضرة في جامعة القديس يوسف وعضو مجلس إدارة بورصة بيروت وانطلقنا سويا، ولم تكن الشركة عائلية، ونحن نعمل مع ثلاثين موظفاً موزعين بين لبنان وأرمينيا وقبرص. أضف الى ذلك، الثقافة اللبنانية نحو قطاع الأعمال لأن عملنا هو معرفي (Know How) حيث إن اللبناني لديه القدرة على التكيّف مع كل الامور. وإحدى المشاكل التي واجهناها هي التفكير للمدى القريب من دون التطلع والتخطيط إلى المدى البعيد. واللبناني لا يملك التخطيط للمدى البعيد بل لديه القدرة على التكيّف مع الصعوبات. وكما أن هناك الكلفة العالية للعمالة، وإذا قارنا الكلفة المحلية مع الخارج وخاصة مع الإمارات على سبيل المثال فإن الكلفة عالية ولكن السوق الإماراتية واسعة على عكس السوق اللبنانية الضيقة، وبالتالي فهذا يعوّض نوعاً ما.

هل تعتبر نفسك انك حققت ذاتك؟

 أشكر ربي دائما وأعتبر نفسي أنني ساصل إلى تحقيق ذاتي، وفي أيام المدرسة كنت أسمع بجامعة السوربون ولم أكن أعلم عنها شيئاً واستطعت أن أصل إليها، وكما كنت أسمع ببوسطن كونسلتينغ غروب وبماكينزي واستطعت تأسيس هذه الشركة لتخلق أنظمة إدارية للشركات، وقد توصلنا إلى خلق نظام إداري تحت اسم 954 وسجلناه في فرنسا وهناك عشرات المؤسسات حول العالم قامت "Management Mix" بمساعدتهم على تطبيق هذه الأنظمة الإدارية من استراتيجيات وغيرها. كل هذا كان حلماً لي في السابق واستطعت أن أحققه ولأجل ذلك أعتبر أنني حققت نفسي، وهذا لا يمنع من أن يكون عندي مسؤولية تجاه المجتمع الذي أعيش فيه، وتجاه وطني وعائلتي وأسافر كثيراً وأرى أشخاصاً متقدمين في السن يتسابقون للوصول إلى هدفهم، فعندها أتشجع وتعود الطاقة لي وأبدأ من جديد في كل أعمالي.

 من هو مثالك الأعلى؟

في كل مرحلة من حياتي لدي مثل أعلى: في المرحلة الأولى من حياتي كان أهلي مثالي الإعلى، حيث إن والدي بدأ من الصفر وعمل في مهنة حرة وهي صناعة الموبيليا منذ أن كان عمره سبعة عشر عاماً، وعمل والدي منذ اليوم الأولبكد وجدية حتى وصلوا إلى مرحلة استطاعوا أن يشترواأارضاً ويبنوا عليها بناية ويرسلوني لأتعلم في أعلى المستويات رغم الظروف الصعبة التي كنا نمر بها. وفي مرحلة ثانية، زوجتي سوزي هي مثالي العالي فهي شريكة في الحياة والعملية وعندها التزام تجاه العائلة والمجتمع وفي الشركة وفي مجلس ادارة بورصة بيروت وفي جامعة القديس يوسف وفي العمل لا نعرف بعضنا البعض. وأما مثلي الأعلى الثالث فهو كارلوس غصن الذي استطاع أن يحول شركة "نيسان" التي كانت على وشك الإفلاس إلى شركة تجني مليارات الدولارات حول العالم وغصن تولى رئاسة مجلس إدارة نيسان و"رينو" الفرنسية. وهو من خريجي مدرسة سيدة الجمهور وأعتبره مثالاً في الادارة وهو الذي استطاع أن يتحدى مفهوم "الكايجين" والمعروف بـ"الغريب" وهي مهمة في عالم الإدارة في اليابان والتي تعتبر أنها انتصرت على الولايات المتحدة الأميركية في صناعة السيارات على الأرض الأميركية من خلال إنتاجها سيارات أكثر من السيارات الأميركية. وأما كيرك كيركوريان وهو صاحب شركة "MGM" الاميركية والذي كان طياراً بسيطاً في الحرب العالمية الثانية وعاد مفلساً إلى أميركا واشترى شركة بدولار واحد وحولها إلى أمبراطورية.

ما هي كلمتك للشباب اللبناني؟

أنا لا أدعو الشباب للبقاء في لبنان. أنا ولدت بكل فخر في برج حمود، وبعد سنة انتقلت عائلتي إلى الجمهور وأتيح ليمجال السفر إلى الخارج، ولكنه لم يكن بشكل نهائي وعدت إلى لبنان واستثمرت فيه. وقد ساعدني العلم والخبرة والعلاقات في أوروبا على رفع اسم لبنان. وأدعو الشباب للإنفتاح نحو الخارج ولكن ليس لفترة طويلة بل لاكتساب مهارات وخبرات كثيرة والعودة إلى لبنان. وثانياً الإلتزام بالعمل على المدى البعيد، وعلى الشباب أن يكون لديهم قيم في الحياة من خلال علاقاتهم مع الآخرين مثل الولاء الوظيفي وغيرها. وسر النجاح في اليابان هو الولاء الوظيفي من ناحية،وولاء الشخص للمؤسسة التي يعمل فيها وولاء المؤسسة للشخص. وفي لبنان للأسف لا وجود لهذا الولاء. كما أنني أشجعهم على ريادة الأعمال والمبادرة.