هو رجل لبناني، رغم حصوله على شهادات من أهم جامعات العالم، رغم الخبرات التي حصّلها في الخارج... لم ينسَ بلده .

مقتنع هو بأن العطاء يجب أن يبدأ من لبنان ومنه "يُزهر" إلى الخارج..

وضع لبنان الإقتصادي والأمني غير المستقر لم يمنعه من التطور والتوسع في نشاطه المهني، فهو يوزّع المخاطر ليؤسس أكثر من مشروع في شتى المجالات وعلى  مناطق جغرافية مختلفة، ولكن تحت مظلة مجموعته الشاملة لعدة مؤسسات أبرزها وأولّها "مستشفى الساحل" وشركات أخرى في الخارج..

خبرته وتفانيه في مجال عمله خوّلته أن يصل إلى منصب نائب نقيب المستشفيات في لبنان.

لذا فلنتعرّف سوياً على هذا الرجل اللبناني النموذجي من خلال مقابلة حصرية أجرتها "الإقتصاد" مع  المدير التنفيذي لمستشفى "الساحل" ، نائب نقيب المستشفيات في لبنان والمدير التنفيذي لـ"Cure Medical Centers" في أبوظبي.. د. فادي علامة.

-إشرح لنا أكثر عن مسيرتك الأكاديمية وكيف أسهمت في بلورة حياتك العملية؟

حصلت على شهادة في "Business Administration and Consultation" –الإدارة العامة- من في ولاية ميشيغن في أميركا، ومن بعدها انتقلت إلى فلوريدا حيث تابعت رسالة الماجيستير في " Healthcare Administration" إلى جانب عملي.

ومنذ حوالى ثلاثة أعوام حصلت على رسالة ماجيستير في "Marketing of Healthcare"  من جامعة "" Leicester في إنكلترا.

أما على الصعيد المهني، فكان الوالد قد أسس مستشفى "الساحل" ولكن في هذه الفترة التأسيسة تقريباً في العام 1983 كنت أقطن في أميركا.

خلال هذه المرحلة تدربت في العديد من المستشفيات في ولاية ميشغن، وفي فلوريدا إلا أن عملي كان بعيداً عن شق الرعاية الصحية إذ كانت مهامي منصبة على قسم الحسابات والإحصاءات.

وبين العامين 1992 و1993 عدت لإستقر في لبنان، وبدأت مباشرة بالعمل في المستشفى ومن هنا إنطلقت مسيرتي الفعلية في مجال الرعاية الصحية.

إستلمت منصب نائب رئيس المستشفى، وللأسف بعد عامين توفي والدي، وكان عليّ ان أتحمل هذه المسؤولية الضخمة، واستلمت منصب المدير التنفيذي للمستشفى في العام 1996.

- ما الذي دفعك لإستلام منصب المدير التنفيذي لـ"  Cure Medical Centers" وكيف يختلف هذا المشروع عن مستشفى "الساحل"؟

طُلب مني المساعدة في مشروع "Cure Medical Centers" في أبوظبي، الذي يختلف إلى حد ما عن طبيعة عملنا في مشفى "الساحل" الذي يُعتبر مشفى جامعي متخصص، وبدأت من عامين كالمدير التنفيذي لـ"Cure" ، وترتكز مهامي  فيه على الشق التطويري والتنموي للمشروع، كإنشاء خطوط إنتاج للعلاجات وتطويرها، صيدلة، Cloud MRI Centers، بعد وضع هذه الخطط ويوقع الفريق التنفيذي يتطبيقها لتحقيق رؤية وأهداف "Cure".

-برأيك ما الذي يُميز الشخص الناجح عن ذويه في مجال العمل نفسه؟

برأيي النجاح هو عبارة عن عدة معايير مجتمعة تتجسد أولاً بالرؤية الواضحة، والتمتع بمهارات قيادية تمكن الشخص من إدارة المؤسسة أو الشركة بشكل فعّال، وفي ظل إرتفاع مستوى المنافسة في كل القطاعات بات هذان العاملان بشكل خاص من أهم ما يحدد مصير إستمرارية المؤسسة.

كما أن المنافسة لا توجد بين المحال التجارية فحسب، وإنما نجدها أيضاً في قطاع الإستشفاء، لأن المستهلك بات اليوم أكثر حرصاً على الحصول على أفضل خدمة بعد أن يعي نسبة كبيرة من الأمراض والعلاجات المتوقعة والأماكن الأفضل لتلقيها، ما أسهم في أن يتحوّل دور المريض (أو أقاربه) من مستهلك (أو مُتلقيّ) إلى صاحب القرار، وهذا ما يسهم في إحتدام المنافسة على الجودة بين المستشفيات، ويصب في  نهاية المطاف في مصلحة المستهلك.

-هل كان وفاة والدك وإستلامك لإدارة المستشفى من أبرز الصعوبات التي عايشتها أم أنك واجهت غيرها من التحديات؟

لا شك ان وفاة الوالد كان من أصعب التحديات التي واجهتها، خاصة لأنه كان ذا سيط لامع في لبنان، فالمشروع الذي أسسه بمفرده تعجز الدولة عن تنفيذه بمفردها، وكان أول مستشفى يتم تأسيسه في ساحل المتن الجنوبي، وتحوّل المستشفى إلى مستشفى جامعي فيما بعد.

ولكن بعد أن تخطينا هذا التحدي وأثبتنا لأنفسنا وللجميع اننا قادرين على تخطي هذه المحنة، واجهنا ازمة أخرى في قطاع الإستشفاء في لبنان، فأنا اليوم كنائب رئيس لنقابة المستشفيات أُعايش هذه المعاناة، وعلى دراية تامة بالمشاكل المادية التي تعاني منها المستشفيات في لبنان، لأن كل عملنا مرتبط بمالية الدولة وللأسف بلد غابت عنه ميزانية لأكثر من 10 أعوام، من الصعب ان تتوقع منه المعجزات.

 كل هذه الصعوبات تؤثر على نشاط عملنا ولكن علينا تحمّلها ومتابعتها وملاحقات مستحقاتنا بغية توفير أفضل خدمة للمريض، وهذا للأسف يؤثر على إمكانية التفرّغ التام لخطط تطويرية للقطاع.

-كيف تواجهون هذه العراقيل، وهل فكرتكم في الإنتقال إلى الخارج؟

لا شك أن اللبناني دائماً يسعى لابتكار حلول خلاقة والتأقلم مع الواقع، إلا أن وضعنا حتى الآن لا يزال ضمن المقبول إسوة بغيرنا.

وأنا أعتبر أننا في لبنان لا نزال قادرين على الصمود في وجه هذه التحديات، رغم أن غيرنا قد يُفضل أن يتوقف عن عمله في لبنلان وينتقل إلى بلد آخر يكون الوضع الإقتصادي فيه أكثر استقراراً.

ونحن في "Sahel Group" وهي المجموعة التي تُدير شركات "ساحل" بدأنا بالتوسع في مجالات عمل مختلفة وفي أكثر من بلد، ففي دبي لدينا شركة عقارية، وفي أميركا لدينا وكالات لـ"GNC"، أما في فانكوفر فبدأنا مؤخراً بالعمل في مجال الأغذية وبالتحديد القهوة، وحصلنا على "فرنشايز".

قد يتسائل البعض عن سبب هذه القفزة النوعية في المجالات والمناطق الجغرافية، ولكنني أعتبر أن الوضع الإقتصادي يتطلب هذ التنوع، فنحن نقوم بهذه الخطوات بغية المحافظة على مجموعتنا التي تشكل المظلة الشاملة لشركات عدة، ولنحافظ ونخلق فرص عمل للعائلات التي تعتمد على هذه المجموعة وتؤمن برؤيتها.

-عملت في الخارج ولكنك عدت للعمل في لبنان ومنه تتوسع إلى الخارج، ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب اللبناني اليوم من خلال تجربتك الخاصة؟

أطلب من الشباب ألا ييأسوا رغم كل الصعوبات، فمن خلال عملي ودراستي في الخارج اكتشفت وشاهدت بنفسي كيف يتميّز اللبناني من غيره.

نأمل أن ينعم اللبناني اليوم بدولة قوية قادرة على تحقيق أحلامه وتتطلعاته، وتحد من هجرة الشباب وتخلق فرص عمل داخل الوطن.

ولكنني أطلب من الشاب اللبناني أيضاً ألا يستسلموا، فميزتهم أنهم "لبنانيون" خاصة في المدارس والجامعات الموجودة في لبنان وجودة النظام التعليمي التي تميزه من غيره، عليهم أن يستغلوا هذا العنصر وأن يتذكروا دائماً أنهم من لبنان وإلى لبنان سيعودون مهما طال الزمن لذا فلنُسهم في نهوض بلدنا.