إحتفل الملايين حول العالم بعيد العمّال في الأول من أيار، وذلك وسط تزايد ملحوظ في نسب البطالة، وتدهور أوضاع العمال في غالبية الدول، وخاصة في الوطن العربي، بحسب ما نشره الموقع الرسمي لمنظمة العمل الدولية.

هذه المناسبة السنوية، تهدف بالأساس إلى تكريم العاملعلى خدماته الممتدة على مدى 364 يوماً.لكن المواطنين اللبنانيين، لا يعيشون حالة من الفرح والبهجة في هذا اليوم، لأن معظمهم عاطلين عن العمل، في حين أن بعضهم يعمل في الحد الأدنى للأجور، والبعض الآخر يقاوم الظروف الصعبة والمخالفة للقوانينالتي قد تكون أحيانا مجرّدة من شروط السّلامة الأساسية، والتي يضطر إلى تحملها من أجل تأمين أبسط حاجاته. وبالتالي بات عيد العمّال مجرد نهار عطلة من العطل الرسمية، يمرّ مرور الكرام سنة بعد سنة؛ وكأنه من واجبات المواطن اللبناني العامل، أن يتحمل أعباء الوظيفة والمعيشة، دون الحصول على شيء في المقابل.

ورغم التحديات التي تواجه العامل اللبناني، يكمن التحدي الأكبر في المحافظة على وظيفته في ظلتزايد أعداد اللاجئين السوريين، والمنافسة الشرسة وغير المتكافئة التي تفرضها اليد العاملة الأجنبية، بالإضافة طبعا إلى جشع صاحب العمل اللبناني الذي يسعى إلى استبدال عماله بأجانب، من أجل دفع أجور أقل كلفة؛ لكنه لا يعلم أنه في الوقت الذي يخدم فيه مصالحه، تزداد حدة النتائج المتأتية عن ممارساته، خاصة في ما يتعلق باستمرار الإرتفاع في ظاهرة البطالة.

كل عام وعمالنا – عمال لبنان – بخير، ولنأمل أن لا يتحول عيد العمال إلى يوم عيد العبودية.

فما هي أوضاع العامل اللبناني في عيد العمال 2017؟ وما هو مستقبله في ظل عدم مواكبة غلاء المعيشة والتضخم لسنوات عدة؟ وهل من الممكن الوصول إلى حلول جذرية تعطي كل عامل حقوقه؟

أجاب على هذه الأسئلة والتساؤلات رئيس الإتحاد العمالي العام ​بشارة الأسمر​ في مقابلة خاصة مع "الإقتصاد":

كيف تقيم وضع العامل اللبناني اليوم في القطاعين العام والخاص؟

وضع العامل سيء للغاية، ففي القطاع العام لم تقر سلسلة الرتب والرواتب حتى تاريخنا هذا، والعامل غير مرتاح. أما بالنسبة إلى القطاع الخاص، فهو يشكو أيضا من هجوم للعمال الأجانب، كما أن الدولة اللبنانية تحارب العمال اللبنانيين بدلاً من دعمهم، بحيث أنها تسعى بكل جهدها لضرب الضمان الإجتماعي الذي يعتبر الحصن الأول للدفاع عن عمال القطاع الخاص،وذلك من خلال المادتين اللتين حاولوا تمريرهما في قانون الموازنة.

وبالتالي لدينا من جهة هجوم لعمال نازحين بمئات الآلاف، ولدينا من جهة أخرى هجوم الدولة، فبدلاً من أن تعزز مكانة العامل اللبناني، هي تسعى إلى استهدافه في الضمان، وتمنع عنه التوظيف في الإدارات العامة أيضاً.

ولا بد من الإشارة إلى أنه يجب أن نرفض الحالة التي نعيش فيها رفضامطلقاً، كما يجب أن نواكب موضوع السلسلة حتى يتم إقرارها، مثلما واكبنا موضوع الضمان ومنعنا إدراج المادتين في المناقشات، وتم سحبهما من التداول كما وعدونا.

من ناحية أخرى، يجب أن تتم مراقبة العمالة الآسيوية والأجنبية من خلال تفعيل التفتيش في وزارة العمل. وبالتالي أمامنا ملفات طويلة،وذلك إلى جانب العمال الموجودين في المستشفيات الحكومية وفي مؤسسة كهرباء لبنان وغيرها، الذين لا يتقاضون رواتبهم أو يحصلون على أجزاء منها فقط، واللائحة تطول.

فالمبدأ الذي يجب أن نعتمد عليه يتمثل في أن نكون دائماً إلى جانب عمالنا في الإتحاد العمالي العام، وأمامهم في نضالهم، خاصة في هذه المرحلة التي تتسم بعدم التوازن السياسي الناتج عن عدم إقرار قانون انتخاب، والتجاذبات المتعلقة بهذا الموضوع، التي تنعكس سلباً على الواقع الإقتصادي اللبناني وعلى المؤسسات وأرباب العمل والعامل.

ما هي الخطوات التي ستقومون بها من أجل الحد من مزاحمة اليد العاملة السورية ودعم اليد العاملة اللبنانية؟

الإتصالات مع وزارة العمل قائمة بشكل مكثف، وهناك قرارات صدرت مؤخراً عن وزير العمل في ما يتعلق بتحديد العمالة السورية بثلاثة أمور هي: الزراعة والتنظيفات والبناء. إنما الوزارة بحاجة إلى جهاز تفتيش واسع، يساعدها على العمل على الأرض، لكنه غير متوفر حالياً للأسف.

من ناحية أخرى، هناك إتصالات قائمة مع البلدياتأيضاً، من أجل التنسيق بينها وبين وزارة العمل، والإتحاد العمالي العام يواكب هذا الموضوع، كما أن كل بلدية في نطاق عملها، تواكب إجراءات وزارة العمل وتحاول أن تطبقها.

لكن خلاصة الأمر أننا نعيش في ظل أوضاع لا نحسد عليها أبداً، ولكن قدرنا هو المقاومة، وسنقاوم ونناضلكعمال من أجل الوصول إلى حقوقنا كافة.

ما هي خطواتكم المستقبلية في ما يتعلق بموضوع تصحيح الأجور؟

فور استقرار الأمور، سوف ندعو إلى إعادة إحياء لجنة المؤشر، وسوف نستند إلى الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مديرية الإحصاء المركزي لكي نرى نسبة الغلاء. وسنباشر بعدها بالمطالبة بتصحيح الأجور التي تآكلت منذ آخر تصحيح حاصل في العام 2012، بفعل غلاء المعيشة وعوامل أخرى. فالعامل اللبناني بحاجة إلى تصحيح للأجور، لكي يحسّن وضعه في ظل تزايد المزاحمة الأجنبية، التي أكلت جزءاً كبيراً من تعبه؛ فرب العمل يلجأ إلى اليد العاملة الأجنبية لأنها أرخص، وليس عليها متطلبات والتزامات تجاه الدولة.

في النهاية ما هي الرسالة التي تود توجيهها إلى العامل اللبناني في عيده؟

أطلب من العمال أن يكونوا قريبين من الإتحاد العمالي العام، وأعدهم بأن أكون معهم وإلى جانبهم، ولكن عليهم بدورهم أن يكونوا معنا أيضا. فالإتحاد هو المظلة التي تجمع كل أطياف العمل النقابي في لبنان.

ومن هذا المنطلق،توجهت أيضا إلى أصحاب الشاحنات، وطلبت منهم أن لا يقوموا بأي خطوة قبل مراجعة الإتحاد.

وفي النهاية أوجه التحية إلى العمال في عيدهم، وأقول لهم إنهكلما كنا يداً واحدة ورزمة واحدة،تمكّنا من الوصول إلى حقوقنا أسرعفأسرع.