يعتبر الصيد البري في ​لبنان​ هواية ممتعة ورياضة مثيرة لأكثر من 300 ألف شخص تقريبا، فينتظر هؤلاء موسم الصيد الذي يبدأ في 15 أيلول من كل عام، على أحر من الجمر !! .. فيقومون بتجهيز بنادقهم وشراء كل ما يلزم من الملابس و"الخرطوش"، ويتجهون إلى المناطق البقاعية والشمالية التي تعد المكان الأمثل للصيد البري، والتي تمرّ منها معظم الطيور المهاجرة.

ولكن للأسف في لبنان تحوّل الصيد البري إلى إبادة بحق الطيور والثروة الحيوانية بسبب غياب الالتزام بأخلاقيات الصيد من جهة، وتغاضي الدولة عن تطبيق قانون الصيد البري وتطويره ومراقبة هذه الرياضة وإدارتها بالطريقة الصحيحة، وتوعية الصيادين بأهمية الطيور المهددة بالانقراض والتي يجب حمايتها بدل قتلها.

ولا شكّ بأن الحل لا يكمن بمنع الصيد نهائيا، فهذا الأمر مستحيل ولا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، ويجب الاستعاضة عن المنع بالتنظيم والإدارة الصحيحة لاصطياد أنواع معينة غير مهددة بالانقراض. فهذه الرياضة تساهم إلى حدٍ كبير في تحريك العجلة الإقتصادية في كل من البقاع والشمال، حيث تنشط حركة بيع أسلحة الصيد والذخائر، كما تنشط المحال التجارية والمطاعم وحتى الفنادق أيضاً، لذلك فإن موسم الصيد مهم جداً من الناحية الإقتصادية، وتنظيمه يؤدي إلى إعادة ترميم الحياة البرية في لبنان إذا صح التعبير، ويحمي الطيور والطرائد المهددة بالإنقراض.

لذلك أطلقت جمعية حماية الطبيعة في لبنان "SPNL" منذ أكثر من عام تقريباً، وبالتعاون مع كل من "التجمع اللبناني لحماية البيئة" (LEF) وصندوق شراكة الأنظمة البيئية الهامة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط "CEPF" تطبيقاً ذكيا يحمل إسم "Responsible Hunting in Lebanon" أو "RHL"، وذلك ضمن مشروع "تنظيم وتعزيز ممارسات الصيد المسؤول في لبنان".

ويهدف التطبيق الجديد ليكون دليلاً لكل صياد ملتزم بالقوانين والقرارات المرعية الاجراء وذلك لضمان اتمام رحلة صيد ناجحة، والحصول على كافة المعلومات المتعلقة باعداد الطرائد وانواعها، والاوقات المسموح الصيد فيها، والاجراءات القانونية والرخص والامتحانات المطلوب اتمامها، وعقد الضمان ضد الأخطار التي قد تلحق بالغير من جراء ممارسة الصيد البري، لتمتع الصياد بصفة قانونية تخوله الصيد بشكل مسؤول يراعي استدامة الموارد، والتوازن البيئي، وعدم المساس بالطيور الممنوع صيدها، خصوصاً المحلقة والمهاجرة وتلك المهددة بالانقراض.

كما يمكّن هذا التطبيق مستخدميه من تحديد اماكن الصيد المسؤول في لبنان وكيفية الوصول اليها والطرائد المتواجدة فيها.

وللحديث أكثر عن تطبيق "RHL"، كان لـ"الإقتصاد" حديث خاص من أحد الأعضاء الناشطين في جمعية حماية الطبيعة في لبنان "SPNL"، والذي أشار إلى أن أهمية التطبيق في الوقت الراهن تكمن في عزم وزارة البيئة على فتح موسم الصيد إبتداءا من أيلول القادم، وبما أن الغالبية العظمى من الصيادين لا يملكون المعرفة والمعلومات الكافية التي تخولهم ممارسة هذه الهواية بطريقة سليمة وقانونية، يأتي تطبيق "RHL" للمساعدة في هذا الموضوع.

ويضيف "لعل الشق الأبرز من التطبيق هو موضوع السلامة العامة والطريقة الأمثل لوقوف الصيادين وإنتشارهم، إضافة إلى المعدات الضرورية لتفادي أي حادث، كما أن المنظومة المعرفية التي يتضمنها التطبيق تحاول إيصال رسالة للصيادين بأن يكونوا مسؤولين وأصدقاء للبيئة، وعدم إصطياد الطرائد والطيور الممنوع صيدها .. كما يسمح لهم التطبيق بمعرفة كافة التفاصيل المتعلقة بالإستحصال على رخصة صيد، وأماكن إجراء الإمتحانات المطلوبة، وأندية الصيد المخولة إجراء هذه الإمتحانات".

ويتابع عضو الجمعية "يحتوي التطبيق أيضا على خريطة تشير للمناطق الأمثل لممارسة هواية الصيد، والتي تتركز بمعظمها في البقاع والشمال .. وهنا يهمني أن أوضح بان الدولة اللبنانية عندما أقرت قانون الصيد في العام 2004، سمحت بممارسة هواية الصيد على كافة الأراضي اللبنانية، بإستثناء الأراضي الخاصة التي يرفض أصحابها ممارسة الصيد فيها .. وهنا تعتبر جمعيتنا بأنه لا يمكن للدولة اللبنانية أن تضمن تطبيق القانون من خلال جهاز إنجاز القانون الحالي الذي يشمل (حراس الغابات، وقوى الأمن الداخلي) فقط، لذلك نحن نعتقد بأن الطريقة الأمثل لتطبيق القانون هو بمنع الصيد على جميع الأراضي اللبنانية بإستثناء مناطق محددة على الخرائط ومحصورة، ويطلق عليها إسم (مناطق صيد مسؤول)، وبذلك يمكن مراقبة الصيادين بشكل دقيق ومعاقبة المخالفين .. وهذه المناطق يمكن تحديدها من خلال دراسات محددة".

ولفت إلى ان "الجمعية قامت بدراسة دقيقة بالتعاون مع جامعة البلمند، وتم تحديد 8 مناطق صالحة لممارسة هواية الصيد وتتركز معظمها في البقاع والشمال".

وفيما يخص الجهة المطورة لتطبيق "RHL" قال عضو الجمعية أن "مطوراً لبنانيا قام بتطوير التطبيق، وقد تم تصميمه بطريقة تساهم فعلا في توعية الصيادين وحثهم على الإلتزام بالقوانين، كما تسمح لأي شخص بالتبليغ عن أي مخالفة نحصل أمامه".

وعن موضوع التسويق للتطبيق وإيصاله لأكبر عدد ممكن من الصيادين قال "سيتم الترويج لهذا التطبيق قبيل إفتتاح موسم الصيد القادم من خلال أندية الصيد المرخصة في لبنان، حيث سيساعدوننا بعملية نشر التطبيق بين الصيادين خلال إجرائهم لإمتحانات الحصول على رخص صيد".