في خطوة لافتة لتحريك السوق العقاري الجامد ، ولتشجيع الشباب على امتلاك الشقق عمد كل من مصرف الاسكان والمؤسسة العامة للاسكان الى تخفيض معدل الفوائد على القروض المصرفية المدعومة منهما ؛فمصرف الاسكان لجأ الى تخفيض الفائدة على الاقتراض من 5 الى 3%. واما المؤسسة العامة للاسكان فاعتمدت آلية تخفيض هذه القروض الممنوحة في المرحلة الاولى من 5،07% و 4067% الى 30285% اي ما يقارب 33% وفق ما اعلنه وزير الشؤون الاجتماعية ، وزير الوصاية بيار ابو عاصي في 27 شباط الفائت . تبع ذلك قرار آخر يتعلق بنتخفيض الفوائد المترتبة على المقترض في المرحلة الثانية من 3% الى 2،5%.

لا شك ان هذا القرار الذي استلزم تخفيض هامش ربحية المصارف اللبنانية لم يكن سهلا وقد سبقته مفاوضات ومباحثات.

مصرف الاسكان استطاع التفرّد بالقرار كونه مملوكا بنسبة 20% من الحكومة و80% من المصارف اللبنانية وهما ممثلان في مجلس الادارة. ولكن هل حققت الخطوة الهدف؟

ساسين

يكشف رئيس مجلس إدارة مصرف الإسكان جوزف ساسين " للاقتصاد" ان هذا الاجراء حرّك الطلب على القروض الممنوحة من المصرف 7 اضعاف قياساً على الفترة نفسها من العام 2016. وهذا الرقم مقبول في ظل حالة الركود السائدة في مجمل القطاعات الاقتصادية .وهو يدل على ثقة اللبناني ببلده وبضرورة الاستثمار فيه . وقد انعشت الخطوة قطاع العقارات والبناء . وقال ان قيمة القروض المعطاة منذ 3 اشهر اي منذ مطلع العام ولغاية نهاية آذار قد بلغت 100مليار ليرة .

وعن توقعاته للمستقبل يقول ساسين : نحن في بلد لا نستطيع ترّقب اي شيء فيه ، لاننا نعيش في حالة اللاستقرار.

اما بالنسبة للمؤسسة العامة للاسكان، فوفق المعلومات المتوافرة ان عدد القروض المعطاة هذا العام قد بلغ 578 بقيمة 110 مليارات ليرة .

كيف ينظر المراقبون للسوق العقاري الى هذه الخطوة ؟

مكارم

يقول الخبير في الشؤون العقارية رئيس شركة رامكو ش.م.م رجا مكارم ان تخفيض الفوائد على القروض السكنية لم يؤثر كثيراً على القطاع العقاري ، الا انه ساعد ذوي الدخل المحدود في امتلاك الشقق . كما ان السوق العقاري لم تلمس هذا التحسّن او التأثير على الطلب .

ووصف السوق بانه يعيش مخاضاً صعباً حيث يسيّطر الجمود الكلي في ضوء عدم قابلية المستهلكين على الشراء متأثرين بالوضع السياسي غير المستقر وعدم الثقة . وقال " للاقتصاد" طالما السياسة في ازمة القطاع العقاري سيبقى مشلولاً . واذا تم إقرار اي تشريعات ضريبية تستهدفه ستكون الضربة القاضية لانه راهناً هو على شفير الهاوية.

و في الحقيقة ،ان ما يساعد القطاع في الصمود مرتبط باصحاب الاراضي والمتّمولين الكبار. ونحن اليوم نشهد تسابقا بين المطورين العقاريين واصحاب الشقق مع هامش تخفيضات قد يصل الى 30% من الاسعار .

وسيبقى الوضع على ما هو عليه الى ان يتم إقرار قانون انتخاب جديد ، الى جانب انتهاء الحرب السورية حيث سيتمّكن القطاع من استعادة نشاطه بعدها.

ولاشك ان اليوم الطلب محصور بالحاجات السكنية وليس ابداً بالاستثمار.

ويلفت مكارم الى ان العرض فاق الطلب منذ 6و7سنوات ، ولكن هذا الاخير قد يستيقظ بين ليلة وضحاها مع الانفراج السياسي.

وفي تقويم لميزان العرض والطلب في قطاع البناء ، لا بد من الاشارة الى ان مصرف لبنان هو الجهة التمويلية لمصرف الاسكان، وبالتالي ، يندرج قرار خفض الفوائد ضمن سياسة " المركزي " لتعزيز الطلب السكني في السوق وحل احدى المشكلات الاجتماعية وتحفيز قطاع البناء .

وبالتأكيد ان المؤسسة العامة للاسكان تستأثر بالحصة السوقية الاكبر في القطاع بعدما التزمت بالقروض السكنية الممنوحةمن المصارف بواسطة برامج مع جهات حكومية مثل القروض السكنية لافراد الجيش ، قوى الامن الداخلي ، الامن العام اللبناني ، امن الدولة والقضاة وغيرها ... بعد اعطاء فائدة متدنية هي 1،6% فيما ان باقي القروض المقدمةتصل فيها القروض الممولة من الاحتياط الالزامي الى ما يناهز 4،67% والممّولة من مصرف لبنان 5%.

كما أن قروض المؤسسة العامة للإسكان مدعومة من مصرف لبنان عن طريق آليتينللتمويل؛ الأولى هي الاحتياط الإلزامي، إذ إن المصارف تحصل على إعفاء من الاحتياط الإلزامي بنسبة 80% من مجموع القروض السكنية التي تمنحها بواسطة المؤسسة العامة للإسكان. والثانية مرتبطة بالقروض التي تحصل عليها المصارف من مصرف لبنان بفائدة 1% مقابل إقراضها في السوق، سواء عبر المؤسسة العامة أو غيرها، بفائدة لا تتجاوز 5%.

وتعطي المؤسسة قروضاً في اربع حالات:

- شراء مسكن جاهز

- بناء منزل

- ترميم منزل تم تملكه سابقاً او بالارث

- توسيع مسكن

الا انه في غضون ذلك ، هناك اختلال كبير بين القدرة الشرائية للافراد وأسعار العقارات المعروضة .وقد اتخذ مصرف لبنان المزيد من التدابير الرامية الى اعادة احياء السوق، فأطلق حزما تحفيزية لمساعدة القاطنين على سد احتياجاتهم التمويلية لشراء الشقق. هكذا، ارتفعت قروض الإسكان بنسبة 10.5% العام الماضي لتصل إلى 10.9 مليارات دولار، أي ما يساوي 18% من اجمالي القروض في القطاع المصرفي.

وان كان تمويل مصرف لبنان فرمل نوعا انحدارالطلب ، فان اسعار العقارات لا تزال مرتفعة من حيث القيمة المطلقة .

اما بالنسبة للمطورين العقاررين الذين بدأوا يشكون من تراجع كبير في الطلب مقابل زحمة في العروضات مما لم يسمح بان "يكون الحصاد على حساب البيدر" فقد خصهم مصرف لبنان بتعميم حمل الرقم 427صدر في حزيران الفائت، وهو يقضي بمساعدة المطورين المديونين على استكمال مشاريعهم أو البدء بمشاريع جديدة، مع الأخذ بالاعتبار المخزون الكبير من العقارات غير المباعة في البلاد على مدى السنوات القليلة الماضية، بالتوازي مع خفض تعرض البنوك للمطورين غير القادرين على بيع وحداتهم. وعليه، يسمح للبنوك بضمان قروض شركات العقارات (غير المملوكة من قبل المصارف) التي تسعى لشراء العقارات لتخفيف عبء الديون عن المطورين العقاريين. هذه العقارات يجب ان تكون مشيدة بعد الحصول على قرض جاري من المؤسسات المالية في لبنان، بحيث لا تكون قيمة القرض أقل من 50% من قيمة العقار المراد شراؤه. ويجب على شركات العقارات أن تسيّل العقارات المكتسبة خلال 10 سنوات من امتلاكها وشرائها عبر ضخّ أسهم تعادل نسبتها أقله 40% من قيمة العقار، فيما الاسهم الباقية يمكن الحصول عليها وضمانها عبر القروض.

النهاية ، مرفق العقارات والسكن عامل رئيسي يحمل مؤشرات واضحة على عاة البلد، والسياسة والامن يبقيان المتحكمين باي خضات او انفراجات.