استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر وزارة الإقتصاد، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "قانون العقوبات الأميركية: أي تداعيات على القطاع المصرفي وعلى الإقتصاد، وأي تحديات؟"، نائب رئيس الجامعة الأنطونية وعميد كلية إدارة الأعمال والإقتصاد البروفسور جورج نعمة، ورئيس منظمة "جوستيسيا" المحامي بول مرقص.

في البداية تحدث البروفسور نعمة عن قطع الطرقات من قبل أصحاب الشاحنات أمس معتبرا أن التحرك امس أدى إلى تقطيع شرايين الوطن وتأثر به كل اللبنانيين سلبا، وبإعتقادي ان ما حصل مؤسف جداً، وهو مؤشر عن الحالة التي وصل إليها البلد".

وأضاف "أمس رأينا تعدي على أملاك خاصة وعلى طرق النقل، وعلى الدولة اللبنانية ان تأخذ كافة التدابير اللازمة ليس فقط لتدارك الأمور كما فعلت أمس، بل لتفادي حصوله مرة أخرى ... لا شك اننا نعيش في دولة ديمقراطية تضمن حق التظاهر، ولكن ما حصل أمس لا يندرج ضمن حق التظاهر، فهذا الحق يبنى على علاقة مع الدولة اللبنانية من خلال علم وخبر يقدم لوزارة الداخلية يحدد فيه المكان وتؤخذ من اجله تدابير كي لا تكون هذه التظاهرة عائقا أما حياة المواطنين اليومية واما الإنتاج .. الكلفة الإقتصادية لما حصل أمس كبيرة، فعدى عن عذاب المواطنين والساعات الطويلة على الطرقات، أثر تحرك امس على الإنتاج وعلى ناتجنا المحلي، فيوم أمس هو يوم عمل تعطّل، وتعطلت معه الكثير من المرافق الخاصة والعامة".

ثم جرى إتصال هاتفي مع المسؤول الإعلامي ومستشار نقابة أصحاب المحطات والصهاريج فادي أبو شقرا الذي قال "بالنسبة لنا كنقابة صهاريج التي تندرج ضمن نقابة إتحادات النقل البري والتي تضم الباصات والسيارات العمومية والشاحنات وغيرها، مصرين على ان أي تحرك على الأرض يجب أن يكون بالتنسيق مع نقابة إتحادات النقل ورئيسها بسام طليس، وما حصل أمس والتصرفات التي حصلت على الطرقات نرفضها تماما .. فالكل يتذكر تحركنا ضد صفقة المعاينة الميكانيكية الذي إستمر 63 يوماً دون ان يحصل أي إشكال على الأرض، وبالتالي لا نرضى أبدا بعرقلة سير الناس وإذلال المواطنين على الطرقات".

وفي سؤال للزميلة خداج عن الجهة التي تحمي هؤلاء وتحركاتهم، إعتبر أبو شقرا أن "بعض المتمولين وأصحاب الكسارات وأيضا بعض المسؤولين كانوا وراء ما حصل أمس، لذلك هذا الموضوع لا يعنينا أبداً، ويجب على الدولة محاسبة كل من أخطأ".

وبالعودة إلى موضوع الندوة الذي يتمحور حول العقوبات الأميركية على حزب الله، إعتبر د. نعمة أن "لبنان اليوم أمام العديد من التحديات التي تطال الإقتصاد الوطني، وملف العقوبات الأميركية يتعلق تحديدا ومباشرة بالقطاع المصرفي وبالنقد في لبنان، وهذا موضوع حيوي للبلد .. فالعقوبات من الممكن ان تؤخذ بقرار سياسي أميركي، خاصة ان الإدارة الأميركية الجديدة تحاول اليوم رسم مشهد جديد لتعاطيها مع العديد من الملفات الساخنة في العالم ولاسيما في الشرق الأوسط، والرئيس دونالد ترامب يريد بشكل واضح ان يمرر رسالة بأن سياسته وطريقة تعاطيه مع هذه الملفات مختلفة جذريا عن الإدارة السابقة، ويحاول تقديم شيء جديد .. ورأينا بأنه تمكن من خلط الأوراق مجددا في الملف السوري، وإتخذ تدابير صارمة ضد بعض الدول ومنع دخول رعاياها إلى الولايات المتحدة..".

وتابع "لكن اليوم تبقى العلاقة مركزية بين الولايات المتحدة ولبنان، فنحن نرى اميركا اليوم تعطي أولوية للبنان ليس بشكل عدائي وسلبي، لا بل ترسل العديد من الرسائل وتؤكد انها معنية بالوضع اللبناني، وشهدنا في الفترة الأخيرة إستثمار كبير يحصل في لبنان من خلال تشييد بناء جديد للسفارة الأميركية، وبنفس الوقت فإن القرارات التي إتخذها الر ئيس ترامب لناحية منع دخول رعايا بعض الدول الإسلامية إلى اميركا لم تشمل لبنان ... إذا العلاقة مع الولايات المتحدة مازالت إلى حد ما ضبابية ولكنها ليست عدائية، ولم نلمس اي سلبية بالتعاطي".

واكمل نعمة "لذلك فإن التقارير التي تتحدث اليوم عن صدور قرارات أميركية وعقوبات قريبا سيتم تطبيقها على أشخاص وشركات متورطة بتمويل حزب الله هو موضوع جدي وأساسي، وقد مررنا العام الماضي بمشكلة مشابهة، وتمكن لبنان من التعاطي مع هذا الملف بحد أدنى من الحكمة، ونجحنا بالخروج من هذا الإستحقاق بأقل الخسائر .. واليوم إذا صحت هذه المعلومات، فإن لبنان سيكون امام مرحلة جديدة وأساسية ودقيقة نحن عنها، فهذا الملف قادر على مفاقمة الصعوبات التي يمر بها إقتصادنا الوطني .. وقطاعنا المصرفي الذي يعتبر العامود الفقري للإقتصاد سيصبح بوضع دفاعي، وسيضطر لإتخاذ العديد من التدابير للحفاظ على الليرة وتحقيق حد ادنى من الإستقرار في الأسواق".

وقال نعمة "إذا صحت هذه المعلومات، فإن هذا الملف سيضاف إلى العديد من المشاكل التي نمر بها، وعلى رأسها ملف الإنتخابات النيابية والقانون الإنتخابي الجديد، الذي يجب على السياسيين التعامل معه بالكثير من الحكمة والحس الوطني لكي نخرج من هذا المأزق، خاصة أن البلد اليوم في حالة إنتظار، وهذه الحالة تنعكس سلبا على الإقتصاد، فشهية المستثمر والمستهلك متوقفة اليوم وينتابها القلق، الذي قد يوصل لفقدان الثقة بالنظام المصرفي والمالي في البلاد".

وإعتبر ان "جمع كل هذه الإستحقاقات مع بعضها البعض يثبت لنا اننا في مرحلة دقيقة وصعبة جدا، وعلينا ان نتعاطى معها بحكمة وبموضوعية وببعد وطني".