أشاد ​البنك الدولي​ بتحسُّن الوضعين السياسي والأمني في ​لبنان​ بُعيد إنتخاب رئيس للجمهوريّة في تشرين الأوَّل من العام 2016 وتشكيل حكومة وحدة وطنيّة في كانون الأوَّل. إضافة ، قدَّر البنك الدولي نسبة النمو في الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2016 بـ1.8% (مقارنةً مع 1.3% في العام 2015) في ظل تحسُّن أداء القطاع العقاري، وإستمرار إزدياد أعداد السيّاح، ومستوى الإستهلاك المُتماسك. 

أمّا بالنسبة للماليّة العامة، فقد سجّلت هذه الأخيرة عجزاً بلغ 10% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2016 بحيث تخطَّت نسبة الإرتفاع في المدفوعات تلك المُسَجَّلة في الإيرادات من الضرائب. على المستوى الخارجي، أدّى إرتفاع الواردات إلى لبنان المُترافق مع إنخفاض الصادرات اللبنانيّة إلى الخارج إلى تفاقُم العجز في الميزان التجاري للبلاد. 

بالإضافة الى ذلك، شكَّل الإنخفاض الحاصل قي تحويلات المُغتربين اللبنانيين إلى لبنان ومعه إنخفاض تدفُّق الرساميل، ضغطاً كبيراً على الحساب الجاري والذي سجَّل عجزاً بلغت نسبته 20.9% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2016. 

جاء ذلك في تقرير "الآفاق الإقتصاديّة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – نيسان 2017" الذي اصدره البنك الدولي تحت عنوان "إقتصاد مرحلة إعادة الإعمار ما بعد الصراع في منطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا" والذي سلَّط من خلاله الضوء على أبرز التطوُّرات التي شهدتها إقتصادات المنطقة وتأثيرات الأزمات الدائرة على فرص النمو فيها. 

وجاء التقرير على ذكر الهندسة الماليّة التي قام بها مصرف لبنان مُعتبراً أنَّها كانت كفيلة في إنعاش إحتياطاته بالعُملة الأجنبيّة. بالإجمال، هذه التطوُّرات الإيجابيّة في لبنان جعلت البنك الدولي يتوقَّع نموّاً بنسبة 2.5% في العام 2017 ليستقرّ عند 2.6% في المدى المتوسط (عامي 2018 و2019). وأخيراً، علَّق التقرير أنَّ الأزمة السوريّة لا تزال تشكّل التحدي الأكبر للإنتعاش الإقتصادي في لبنان الذي يأوي أكبر عدد من النازحين السوريين للفرد الواحد. وأشار أيضاً إلى مجموعة من المخاطر التي لا تزال تتهدَّد لبنان، منها الوضعين السياسي والأمني الهشّين، عدم فعالية وإنتاجيّة القطاع العام على صعد عدة ما يُحتِّم تطبيق إصلاحات فوريّة والتعاون مع القطاع الخاص، ونِسَب العجز المرتفعة في كلٍّ من الماليّة العامة والحساب الجاري ترافُقاً مع الأرقام غير المُطمئنة لِمَسار الدين العام. 

وتوقَّع البنك الدولي أن يَصل العجز في الحساب الجاري في لبنان إلى 20.2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2017، و19.2% في عامي 2018 و2019، وأن ينخفض العجز في المالية العامة إنخفاضاً طفيفاً من 10.0% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 إلى 9.5% في العام 2017، 9.8% في العام 2018، و9.4% في العام 2019.

التقرير الذي نشر بعض منه في التقرير الاقتصادي الاسبوعي لـ"بنك الاعتماد اللبناني"، تناول بشكلٍ مُفَصَّل أوضاع الدول التي تشهد حروباً على أراضيها أي سوريا واليَمَن وليبيا عارِضاً الخسائر البشريّة والجسديّة والإقتصاديّة العاليّة التي تتحمَّلها كلٌّ منها نتيجة الحروب الأهليّة. 

وفي ما يخصّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي شَهِدَت نموّاً ضعيفاً (متوسِّط بَلَغَ 2.4 في المئة خلال الفترة المُمتَدّة بين عامي 2013 و2015) بسبب إنتشار أعمال العنف وتراجُع أسعار النفط، لفت التقرير إلى تَحَسُّن النشاط الإقتصادي لديها إلى نسبة 3.5% خلال العام 2016. 

بحسب التقرير أيضاً، يعود هذا التطوُّر لأسبابٍ عدّة أهمُّها التحسُّن النسبي في الوضع الأمني في مناطق التوتُّر والذي يترافق مع تصاعُد الآمال بتحقيق السّلام فيها من جهة والإستقرار في أسواق النفط من جهة أُخرى. 

في المُقابِل، وبحسب البنك الدولي، هذا النمو في الناتج المحلّي الإجمالي مُتَوقَّع أن يتراجع إلى 2.6% في العام الجاري ويعود ذلك بشكلٍ رئيسيٍّ إلى تباطؤ وإنكماش إقتصادات الدول المُصدِّرة للنفط والتي عمدت مؤخّراً إلى تبنّي سياسات التقشُّف وخفض إنتاجها من النفط. في هذا الإطار، إنَّ السياسات والإصلاحات المُتّبَّعة كما وتحسُّن بيئة الأعمال والإستثمار في دول المنطقة يُتَرَقَّب أن تأتي بثمارها خلال عامي 2018 و2019 حيث يُتوقَّع أن تبلغ نسبة النمو في الناتج المحلّي الإجمالي الـ3.2% في كلٍّ من العامين المذكورين. 

بالإضافة، إنَّ الأرقام المُستَقبليّة للمالية العامّة والحساب الجاري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُشير إلى تحسُّن واضح في الفترة المُقبِلة حيث يُتَوَقَّع أن ينخفض العجز في الماليّة العامّة بشكل ملحوظ من 10.1% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2016 إلى 1.5% في العام 2019 فيما يُتَوَقَّع أن يتراجع العجز في الحساب الجاري من نسبة 4.8% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2016 إلى 0.1% في العام 2019.