إفتتح في فندق هيلتون- متروبوليتان، سن الفيل، برعاية وزير المال علي حسن خليل ممثلا بالمدير العام للشؤون العقارية في الوزارة جورج معراوي، منتدى مصرفيا بعنوان: "الدور المتنامي للتدقيق الداخلي في المصارف والمؤسسات المالية العربية"، من تنظيم الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب بالتعاون مع جمعية المدققين الداخليين في لبنان.

شارك في الافتتاح الرئيسة التنفيذية لجمعية المدققين الداخليين في العالم انجيلا ويتزاني، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، رئيس جمعية المصارف اللبنانية جوزف طربيه، رئيس جمعية المدققين الداخليين في لبنان فادي أبو عبدالله.

وحضر الوزير السابق زياد بارود، نائب حاكم مصرف لبنان سعد عنداري وممثلون من 14 دولة عربية وأوروبية وأميركية مشاركة ونخبة من الخبراء الأجانب والعرب في مجال التحقق والتدقيق، وممثلون من السلطات القضائية والأمنية المحلية والعربية.

بداية، شكر أبو عبدالله الشخصيات المشاركة معتبرا أنها "تشكل قيمة مضافة لهذا المتلقى وكل الجهات التي تعاونت مع جمعية المدققين الداخليين في لبنان على تنظيم هذا المؤتمر من الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب (WUAB) وإتحاد المصارف العربية (UAB) وفريق العمل". وخص بالذكر فريق جمعية المدققين الداخليين في لبنان (IIA) "الذي عمل جاهدا على إنجاح هذه المناسبة، والشركاء الداعمين للمؤتمر".

أضاف: "إن هذا الملتقى الذي أصبح سنويا، أضحى يشكل مناسبة أساسية لتبادل الآراء والخبرات حول دور التدقيق الداخلي وتحدياته. فهذا الدور الذي تحول بشكل ملحوظ خلال الثلاثين سنة الأخيرة ما زال يتطور حتى اليوم".

وقال: "من هنا نرى أهمية هذا الملتقى الذي سيشدد على ضرورة أن يكون التدقيق الداخلي جاهزا دائما لا ينام أبدا "Audit Never Sleeps" كما هو شعار Angela Witzani".

واعتبر أن "هذا اللقاء سيبرز دور التدقيق الداخلي كركن أساسي من الحوكمة وأحد أهم محركات التغيير والتطوير". وقال: "إن مؤتمرنا هذا سوف يركز أيضا على التحديات التي تواجه التدقيق الداخلي، ولا سيما مخاطر المعلوماتية، كما سيناقش العلاقة المميزة التي يجب أن تكون بينه وبين وظائف الامتثال وإدارة المخاطر، بالإضافة إلى التنسيق المطلوب والمجدي مع مفوضي المراقبة".

وشدد على أن "من أهم ما يجب التركيز عليه هو كيفية إبراز دور أكبر للتدقيق الداخلي في المؤسسات غير المصرفية حيث هذه الوظيفة ليست بإلزامية، بينما الحاجة إليها ضرورة قصوى (هذا الوضع لا ينطبق على المصارف حيث أن مصرف لبنان فرض هذه الوظيفة منذ زمن طويل وهو يسعى بشكل دائم إلى تطوير دورها مشكورا). أضف إلى ذلك عدم وجود أي إطار قانوني لوظيفة التدقيق الداخلي في القطاع العام، مما يغيب دور التدقيق الداخلي في المؤسسات الرسمية، في حين أنها بأمس الحاجة إلى القيمة المضافة التي يمكن هذه الوظيفة أن تقدمها، ولا سيما أن معظم مؤسساتنا الرسمية في حاجة إلى تطوير إجراءاتها، ومواجهة المخاطر، ومحاربة الفساد وتفعيل ركائز الإدارة الرشيدة".

وعول في الختام على "دور الوزير ووزارة المال في الريادة في هذا المجال، وفي أن يكونوا السباقين إلى فرض إدارة رشيدة من ضمنها وظيفة تدقيق داخلي بمعايير عالمية IIA".

ورحب فتوح بالحضور "ولا سيما ضيوفنا الأعزاء من الدول العربية الشقيقة في وطنهم الثاني لبنان"، وقال: "يعرف التدقيق الداخلي بأنه عملية تقييم مستقلة وموضوعية لعمل جميع دوائر ووحدات المصرف وأنشطته بهدف تعزيز كفاءة وفعالية الضبط الداخلي وإدارة المخاطر فيه. وعليه، تلعب وظيفة التدقيق الداخلي دورا بالغ الأهمية في عملية الصيانة والتقييم المستمرين لكل من أنظمة الضبط الداخلي، وإدارة المخاطر، والحوكمة في المصرف، وهي المجالات الأساسية التي ترتكز عليها السلطات المشرفة بشكل دقيق ودائم. لذلك، يجب أن تتميز وظيفة الضبط الداخلي بخصائص ثلاث، وهي: الإستقلالية والموضوعية، الكفاءة المهنية، الأخلاق المهنية".

وأضاف: "تتطلب مبادئ تطوير حوكمة الشركات في المصارف إمتلاك وظيفة تدقيق داخلي تحوز صلاحيات، ووضعية، وإستقلالية، وموارد بشرية كافية، وإمكان التواصل المباشر مع مجلس الإدارة. كما أن وجود مدققين داخليين مستقلين يتمتعون بالكفاءة أمر في غاية الأهمية لحوكمة سليمة. لذلك فإن وجود إطار ضبط داخلي متين يتضمن وظيفة تدقيق داخلي مستقلة وفعالة هو جزء لا يتجزأ من الحوكمة السليمة".

بدوره قال طربيه: "يسعدني أن أكون اليوم بين هذا الحشد المميز من خبراء اقتصاديين وماليين، آملا في أن يشكل هذا الملتقى منصة لنقاشات عميقة تصوب مسار عملكم وتعزز ثقافتنا وإدراكنا لآخر التطورات في مجال التدقيق الداخلي".

أضاف: "إن الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب يسعى اليوم مع اتحاد المصارف العربية وجمعية المدققين الداخليين في لبنان، إلى بحث آخر المستجدات المتعلقة بالتدقيق الداخلي كنشاط مستقل وموضوعي، والتركيز على أهم المفاهيم الحديثة المرتبطة به، وإبراز دوره في الحفاظ على الشفافية والتزام القوانين والمعايير الدولية بما يساهم في تأمين سلامة المؤسسة وتحقيق أهدافها".

وتابع: "إن التدقيق الداخلي مفهوم ليس بالجديد، فقد عرف منذ فترة طويلة ومر بمراحل عدة، فبعدما كان رقابة مالية مستمرة تهدف إلى اكتشاف الأخطاء والغش، أصبح يقوم على شمولية التدقيق النوعي والإستشاري لتحسين الأداء، ولكي يناسب التطورات الحاصلة في بيئة الأعمال، وزيادة تحسين قيمة عمليات المؤسسات في إنجاز أهدافها بصورة منهجية ومنتظمة بما يساهم في تحسين عمليات إدارة المخاطر والرقابة والحوكمة، من خلال التحليل والتقييم والتوصيات والمشورة والمعلومات التي تتعلق بالأنشطة التي يتم تدقيقها".

ثم عرض لمجموعة من التوصيات أمل "أن تأخذها في الاعتبار مصارفنا العربية، ومن شأنها أن تساهم في تطبيق استراتيجية التدقيق القائمة على مخاطر الأعمال، وهي: ضرورة أن تقوم البنوك العربية ببعض الدورات اللازمة من أجل ترسيخ مفهوم التدقيق القائم على مخاطر الأعمال، ومعرفة عناصره ومكوناته اللازمة لتطبيق هذا المفهوم، وجوب عمل البنوك العربية على استغلال التكنولوجيا المتاحة لديها أفضل استغلال، واستخدام هذه الإمكانات بما يعود عليها بالمنفعة القصوى، ضرورة أن تترسخ لدى البنوك العربية ثقافة الاستثمار في الموارد، وأن يكون لها نظرة مستقبلية بحيث تستوعب هذه البنوك أن ما قد تعتبره تكلفة عالية في الوقت الحالي قد يعود عليها بأقصى المنافع في المستقبل القريب. وجوب تسليح البنوك العربية مدققيها بكل المهارات التي تساعدهم على تطبيق إستراتيجية التدقيق القائم على مخاطر الأعمال، بما يعود بالمنفعة على مؤسساتهم ويقلل من المخاطر المحيطة بالعمل المصرفي، وضرورة إجراء دراسات جديدة تعمل على تحديد كل المعوقات التي تحد من تطبيق إستراتيجية التدقيق القائم على مخاطر الأعمال وإقتراح أفضل الحلول من أجل تذليل هذه الصعوبات".

وتحدثت ويتزاني، فقالت: "إنها المرة الأولى أزور بيروت، ومشاركتي في هذا المؤتمر ستنطبع في ذاكرتي. لقد زرت دولا كثيرة في العالم لكن لبنان أثر في أكثر من سواه".

وإذ تمنت النجاح للقاء، اعتبرت أن "لبنان مشهود له بنظامه الشديد الرقابة ولا سيما في مجال التدقيق الداخلي، والسلطات المحلية اللبنانية واعية جدا لهذا الموضوع وتشجعه، وهذا يعطي لبنان الصدقية والثقة لدى المحافل الدولية".

وتوجهت الى المشاركين في الملتقى: "إن التدقيق الداخلي والحوكمة الرشيدة هما في أساس المعايير المطلوب تطبيقها من الدولة اللبنانية، ودون ذلك تحديات كبرى محليا وخارجيا، لكن من اجل تحقيق هذه الأهداف يجب إكمال المسيرة بالشفافية والصراحة دون ضغط أو إملاء إرادات من أي فريق أو جهة خارجية".

وأشارت الى أن المنظمة التي ترئسها تضم مئة وتسعين ألف شخصا في اكثر من مئة دولة في العالم، ومع ذلك فهي على تواصل دائم مع الجميع، موجهة "تحية خاصة الى جمعية المدققين الداخليين في لبنان على الجهد الذي يبذلونه، ومنوهة بأدائهم المتميز وبنشاطهم في هذه المنطقة". وقالت: "أنتم تتمتعون بمهارات مهنية عالية، لذلك عليكم تقديم نظام أساسي للأعمال وتشجيع الحوكمة الرشيدة".

وكشفت أن منظمة التدقيق الداخلي تعمل على تطويرها بصورة مستمرة "من أجل الوصول الى أعلى مستوى من الكفاءة العالمية المطلوبة، والعمل موحد من أجل دمج المجتمعات كافة تحت جناح التدقيق الداخلي الذي يعتبر من أسس العمل".

وهنأت لبنان في الختام على "عمل التدقيق الجاري في مؤسساته ومصارفه، وهذا ما يضفي الفرادة على القطاع المصرفي والاقتصادي فيه".

واعتبر ممثل وزير المال جورج معراوي "أن الرقابة والتدقيق في صلب الحوكمة التي تساهم في تحقيق أهداف المؤسسات الخاصة والعامة هي نظام مناعة يحمي قانونية الأعمال ونزاهة السلوكيات داخل المؤسسات، وهي لازمة لتأكيد حسن سير عمل المؤسسات والشركات ونزاهة الإدارة فيها وإحدى الدعائم لتعزيز الثقة بها للوفاء بالالتزامات والتعهدات، بالإضافة الى ما توفره من وسائل ضبط تعمل على تحسين الجودة وتطوير الإدارة بغية الحفاظ على مصالح الأطراف ذات الصلة".

أضاف: "من مبادئ الحوكمة الستة التي أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، مبدأ الإفصاح والشفافية والذي يقضي بنشر البيانات المالية التي تتم مراجعتها سنويا من مدقق خارجي مستقل وكفوء واحداث بيئة صالحة للمساءلة والمحاسبة واتاحة المعلومات كاملة وفي الوقت المناسب وبفرص متساوية لمستخدميها، للتمكن من اتخاذ القرارات والحكم الموضوعي المستقل على شؤون المؤسسة من السلطة التنفيذية او اجراء الرقابة من أصحاب المصالح".

وتابع: "إن عمل التدقيق الداخلي ضرورة لإحقاق هذه الشفافية، لأنه من الاطراف الرئيسية المعنية بتطبيق مفهوم الحوكمة المؤسسية التي ترتكز على توزيع الحقوق والمسؤوليات بين الأطراف المختلفة داخل المؤسسة وتحديد قواعد واجراءات اتخاذ القرار ووضع الضوابط الرقابية الصحيحة والتأكد من عملها بهدف تقليل ارتكاب الاخطاء وسوء الادارة، مما يحد من الفساد".

وقال: "يهدف هذا المؤتمر الى إدماج دور المدقق الداخلي في المؤسسات، سواء كانت خاصة أو عامة، في ظل الدور المتنامي له في مجال الحوكمة المؤسسية وكما توصى به المعايير الدولية للتدقيق الداخلي، لكونه نشاطا مستقلا وموضوعيا يضمن الجودة بتأدية الخدمات الاستشارية للانشطة المختلفة، فيمكنه ان يحسن ويضيف للعمليات في المؤسسات، مما يساعدها على تحقيق اهدافها عبر تطبيق آلية منضبطة، ويحسين فاعلية إدارة المخاطر وضوابط الرقابة والحاكمية، وهو ما تحتاج اليه مؤسساتنا في الظروف الحالية حيث نسب المخاطر التشغيلية ومخاطر السوق مرتفعة، واداة فحص لمدى فاعلية الاساليب الرقابية لدى الادارة وبسبل ادارة المعلومات وتبادلها بين المستويات الادارية المختلفة والادارة العليا".

وشدد على أن "وزارة المال تؤكد أهمية وظيفة التدقيق الداخلي في المؤسسة الخاصة لكونها توفر من جهة البيئة الاقتصادية السليمة والآمنة ومن جهة ثانية توفر مصداقية للبيانات المالية التي تقدمها المؤسسات للوزارة وتلعب دورا" محوريا" في ضمان نجاح واستدامة اي مؤسسة بما يكفل تحقيق الأهداف التالية: تعزيز الاخلاقيات والقيم المناسبة داخل المؤسسة تأكيد فعالية ادارة الاداء والمساءلة داخلها، ابلاغ المعلومات حول المخاطر والرقابة للجهات المناسبة داخل المؤسسة، تنسيق الانشطة وايصال المعلومات بين مجلس الادارة والمدقيين الداخليين والخارجيين والادارة بشكل فعال".

ولفت الى أن "المصارف اللبنانية قدمت نموذجا ناجحا للتدقيق الداخلي وفق تعاميم مصرف لبنان في رسم الدور المستقل له ضمن الهيكلية الادارية لها، فضمنت بذلك حيادية وموضوعية وحدة التدقيق الداخلي، خصوصا على صعيد المخاطر الناتجة من عدم التزام القوانين والاتفاقيات الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".

وأشار الى انه "في اطار سعي وزارة المال للحفاظ على المال العام وترشيده عن طريق تأمين الموارد والاستخدام الامثل لها قمنا بوضع اسس للسياسات العامة تعتمد على التوجهات العلمية الحديثة وعلى الممارسات النموذجية في إدارة المالية العامة على جميع الصعد بغية تحقيق اداء افضل يؤمن النمو الاقتصادي المستدام".

ورأى ان "استخدام انظمة المعلومات بشكل مكثف في جميع الدوائر الحكومية، وخصوصا في وزارة المال، يبرر وضع ضوابط لتكنولوجيا المعلومات تتعلق بكل مكونات الرقابة الداخلية والخارجية التي تشمل البيئة الرقابية كطرق تقييم المخاطر، الانشطة الرقابية، المعلومات والاتصالات والمتابعة".

وأشار الى أن "وزارة المال بدأت بتبني إجراءات رقابة احترازية شاملة للوصول الى بيانات موثوقة لها أهميتها النسبية ومفيدة، تخدم صناع القرار واصحاب المصلحة ومستخدمي البيانات وتوفر ضمانا معقولا لتحقيق الشفافية المساءلة وبالتالي كسب ثقة المواطنين والمجتمع المحلي والدولي، وذلك من خلال تحقيق أهداف الحماية والتطوير، وتقضي بتنفيذ العمليات التشغيلية بشكل نظامي واخلاقي واقتصادي فعال ومؤثر، ووضع قواعد التزام القوانين والانظمة النافذة والمساءلة، وتفادي خسارة الاصول، وضوابط اجراءات العمل والانظمة المعلوماتية وتحديثاتها وتحديد الثغرات والمخاطر المتعلقة بها والعمل على حلها، والحفاظ على أمن المعلومات والعمل على تطوير وتحديث الانظمة لتذليل العقبات، وإجراء التدقيق للعمليات المالية والقوائم والسجلات المحاسبية المتعلقة بها لتحديد مدى التزام المبادئ المحاسبية المتعارف عليها وأي متطلبات أخرى موضوعة مسبقا، بهدف اصدار بيانات مالية ملائمة وموثوقة وقابلة للمقارنة تحقق مبدأ الشفافية وتنطبق مع معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام".

وقال: "تم التعاون مع البنك الدولي ضمن اطار مشروع اصلاح ادارة المالية العامة الثاني (FMR2) لتبادل الخبرات اللازمة والاستفادة من التجربة الفرنسية والتجربة التركية لاحداث مكون للتدقيق الداخلي في وزارة المالية".

وتمنى "في ختام جلسات هذا المؤتمر ارساء ثقافة التدقيق الداخلي في المؤسسات الخاصة والعامة على حد سواء ووضع اسس لتقييم عمل التدقيق الداخلي ومردوديته في اطار فعالية عمل الحوكمة وتحليل المخاطر والرقابة الاحترازية".