إنه ليس حلماً، بل حقيقة يمكن أن تتحول إلى واقع في غضون سنة فقط وبكلفة لا تتخطى الـ 25 مليون دولار أميركي.

فمشروع إنشاء "Beirut Water Taxi" الذي أنجزه د. خالد أحمد تقي، جاهز للتطبيق بأبهى صورة ممكنة، وقادر على تأمين التنقل لأكثر من 100 ألف طالب وعامل لبناني يوميا من كل المدن الرئيسية اللبنانية نحو العاصمة بيروت وبالعكس.

فهل تتخيلون مراكب بحرية خاصة للنقل العام، تتنقل على الساحل اللبناني بين جونية وجبيل وطرابلس وبيروت وصيدا وصور والدامور .. وتقدّم كافة الخدمات التكنولوجية المتطورة والمتقدمة بدءاً من خدمة الـ "wifi" مرورا بخدمات التتبع على خرائط "غوغل"، وصولا إلى محطات بحرية مجهزة بكل ما يمكن ان تحتاجونه إضافة إلى محال تجارية وغيرها من الخدمات الاخرى ؟؟

"الإقتصاد" إلتقت د. تقي، وأجرت حديثا مطولا معه حول تفاصيل المشروع وتكلفته وإمكانية تطبيقه، فأشار إلى أن "المشروع بدأ في عام 2010 .. حيث كانت الفكرة في الـ "Macro Level" اي (المستوى الاوسع) وكان المشروع يشمل 4 قطاعات مهمة، القطاع الأول هو السياحة، القطاع الثاني هو قطاع الحفلات على البواخر واليخوت، القطاع الثالث هو قطاع النقل العام من المدن الرئيسية نحو العاصمة وبالعكس، والقطاع الرابع هو الـ "VIP Taxi" المخصصة لرجال الأعمال.

ولكن تطبيق المشروع على هذا المستوى غير ممكن لأنه لا يوجد لدينا محطات بحرية مجهزة في المدن الرئيسية، لذلك قررت إعتماد الـ "Micro level" او المستوى الأصغر للمشروع، والذي يقتصر على قطاع النقل البحري للموظفين الذين يقطنون خارج بيروت ويعملون يوميا في العاصمة، إلضافة إلى الـ "VIP Water Taxi".

وبعد دراسات وإحصاءات قمنا بها منذ حوالي الـ 6 سنوات، إكتشفنا أن هناك أكثر من 500 ألف سيارة تدخل إلى بيروت يوميا، كما بيّنت الدراسات أيضا السيارات التي تأتي من الجنوب نحو بيروت يتخطى عددها الـ 100 ألف سيارة، وكذلك السيارات التي تأتي من الشمال اللبناني بإتجاه العاصمة، ويدخل إلى العاصمة اكثر من 200 ألف سيارة بسائق واحد فقط "Single drivers"، ومن هنا جاءت فكرة تطبيق خطة الـ "Micro".. فبعد توثيق فكرة دخول أكثر من 200 ألف شخص إلى بيروت يوميا من الشمال والجنوب، وضعنا هدف لمشروع "Beirut water taxi" وهو إستقطاب أو نقل 100 ألف راكب يوميا على أقل تقدير، وهذا رقم منطقي وفعلي.

وتقوم الفكرة على نقلهم بواسطة مراكب بحرية خاصة بين الساعة السادسة والتاسعة صباحاً من كل من طرابلس وجونية وجبيل (شمالا)، والدامور وصيدا وصور (جنوبا) إلىة العاصمة بيروت، ثم إعادتهم إلى مدنهم بين الساعة الرابعة و السابعة مساءا.

طريقة تطبيق المشروع بمستوى "Micro" .. والإستغناء عن فكرة إنشاء محطات بحرية

يشرح د. تقي لـ"الإقتصاد" بأن تطبيق المشروع بمستوى "Micro" أسهل، حيث أنه لم يعد هناك ضرورة لإنشاء محطات بحرية مجهزة في كل من طرابلس، جونية، جبيل، صيدا، صور، والدامور.

فالمطلوب فقط بناء رصيف بحري (سنسول) في كل مدينة من المدن المذكورة، وتأمين قطعة ارض لتحويلها إلى ساحة لركن السيارات (Parking Lot)، وبهذه الطريقة يصل الركاب إلى الرصيف البحري أو السنسول الأقرب إليهم، ويركنون سياراتهم في المواقف المخصصة لهم، ثم يتوجهون للمركب المخصص لنقلهم إلى العاصمة بيروت والذي يتسع لـ 170 أو 200 راكب تقريباً.

ويحتاج المركب للوصول من جونية مثلا إلى العاصمة بيروت حوالي 30 دقيقة تقريبا، حيث سيتم بناء محطة مجهزة في العاصمة بجانب المرفأ.

محطة بيروت ... مركز تجاري وسوق مثالي !!

فيما يتعلق بمحطة بيروت يقول د. خالد ان "هذه المحطة تعتبر الأهم، حيث سينزل فيها كل الركاب صباحا، وسينطلقون منها مساءا إلى مناطقهم .. وهي ستكون بجانب القاعدة البحرية بحسب خطة المشروع، وستحتوي على برج مراقبة شبيه ببرج مراقبة حركة ملاحة الطائرات في مطار بيروت .. حيث ان العمل يجب أن يكون منظماً وآمناً ومراقباً طوال الوقت، فحياة الناس في أيدينا".

ويضيف في محطة بيروت سيكون هناك 25 محل تجاري (مطاعم، مقاهي، مصبغة، محال هواتف، مكتبة .. وغيرها)، حيث يمكن للركاب شراء كل ما يحتاجونه منه. وهذه المحال ستكون عبارة عن مشاريع خاصة للشباب متوسطة وصغيرة وممولة من مصرف لبنان عبر تعميم رقم 331 المخصص لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.

وببناء هذه المحطة تصبح البنى التحتية للمشروع جاهزة، (6 أرصفة بحرية في المدن الرئيسية، ومحطة بحرية مجهزة في العاصمة).

وتصبح طريقة العمل على الشكل التالي:

يتوجه الركاب صباحا إلى الرصيف البحري الأقرب لمكان سكنهم، ويركنون سياراتهم في المواقف المخصصة لذلك، ثم يستقلون المركب البحري وينطلقون بإتجاه العاصمة بيروت.

بعد الوصول إلى محطة بيروت، سيكون هناك باصات صغيرة (Mini Busses) تابعة لـ "Beirut water taxi" بإنتظارهم، وستقوم بنقلهم إلى أماكن عملهم، وسيكون لكل باص وجهة معينة داخل بيروت وستعمل هذه الباصات بشكل منظم وبطريقة دورية.

وفي المساء سينتظر الركاب الباصات أما عملهم بحسب توقيت مرورها لتعيدهم إبى محطة بيروت، حيث سيكون المركب البحري بإنتظارهم لغعادتهم غلى مدينتهم، وذلك سيتم بين الساعة الرابعة والسابعة مساءا.

وبعد الإنتهاء من إيصال الركاب مساءا، تتجمع البواخر كلها في طرابلس، حيث يتم عمل "Check Up" عليها وصيانتها وإصدار امر سماح لها بالإبحار مجددا، فلا يمكن لأي مركب الإقلاع قبل التاكد من قدرته على العمل وإجراء صيانة شاملة له، حيث انه لا يمكن الإستهتار بهذه الأمور خاصة وان حياة الناس في يدنا.

كما سيكون هناك بوليصة تأمين لكل مركب بقيمة 250 ألف دولار قبل دخولها في الخدمة.

واكد د. تقي أن الهندسة الخاصة بمحطة بيروت جاهزة ولا يوجد أي شيء يحول دون تطبيق المشروع على أرض الواقع.

الإشتراك شهري .. "والدفع مش Cash" !!

فيما يتعلق بالإشتراك في "Beirut Water Taxi" يقول د. تقي أن الإشتراك لن يكون يومياً، بل شهرياً .. حيث سيشتري الراكب بطاقة كل شهر تخوله التنقل عبر "Beirut Water Taxi" على مدى 30 يوماً، ,لن يكون بحاجة لإستخدام الأموال النقدية (Cash Money)، حيث ان البطاقة التي سيحصل عليها شبيهة بالبطاقات الإئتمانية وتحتوي على مبلغ الإشتراك الشهري الذي لن يتخطى الـ 300 ألف ليرة.

وهنا أريد الإشارة إلى ان الحصول على بطاقة الإشتراك لا يمكن أن يتم إلا من خلال صاحب العمل، أو الشركة التي يعمل فيها الموظف .. وذلك بهدف التأكد من ان الشخص يعمل فعلا في بيروت، ويحتاج فعلا لخدمة النقل اليومية .. فالمشروع موجه بشكل خاص للموظفين والطلاب.

وهذا الإشتراك سيشمل الإنتقال عبر المراكب البحرية من المدن الشمالية والجنوبية بإتتجاه بيروت والعودة يومياـ، إضافة إلى التنقل عير الباصات الصغيرة من محطة بيروت الرئيسية إلى كافة المناطق داخل العاصمة والعودة إلى المحطة في المساء.

وسيستفيد المشترك أيضا من كافة الخدمات التكنولوجية المتوفرة في المركب والباص المخصص لنقله.

وأكد د. تقي أن المشروع مخصص فقط لطلاب الجامعات والموظفين والقوى الأمنية والعسكرية، لافتا إلى ان طلاب الجامعات سيحصلون على حسم فوري يصل إلى 50% من ثمن البطاقة، كما سيحصل العسكريون أيضا على حسومات، وسياسهم أصحاب العمل بجزء من إشتراكات موظفيهم .. اما بالنسبة للمواطنين الذين يتخطى عمرهم الـ 60 سنة فسيحصلون على البطاقات مجاناً.

مراكب بحرية متطورة .. "Wifi" مجاني .. وإمكانية مراقبة حركة الملاحة عبر تطبيق ذكي !!

أما بخصوص المراكب البحرية التي سيتم إستخدامها لنقل الركاب، فهي مراكب متطورة سيتم تصنيعها في تركيا، وتتسع لحوالي 200 شخص تقريبا.

وتحتوي المراكب على خدمة "Wifi" مجانية للركاب، كما يمكنهم متابعة حركة الملاحة وتوقيت وصول المركب وغيرها من التفاصيل عبر تطبيق "Beirut Water Taxi" الذكي .. وهو تطبيق يعمل طلاب في جامعة "LAU" على تطويره في الوقت الراهن.

وبعد إنتقال الركاب من المركب البحري إلى الباصات الصغيرة التي ستقلّهم إلى داخل بيروت، سيحصلون أيضا على خدمة "Wifi" مجانية على طول الطريق، وإمكانية مراقبة حركة الباصات ومواعيد وصولهم عبر التطبيق الذكي.

بالعودة إلى المراكب البحرية يشرح د. تقي أنه تمن التواصل مع مصانع في تركيا لتصنيعها، وجاء وفد تركي إلى لبنان بدعوة من رئيس الوزراء سعد الحريري في العام 2010، وتم الإجتماع معهم حيث كان الإتفاق أن تقوم الشركة التركية بتأمين البواخر، ووضعها بإدارة شركة "Beirut water taxi"، وهذا يشبه ما فعله رئيس مجلس إدارة "الميدل إيست" د.محمد الحوت عندما تم تأسيس الشركة، حيث كانت الطائرات كلها مستاجرة، ومع الوقت أصبحت "الميدل إيست" تملك طائراتها الخاصة.

ويؤكد د.تقي أنه لا يوجد أي مانع من إشتراك القطاع الخاص أو مستثمرين أغنياء في موضوع البواخر، حيث بإمكان أي شخص لديه الإمكانيات المادية المطلوبة الإستثمار بالمشروع وشراء باخرة او مركب.

قطاع الـ "VIP Taxi"

الـ "VIP TAXI" سيكون مخصص لرجال الأعمال .. حيث يكون المركب المخصص لهم صغير الحجم ويتسع فقط لـ 12 شخص .. وهذا المركب ليس مربوطا بنظام العمل اليومي لـ "Beirut Water Taxi" .. بل يحكمه نظام آخر أكثر مرونة، إذا يمكن لرجل الأعمال إستخدامه ذهاباً وإياباً في الوقت الذي يحدده.

بناء الأرصفة البحرية سيتم بالتعاون مع البلديات في المدن

يشير د. خالد إلى ان بناء الأرصفة البحرية في المدن الرئيسية يحتاج لتعاون البلديات معهم، حيث سيكون عليهم توفير قطعة الأرض المخصصة لمواقف السيارات، ومكان بناء الرصيف البحري أيضا، الذي ستبنيه شركة "Beirut Water Taxi" وستستثمره لمدة 25 سنة .. على ان تعود ملكيته للبلدية فيما بعد.

ولكن في بيروت يختلف الوضع كما يقول د. تقي .. فنحن بحاجة لبناء المحطة الرئيسية بجانب القاعدة البحرية، مؤكدا انه تواصل مع مسؤولين وسياسيين وتمكن من الحصول على موافقة مبدأية لتأمين الأرض التي سيتم إستخدامها من أجل بناء محطة بيروت.

برج المراقبة في محطة بيروت .. ضمان الأمان وتفادي أي حوادث محتملة

يقول د. تقي أن حركة الملاحة ستكون منظمة ومدروسة، حيث سيتم تنسيق مع برج المراقبة الخاص الذي سيتم تجهيزه في الطابق العلوي في محطة بيروت عند أي خروج أو دخول لبواخر أو مراكب صيادين أو "Jet ski" غلى مكناطق قريبة من الشاطىء اللبناني..

فرص العمل التي يؤمنها المشروع .. والتكلفة الإجمالية لتطبيقه

في هذا الموضوع يقول د. خالد أن المشروع لو بالمستوى الأوسع "Macro Level"، سيؤمن حوالي 12000 وظيفة.

اما تنفيذه بالـ بالمستوى الأصغر "Micro Level"، فسوف يؤمن 5000 وظيفة.

وأكد أنه في المستقبل يمكن تطبيق المشروع كاملاً وإدخال قطاع السياحة وغيرها .. ولكن اليوم نحن في بلد فيه الكثير من المحاصصة والتقسيم الطائفي مما يحول دون تنفيذ أي مشروع بشفافية.

كلفة المشروع:

المشروع في الـ "Macro Level" يكلّف 50 مليون دولار (20 مليون دولار ثمن بواخر و 30 مليون دولار البنى التحتية والمحطات).

المشروع في الـ"Micro Level" تتراوح تكلفته بين 22 و 25 مليون دولار كحد أقصى.

خدمة "Beirut Water Taxi" في الظروف المناخية السيئة

يشير د. تقي أن حركة الملاحة قد تتوقف 20 إلى 30 يوماً في فصل الشتاء، حيث لا يمكننا الإنطلاق من أو الإبحار بدون إذن من الأرصاد الجوية.

ولكن في اليوم الذي لن تتمكن فيه (Beirut water taxi) من العمل بسبب سوء الأحوال الجوية، فإن الشركة ستتعاقد مع باصات لنقل الركاب مجاناً إلى بيروت بواسطة باصات دون أي تكلفة إضافية.

المشروع خارج المحاصصة الطائفية والفساد .. وإلاَ !!

يؤكد د. خالد لـ"الإقتصاد" أن المشروع مسجل في وزارة الإقتصاد كبراءة إختراع بإسمه.. وهو موجه لكل اللبنانيين وخاصة الشباب وطلابالجامعات، وأنه لن يقبل بدخول الفساد والمحاصصة إلى هذا المشروع مهما كلف الأمر، وحتى لو إضطر لعدم تنفيذه.

ويشير إلى أن تكلفة الدراسات التي قام بها حتى الأن وصلت إلى حدود الـ115 ألف دولار أميركي.

ويتمنى د. تقي على الجهات السياسية ومصرف لبنان والبلدبات التعاون معه لتنفيذ هذا المشروع بنجاح، خاصة أنه سيخفف رحمة السير بشكل كبير داخل العاصمة بيروت، وسينخفض عدد السيارات في العاصمة يوميا بحدود الـ 100 ألف سيارة.