يعي المنظم المصرفي الجديد في ​الصين​ غو شيكونغ، مدى ضخامة مهمته..فقد حدد شيكونغ قيمة النظام المصرفي في الصين في الشهر الفائت، بأكثر من 33 ترليون دولار ، اي اكبر من قطاع اي بلد آخر في العالم، حتى أكبر من القطاع المصرفي الأوروبي ككل، ويدرك جيدا المزالق التي خلفها عقد من خطورة النمو الإقراضي.

ولكن إذا كان غو في مزاج غير مريح، فمن المؤكد بأنه يخفي هذا الشيء "جميع المشاكل والتناقضات سوف تحل "، يقول شيكونغ. وبطبيعة الحال، يمكن أن يتوقع من مسؤول صيني أن يعبر عن ثقته بشأن البنوك الصينية. ولكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن عددا صغيرا ولكنه في تزايد من المحللين والمستثمرين يوافقون معه.

ارتفعت اسهم البنوك الصينية بمقدار الربع منذ مطلع العام الماضي. وأعلن بنك استثماري واحد- مورغان ستانلي- أن المقرضين الصينيين في موقع مميز. كما قام غولدمان ساكس، بتحديث الصين إلى -زيادة في الوزن المصرفي-، وهو يوصي بذلك بأن يقوم العملاء بشراء أسهم صينية -. ووصفت صحيفة شانغهاي فايننشال نيوز المحلية، المزاج الجديد حول هذه المؤسسات العملاقة بانه "عودة الملك".

من المرجح أن يتغير نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (أي حساب التضخم) في عام 2017 بنسبة 6.7%. ولكن النمو الاسمي هو ما يقرب من 10% بالنسبة لليوان، ارتفاعا ملحوظا على مدى الأشهر ال 12 الماضية. وقد أدى ارتفاع الأسعار إلى زيادة إيرادات الشركات، ولا سيما بالنسبة لمنتجي الصلب والفحم المديونين. وهذا بدوره سهل عليهم سداد القروض.

نسبة الديون السيئة الرسمية للبنوك الصينية، ارتفعت منذ عام 2012، وقد استقرت في العام الماضي بنحو 1.7%، ولا يزال العديد من المحللين يعتقدون أن المستوى الحقيقي للقروض -السامة- هو كبير للغاية (بعض التقديرات تقول ان نسبتها تصل إلى 19%)، ولكن على ما يبدو أن النزيف قد تباطأ بشكل واضح. في الوقت عينه، بدأت البنوك في تنظيف ميزانياتها. ويعود ذلك جزئيا إلى زيادة شطب القروض المشكوك فيها. فقد استحوذت البنوك على خسائر بلغت أكثر من 500 مليار يوان (75 مليار دولار) من القروض في العام الماضي، وهو رقم قياسي.

مع ضخ المزيد من الائتمان التي تذهب إلى مشاريع البنى التحتية والرهون العقارية، والتي عادة ما تكون آمنة في الصين، تبدو محافظ القروض أكثر صحية. يعتقد ريتشارد شو من مورغان ستانلي أن الائتمان العالي المخاطر سينخفض من حوالي 6% من إجمالي الائتمان في الصين إلى أقل من 3% بحلول عام 2020. وهناك أيضا دلائل على أن البنوك الحكومية المتضخمة في الصين ستحصل على المزيد من الكفاءة بقدر إستجابتها للمنافسة من قبل شركات التقنيات المالية. أكبر أربعة بنوك، والتي تمثل ما يقرب من إثنين على خمسة من الأصول في هذا القطاع، خفضت من موظفيها لأول مرة في ست سنوات في العام 2016، وتقوم البنوك بإطلاق تطبيقات متنقلة للتعامل مع معاملات الدفع والاستثمار التي كان تجرى شخصيا. وارتفعت التكاليف الإجمالية للبنوك المدرجة بنسبة 0.6% فقط في العام الماضي، على الرغم من نمو الأصول بنسبة 12%. ومع ذلك، قد لا تعني كل هذا الإشارات ان البنوك الصينية سوف تبدأ بالتحسن.

اعتمد تجميل سجلاتهم على الهندسة المالية، على مدى السنوات الثلاث الماضية، وافقت الحكومة على إنشاء 35 شركة لإدارة أصول "بنوك السيئة". يقول جيسون بيدفورد من بنك "يو بي اس"، وهو بنك سويسري، يقول بأن هذه الشركات، التي تشتري القروض المقصرة من البنوك، غالبا ما تمول نفسها من خلال القروض المصرفية.

إن مقايضات "الدين مقابل الملكية او الأسهم" -اي حصول على ملكية في الشركات مقابل شطب كل او بعض هذا الدين- هي شكل آخر من أشكال الهندسة المالية: فبدلا من سداد القروض، يمكن للشركات إصدار أسهم لأطراف ثالثة، والتي تحصل على قروض من البنوك. ومع ذلك، فإن النسخات الصغيرة تظهر أن وظائف أسهمها مثل السندات: يجب على الشركات أن تدفع أرباحا وأن تعيد شراء الأسهم إذا لم تحقق الإيرادات المستهدفة. وعلاوة على ذلك، فإن الأطراف التي تملك الأسهم تمول جزئيا من المنتجات الاستثمارية التي تبيعها البنوك خارج الميزانية العمومية.

نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي قد ارتفعت في الصين الى أقل من 150% قبل عام 2008 إلى أكثر من 260% اليوم؛ وفي اقتصاديات أخرى، هكذا زيادات تفرض ضغوطا مالية شديدة. واعترافا بالمخاطر، جعلت الحكومة الصينية من خفض الديون أولوية مطلقة.

هي تتخذ خطوات صغيرة نحو هذا الهدف: بفضل النمو الاسمي الأسرع، فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الصين ستتوسع بوتيرة أبطأ هذا العام. لكنها سوف تستمر في التوسع. وقد حذرت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية، وهى وكالة تصنيف، فى آذار الماضي من أن هذا المسار بالنسبة للبنوك الصينية ستكون غير مستدامة. وتبدو الجهود الرامية إلى الحد من الاقتراض تبدو في حد ذاتها تنشىء كمخاطر جديدة.

بالنسبة للكثيرين في السوق، فإن سلبيات البنوك الصينية تفوق الايجابيات. وارتفعت أسهم البنك منذ العام الماضي، ولكن المستثمرين لا يزالون يثمنونهم فقط بحوالي 80% من القيمة المبلغ عنها من أصولهم، وبعبارة أخرى، أنهم يتوقعون المزيد من الأخبار السيئة القادمة - إن لم يكن هذا العام، لكنه سيكون قريبا جداً.